شمال سوريا- يطرح تصعيد تنظيم الدولة الإسلامية عملياته العسكرية في شمال شرقي سوريا استفسارات وأسئلة جديدة عن استمراره في الحضور ضمن المشهد السوري، ومدى ارتباطها بالأحداث والتطورات السياسية، لتعكس هجماته الأخيرة قدرته على تنفيذ عمليات منظمة تستهدف الأطراف والقوى العسكرية في البلاد.

ورغم غياب سيطرته المكانية، فإن الضربات التي نفذها عناصره ضد قوات النظام السوري في 8 من أغسطس/آب الجاري تبدو مؤشرا على أن التنظيم لا يزال يمتلك زمام المبادرة، ويتبع تكتيكا عسكريا دأب عليه منذ إعلان هزيمته قبل أكثر من 4 سنوات، عن طريق تنفيذ عمليات عسكرية خاطفة تجنبه الخسائر البشرية والعسكرية.

واللافت في تصعيد تلك الهجمات هو تزامنها مع استنفارات عسكرية لعدة قوى وأطراف عسكرية محلية ودولية شمال شرقي سوريا، استعدادا لمواجهة محتملة بين قوات التحالف الدولي وحليفتها التي تُسمى "قوات سوريا الديمقراطية" من جهة، والمليشيات الإيرانية الموالية للجيش السوري من جهة أخرى.

استنفارات عسكرية لعدة قوى وأطراف عسكرية محلية ودولية شمال شرقي سوريا (رويترز) تسهيل ودعاية

ويستفيد تنظيم الدولة من التطورات العسكرية الجارية شرق الفرات والجهد العسكري لتلك الأطراف ضد بعضها بعضا، وفق الباحث في مركز جسور للدراسات رشيد حوراني، مؤكدا أن الأطراف في المنطقة تعتبر جميعها عدوا للتنظيم، ولذلك يتعامل معها وفق مبدأ "عدو عدوي صديقي"، ويعمل على توظيف الحالة العسكرية الجديدة في المنطقة لصالحه.

ورجح حوراني -في حديثه للجزيرة نت- أن تكون العملية الأخيرة للتنظيم ضد قوات النظام السوري بتسهيل من النظام، "لأن مثل هذه العمليات تتكرر مع كل حاجة لتأكيد أن جيش النظام لا يزال منهمكا في معركته ضد التنظيمات الإرهابية، ليقدم مبررا لأن يصمت الداخل السوري عن أي مطالب حياتية".

ورأى حوراني أن "العمليات التي نفذها تنظيم الدولة أخيرا تحمل طابعا دعائيا، وقد اعتمد ذلك بعد الإعلان عن مقتل قائده ليوصل رسالة لكافة الأطراف أن للتنظيم بنية مترابطة قادرة على إدارته والاستمرار واختيار زعيم جديد، حتى لو قُتل القائد".

تضخيم التنظيم

وفي تقرير نشر الأسبوع الماضي، حذر خبراء الأمم المتحدة من أن مخاطر عودة ظهور التنظيم لا تزال قائمة، قائلين إنه لا يزال يقود ما بين 5 و7 آلاف عنصر في معقله السابق في سوريا والعراق.

ووفق التقرير، قام التنظيم بتكييف إستراتيجيته والاندماج مع السكان المحليين، وإعادة تنظيم صفوفه وتجنيد مزيد من المسلحين من المخيمات شمال شرقي سوريا ومن المجتمعات الضعيفة، إضافة إلى توخي الحذر في اختيار المعارك التي يتوقع أن تؤدي إلى خسائر.

وأشار التقرير إلى أن مخيمين مغلقين -هما "الهول" و"الروج" شمال شرقي سوريا- يضمان نحو 55 ألف شخص لهم صلات مزعومة أو روابط عائلية بتنظيم الدولة، ويعيشون تحت ظروف قاسية ومصاعب إنسانية كبيرة.

لكن المحلل العسكري العميد أحمد رحال يعتقد أن تنظيم الدولة اليوم في سوريا مفكك ويعاني التهلهل على مستوى القيادة، وانتقال قيادته من المركزية إلى قيادة الأطراف، واقتصار عمله العسكري على تكتيك "الذئاب المنفردة" الذي يعتمد قاعدة "اضرب واهرب بسرعة".

