التوقف الإيراني يفاقم أزمة الكهرباء: 5500 ميغاواط مفقودة
تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT
30 ديسمبر، 2024
بغداد/المسلة: يعاني العراق من أزمة مستمرة في قطاع الطاقة، إذ يشير الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي إلى ضعف البنية التحتية ووجود العديد من التحديات التي تؤثر بشكل مباشر على توفير الكهرباء بكفاءة في البلاد.
و وفقًا لبيانات وزارة الكهرباء، فإن إجمالي إنتاج الطاقة الكهربائية في العراق لعام 2023 بلغ حوالي 18 ألف ميغاوات، لكن من هذا الرقم، 13 ألف ميغاوات يتم توليدها من المحطات الغازية.
وهذا يظهر بشكل جلي تأثير توقف الغاز الإيراني، الذي تسبب في خروج 5500 ميغاوات من المنظومة الكهربائية، مما يزيد من حدة الأزمة.
إحدى القضايا الرئيسية التي أشار إليها المرسومي هي الفجوة الكبيرة بين الطاقة المتاحة والطلب الفعلي، فبالرغم من أن الطاقة المتاحة تقدر بحوالي 9,000 ميغاوات/ساعة، إلا أن هذا الرقم لا يكفي لتلبية احتياجات البلاد، حيث يقل بنسبة 20% عن الطلب الأساسي، ما يخلق مشكلة كبيرة في تأمين الطاقة للمواطنين والمشاريع الصناعية.
وبينما تتوجه الحكومة العراقية نحو الحلول الطويلة الأمد، مثل استثمار 30 مليار دولار لتحسين الشبكة الكهربائية، فإن التوقعات تشير إلى أن العراق سيحتاج إلى وقت طويل، قد يمتد حتى عام 2025، لكي يتمكن من استعادة استقرار كامل في شبكته الكهربائية. يشير ذلك إلى أزمة هيكلية حقيقية، ما يطرح تحديات كبيرة أمام الحكومة في حل هذه الأزمة بأسرع وقت ممكن.
لكن الأمور لا تتوقف عند هذا الحد. فالعراق، رغم أنه يعد من أكبر منتجي النفط في العالم، إلا أنه يعاني من ضعف في البنية التحتية اللازمة لتخزين ونقل الغاز، مما يجبره على استيراد الغاز من إيران لتلبية احتياجاته المحلية. هذه العلاقة تعتمد بشكل كبير على السياسة والاقتصاد بين البلدين، مما يزيد من تعقيد الوضع. المرسومي يوضح أن 43% من إنتاج الطاقة الكهربائية في العراق يعتمد على الغاز الإيراني المستورد، وفي المقابل يستورد العراق حوالي 3,000 ميغاوات من الطاقة الكهربائية عبر أربعة خطوط نقل كهربائية، ما يعادل 17% من إجمالي الطاقة المنتجة في العراق خلال عام 2023.
توقف إيران عن تزويد العراق بالغاز والكهرباء سيكون له تأثير كارثي على إنتاج الطاقة الكهربائية في العراق، إذ يمكن أن يتسبب هذا في تخفيض الإنتاج بنسبة تصل إلى النصف. وبينما يبقى العراق يعتمد على هذه الموارد الخارجية، فإن التحدي الأكبر يبقى في تأمين استدامة هذه الإمدادات، خصوصًا أن إيران قد تواجه صعوبات في تلبية احتياجات العراق في السنوات المقبلة.
من جهة أخرى، يتجلى ضعف القدرة المحلية في قطاع الطاقة من خلال نقص العمالة المهنية المؤهلة والصعوبات التي تواجهها المحطات الكهربائية في عمليات الصيانة والتشغيل. هذا النقص يؤثر بشكل مباشر على كفاءة الشبكة وقدرتها على تلبية احتياجات السكان.
ومع استمرار الاعتماد على الوقود الأحفوري كمصدر رئيسي للطاقة، يزداد العبء المالي على العراق، حيث أن تكاليف إنتاج الطاقة ترتفع بشكل ملحوظ، بالإضافة إلى التأثيرات البيئية السلبية المترتبة على استخدام هذا المصدر. في الوقت ذاته، تظل مسألة تنويع مصادر الطاقة والتوجه نحو الطاقة المتجددة من الأولويات التي تحتاج إلى مزيد من الدعم والاستثمار لتحقيق توازن طاقي مستدام.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: الطاقة الکهربائیة الکهربائیة فی إنتاج الطاقة فی العراق
إقرأ أيضاً:
بغداد في مواجهة أزمة الكهرباء: بين المولدات الأهلية ووعود الحكومة الفارغة
أبريل 6, 2025آخر تحديث: أبريل 6, 2025
المستقلة/- يبدو أنَّ أزمة الكهرباء في بغداد تستعد لتحطيم أرقامها القياسية هذا الصيف، حيث تتجه العاصمة العراقية إلى مواجهة ساخنة مع التيارات الكهربائية وارتفاع أسعار الأمبيرات، وسط ما يُعدّه المواطنون تدهورًا متزايدًا في مستوى الخدمات.
