الحركة الحوثية.. خطر وجودي يتهدد مستقبل الزيدية في اليمن
تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT
بعد أن مثلت الزيدية الامتداد الأكبر في جغرافيا شمال الشمال، والمرجع الأول للسلطة السياسية في إطار حكم الأئمة، والحضور السياسي الأبرز منذ ما بعد ثورة الـ26 من سبتمبر المجيد، يمثل اليوم نفوذ الحركة الحوثية أحد أبرز تحديات البقاء السياسي للزيدية في اليمن.
ومنذ انقلاب ذراع إيران، على الدولة اليمنية في الـ21 من سبتمبر/ أيلول 2014م، انعكس تنامي نفوذ الحركة الحوثية سلبًا على مستقبل الزيدية التي وجدت نفسها أمام تحديات وجودية، بعد أن استغلتها جماعة الحوثي للوصول إلى السلطة، لتصبح اليوم في مواجهة مباشرة مع أيديولوجية عقدية تعتبرها خطرًا على مشروعها السياسي.
وفي الوقت الذي تسعى فيه الحركة الحوثية لابتلاع الوجود السياسي للزيدية، يرى مراقبون أن الأخيرة خسرت الكثير من امتيازاتها السياسية منذ سيطرة جماعة الحوثي على جغرافيا شمال اليمن، فيما يعتقدون أنها تواجه اليوم أحد أخطر تحديات البقاء.
تحدي البقاء
وضمن مساعيها للاستحواذ على السلطة ومراكز النفوذ شمال اليمن، تسعى جماعة الحوثي لتطبيق التجربة الإيرانية على حساب المستقبل السياسي للزيدية التي أقصتها عن المشهد السياسي، لتعمل على تطبيق أيديولوجية عقدية ترى في الزيدية خطرًا يهدد وجودها.
وفي هذا السياق، يقول الكاتب اليمني، والمحلل السياسي في الشئون الاستراتيجية والعسكرية الدكتور علي الذهب: "لدى الحوثيين مشروع سياسي خاص بهم، وهم عبارة عن أيديولوجية سياسية مختلفة تمامًا عن والزيدية، أو عن أي شكل من أشكال الممارسة السياسية في إطار المذهب الزيدي".
وأكد الذهب في إطار حديثه لـ"نيوزيمن" على أن "البعض من قادة الحركة الحوثية، ومن قواعدهم، يعتبرون الزيدية خطرًا على مسيرتهم القرآنية، وبذلك تتكشف ملامح المشروع السياسي للحركة الحوثية، وحصره في إطار أسرة بدر الدين الحوثي، وعلى وجه الخصوص، عبدالملك الحوثي، الذي إذا طال به الأمد في الهيمنة على السلطة، لن ينقل نفوذه الى إخوانه حتى، بل سيحتكره ضمن امتداده الشخصي، وسيختزله في أبنائه". حد تعبيره.
وأشار إلى أن "هذه الإيديولوجية السياسية تستقي تعليماتها من الثورة الإيرانية، مع خصوصية معينة لتطبيقها في اليمن، وإسقاط التجربة الإيرانية على المشهد اليمني، وهناك محاكاة مبالغ فيها ومكشوفة".
واستطرد: "على سبيل المثال، يمثل عبدالملك الحوثي، علي خامنئي، في حين يمثل مهدي المشاط إبراهيم رئيسي، ولديهم الجيش الحكومي الذي انخرط تحت إمرتهم منذ انقلابهم على الدولة في 2014م، ولديهم اللجان الشعبية، إضافة لتشكيلات مسلحة عقدية، أو ذات ولاءات مركزية داخل الحركة، وهي من تمثل فاعل العنف الأساسي، لتجسد انعكاسًا حيًا للحرس الثوري الإيراني".
ولفت إلى أنه "بهذه الطريقة يجري إعادة بناء مختلف مراكز القوى بما يدعم الحركة الحوثية بأيديولوجياتها المستقلة عن الهاشمية السياسية التي درج الناس على تسميتها بالزيدية".
وقال: "هذه التحولات التي فرضتها الحركة الحوثية، تعني أنه لن يكون هناك مشاركة فاعلة للأسر الهاشمية في الحكم، ولن يكون هناك انتقال للسلطة من شخص لآخر في إطار ما تحدده الزيدية من شروط للحاكم".
وأضاف: "تسعى هذه الأيديولوجية الحوثية لتحرير الحركة من القيود والالتزامات التي تفرضها عليهم الزيدية، ليكونوا بذلك سلطة، وعقيدية سياسية، وأيديولوجية مستقلة عن أي تأثيرات للزيدية التي يسعون لإخراجها تمامًا عن المشهد السياسي".
وتابع: "في الوقت الحالي، هناك محاولات لتصوير عبدالملك الحوثي كمرجعية دينية، وفي نفس الوقت ستكون مرجعية سياسية لها السطوة الأكبر على السلطة السياسية، بمعنى أنها من سترشح الرئيس والوزير والقيادات العسكرية والأمنية وحتى قيادات السلطة المحلية في المحافظة".
