بعد أن مثلت الزيدية الامتداد الأكبر في جغرافيا شمال الشمال، والمرجع الأول للسلطة السياسية في إطار حكم الأئمة، والحضور السياسي الأبرز منذ ما بعد ثورة الـ26 من سبتمبر المجيد، يمثل اليوم نفوذ الحركة الحوثية أحد أبرز تحديات البقاء السياسي للزيدية في اليمن. 

ومنذ انقلاب ذراع إيران، على الدولة اليمنية في الـ21 من سبتمبر/ أيلول 2014م، انعكس تنامي نفوذ الحركة الحوثية سلبًا على مستقبل الزيدية التي وجدت نفسها أمام تحديات وجودية، بعد أن استغلتها جماعة الحوثي للوصول إلى السلطة، لتصبح اليوم في مواجهة مباشرة مع أيديولوجية عقدية تعتبرها خطرًا على مشروعها السياسي.

 

وفي الوقت الذي تسعى فيه الحركة الحوثية لابتلاع الوجود السياسي للزيدية، يرى مراقبون أن الأخيرة خسرت الكثير من امتيازاتها السياسية منذ سيطرة جماعة الحوثي على جغرافيا شمال اليمن، فيما يعتقدون أنها تواجه اليوم أحد أخطر تحديات البقاء. 

تحدي البقاء 

وضمن مساعيها للاستحواذ على السلطة ومراكز النفوذ شمال اليمن، تسعى جماعة الحوثي لتطبيق التجربة الإيرانية على حساب المستقبل السياسي للزيدية التي أقصتها عن المشهد السياسي، لتعمل على تطبيق أيديولوجية عقدية ترى في الزيدية خطرًا يهدد وجودها. 

وفي هذا السياق، يقول الكاتب اليمني، والمحلل السياسي في الشئون الاستراتيجية والعسكرية الدكتور علي الذهب: "لدى الحوثيين مشروع سياسي خاص بهم، وهم عبارة عن أيديولوجية سياسية مختلفة تمامًا عن والزيدية، أو عن أي شكل من أشكال الممارسة السياسية في إطار المذهب الزيدي". 

وأكد الذهب في إطار حديثه لـ"نيوزيمن" على أن "البعض من قادة الحركة الحوثية، ومن قواعدهم، يعتبرون الزيدية خطرًا على مسيرتهم القرآنية، وبذلك تتكشف ملامح المشروع السياسي للحركة الحوثية، وحصره في إطار أسرة بدر الدين الحوثي، وعلى وجه الخصوص، عبدالملك الحوثي، الذي إذا طال به الأمد في الهيمنة على السلطة، لن ينقل نفوذه الى إخوانه حتى، بل سيحتكره ضمن امتداده الشخصي، وسيختزله في أبنائه". حد تعبيره. 

وأشار إلى أن "هذه الإيديولوجية السياسية تستقي تعليماتها من الثورة الإيرانية، مع خصوصية معينة لتطبيقها في اليمن، وإسقاط التجربة الإيرانية على المشهد اليمني، وهناك محاكاة مبالغ فيها ومكشوفة". 

واستطرد: "على سبيل المثال، يمثل عبدالملك الحوثي، علي خامنئي، في حين يمثل مهدي المشاط إبراهيم رئيسي، ولديهم الجيش الحكومي الذي انخرط تحت إمرتهم منذ انقلابهم على الدولة في 2014م، ولديهم اللجان الشعبية، إضافة لتشكيلات مسلحة عقدية، أو ذات ولاءات مركزية داخل الحركة، وهي من تمثل فاعل العنف الأساسي، لتجسد انعكاسًا حيًا للحرس الثوري الإيراني". 

ولفت إلى أنه "بهذه الطريقة يجري إعادة بناء مختلف مراكز القوى بما يدعم الحركة الحوثية بأيديولوجياتها المستقلة عن الهاشمية السياسية التي درج الناس على تسميتها بالزيدية". 

