قلّل رشيد عوين مدير منظمة شعاع لحقوق الإنسان، من أهية الهجوم الذي شنه الرئيس الجزائري مساء أمس الأحد على فرنسا على خلفية الجرائم التي ارتكبتها بحق بلاده أثناء الفترة الاستعمارية، واعتبر أن هذا الهجوم ليس إلا محاولة أخرى لتوظيف ملف التجارب النووية الفرنسية لخدمة أهداف شعبوية، بعيدًا عن أي التزام حقيقي بحماية حقوق ومصالح الشعب الجزائري.



وأكد عوين في تصريحات خاصة لـ "عربي21"، أن "السلطات الجزائرية تعرقل الناشطين بدلًا من الضغط على فرنسا"، وقال:  "رغم مراسلات المقررين الأمميين في سبتمبر الماضي، لم تبادر السلطات الجزائرية بالتعاون مع الأمم المتحدة للضغط على فرنسا لتنظيف مواقع التجارب النووية. بل عمدت إلى التضييق على الناشطين المهتمين بالملف عبر أجهزة المخابرات ومسؤولي وزارة المجاهدين، مما يعكس تناقضًا واضحًا في التعامل مع هذه القضية."

وأضاف: "واصل تبون الترويج لمطلب تنظيف مواقع التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية، وهو خطاب مكرر يفتقر إلى الجدية ويغلب عليه الطابع الشعبوي. ورغم ادعاءاته المتكررة، آخرها في 5 أكتوبر 2024، لا توجد أي مؤشرات على إرادة سياسية حقيقية لمعالجة هذا الملف ، مما يجعل تصريحاته مجرد محاولات لاستمالة الرأي العام الوطني دون خطوات عملية".

وأكد عوين أن "الجزائر نفسها تواجه اتهامات بتعريض مواطنيها لمخاطر الإشعاعات النووية، خصوصًا في التسعينيات عندما أقامت محتشدات عسكرية قريبة من مواقع التجارب النووية، احتجز فيها عشرات الآلاف من الجزائريين".

وانتقد عوين بشدة الأوصاف التي كالها الرئيس تبون للإعلامي بوعلام صنصال، ووصفه بأنه "متحيل، ومجهول الهوية والأب"، وقال: "في الجزائر، لا يقتصر التشهير والتشكيك والطعن في الشرف على الإعلام المتملق فقط، بل يعكس سياسة نظام متكاملة يقودها الرئيس تبون. ووصفه للكاتب بوعلام صنصال، مسلوب الحرية الذي لا يزال قيد التحقيق، بأنه (لص مجهول الهوية والأب) يمثل صورة صارخة لانحدار الخطاب الرسمي إلى مستويات متدنية، بعيدًا عن أي احترام للقيم أو الأخلاقيات".

وأضاف: "هذا التصريح ليس فقط هجومًا شخصيًا، بل يشكل تدخلًا مباشرًا في سير العدالة، مما يضرب مبدأ استقلالية القضاء في الصميم. مثل هذه الخطابات تكشف عن منهجية تسعى لعدم احترام الحق  في ضمان محاكمة عادلة. كما أن الخطاب الرسمي بهذا الشكل لا يسيء فقط إلى صورة الدولة، بل يعمق أزمة الثقة في المؤسسات ويُظهر عجز السلطة في تعزيز استقلالية القضاء".

وحول اعتزام الرئيس تبون الدعوة لحوار وطني قال عوين: "أعاد الرئيس تبون الحديث عن الحوار الوطني، متفاخرًا بتدابير تهدئة لم يستفد منها سوى 5 معتقلي رأي، في وقت يستمر احتجاز أكثر من 200 معتقل رأي وأكثر من 150 سجينًا سياسيًا. هذه التصريحات تهدف لتجميل صورة النظام خارجيًا، دون أن تعكس إرادة سياسية حقيقية لاحترام الحقوق والحريات أو تحقيق تغيير داخلي ملموس"، وفق تعبيره.

وانتقد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بشدة فرنسا على خلفية تاريخها الاستعماري في الجزائر (1830-1962). وأكد أن الجزائر تطالب فرنسا بالاعتراف بجرائمها الاستعمارية، مشددًا على أن بلاده لا تسعى إلى تعويضات مادية، بل إلى استعادة كرامة أجدادها.

وأشار الرئيس عبد المجبد تبون، في خطاب له أمام البرلمان الجزائري بغرفتيه أمس الأحد، إلى أن الاستعمار الفرنسي خلف دمارًا واسعًا في الجزائر، مؤكدًا أن البلاد كانت متقدمة قبل الاستعمار، حيث كانت تصدر القمح لفرنسا قبل عام 1830. كما ذكر أن عدد شهداء الجزائر خلال فترة الاستعمار بلغ 5.6 مليون شخص.

