وزير إعلام السودان: علاقتنا بتركيا راسخة ونقدر مبادرتها لوقف الحرب
تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT
وصف وزير الثقافة والإعلام السوداني خالد الإعيسر علاقات بلاده مع تركيا بـ"الراسخة والمتينة"، وقال إن مبادرة أنقرة للوساطة بين الخرطوم وأبو ظبي تهدف إلى إنهاء الحرب في بلاده بين الجيش و"قوات الدعم السريع".
وأعلنت الرئاسة التركية في 13 ديسمبر/ كانون الأول الجاري أن الرئيس رجب طيب أردوغان أبلغ رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان، خلال اتصال هاتفي، استعداد أنقرة للتوسط في حل النزاع بين السودان والإمارات.
وفي يونيو/ حزيران الماضي اتهم مندوب السودان بالأمم المتحدة الحارث إدريس الحارث الإمارات بإشعال الحرب في بلاده، عبر دعم "الدعم السريع".
لكن الإمارات نفت تدخلها في الشؤون السودانية الداخلية، وقالت إن "تلك الادعاءات لا أساس لها من الصحة وتفتقر إلى أدلة موثوقة لدعمها".
وأضاف الإعيسر، في مقابلة مع الأناضول، أن "السودان يرحب بكل المبادرات الساعية لوقف قتل السودانيين ووضع حد لمَن يمدون المليشيا ("الدعم السريع") بالسلاح".
ومنذ أبريل/ نيسان 2023 خلّفت الحرب بين الجيش و"الدعم السريع" أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألف.
وتابع الإعيسر أن "العلاقات التركية السودانية راسخة ومتينة، والمبادرة التركية محل احترام وتقدير، وهي محاولة تدخل تركية لتحقيق وقف الحرب في السودان".
وأردف: "كان الرد السوداني أنه (..) إذا التزمت الدول التي تدخلت في الشأن السوداني وأوقفت إمداد المليشيا بالسلاح، فليس هناك ما يمنع من التفاكر حول كيفية دفع هذه الدول لترفع يدها عن بلادنا".
** تدخلات خارجية
وبالنسبة للعلاقات مع أنقرة، قال الإعيسر إنه "كان لتركيا دور مهم ومحوري على مسيرة الأعوام التي مضت من خلال التعاون السياسي والاقتصادي والأمني مع السودان".
وأضاف أن "أي محاولة لوضع حد للتدخلات في الشأن السوداني، بما في ذلك تدخلات الإمارات في سياق الحرب، هو أمر تسعى الحكومة لترسيخه".
و"لهذا لا ترفض الحكومة أي محاولات لدفع الإمارات لترفع يدها عن التدخل في الشأن السوداني"، حسب الإعيسر.
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع ملايين إلى المجاعة والموت؛ جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.
** حديقة خلفية
وقال الإعيسر إن "الدعم السريع" استهدفت المؤسسات الإعلامية ضمن جهودها للسيطرة على السلطة وتهجير الشعب وتغيير الهوية السكانية للمواطنين.
وأضاف أنها "تتيح الدولة السودانية لكي تكون حديقة خلفية لبعض الدول في الإقليم لكي تستأثر بمكاسب الأمة السودانية".
واعتبر الوزير "الدعم السريع" معول هدم استعانت به دول ومنظمات دولية لتستأثر بالموارد السودانية، وخططت المليشيا لتكتم كل أصوات الإعلام السوداني منذ الساعة الأولى للعملية الانقلابية الفاشلة (اندلاع القتال منتصف أبريل 2023).
وتابع أنها "وضعت يدها على الهيئة العامة للإذاعة والتليفزيون ووكالة السودان للأنباء وكل المؤسسات الإعلامية القومية والخاصة لكي تنجح العملية الانقلابية دون أن تتدخل هذه المؤسسات".
وأفاد بأن هذا "انعكس سلبا على الأداء الإعلامي في الفترات السابقة، ولكننا بصدد بناء مؤسسات جديدة وبدأنا العمل منذ أشهر"، مشيرا إلى أن خسائر المؤسسات الإعلامية تقدر بعشرات الملايين من الدولارات.
** صراع موارد
الإعيسر أكد أن السودان دولة زاخرة بالموارد، وهذا سبب إشكالاتها، والاستقطاب الدولي حول القضية السودانية أساسه محاولة الاستئثار بمكاسبها.