فيما يرى أن "الحركة عبارة عن تشكل سياسي جديد وفق عملية استنساخية للثورة الإيرانية، ولكن بخصوصية معينة، تراعي الطبيعة اليمنية، وما تفرضه التباينات الجغرافية والمذهبية داخل البلاد".
ويعتقد أن "هذا المشروع سيواجه تحديات كبيرة، باعتبار أن اليمن لم تعد كما كانت عليه قبل عام 1911م، عندما سيطر الإماميون على السلطة بطريقة التفاوض التي أعقبت الحرب مع العثمانيين، أو التي جاءت نتيجة للحرب العالمية الأولى".
واستدرك: "لكن الآن الأمور مختلفة، فلا تزال الحكومة المعترف بها دوليًا هي المسيطر على المشهد السياسي، مع بعض المؤثرات والمتغيرات الإقليمية، في حين تحاول المملكة العربية السعودية محاصرة الحركة الحوثية بالمفاوضات للانقضاض عليهم، أو تحجيمهم بعد فشل الخيار العسكري، ودخلت الكثير من التعارضات الإقليمية والمحلية التي عرقلت الخيار العسكري".
واختتم بالقول: "عندما نشير إلى ما يقوم به بعض قادة الحركة من حشد وتحريض لتحويل عبدالملك الحوثي إلى مرجعية دينية، فذلك لأن عبدالملك هو من سيضع الأطر السياسية، وهو من سيحدد المساقات الدينية والفكرية لجماعته في السلطة، إذا ما نجح الخيار السياسي وكان هناك شراكة سياسية".
خطر وجودي
وفي الوقت الذي يتنامى فيه طموح ذراع إيران للاستحواذ على السلطة وإقصاء شركائها السياسيين، يرى مراقبون أن ما تقوم به الجماعة من محاولات لإذكاء الصراعات بين المكونات الاجتماعية والسياسية في مناطق سيطرتها، سينعكس سلبًا على مستقبل الجماعة.
وفي هذا السياق، يرى الصحفي يعقوب السامعي أن "ما يفعله الحوثيون هو تفخيخ لمستقبل البلاد بالضغائن العرقية والمذهبية، وهو ما سيفضي إلى انفجارات كبيرة مع مرور الوقت". حد قوله.
وأضاف السامعي، في إطار حديثه لـ"نيوزيمن"، إن "حرمان الغالبية العظمى من اليمنيين من حقوقهم السياسية لصالح أقلية عرقية هو مغامرة بمستقبل هذه الأقلية في نفس الوقت، ويمكن ملاحظة النقمة المتزايدة ضد الجماعة في الفضاء العام".
واختتم بالقول: "هذه النقمة لن تبقى إلى الأبد حبيسة الخطابات والشعارات، خصوصاً في ظل المظالم الفادحة التي يلحقها الحوثيون بالناس يومياً على أساس عنصري".
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: عبدالملک الحوثی على السلطة فی إطار
إقرأ أيضاً:
كويكب قاتل يتهدد الأرض بضربة قاضية
بات كويكب، بحجم يناهز ملعب كرة قدم اكتُشف حديثا، يتمتع باحتمال يتخطى واحدا في المئة للاصطدام بالأرض في غضون ثماني سنوات.
سيحدث الاصطدام انفجارا هائلا في السماء يطلق طاقة أكبر بمئات المرات من قنبلة هيروشيما... قد يبدو الأمر أشبه بقصص نهاية العالم.
ولمثل هذا الاصطدام القدرة على تدمير مدن بأكملها، اعتمادا على المكان الذي يحدث فيه.
لم يُصب العلماء بالذعر من هذا الخطر بعد، لكنهم يراقبون الوضع عن كثب.
وقال بروس بيتس كبير العلماء في "جمعية الكواكب" Planetary Society "في هذه المرحلة، الأمر يتركز على ضرورة إيلاء الكثير من الاهتمام، والحصول على أكبر قدر ممكن من الأصول لمراقبته".
اكتشاف نادر
رُصد الكويكب، المسمى "2024 YR4"، لأول مرة في 27 ديسمبر 2024 من جانب مرصد "إل سوس" في تشيلي. وبناء على سطوعه، يقدّر علماء الفلك أن عرضه يتراوح بين 40 و90 مترا.
وبحلول ليلة رأس السنة، حط ملف هذا الكويكب على مكتب كيلي فاست، الباحثة في مكتب الدفاع الكوكبي في وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، بوصفه جسما مثيرا للقلق.
وقالت فاست في العادة "نرصد تحركات (للكويكبات)، قبل أن تُحجب عن الأنظار مرة أخرى. لكنّ هذا الكويكب بدا وكأنه قادر على البقاء".
واستمر تقييم المخاطر في الارتفاع، وفي 29 يناير الماضي، أصدرت "شبكة التحذير الدولية من الكويكبات" (IAWN)، وهي هيئة للتعاون العالمي في مجال الدفاع الكوكبي، مذكرة في الموضوع.