وقال: "هذه التحولات التي فرضتها الحركة الحوثية، تعني أنه لن يكون هناك مشاركة فاعلة للأسر الهاشمية في الحكم، ولن يكون هناك انتقال للسلطة من شخص لآخر في إطار ما تحدده الزيدية من شروط للحاكم". 

وأضاف: "تسعى هذه الأيديولوجية الحوثية لتحرير الحركة من القيود والالتزامات التي تفرضها عليهم الزيدية، ليكونوا بذلك سلطة، وعقيدية سياسية، وأيديولوجية مستقلة عن أي تأثيرات للزيدية التي يسعون لإخراجها تمامًا عن المشهد السياسي". 

وتابع: "في الوقت الحالي، هناك محاولات لتصوير عبدالملك الحوثي كمرجعية دينية، وفي نفس الوقت ستكون مرجعية سياسية لها السطوة الأكبر على السلطة السياسية، بمعنى أنها من سترشح الرئيس والوزير والقيادات العسكرية والأمنية وحتى قيادات السلطة المحلية في المحافظة". 

فيما يرى أن "الحركة عبارة عن تشكل سياسي جديد وفق عملية استنساخية للثورة الإيرانية، ولكن بخصوصية معينة، تراعي الطبيعة اليمنية، وما تفرضه التباينات الجغرافية والمذهبية داخل البلاد". 

ويعتقد أن "هذا المشروع سيواجه تحديات كبيرة، باعتبار أن اليمن لم تعد كما كانت عليه قبل عام 1911م، عندما سيطر الإماميون على السلطة بطريقة التفاوض التي أعقبت الحرب مع العثمانيين، أو التي جاءت نتيجة للحرب العالمية الأولى". 

واستدرك: "لكن الآن الأمور مختلفة، فلا تزال الحكومة المعترف بها دوليًا هي المسيطر على المشهد السياسي، مع بعض المؤثرات والمتغيرات الإقليمية، في حين تحاول المملكة العربية السعودية محاصرة الحركة الحوثية بالمفاوضات للانقضاض عليهم، أو تحجيمهم بعد فشل الخيار العسكري، ودخلت الكثير من التعارضات الإقليمية والمحلية التي عرقلت الخيار العسكري". 

واختتم بالقول: "عندما نشير إلى ما يقوم به بعض قادة الحركة من حشد وتحريض لتحويل عبدالملك الحوثي إلى مرجعية دينية، فذلك لأن عبدالملك هو من سيضع الأطر السياسية، وهو من سيحدد المساقات الدينية والفكرية لجماعته في السلطة، إذا ما نجح الخيار السياسي وكان هناك شراكة سياسية". 

خطر وجودي 

وفي الوقت الذي يتنامى فيه طموح ذراع إيران للاستحواذ على السلطة وإقصاء شركائها السياسيين، يرى مراقبون أن ما تقوم به الجماعة من محاولات لإذكاء الصراعات بين المكونات الاجتماعية والسياسية في مناطق سيطرتها، سينعكس سلبًا على مستقبل الجماعة. 

وفي هذا السياق، يرى الصحفي يعقوب السامعي أن "ما يفعله الحوثيون هو تفخيخ لمستقبل البلاد بالضغائن العرقية والمذهبية، وهو ما سيفضي إلى انفجارات كبيرة مع مرور الوقت". حد قوله. 

وأضاف السامعي، في إطار حديثه لـ"نيوزيمن"، إن "حرمان الغالبية العظمى من اليمنيين من حقوقهم السياسية لصالح أقلية عرقية هو مغامرة بمستقبل هذه الأقلية في نفس الوقت، ويمكن ملاحظة النقمة المتزايدة ضد الجماعة في الفضاء العام". 

واختتم بالقول: "هذه النقمة لن تبقى إلى الأبد حبيسة الخطابات والشعارات، خصوصاً في ظل المظالم الفادحة التي يلحقها الحوثيون بالناس يومياً على أساس عنصري".

