فن إدارة التغيير: النموذج السوري (2)
تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT
المقدمة:
تحدثنا في الجزء الأول عن مفهوم العملية التغييرية المجتمعية ومدى تعقيدها والحاجة الماسة إلى فريق مؤهل في إدارة التغيير لإدارة هذه المرحلة، مع العلم أن الأبحاث تثبت أن أكثر من 70 في المئة من عمليات إدارة التغيير تبوء بالفشل. ولقد تعرفنا في الجزء الأول على عدد من الآليات الرئيسية التي قد تزيد من فرص نجاح عملية التغيير في سوريا الحبيبة وفي كل بلد حر يسعي للتغيير أو يعاني من عملية تغيير فاشلة يسعي لإصلاحها، ونستكمل الجزء الثاني منها في مقال اليوم.
رابعا: الحفاظ على الحاضنة الشعبية وتقويتها:
يعتبر الحفاظ على حجم الحاضنة الشعبية وزيادتها من أكثر الأهداف حساسية في إدارة أي تغيير مجتمعي، خاصة أن تلك الحاضنة تكون الهدف الرئيسي للقوي المعادية للتغيير والقوى المقاومة له، ويجب تجييش كل الأدوات من أجل إعلاء مفهوم ورؤية الثورة وتجنب الوقوع في فخاخ قوي الماضي أو في أحد ثلاثة مصائد كما يلي:
يعتبر الحفاظ على حجم الحاضنة الشعبية وزيادتها من أكثر الأهداف حساسية في إدارة أي تغيير مجتمعي، خاصة أن تلك الحاضنة تكون الهدف الرئيسي للقوي المعادية للتغيير والقوى المقاومة له، ويجب تجييش كل الأدوات من أجل إعلاء مفهوم ورؤية الثورة وتجنب الوقوع في فخاخ قوي الماضي
أولا: أن تقوم مجموعة معينة بتكوين مجلس رئاسي لإدارة البلاد ويقومون بعقد الاجتماعات المغلقة، ورغم كونهم يحملون رؤية تغييرية ثاقبة يبدأ التواصل مع الحاضنة الشعبية في الخمول وهذا خطير جدا على العملية التغييرية، ولهذا يجب أن يكون التواصل مع الشارع دائما ومتصلا باستخدام كل الأدوات والقنوات المتاحة.
ثانيا: أن يمضي قائد العملية التغييرية (رئيس الحكومة) وقتا كبيرا في إلقاء الخطب وعمل اللقاءات، مع عدم التأكد من كون اللغة المستخدمة مفهومه من الجميع، خاصة طبقات الشعب المختلفة، وأن أسئلة الشارع يتم إجاباتها أولا بأول.
ثالثا: ترك المجال مفتوح لقوي الماضي أو ما يعرف بالدولة العميقة للتأثير على الحاضنة الشعبية، وعدم التقليل من قدرات قوى الماضي وعدم السماح لهم بالتواجد مطلقا على الساحة السياسية أو الإعلامية، لأن هذا يخلق حالة من البلبلة تشكك الشعب في قيادته الثورية وتهدد عملية التغيير.
خامسا: القيام بإزالة كل المعوقات والتعامل الصارم مع قوي الماضي:
لا بد من العلم بأن الثورات مثلها مثل أي عملية تغييرية تنجح مع زيادة المؤيدين لها، وهنا يجب الإبداع في عمليات ضم مؤيدين جدد والبدء بمن هم على الحياد (حزب الكنبة)، فلا بد من استحداث آليات لضم الغالبية العظمي لحزب الثورة.
ويجب أن تعلم القيادة الثورية بأن كل قرار تتخذه سوف يلعب دورا هاما في تحديد ملامح المرحلة والتصدي لكل المعوقات، ولهذا فيجب أن تكون هناك صلاحيات كبيرة لمجلس قيادة الثورة والحكومة الثورية للقيام بذلك.
ويجب العلم بأن استراتيجيات المعركة بين الحق (الثورة) والباطل (قوى الماضي ومن يعينهم) تتطلب تقليم أظافر عدوك إذا ما تمكنت، ولهذا فإن من أهم آليات صناعة عملية تغييرية ناجحة هي مصادرة أدوات (أموال) وممتلكات كل من كان جزءا من نظام بشار الأسد، وأن لا يسمح لهذه القوى بامتلاك قنوات إعلامية تبث من داخل البلاد وسحب التراخيص منهم، وأن يتم ذلك من خلال محاكمات سريعة تخضع لقوانين طارئة وتمثل روح الثورة ويد العدالة الثورية.
سادسا: التخطيط الهيكلي لتحقيق إنجازات محددة على المدى القصير:
الإنجازات قصيرة المدي هي عامل رئيسي في إنجاح عملية التغيير، خاصة عندما يكتشف الناس بعد فترة قصيرة أن التغيير المجتمعي يحتاج إلى وقت طويل وإلى مصادر للتمويل وتتدخل فيه أبعاد سياسية كثيرة، فلا بد للقيادة الثورية أن تكون مستعدة ومؤهلة لهذه المرحلة
عمليات التغيير المجتمعية والتحول من الدولة الديكتاتورية إلى الديمقراطية هي عملية معقدة ولها مراحل متعددة، وتستلزم مجهودات خارقة على كل المستويات، المشكلة أن القاعدة التغييرية تؤكد أن معظم الناس سيبدأ الميل إلى الانضمام للطرف المحايد إذا لم يرَ إنجازات واضحة في خلال 6 إلى 12 شهر الأولي، وهي الفرصة التي تنتظرها دائما قوى الدولة العميقة للانقلاب على الثورة.