وقال رحال للجزيرة نت إن جميع القوى في سوريا ترى أن من مصلحتها تضخيم دور تنظيم الدولة في سوريا، "فالروس لهم مصلحة في القول إن حربهم في سوريا هي حرب على الإرهاب مع استمرار وجود تنظيم الدولة، وكذلك النظام السوري يقول إنه لا يستطيع التفرغ لمطالب الشعب، وسط الضائقة الاقتصادية، بسبب انشغاله في الحرب ضد الإرهابيين".

ورأى رحال أن الجميع بات يدرك مدى ارتباط تنظيم الدولة بأجهزة الاستخبارات الدولية، التي توظف عملياته العسكرية في الصراع المخابراتي بين الدول من خلال ضرب بعضهم بعضا عبر عناصره.

سيناريو التصعيد

ومنذ مطلع أغسطس/آب الجاري، كثّف تنظيم الدولة عملياته العسكرية ضد قوات النظام السوري على وجه الخصوص، إذ قَتل 10 من عناصره في هجوم استهدف حواجز عسكرية في ريف الرقة شمال شرقي سوريا.

وكان الهجوم الأكثر دموية مساء العاشر من الشهر الجاري، عندما نصب عناصر التنظيم كمينا لحافلة عسكرية تقل عناصر للنظام السوري من الفرقة 17 في ريف دير الزور، إذ قتل في الهجوم نحو 33 عنصرا وأصيب آخرون بجروح.

وحسب الباحث رشيد حوراني، فإن السيناريو المتوقع أن تتصاعد عمليات التنظيم في جميع المناطق الواقعة تحت قوى سيطرة مختلفة، أو تسهل تلك القوى عملياته ضد بعضها بعضا، وتتخذ شرعية وجودها من شماعة "مكافحة الإرهاب" بما فيهم النظام السوري.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: شمال شرقی سوریا النظام السوری تنظیم الدولة عسکریة فی فی سوریا

إقرأ أيضاً:

شروط أمريكية على سوريا مقابل رفع جزئي للعقوبات... هل يستطيع الرئيس السوري تلبيتها؟

سلّمت الولايات المتحدة لائحة شروط إلى سوريا، واشترطت تطبيقها مقابل رفع جزئي للعقوبات، وفق ما كشفت وكالة رويترز. الشروط الأمريكية تتناول ملفات حساسة كالمقاتلين الأجانب في سوريا، والتعاون في مكافحة الإرهاب. تتجه الأنظار إلى الإدارة السورية الجديدة، وقدرتها على تنفيذ الشروط الأمريكية.

اعلان

بعد انتهاء مؤتمر المانحين لسوريا في العاصمة البلجيكية بروكسل في 18 مارس/آذار الجاري، لم يعد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى سوريا بنتائج المؤتمر فحسب، بل يبدو أنه عاد ومعه أيضا لائحة شروط تطلب إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من سوريا تنفيذها، مقابل تخفيف جزئي للعقوبات الأمريكية عليها.

ووفق ما نقلت وكالة رويترز عن ستة مصادر دبلوماسية بين واشنطن ودمشق والاقليم، تمحورت الشروط الأمريكية حول عدد من المسائل، ومن أيرزها، ضمان عدم عدم تولي مقاتلين أجانب مناصب قيادية في الإدارة الحاكمة في سوريا. كما تتضمن اللائحة الأمريكية تدمير أي "مخازن أسلحة كيميائية متبقية في سوريا"، و"التعاون في مكافحة الإرهاب".  

ويطالب المسؤولون السوريون الجدد بإلغاء كافة العقوبات على سوريا، سواء كانت أمريكية أو أوروبية، ومن دون شروط مسبقة. لكنّ هذه المطالب تُقابل بالرفض رغم انفتاح عدد من الحكومات الأوروبيّة على التواصل مع مؤسسات الإدارة السوريّة الجديدة. ويعدُّ قانون قيصر من أبرز مشروعات العقوبات الأمريكية ضد سوريا، وقد تم فرضه بدايةً على نظام الرئيس السابق بشار الأسد الذي سقط في 8 كانون الأول ديسمبر 2024، بعد سيطرة قوات عملية "ردع العدوان" على دمشق.

Relatedالاتحاد الأوروبي نحو "تعليق" العقوبات عن سوريا.. وكايا تؤكد: "خطوة تتبعها خطوة"بعد قسد.. الشرع يتوصّل إلى اتفاق أوّلي مع وجهاء السويداء وهذه بنودهالتحقيق في مجازر الساحل: خطوة نحو العدالة أم مناورة لتجنب العقوبات؟

ومن ضمن الشروط الأمريكية أيضا، تعيين منسق اتصال لدعم الجهود الأمريكية للعثور على أوستن تايس، الصحفي الأمريكي الذي فُقد في سوريا منذ ما يزيد على 10 سنوات.