بحسب ما أعلن صفاء المشهداني، رئيس لجنة الطاقة في مجلس محافظة بغداد، فإن العاصمة العراقية تعتمد على نحو 18 ألف مولدة كهربائية، بين حكومية وأهلية، لتغطية احتياجات المواطنين. لكن الحقيقة الأبرز تكمن في تفاوت أسعار الأمبير بين المناطق، إذ أنَّ أكثر من 5 آلاف مولدة تعمل خارج النظام الرسمي، ما يسبب انفجارًا في الأسعار.
وعدٌ جديد في الهواء!على الرغم من إعلان وزارة الكهرباء عن إنتاج غير مسبوق للطاقة بلغ 28 ألف ميغاواط، فإن هذا الرقم لا يزال بعيدًا عن تلبية ذروة الطلب التي تجاوزت 42 ألف ميغاواط في صيف العام الماضي. مما يعني أنَّ المولدات الأهلية ستكون الحل البديل، لكن الحل المكلف الذي يرهق جيوب المواطنين الذين يعانون من ارتفاع الأسعار.
أرقام صادمة، إذ يصل سعر الأمبير في بعض المناطق إلى 20 ألف دينار شهريًا، مقابل خدمةٍ متقطعة لا تكفي حتى لتشغيل الأجهزة المنزلية الأساسية. ووفقًا لشهادات سكان في مناطق عدة، فإن الانقطاع اليومي في الكهرباء يتراوح بين ساعتين وثماني ساعات، ليضفي معاناة إضافية على حياة المواطنين.
مأساة أصحاب المولدات: بين الوقود والأسعارعلى الرغم من كونهم الواجهة الوحيدة للكهرباء في العديد من المناطق، فإن أصحاب المولدات ليسوا في وضع أفضل، حيث يشكون من ارتفاع أسعار الوقود وصعوبة الحصول عليه. يقول محمد مهدي صادق، صاحب مولدة في بغداد: “الحصة الوقودية التي نأخذها من الدولة لا تكفي، ما يجبرنا على شراء الوقود من السوق السوداء بأسعار مضاعفة، وهذا يجعلنا في مواجهة مع الأهالي الذين يطالبون بأسعار معقولة.”
ورغم أنهم يُواجهون الأزمة ذاتها التي يعاني منها المواطنون، يضطر أصحاب المولدات لتغطية هذه الفجوة بتوفير قطع غيار باهظة الثمن وصيانة مستمرة للمولدات التي تعاني من أعطال متكررة. ولكن ما يثير الجدل هو أنه بالرغم من هذه المعاناة، لا يزال التفاوت في الأسعار والخدمات يسبب حالة من التوتر بين المواطنين وأصحاب المولدات.
الحكومة في مرمى الاتهامما يعزّز الغضب الشعبي هو غياب الحلول الحقيقية من جانب الحكومة، حيث اكتفت بتقديم وعود فارغة وتسجيل أرقام قياسية في الإنتاج التي لا تُترجم على أرض الواقع. بينما يستمر المواطنون في تحمل التكاليف الباهظة للحصول على خدمةٍ لا تتناسب مع احتياجاتهم اليومية.
لقد أصبحت أزمة الكهرباء في بغداد خلافًا سياسيًا وإداريًا بامتياز، فهي مسألة حياة أو موت للكثيرين، بين من يطالب بالحلول العاجلة من الحكومة، وبين من يضع اللوم على الحصص الوقودية المحدودة التي تُديرها الدولة.
هل ستظل بغداد في الظلام؟ما يثير القلق الآن هو استمرار تزايد الطلب على الكهرباء مع قدوم فصل الصيف، الأمر الذي يهدد بشبح الظلام في بغداد، ما لم تُتخذ إجراءات حاسمة وفعالة. ولكن هل هناك فعلاً إرادة سياسية لتغيير الواقع؟ أم أن المواطن سيظل الضحية في معركة الكهرباء التي لا تنتهي؟