وأضاف: "حتى الدول التي تعادي السودان الآن وترتكب جرائم بلغت حد جرائم ضد الإنسانية هدفها هو الاستئثار بموارد الدولة".
وأردف: "أرادت هذه الدول من خلال الحرب أن تأتي بمجموعات من عربان الشتات الذين لا بلاد لهم واستفادت من الامتدادات الجغرافية والقبلية والتداخل الإثني في محاولة لتغيير هوية الشعب ودولته".
واستطرد: "أرادت هذه الجهات أن تأتي بمَن يحسبون أنهم جزء من السلطة ليستأثروا بكامل السلطة ويحلو مكان السكان الأصليين سكان جدد، وهذا خلفه دول راغبة في الاستئثار بالسودان.
وقال إن بعض التظاهرات الشعبية خلال السنوات الأربع الماضية من عمر الفترة الانتقالية (عقب الإطاحة بالرئيس عمر البشير عام 2019) كانت تدعو لإيقاف شراكات مع الدول بالمنطقة.
واعتبر أن "هذا أحد أهم الأسباب التي جعلت هذه الدول تلتف، بعد أن فشلت من الدخول عبر البوابات الرسمية، لتأتي عبر فوهات البنادق".
و"استعانت بكوادر سودانية حتى تسيطر على السلطة عبر مليشيا الدعم السريع، التي ستفتح لها كل مواعين الاستثمار والاستئثار بالمكاسب الوطنية"، وفق الإعيسر.
وشدد على "إدراك الحكومة والشعب لهذه القضية، ولذلك تصدى الجميع لها لأنها حرب وجودية".
وزاد بأن السودانيين تضرروا من الحرب، فلا تخلو أسرة أو منطقة أو مدينة من ضرر، والأكثر معاناة هم مَن وقعوا في دائرة سيطرة "الدعم السريع".
** تزوير الحقائق
وبخصوص موقف الإعلام الغربي من حرب السودان، قال إنه يغير الحقائق لصالح المليشات، ويتحدث عن وجود طرفين في الحرب ويتهم الجيش بقصف المواطنين وهي اتهامات غير مبررة.
وأضاف: "اسألوا الشعب هل يظن أن الجيش يستهدف الشعب (..) ستكون الإجابة أن الجيش لا يستهدف المواطنين".
واستطرد: "ستكون الإجابة أن الدعم السريع يعتدي على المواطنين وينتهك الحرمات ويغتصب وينهب ويخرج المواطنين من منازلهم، والجيش هو مَن يحمي الفارين من مناطق نفوذ الدعم السريع" .
وشدد على أن "الشعب لا يرغب في أن يكون للدعم السريع دور في المستقبل".
** مفاهيم جديدة
وأكد الإعيسر أنه "لابد من تأسيس دولة سودانية بمفاهيم جديدة.. هناك حملات إعلامية (...) لإضعاف القضية الوطنية وضرب الشراكات الاستراتيجية للسودان" .
وتابع: "لدي قناعة راسخة بضرورة (...) تأسيس علاقات استراتيجية مع المؤسسات الإعلامية التركية المهنية والنزيهة".
وأردف: "يجب عمل شراكات استراتيجية مع الدول التي ساندت السودان في قضيته، وبينها تركيا التي وقفت معنا على كل الأصعدة وسنتعاون معها لأقصى الحدود".
الإعيسر أوضح أن "السودان لا يريد أن يخفي الحقائق، بل أن تُنقل كاملة.. نحن في حكومة السودان ليس لدينا ما نخفيه، ولكن كثير من وسائل الإعلام الغربية تزور الحقائق".
ورأى أنه حدث تشويش للإعلام الغربي جراء الترويج في فترات سابقة للدعم السريع بأنها خط الدفاع الأول أمام الهجرة غير النظامية إلى أوروبا، و"وجدت هذه القوات دعما أوروبيا خلال السنوات السابقة".
ولفت إلى أن "ذات الإعلام الغربي كان يتهم الدعم السريع بأنه ميليشيا الجنجويد وأنهم قتله يحرقون القرى والمدن في 2003 وحتى 2005 في حرب دارفور (غرب)".
و"الدعم السريع" تشكلت في 2013 كقوة تابعة لجهاز الأمن والمخابرات، لمحاربة المتمردين في دارفور، ثم لحماية الحدود وحفظ النظام، ولا توجد تقديرات رسمية لعددها، إلا أنها تتجاوز عشرات الآلاف.