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: عبدالملک الحوثی على السلطة فی إطار

إقرأ أيضاً:

أول موقف أمريكي من إعلان ميلاد التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، في اليمن

 

في أول تعليق له قال السفير الأمريكي لدى اليمن ستيفن فاجن عن إطلاق التكتل السياسي الجديد المكون من 22 حزباً وجماعة سياسية يمنية " لقد أظهرت هذه الكيانات الـ 22 للجميع، والأهم من ذلك للشعب اليمني، أن هناك أملًا في يمن سلمي ومزدهر، يقوده اليمنيون من أجل اليمنيين".

  

وأضاف السفير الأمريكي " إن التكتل الوطني الجديد للأحزاب والمكونات السياسية المعلن تشكيله في العاصمة المؤقتة عدن، جنوب اليمن يمثل اليوم لحظة محورية في التاريخ السياسي لليمن.

 

وأكد السفير -الذي حضر أمس فعالية إطلاق التكتل السياسي الجديد المكون " في بيان له نشرته السفارة على منصة (إكس)- على أهمية الكتلة الجديدة، والذي يمثل التكتل اليوم لحظة محورية في التاريخ السياسي لليمن.

  

وقال: "لقد أظهرت هذه الكيانات الـ 22 للجميع، والأهم من ذلك للشعب اليمني، أن هناك أملًا في يمن سلمي ومزدهر، يقوده اليمنيون من أجل اليمنيين".

 

وحسب بيان السفير فإن الأحزاب والجماعات السياسية اليمنية قد اجتمعت في الأصل في أبريل للمشاركة في حوار سياسي لمناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك، وهو الأول من نوعه منذ أكثر من عشر سنوات.

 

وتابع "خلال الحوار، اتفقت الأحزاب والجماعات المشاركة على تشكيل كتلة وطنية واسعة ملتزمة بصياغة رؤية مشتركة ليمن سلمي مع احترام التنوع السياسي في اليمن".

 

وأردف "خلال الحدث الذي أقيم أمس في عدن، والذي دعمته وكالة التنمية الأمريكية (USAID) والمعهد الوطني الديمقراطي (NDI) استعرض ممثلو الأحزاب والمكونات السياسية اللوائح الأساسية والمبادئ التأسيسية للكتلة الوطنية للأحزاب والمكونات السياسية والتي تم التصديق عليها حديثًا والتي ستعمل على تعزيز الحكم الفعال والسلام والاستقرار في اليمن.

 

وأمس الثلاثاء أعلن في عدن حفل إشهار التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية اليمنية،الذي يضم 23 حزبا ومكون سياسي وإقرار اللائحة التنظيمية للتكتل، واختيار بن دغر رئيساً للمجلس الأعلى للتكتل

  

مقالات مشابهة

  • الحركة الإسلامية السودانية-بين التمكين والانقلاب على الديمقراطية وصراع العودة إلى السلطة
  • مستقبل وطن الإسكندرية يناقش تطوير الأداء الإعلامي ودعم القيادة السياسية
  • مصير الحوثيين و التغييرات التي ستطرأ على اليمن في العهد الترامبي الجديد - تحليل
  • أول تعليق أمريكي على إشهار ”التكتل الوطني للأحزاب السياسية” في عدن: لحظة محورية في تاريخ اليمن
  • الإمارات تعيد دعم فصائلها في اليمن وسط تحولات جديدة في المشهد السياسي والعسكري
  • تقرير أممي مخيف عن انتشار لمرض خطير في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي في اليمن
  • أول موقف أمريكي من إعلان ميلاد التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، في اليمن
  • ما مستقبل القضية الفلسطينية بعد فوز ترامب؟
  • مجلس الأمن يناقش مستقبل العقوبات على اليمن
  • عاجل: بيان إشهار التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية في اليمن