وهنا يأتي دور ما يعرف بمراكز الجذب التغييري، والتي تتحكم في أداء الحكومة في المجالات المختلفة مثل التعليم والصحة والاقتصاد والحريات ومعدلات النمو وغيرها كثير ليس هذا مكانها، ولكن هناك آليات لتحديدها وقياس مدى تأثيرها على عملية التغيير لكي يتم تحديدها وتوظيفها.
ولكننا يجب أن نعي أن هناك فرقا كبيرا بين صناعة الإنجازات قصيرة المدى، وبين العمل بجد وأمانة واجتهاد والانتظار لكي تحدث الإنجازات، فالأول إيجابي والثاني سلبي، فالأول يتطلب تخطيطا محكما بأهداف واضحة وآليات تنفيذ تضمن حدوثه في توقيتات محددة على المدى القصير كما تحتاج إلى ظهير شعبي يؤيدها وإعلام محترف يروج لها وقوة تحميها، واتفق الدارسون على أن تلك الفترة لا يجب أن تزيد عن 6 أشهر.
إن الإنجازات قصيرة المدي هي عامل رئيسي في إنجاح عملية التغيير، خاصة عندما يكتشف الناس بعد فترة قصيرة أن التغيير المجتمعي يحتاج إلى وقت طويل وإلى مصادر للتمويل وتتدخل فيه أبعاد سياسية كثيرة، فلا بد للقيادة الثورية أن تكون مستعدة ومؤهلة لهذه المرحلة وشبيهاتها حتى تحط السفينة على شاطئ مستقبل آمن ودولة مزدهرة مستبشرة.
يتبع..
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا الثورة سوريا انجاز ثورة تغيير مدونات مقالات مقالات مقالات اقتصاد صحافة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك من هنا وهناك سياسة سياسة من هنا وهناك سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحاضنة الشعبیة عملیة التغییر یجب أن
إقرأ أيضاً:
ترفيع أبو حسين الأردني إلى رتبة عميد في الجيش السوري
كشفت الترفيعات الأخيرة في الجيش السوري الجديد، عن قيادي أردني برتبة عميد، بحسب موقع "عمون" المحلي.
وفيما لم تشر الترفيعات إلى جنسياتهم، إلى أن الموقع أشار إلى أن عبد الرحمن حسين الخطيب هو (أبو حسين الأردني).
في وقت سابق، أعلنت قيادة الجيش السوري ترقية عشرات الضباط بينهم وزير الدفاع، وهم من قادة وعناصر فصائل المعارضة التي تم حلها.
وكشف بيان نشرته القيادة العامة للجيش، عن ترقية وزير الدفاع مرهف أبو قصرة إلى رتبة لواء، بالإضافة إلى ترقية نحو 50 ضابطا، تضمنت ترفيع ضابطين إلى رتبة لواء، و5 إلى رتبة عميد، والبقية إلى رتبة عقيد، وذلك ضمن عملية لتحديث القوات المسلحة.
وقد عينت إدارة العمليات العسكرية بسوريا قبل أكثر من أسبوع، مرهف أبو قصرة، وزيرا للدفاع في حكومة تصريف الأعمال السورية.
وشغل أبو قصرة منصب القائد العام للجناح العسكري لهيئة تحرير الشام، ويعد أحد أبرز قادة إدارة العمليات العسكرية التي أطاحت بنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
كان أبو قصرة صرح قبل أيام أن كل الفصائل المعارضة ستنضوي ضمن مؤسسة عسكرية جديدة.
وذكر البالغ من العمر (41 عاما)، أن "بناء المؤسسة العسكرية هو خطوة قادمة بالتأكيد، ويجب أن تنضوي كل الوحدات العسكرية بما فيها الجناح العسكري للهيئة تحت هذه المؤسسة".
وتابع: "عقلية الفصيل لا تتوافق مع عقلية الدولة التي تعتزم السلطة الجديدة بناءها".
وأكد أن الجناح العسكري لهيئة تحرير الشام سيكون من المبادرين إلى الحل، لـ"تحقيق المصلحة العامة للبلاد".
وجاء الإعلان حينها، عقب لقاء جمع القائد أحمد الشرع، ومرهف أبو قصرة، بمجموعة كبيرة من قادة الفصائل السورية.
وأعلنت إدارة العمليات العسكرية، أن اللقاء نوقش فيه شكل المؤسسة العسكرية في سوريا الجديدة.
وأبو قصرة، يعرف باسم "أبو الحسن الحموي"، أو "أبو الحسن 600"، وهو مهندس زراعي من مواليد مدينة حلفايا بريف حماة، والقائد العسكري لهيئة تحرير الشام.
وكان رئيس الاستخبارات العامة، أنس خطاب، تعهد السبت بـ"إعادة هيكلة" المنظومة الأمنية في البلاد بعد حلّ كل فروعها، بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية (سانا).
وقال خطاب في بيان؛ إنه "سيعاد تشكيل المؤسسة الأمنية من جديد، بعد حلّ الأفرع الأمنية كافة، وإعادة هيكلتها بصورة تليق بشعبنا وتضحياته".