وبعد الإطاحة بالبشير في 2019، شاركت "الدعم السريع" في السلطة عبر تواجد قائدها محمد حمدان دقلو (حمديتي) في منصب نائب رئيس مجلس السيادة، لحين اندلاع الحرب في 2023.
** اختطاف الثورة
وحسب الإعيسر فإن هناك قوى سياسية دعمها الغرب قامت باختطاف ثورة الشعب، وهم سودانيون لا يمثلون الشعب ويريدون أن يحكموا، لذلك هم موقفهم مع الدعم السريع، في إشارة إلى تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية (تقدم).
وبشأن الوضع الإنساني، قال الإعيسر: "يوجد شظف عيش في البلاد، لكن ليس هناك مجاعة، وشظف العيش بسبب استمرار الحرب لأكثر من سنة وثمانية أشهر".
والثلاثاء، نشرت لجنة مراجعة المجاعة التابعة للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهي بمثابة مرصد عالمي للجوع يضم وكالات الأمم المتحدة وشركاء إقليميين ومنظمات إغاثة، تقريرا عن السودان.
وأفاد التقرير بأنه السودان يشهد مجاعة غير مسبوقة، وتم رصدها في 5 مناطق، ومن المرجح انتشارها في 5 مناطق إضافية بحلول مايو/ أيار 2025، وبات 24.6 مليون شخص (نحو نصف السكان) يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
Your browser does not support the video tag.المصدر: شبكة الأمة برس
كلمات دلالية: المؤسسات الإعلامیة الدعم السریع أن السودان الحرب فی
إقرأ أيضاً:
جدل في موريتانيا بعد زيارة غير رسمية لمستشار قائد الدعم السريع.. ما القصة؟
أثارت زيارة غير رسمية يؤديها، محمد المختار النور، المستشار السياسي والقانوني لقائد قوات "الدعم السريع" في السودان محمد حمدان دقلو، إلى نواكشوط، جدلا في موريتانيا.
وظهر المستشار السياسي والقانوني لقائد قوات "الدعم السريع" في السودان، في أمسية مساء الجمعة بقرية النمجاط، جنوب العاصمة الموريتانية نواكشوط.
ولم يكشف رسميا عن زيارة المستشار السياسي والقانوني لقائد قوات الدعم السريع إلى موريتانيا، وما إذا كان يجري لقاءات رسمية أو للزيارة طابع سياسي أم لا.
ونشرت الصفحة الرسمية لـ"الخلافة العامة للطريقة القادرية في غرب أفريقيا" على موقع "فيسبوك"، صورا للأمسية التي ظهر فيها المستشار السياسي والقانوني لحميدتي.
جدل بمواقع التواصل الاجتماعي
وأقامت "الخلافة العامة للطريقة القادرية في غرب أفريقيا"، مساء الجمعة، أمسية ثقافية قالت إنها على شرف سلطان دارفور أحمد علي دينار، لكن ظهور المستشار السياسي للدعم السريع في الأمسية أثار جدلا واسعا وسجالا على مواقع التواصل الاجتماعي بموريتانيا.
وانتقد عدد من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي الزيارة، مستغربين سماح السلطات الموريتانية للمسؤول في قوات الدعم السريع بزيارة البلد.
وتعليقا على الزيارة قال نائب رئيس نقيب الصحفيين الموريتانيين، عزيز ولد الصوفي، إن على السلطات الموريتانية أن توضح للرأي العام "بيعة الزيارة التي يقوم بها الآن المستشار السياسي والقانوني لقائد قوات الدعم السريع بالسودان، خاصة أنه يتهم كثيرا بتجارة الذهب".
وأضاف في منشور على فيسبوك: "في دولة القانون والديمقراطية يجب أن تكون الأمور واضحة".
من جهته، الناشط على مواقع التواصل الاجتماعي باب سيد أحمد سيداتي: "زيارة مستشار قائد ميليشيات القتل والترويع والتطبيع وتجارة الممنوعات وتهريب الذهب وغيره تستوجب التنديد والإدانة، فلا مرحبا بجزار الآمنين وقائد قوات الإبراهيمية في السودان الشقيق".