وهاجم الرئيس عبد المجيد تبون الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال، دون ذكر اسمه صراحة، واصفًا إياه بـ"المحتال" و"اللص" و"مجهول الهوية والأب".

جاءت هذه التصريحات بعد اعتقال صنصال في نوفمبر 2024، إثر تصريحات أدلى بها لوسائل إعلام فرنسية، زعم فيها أن أجزاءً من الجزائر كانت تتبع دولًا أخرى قبل الاستعمار الفرنسي، مما أثار جدلاً واسعًا واعتبرته السلطات الجزائرية تحريفًا للتاريخ ومساسًا بالوحدة الوطنية.

في خطابه، أشار تبون إلى أن "فرنسا ترسل محتالين لتشويه تاريخ الجزائر"، في إشارة واضحة إلى صنصال.

يُذكر أن صنصال معروف بمواقفه المثيرة للجدل، بما في ذلك تأييده للاحتلال الإسرائيلي وزيارته لإسرائيل، مما جعله شخصية مثيرة للانتقادات في الجزائر.

تأتي هذه التطورات في سياق توتر العلاقات بين الجزائر وفرنسا، حيث استدعت الجزائر سفيرها من باريس واتهمت الاستخبارات الفرنسية بارتكاب أعمال عدائية على أراضيها.

على صعيد آخر جدد الرئيس عبد المجيد تبون تأكيد موقف الجزائر الثابت في دعم القضيتين الفلسطينية والصحراوية. وأكد استمرار الجزائر في مساندة الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة، مشددًا على أن الجزائر لن تتخلى عن فلسطين حتى تحقيق استقلالها وعاصمتها القدس الشريف.

وأوضح أن موقف الجزائر من قضية الصحراء الغربية لن يتغير، مؤكدًا أنها قضية تصفية استعمار وأن الشعب الصحراوي يجب أن يتمتع بحق تقرير المصير. وأشار إلى أن فكرة الحكم الذاتي هي مقترح فرنسي وليس مغربي، وأن الجزائر تحترم الشرعية الدولية في هذا السياق.

داخليا أعلن تبون عن إطلاق حوار سياسي مع الأحزاب الجزائرية مطلع عام 2025، بهدف تعزيز استقلال الدولة وتقوية الجبهة الداخلية. وأشار إلى أن هذا الحوار سيكون جامعًا وعميقًا، وسيتوج بإصدار قوانين جديدة للأحزاب والجمعيات.

إقرأ أيضا: تبون يتحدث عن الصحفي الموقوف صنصال.. "مجهول الأب أرسلته فرنسا" (شاهد)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية الجزائري فرنسا تصريحات العلاقات تصريحات فرنسا الجزائر علاقات المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة التجارب النوویة الرئیس تبون فی الجزائر إلى أن

إقرأ أيضاً:

عربي21 تحاور مدير الشبكة السورية حول آليات تحقيق العدالة الانتقالية (شاهد)

يعد ملف العدالة الانتقالية من أهم القضايا البارزة في المشهد السوري بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، المسؤول عن ارتكاب 90 بالمئة من الانتهاكات بحق السوريين منذ اندلاع الثورة عام 2011، حسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان.

ويتصدر الحديث عن المحاسبة والعدالة الانتقالية الأوساط السورية بوصفه ضرورة لتحقيق الإنصاف للضحايا وضمان استقرار مستدام في البلاد، في حين لا يزال غياب الدور الفعال للسلطة في دمشق في دفع مسار المحاسبة محط انتقادات العديد من أهالي الضحايا والمغيبين قسريا.

والأربعاء، تطرق الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع في مؤتمر انتصار الثورة السورية بالعاصمة دمشق إلى أولويات البلاد في المرحلة المقبلة بعد سقوط النظام، موضحا أن الحفاظ على السلم الأهلي من خلال السعي إلى تحقيق العدالة الانتقالية ومنع مظاهر الانتقام.


ويعتبر مسار العدالة الانتقالية من أهم التحديات أمام السوريين بسبب الكم الهائل من الانتهاكات التي جرى ارتكبها النظام المخلوع بحق الشعب السوري خلال الـ14 عاما الماضية.