وبينما يبدو قبول الرئيس السوري أحمد الشرع بالشرط الأمريكي الأخير وارداً جداً، خصوصا وأنّه التقى في وقت سابق والدة تايس في دمشق، إلًا أنّ تلبية بعض الشروط الأخرى تبدو مسألةً معقّدة بالنسبة للحكم الجديد في سوريا.

ووصف المدير التنفيذي للمركز السوري للعدالة والمساءلة محمد العبد الله ومقره واشنطن، الشروط الأمريكية بأنها "صعبة وقاسية".

وفي حديث مع يورونيوز، أبدى العبد الله اعتقاده بأن "الشرط المتعلق بالمقاتلين الأجانب هو الأصعب على الرئيس السوري أحمد الشرع، لأنّ هؤلاء الماقتلين يشكلون عنصرا أساسيا في سلطته وقوته"، واعتبر أنّ هذا الموضوع سيكون "خلافيا ومن الصعب معالجته".

الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع.AP Photo

وفي شباط فبراير الماضي، عيّن الشرع عددًا من القادة العسكريين الأجانب في مناصب قيادية بوزارة الدفاع، ومن أبرزهم قيادة الحرس الجمهوري التي تم تكليف الأردني عبد الرحمن الخطيب بها، وهو من أبرز القيادات العسكرية السابقة في هيئة تحرير الشام. كما عُيّن التركي عمر محمد جفتشي على رأس قيادة فرقة دمشق العسكرية، وهو معروف باسم "مختار التركي".

Relatedبين إعادة الإعمار وتحقيق العدالة... كيف يمكن للاتحاد الأوروبي دعم مستقبل سوريا؟اشتباكات دامية بين لبنان وسوريا... تصعيد مؤقت أم شرارة لانفجار أوسع؟مليون لاجئ عادوا إلى سوريا منذ بداية 2025.. تحديات الحاضر ومفارقات الماضي

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية تامي بروس، يوم الجمعة الماضي، إنّ الولايات المتحدة تراقب تصرفات القادة السوريين، في عدد من القضايا، "بينما نُحدد ونُفكر في السياسة الأمريكية المستقبلية تجاه سوريا".

وخلافًا للأسلوب الأوروبي في التعامل مع الحكومة السورية الجديدة وفق مبدأ خطوة مقابل خطوة، تتعامل الولايات المتحدة وفق مبدأ يقوم على التزام حكومة الشرع بتطبيق شروطها كافة، مقابل رفع جزئي للعقوبات، ومن دون تحديد جدول زمنيٍّ لتطبيق الشروط.

وفيما لم يستبعد العبد الله أن تلتزم حكومة الشرع بالتعاون ضد الإرهاب "مع ما يعنيه ذلك من تصنيف أمريكي للحرس الثوري الإيراني وحزب الله كمنظمات إرهابية"، توقّع أن يكون لعدم تطبيق الشرع الشروط الأمريكية نتائج قاسية.

فالخيارات الأمريكية في وجه سوريا كثيرة، ومن أبرزها بحسب العبد الله، " الاستمرار بالحصار الاقتصادي، ووقف رخصة التعامل مع الحكومة السورية الجديدة"، كما عدّد أمورًا أخرى مثل فتح ملف حقوق الإنسان ولا سيّما بعد "الانتهاكات الكبيرة التي شهدها الساحل السوري"، إضافة إلى مسألتين رئيسيتين: الأولى تكمن في "الاستمرار بالسكوت عن التحركات الإسرائيلية في الجنوب السوري"، أما الثانية فهي عدم الانسحاب من شمال شرق سوريا، والتأثير على قوات سوريا الديمقراطية "للرجوع عن الاتفاق الذ عقده قائدها مع الشرع في دمشق".

وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قد أصدرت في كانون الثاني/ يناير الماضي رخصة عامة لستة أشهر، تسمح بالتعامل مع الحكومة السورية في بعض معاملات الطاقة والتحويلات المالية الشخصية. لكن هذه الخطوة لم تبلغ حدّ تعاون الدول على نحو طبيعي وموسّع.

وخلص العبد الله إلى أنّه "من الخطير الاحتكاك بإدارة على رأسها ترامب وفريقه ولا سيما مديرة الاستخبارات".