وأضاف في منشور عبر حسابه على فيسبوك: "يجب على الوطنيين وكل الحريصين على أمن البلد وتجنيبه الحروب والفتن والنهب الخارجي للثروات أن ينتبهوا لخطورة هذه الزيارة، وأن يعتبروا الاحتفاء به واحتضانه موجبا للمتابعة والتحقيق.
وتابع: "احذروا رؤوس الفتن وزراعها، احذروا من الاحتفال بالقتلة، فلا فرق بين قاتل شيخ آمن في أنواذيبو، وقاتل شيوخ واطفال ونساء آمنين في السودان الشقيق".
من جهته قال الناشط السياسي إسلكو محمد صالح: "أحمد علي دينار الواجهة المدنية لمشروع دموي تمزّق السودان تحت وطأته، وقد دخل موريتانيا بصفته رجل أعمال والحقيقة أنه ابعد ما يكون من ذلك، إنه الواجهة المدنية لمشروع دموي تمزّق السودان تحت وطأته".
وتابع في منشور عبر فيسبوك:" أحمد علي دينار لا يمثل تنمية ولا استثمارا بل ارتبط اسمه بتهريب الذهب وتبييض الأموال ودعم الجماعات المسلحة التي أوغلت في دماء السودانيين، من يفتح له الأبواب يغامر بأن يتحول وطنه إلى ساحة عبور لمشاريع الفوضى والدمار".
وفد موريتاني في الخرطوم
وكان وفد من البرلمان الموريتاني أدى قبل أيام زيارة للعاصمة السودانية الخرطوم، التقى خلالها رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان.
وقال وكيل الخارجية السودانية بالإنابة السفير إدريس إسماعيل في تصريح صحفي، إن زيارة الوفد الموريتاني "تأتي في إطار العلاقات الوطيدة بين الدولتين" مبينا أنه أول وفد برلماني عربي وإفريقي يزور السودان خلال هذه الفترة.
وأضاف الدبلوماسي السوداني أن الزيارة تأتي "للتضامن مع الشعب السوداني لمواجهة الأزمة الراهنة" مشيرا إلى أن الوفد الموريتاني أكد أن هذه الحرب حرب قامت بها فئة باغية حاولت الانقلاب على السلطة، ولكن بحكمة وحنكة قيادة القوات المسلحة تمكن السودان من إحباط هذه المؤامرة في مهدها.
من جهته، قال رئيس الوفد البرلماني الموريتاني مصطفى الداه صهيب، إن اللقاء تناول العلاقات التاريخية بين البلدين من منظور ثقافي، منوها بحيوية العلاقات السودانية الموريتانية.
وأكد البرلماني الموريتاني أن العلاقات الموريتانية السودانية عصية على التغيرات الداخلية والخارجية، منوها بأن رئيس المجلس السيادي شكر الشعب الموريتاني على وقوفه بجانب السودان واحتضانه للجالية السودانية بموريتانيا.
تساؤلات بشأن الزيارة
لكن تزامن زيارة الوفد البرلماني الموريتاني للخرطوم، مع زيارة مستشار قائد قوات الدعم السريع لنواكشوط، اثار تساؤلات لدى عدد من المتابعين بموريتانيا.
وفي هذا الإطار كتب الصحفي الموريتاني أحمد محمد المصطفى عبر حسابه على فيسبوك: "قبل أيام كان وفد برلماني موريتاني في السودان، حيث التقى عددا من قادة مجلس السيادة السوداني قبل أن يتوج لقاءاته بالاجتماع مع رئيس المجلس الفريق أول عبد الفتاح البرهان، فهل كان من أهداف هذا الوفد التغطية المبكرة على زيارة وفد مليشيا حميتي لموريتانيا؟".
ويخوض الجيش السوداني و"قوات الدعم السريع" منذ منتصف نيسان /أبريل عاما 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية.
وتعرضت قوات الدعم السريع في الآونة الأخيرة لانتكاسات عسكرية كبيرة، حيث بدأت تتناقص مساحات سيطرتها في ولايات السودان، فيما تسارعت انتصارات الجيش في الخرطوم بما شمل السيطرة على القصر الرئاسي، ومقار الوزارات بمحيطه، والمطار، ومقار أمنية وعسكرية.
وفي الولايات الـ17 الأخرى، لم تعد الدعم السريع تسيطر سوى على أجزاء من ولايتي شمال كردفان وغرب كردفان وجيوب في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، بجانب 4 من ولايات إقليم دارفور.