وشدد مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، على ضرورة مسار العدالة الانتقالية في سوريا لتحقيق العدالة للضحايا وضمان عدم تكرار الانتهاكات التي وقعت بحق السوريين خلال عهد نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
Bu gönderiyi Instagram'da gör Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)'in paylaştığı bir gönderi
وأوضح عبد الغني في لقاء خاص مع "عربي21"، أن العدالة الانتقالية تستند إلى أربعة أركان رئيسية: المحاسبة، لجان الحقيقة والمصالحة، التعويضات، وإصلاح المؤسسات. 

وأشار عبد الغني إلى أهمية تشكيل هيئة مستقلة تقود مسار العدالة الانتقالية، تتألف من خبراء في القانون الدولي ومنظمات حقوقية وروابط الضحايا، مع ضمان عدم خضوعها لسيطرة الحكومة، رغم أن الدولة يجب أن تلعب دورا في رعاية العملية. 

وتحدث مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان عن تفاصيل أركان العدالة الانتقالية الأربعة والخطوات الواجب اتخاذها خلال المرحلة المقبلة من أجل تحقيق العدالة للضحايا.

وتاليا اللقاء الكامل الذي أجرته "عربي21" مع مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان للوقوف على مسار تحقيق العدالة في سوريا:



◼ ما هي "العدالة الانتقالية" وما أهمية هذا المسار في المجتمعات التي تخرج من نزاعات عنيفة دارت على مدى سنوات؟

مفهوم العدالة الانتقالية يتمثل في تحقيق العدل في مرحلة انتقالية، كما يشير الاسم. وفي هذه المرحلة ينعكس النزاع عبر ظهور طرفين اثنين، الطرف الأول هو مرتكب النزاعات. وهذا الطرف يهمه تجاوز هذه المرحلة انطلاقا من حجة انتهاء النزاع وضرورة المضي قدما. هذا الطرف يكون غالبا محسوبا على مرتكبي الانتهاكات.

أما الطرف الثاني وهو الجانب الآخر الذي يمثل الضحايا الذين وقعت عليهم الانتهاكات، ويرفض المضي قدما دون تحقيق العدالة ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات.

وانطلاقا من هذه الجزئية، يندلع النزاع بين الجانبين. وهذه هي فلسفة مفهوم العدالة الانتقالية.

من أجل ضبط هذا النزاع، فهناك أربعة أركان أساسية لتحقيق العدالة الانتقالية، الركن الأول هو المحاسبة، والثاني هو تشكيل لجان حقيقة ومصالحة، أما الركن الثالث فهو تقديم التعويضات، والركن الأخير إصلاح المؤسسات.

وفي الحالة السورية، نحتاج إلى تفعيل هذه الأركان الأربعة بشكل متواز بسبب كم الانتهاكات الهائلة التي جرى ارتكابها في سوريا.

من المكلف في إدارة هذا المسار؟

يجب أن تقود العدالة الانتقالية هيئة يتم تشكيلها عبر مشاورات ونقاشات مجتمعية، وتتكون من عدد من الخبراء بالقانون الدولي وملف العدالة الانتقالية ومنظمات حقوقية من المجتمع المدني وخبراء توثق الانتهاكات، بالإضافة إلى روابط الضحايا. وذلك بالاشتراك والتنسيق مع الحكومة.

ومن الضروري التأكيد على أن هذه الهيئة لا يجب أن يتم تشكيلها من قبل الحكومة وإلا ستكون جهة محسوبة على الحكومة، وإنما يتم تشكيلها من هذا المسار الذي من الممكن أن تقوم الحكومة بالإشراف عليه ورعايته.


الدولة تقود مسار العدالة الانتقالية عبر مؤسساتها، ولكن الهيئة يجب أن تكون على درجة من الاستقلالية لأن مسارها يتضمن محاسبة مرتكبي الانتهاكات. ومسار المحاسبة هو مسار قضائي يمر عبر المحاكم سواء الوطنية أو غيرها. يمكن القول إن هذه الهيئة تلعب دور قريب من دور الادعاء العام.

◼ لماذا يجب ضمان استقلالية الهيئة عن الحكومة؟

المقصد هنا هو التأكيد على استقلالية الهيئة التي تقود المسار القضائي عن الحكومة، لأنها تسعى إلى محاسبة جميع مرتكبي الانتهاكات في سوريا. صحيح أن النظام ارتكب 90 بالمئة من الانتهاكات، إلا أن هناك جهات أخرى ارتكبت انتهاكات ولو بنسبة أقل، ويجب محاكمة الجميع.

بالطبع سيتم محاسبة النظام من خلال التركيز عليه بشكل كبير لأنه مرتكب القدر الأكبر من الانتهاكات بحسب بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، لكن سيتم في الوقت نفسه محاسبة باقي مرتكبي الانتهاكات.