بحسب أحدث الحسابات من مختبر الدفع النفاث التابع لوكالة ناسا، هناك احتمال بنسبة 1,6 في المئة أن يضرب الكويكب الأرض في 22 ديسمبر 2032.
في حال حدث هذا الأمر بالفعل، فإن مواقع الاصطدام المحتملة تشمل المناطق الواقعة فوق شرق المحيط الهادئ، وفي شمال أميركا الجنوبية، والمحيط الأطلسي، وأفريقيا، وبحر العرب، وجنوب آسيا، وفق مذكرة IAWN.
يتبع الكويكب 2024 YR4 مدارا بيضاويا للغاية تستمر دورته الكاملة أربع سنوات، ويتأرجح عبر الكواكب الداخلية قبل أن يمر عبر المريخ ويتجه نحو المشتري.
في الوقت الحالي، يبتعد عن الأرض بسرعة، ولن يمر بقرب كوكبنا مجددا قبل عام 2028.
وقال بيتس "الاحتمالات جيدة جدا ألا يصطدم هذا (الكويكب) بالأرض فحسب، بل في مرحلة ما في الأشهر أو السنوات القليلة المقبلة، سينخفض هذا الاحتمال إلى الصفر".
حدث سيناريو مماثل في عام 2004 مع "أبوفيس"، وهو كويكب كان احتمال اصطدامه في بادئ الأمر بالأرض 2,7 في المئة في عام 2029. لكن مع مرور الوقت، قللت عمليات المراقبة الفلكية تدريجيا من احتمالات حدوث اصطدام.
إمكانية التدمير
حدث أكثر اصطدام كويكب شهرة في العالم قبل 66 مليون عام، عندما تسببت صخرة فضائية بعرض يناهز عشرة كيلومترات في حدوث شتاء عالمي، ما أدى إلى القضاء على الديناصورات و75 في المئة من جميع الأنواع الحية.
على النقيض من ذلك، يندرج الكويكب 2024 YR4 ضمن فئة تسمى "قاتل المدينة" (city killer).
وقال بيتس "إذا وضعته فوق باريس أو لندن أو نيويورك، فإنك تمحو المدينة بأكملها وبعض المناطق المحيطة بها".
أفضل مقارنة حديثة هي حادثة تونغوسكا عام 1908، عندما انفجر كويكب أو شظية مذنب يبلغ قطرها من 30 إلى 50 مترا فوق سيبيريا، ما أدى إلى تدمير 80 مليون شجرة على مساحة 2000 كيلومتر مربع.
وعلى غرار ذلك الجسم المرتطم، من المتوقع أن ينفجر الكويكب 2024 YR4 في السماء، بدلا من ترك حفرة على الأرض.
وقال أندرو ريفكين عالم الفلك الكوكبي في مختبر جونز هوبكنز للفيزياء التطبيقية "يمكننا حساب الطاقة... باستخدام الكتلة والسرعة".
بالنسبة لـ2024 YR4، فإن الانفجار الناتج عن تحطم جسم في الجو يعادل حوالى ثمانية ميغا طن من مادة "تي إن تي"، أي أكثر من 500 ضعف قوة قنبلة هيروشيما.
إذا انفجر الجسم فوق المحيط، فإن التأثير سيكون أقل إثارة للقلق، ما لم يحدث بالقرب من خط ساحلي مما يؤدي إلى حدوث تسونامي.
خطر يمكن تلافيه
الخبر السار، بحسب الخبراء، هو أنّ لدينا متسعا من الوقت للاستعداد. وقاد ريفكين التحقيق في مهمة ناسا "DART" لعام 2022، والتي نجحت في دفع كويكب عن مساره باستخدام مركبة فضائية، وهي استراتيجية تُعرف باسم "التأثير الحركي".
لم يكن الكويكب المستهدف يشكل أي تهديد للأرض، مما جعله موضوع اختبار مثالي.
وقال ريفكين "لا أرى سببا لعدم نجاح ذلك" مجددا. ويبقى السؤال الأكبر ما إذا كانت الدول الكبرى ستموّل مثل هذه المهمة إذا لم تكن أراضيها مهددة.
وثمة أيضا أفكار أخرى قابلة للتجريب. من بينها، يمكن لليزر أن يبخر جزءا من الكويكب لخلق تأثير دفع، مما يدفعه عن مساره. كما طُرحت نظرية "جرّار الجاذبية"، وهي مركبة فضائية كبيرة تسحب الكويكب ببطء بعيدا باستخدام جاذبيتها الخاصة.
إذا فشلت كل الحلول الأخرى، فإن فترة التحذير الطويلة تعني أن السلطات قد تخلي منطقة الاصطدام المحتمل.
وقالت فاست "لا ينبغي لأحد أن يخاف من هذا الأمر. يمكننا تحديد موقع هذه الأجسام، وإجراء هذه التوقعات، وامتلاك القدرة على التخطيط".