واليوم الثلاثاء، قال المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون في إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي، إن سوريا تقف عند مفترق طرق، "إما أن تعود إلى دائرة العنف وعدم الاستقرار، أو تسلك طريق الانتقال السياسي الشامل الذي يعيد للشعب السوري سيادته ويحقق تطلعاته المشروعة".

اعلان

ويقف الرئيس السوري الجديد أمام أول تعامل من هذا النوع مع الولايات المتحدة، في ظلّ أزماتٍ عديدة تواجه حكمه اقتصاديًّا وسياسيًّا في الداخل، من دون إمكانية كبيرة لاستثمار الانفتاح الخارجي عليه نتيجة أسباب أبرزها العقوبات الأمريكية المتواصلة على دمشق.

 

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية هل يُمكن لأكرم إمام أوغلو المعتقل الترشح للرئاسة؟ حرب غزة: كاتس يصادق على مواصلة القتال والمستشفيات تناشد لإدخال المساعدات ونتنياهو يمرّر ميزانية 2026 تصعيد عسكري في الجنوب السوري: قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على بلدة كويا سورياالولايات المتحدة الأمريكيةدونالد ترامبمكافحة الإرهاباعلاناخترنا لكيعرض الآنNext هدنة برعاية أمريكية.. اتفاق بين موسكو وكييف بشأن أمن الطاقة والملاحة البحرية يعرض الآنNext "خلل بسيط".. هكذا وصف ترامب فضيحة نشر خطة العمليات العسكرية على سيجنال يعرض الآنNext هل يؤيد البريطانيون إنشاء جيش أوروبي يضم المملكة المتحدة؟ يعرض الآنNext أزمة السكن في أوروبا: هل تجد دول الاتحاد الحل؟ يعرض الآنNext ما هي الدوامة الغريبة المتوهجة في ليل أوروبا الحالِك؟ اعلانالاكثر قراءة أردوغان يصف المحتجين بـ"الإرهابيين".. والأمم المتحدة تشدد على حق التظاهر السلمي رئيسة وزراء الدنمارك تستنكر زيارة أمريكية لغرينلاند: "محاولة ضغط غير مقبولة" بعد عضّ حراس الأمن وتوجيه إهانات عنصرية.. تجريد ملكة جمال اسكتلندا من لقبها قضية اختفاء إميل سولاي في فرنسا: جدّا الطفل المفقود واثنان من أفراد العائلة رهن الاعتقال كارني يذكّر الأمريكيين بموقف كندا في هجمات 11 سبتمبر فهل يفهم ترامب الرسالة؟ اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومدونالد ترامبدفاعالاتحاد الأوروبيفرنساالمملكة المتحدةاليمنالرسوم الجمركيةإيلون ماسكالحوثيونوسائل التواصل الاجتماعي أطفالالصراع الإسرائيلي الفلسطيني الموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

مقالات مشابهة

  • شروط أمريكية على سوريا مقابل رفع جزئي للعقوبات... هل يستطيع الرئيس السوري تلبيتها؟
  • مجلس الأمن.. إدانات دولية للعمليات العسكرية الإسرائيلية في سوريا
  • مقتل 3 أطفال.. السيطرة على حريق محطة التزود بالوقود في الهرمل شمال شرقي لبنان (صور + فيديو)
  • مؤشر الإرهاب العالمي.. هجمات الذئاب المنفردة في الغرب ترتفع لـ52 خلال 2025
  • المكتب الإعلامي في وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات لـ سانا: بدء عودة خدمات الانترنت إلى عموم سوريا بالتدريج بعد انقطاعها لساعات جراء عمليات تخريب أسفرت عن انقطاع المسارين الضوئيين في منطقتي معلولا وحسياء
  • بيان مهم للقوات المسلحة الساعة 40 : 2 صباحًا للإعلان عن عمليات عسكرية
  • في عملية مفاجئة وخاطفة الجيش السوري يعلن القبض على مسؤول الأسد للتجنيد ومدبر الإنقلاب في الساحل
  • عودة بن شرقي لقائمة الأهلي أمام طلائع الجيش
  • اليمن يرسم معادلة الردع: من البحر إلى تل أبيب.. عمليات عسكرية متواصلة ورسائل واضحة لصنعاء
  • الأمن السوري يطلق حملة أمنية واسعة ضد فلول النظام في جنوب إدلب