التهريج والإسفاف بصورته المتلفزة
تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
أسوأ إعلامي تشاهده على الشاشة هو الجاهل الذي يدعي المعرفة، وهو لا يعرف شيئا. .
عندنا في العراق نخبة واعية مثقفة من الإعلاميين الاكفاء، ومن مقدمي البرامج، الذين يمتلكون مهارة عالية في النقاش والتحاور المهني القائم على الأسس العلمية الرصينة. لكن المؤسف له وجود بعض المفلسين المنفلتين الذين أوصلهم غباؤهم إلى الاستعانة بالثرثرة وبذاءة اللسان، حتى جاء اليوم الذي فضحوا فيه انفسهم ووقعوا في شر أعمالهم.
مثال على ذلك الحلقة التي قدمها (قحطان عدنان) بتاريخ 18 / 12 / 2024 من خلال برنامجه (بمختلف الآراء) على قناة (وان نيوز)، فظهر متهجما وساخرا من رجل معمم كان يعتلي المنبر في المسجد، ويقرأ قصيدة منسوبة لعلم من أعلام التصوف في العصر العباسي، هو أبو عبد الله حسين بن منصور الحلاج (858 – 922). اشتهر برائعته التي يقول في مطلعها: (والله ما طلعت شمسٌ ولا غربت إلا وحبك مقرون بأنفاسي). .
كان الحلاج فيلسوفاً اتخذ من التصوف طريقاً لإحقاق الحق، ونصرة المظلومين، ومحاربة الظالمين, فلم يرق كلامة للحاكم العباسي (المقتدر بالله) لتأثيره على الناس، فقرر التخلص منه من خلال اتهامه بالكفر والزندقة، وقرر تقطيع أطرافه، وحرق جسده وهو مصلوب على شجرة، فمات مصلوباً رحمه الله حتى تحول رماداً. .
هذا هو (الحلاج) الذي يزعم قحطان التعبان ان هذه القصيدة من إبداعات (كاظم الساهر)، ولا ندري كيف حوّل (الساهر) هذه القصيدة الدينية إلى قصيدة طربية، على الرغم من شيوعها بين رواد المدارس الصوفية. .
فخرج علينا قحطان مجلجلا مطبلا كعادته، وهو لا يفهم شيئا عن جوهر القصيدة، ولا يعرف قائلها، ولا بالظلم الذي وقع عليه. .
قال قحطان التعبان: (شايف الكثير من السرقات، لكنني لم اسمع برجل دين يسرق أغنية من كاظم الساهر). ثم يقهقه القحطان ويكمل: (هاي ما شايفها. . هاي جديدة، والله العظيم هاي جديدة)، ويواصل قهقهته بثقة عالية. .
هكذا يجري تسويق الغباء والتخلف في بعض الفضائيات العراقية التي أساءت إلى أصول المهنة، وأساءت إلى الأدب العربي، وشوهت صورة التاريخ الإسلامي. .
كان من المفترض ان تتحرى ادارة القناة وتبحث في الجوجل على اقل تقدير لترى الشروحات المفصلة عن هذه القصيدة وقائلها، ولترى كيف تحولت إلى ترنيمة صوفية شائعة ومتداولة في دور العبادة، فهي ليست أغنية وجدانية، ولا تتضمن كلمات غزلية، فقد حرص الشاعر على مخاطبة الرسول الأعظم ومناجاة رب العباد بكلمات بليغة. .
لكن المصيبة الأعظم هو هذا التجاوب بين قحطان وجمهوره التعبان. الذين تضامنوا معه في التهريج والتضليل والإسفاف. .
كلمة اخيرة: إذا اصبحت بعض الفضائيات منصات للتهريج فليس بالضرورة ان يتحول مقدم البرامج إلى طبال (طبلچي). .
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
روبيو: ترامب الوحيد في العالم الذي يستطيع جلب بوتين إلى طاولة المفاوضات
قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو الشخص الوحيد في العالم الذي يستطيع جلب بوتين إلى طاولة المفاوضات
أضاف وزير الخارجية الأمريكي بأنهم في أمريكا جاهزون للانخراط مجددا مع الأوكرانيين إذا كانوا مستعدين للسلام، في بادرة انفراجة ممكنة إذا ما أبدت أوكرانيا عزمًا في المضي قدمًا.
أردف وزير الخارجية الأمريكي بأنه لا يمكن تحقيق السلام دون الحديث مع روسيا ومعرفة مطالبها، ذاكرًا إنه سأل نظرائه الأوروبيين عن خطتهم لإنهاء الحرب في أوكرانيا وإنه لم يخرج بشئي فلم يسمع أفكارا من أي منهم.
يأتي ذلك فيما ذكر المتحدث باسم الحكومة البريطانية، بأن رئيس الوزراء كير ستارمر وميلوني رئيسة وزراء إيطاليا اتفقا على أهمية التحالف عبر الأطلسي لمواجهة التحديات وأكدا عزم لندن وروما على الوقوف إلى جانب كييف مهما طال الوقت.