المحاسبة يجب أن تكون ضد جميع مرتكبي الانتهاكات، لكن من غير المعقول أن تكون محاسبة النظام الذي ارتكب 90 بالمئة من الانتهاكات مثل طرف آخر ارتكب أقل، مثل القوات الكردية التي ارتكبت 3 بالمئة من الانتهاكات، أو المعارضة التي ارتكبت بدورها تقريبا 3 بالمئة، بالإضافة إلى هيئة تحرير الشام حيث ارتكبت بما يعادل واحد بالمئة.

هلا فسرت لنا بالتفصيل أركان مسار العدالة الانتقالية؟

الركن الأول هو المحاسبة، محاسبة المتورطين بارتكاب الانتهاكات هي تنقسم إلى قسمين شق جنائي وشق غير جنائي. الشق الجنائي يستهدف الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، حيث يتم إحالتهم إلى المحاكمات.

ويستهدف هذا الشق بشكل أساسي الصفوف العليا من مرتكبي الانتهاكات مثل الصف الأول والثاني بسبب وجود أعداد هائلة من مرتكبي الانتهاكات في سوريا. وبحسب بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فلدينا معلومات عن 16 ألفا و200 شخص ارتكبوا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية من النظام.

بالتالي، نحن لا نستطيع أن نحاسب 16 ألفا و200 شخص بسبب العدد الضخم لمرتكبي الانتهاكات. وهذا الأمر يدفعنا إلى وضع معايير للمضي قدما في المحاسبة، والمعيار الأساسي يكون متمثلا بمحاسبة الصفوف العليا مثل قادة الجيش والفروع الأمنية والصفوف السياسية، ولا يستثني ذلك محاسبة المتورطين بجرائم اقتصادية عبر تمويل النظام بمبالغ ضخمة.

وبسبب ما أوردته من عدد ضخم من مرتكبي الانتهاكات، فعلينا في شق المحاسبة الجنائية استهداف المسؤول الأكبر عن الانتهاكات وهي الصفوف العليا من النظام الذي ارتكب 90 بالمئة من الانتهاكات في سوريا.

أما بالنسبة للمحاسبة غير الجنائية، فهذه تستهدف الصفوف الدنيا من مرتكبي الانتهاكات مثل الصف الثالث والرابع والخامس ما إلى ذلك. وهذه الفئة يتم استدعاؤها من قبل لجان الحقيقة والمصالحة من أجل تقديم الاعتراف والاعتذار ودفع التعويضات للضحايا.

كل ما تحدثنا عليه هو متمثل بالمسارات الأربعة التي يجب أن تعمل مع بعضها بشكل متواز، لأن مسار المحاسبة في سوريا مشاق ومعقد ومتداخل بسبب نتيجة الكم الهائل من الانتهاكات.

وهل من الممكن تحقيق العدالة من خلال المحاكم المحلية فقط أم هناك إمكانية لإشراك المجتمع الدولي في دعم عملية؟

بالنسبة للمحاكم، هناك أيضا أكثر من مسار، المسار الأول يتمثل في المحكمة الجنائية الدولية التي تعمل في الدول المصادقة على ميثاقها من أجل التحقيق بالجرائم المرتكبة على أراضي هذه الدولة. وفي حال لم تكن الدولة مصادقة على الميثاق فمن الممكن أن يكون هناك إجبار من مجلس الأمن يحيل الوضع إلى المحكمة الجنائية الدولية.

نظام الأسد سواء الأب أو الابن لم يصادق على ميثاق المحكمة وكذلك مجلس الأمن رفض الإحالة بسبب الفيتو الروسي بداية عام 2014، ما حال دون عمل المحكمة الجنائية الدولية في سوريا.

لكن من الممكن العمل بأثر رجعي من خلال الاستثناء الموجود في ميثاق المحكمة، والذي يسمح للدول غير الأطراف مثل سوريا بقبول اختصاص المحكمة بشأن جرائم محددة ارتكبت في سوريا.

ونوصي نحن في الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن تعطي الحكومة هذا الاستثناء للمحكمة الجنائية الدولية، وهذه فرصة تاريخية للحكومة للتأكيد على التزامها الممثل بشكل كبير بالمحكمة الجنائية، وإرسال رسالة للضحايا ومرتكبي الانتهاكات.

ولا تحاكم الجنائية الدولية عددا كبيرا من مرتكبي الانتهاكات، حيث تحاكم ما يقرب من 5 إلى 6 أشخاص بالحدث الأعلى بالإضافة إلى القيادات الكبرى المسؤولة عن ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في سوريا.

◼ ماذا عن مسار المحاكم الوطنية؟
هذا المسار يحتاج إلى عمل كبير لأنه يتطلب في المقام الأول وجود إصلاح قضائي يشمل استقلالية القضاء وإصلاح القوانين وتضمينها بالقوانين المعنية بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. وهذا يحتاج جهد وتدريب للمحامين والقضاة لأننا لا نملك خبرة بالتعامل مع مجال جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية.

ولا بديل عن هذا المسار لأن المحاكم الوطنية هي التي ستحاسب الكم الأكبر من مرتكبي الانتهاكات في سوريا.

حدثتنا عن لجان الحقيقة والمصالحة.. ما مهام هذه اللجان؟

هذه اللجان تأتي تحت مظلة هيئة العدالة الانتقالية، وتكون مسؤولة عن استدعاء عشرات الآلاف وربما مئات الآلاف من المتورطين بارتكاب انتهاكات مثل دعم اقتصادي وسياسي أو انخراطهم في أجهزة النظام مثل المستشفيات العسكرية والمؤسسات الدينية والفنانين والممثلين والمثقفين الذين دعموا النظام وبرروا جرائمه.


كثير من الجهات تدخل ضمن إطار لجان الحقيقة والمصالحة، بعيدا عن الـ16 ألفا الذين تحدثنا أنهم ارتكبوا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في سوريا.

تطلب اللجان من هؤلاء الاعتراف بما قاموا به بعد مواجهتهم مع الضحايا وتقديم الاعتذار العلني عن انتهاكاتهم. ومن الممكن أن تفرض اللجان على هؤلاء أن ينخرطوا بمبادرات أهلية واجتماعية مع الضحايا بشكل أساسي. وهذا المسار يستهدف مرتكبي الانتهاكات وداعمي النظام بالعزل السياسي أيضا.

بعد تحقيق هذه المسارات، ما الذي يتبقى؟

النقطة التالية في هذا المسار هو إصلاح المؤسسات. ونقصد من إصلاح المؤسسات هو إعادة العمل على هيكلة المؤسسات المتورطة بالانتهاكات مثل الجيش والأمن والسلطة القضاء بشكل أساسي.

يأتي بعد ذلك التعويضات التي يجب أن تقدم للضحايا وذويهم. وهذا أمر صعب في سوريا بسبب وجود ملايين الضحايا سيما أن على الدولة أن تقود هذا المسار بشكل أسياسي والدولة الآن منهكة اقتصاديا بشكل كبير، الأمر الذي من شأنه أن يحجب التعويضات عن قسم كبير من الضحايا، لكن هذا هو الواقع الأليم الناجم عن حجم الانتهاكات الهائلة التي ارتكبها الأسد.

النقطة الأخيرة في هذا المسار هو تخليد ذكرى للأشخاص الذين كانوا مؤثرين وفاعلين وقدموا تضحيات هائلة في سبيل تحرير سوريا. ويجب هنا أن تقوم اللجان باختيار هؤلاء الأشخاص وفق محددات معينة تراعي التنوع المناطقي والديني والعرقي، بالإضافة إلى ضرورة التركيز على دور النساء اللواتي ساهمن في تحقيق هذا الانتصار.

مقالات مشابهة

  • عودة النزاع في الكونغو.. تعليمات من الرئيس تبون للمُساعدة في جهود الوساطة
  • إستئناف النزاع في الكونغو.. تعليمات من الرئيس تبون للمُساعدة في جهود الوساطة
  • الجزائر تؤكد موقفها الثابت في دعم القضية الفلسطينية خلال استقبال الشيخ عكرمة صبري
  • "رجال الأعمال" تستعرض التجارب الدولية في تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة
  • خبير حقوقي: مطلب ترامب بتهجير الفلسطينين إلى مصر والأردن «بلطجة»
  • مارين لوبان: سأفعل بالجزائر ما فعله ترامب مع كولومبيا (فيديو)
  • بعد تأجيل زيارة بركة لمشروع الربط المائي بالشمال... بايتاس يقول إن الزيارة ستتم حين تنتهي التجارب
  • عربي21 تحاور مدير الشبكة السورية حول آليات تحقيق العدالة الانتقالية (شاهد)
  • عربي21 تحاور مدير الشبكة السورية حول آليات تحقيق العدالة الانتقالية
  • المحكمة الإدارية الفرنسية تؤكد صحة قرار الجزائر في قضية المؤثر نعمان بوعلام