تبرير الأخطاء: جسرٌ إلى الفساد الأخلاقي
تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT
في حادثة مؤسفة تعكس أحد جوانب التهاون الأخلاقي، اتهمت موظفة استقبال أحد المرضى بالكذب علنًا، ثم أضافت إهانة إلى الإهانة بإرسال المريض إلى وزارة الصحة إذا لم يعجبه الوضع!
هذا التصرف، الذي يُعد انتهاكًا واضحًا لحقوق المريض واحترامه، قوبل بتبريرات واهية من بعض الأطراف، مثل كون الموظفة هي العائل الوحيد لعائلتها، أو أن والدتها قد أجرت عملية جراحية مؤخرًا، أو حتى الإشارة إلى وجود ترقية تنتظرها.
ثقافة التبرير: استسهال الخطأ
تُعَدّ ظاهرة تبرير الأخطاء واحدة من أكثر السلوكيات تدميرًا للنسيج الأخلاقي للمجتمع. عندما نتجاوز عن أخطاء واضحة، بحجة الظروف الشخصية أو المهنية، فإننا نُرسّخ ثقافة تجعل من “مشي الحال” معيارًا مقبولًا. وهذه الثقافة ليست سوى الدرجة الأولى من درجات الفساد الأخلاقي. إذا لم يكن الخطأ يُدان ويُصحَّح، فإنه يتحول إلى سلوك متكرر ومقبول، ممّا يفتح الباب أمام تجاوزات أكبر وأكثر خطرًا.
الله سبحانه وتعالى قد حذّرنا في كتابه الكريم من الشفاعة السيئة وتبعاتها. قال تعالى:
“مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا ۖ وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا” (النساء: 85).
وهذا يشير بوضوح إلى مسؤولية كل فرد في قول الحق، وعدم التسامح مع الأخطاء التي تضر الآخرين.
التبرير وسقوط العدالة
تبرير الأخطاء يقوِّض العدالة، لأن في التبرير تكريسًا لفكرة أن هناك أشخاصًا فوق المحاسبة. الموظفة في هذه الحالة، تجاوزت حدود وظيفتها، وأساءت إلى مريضٍ يحتاج إلى الرعاية، وليس إلى التعامل غير المهني. عندما يتجاهل المسؤولون محاسبتها بحجة ظروفها الشخصية، فإنهم يرسلون رسالة بأن الأخلاق يمكن التغاضي عنها إذا كانت هناك أعذار.
كيف نحارب ثقافة التبرير؟
محاربة ثقافة التبرير تبدأ من تعزيز مفهوم المسؤولية الفردية والمجتمعية. لا بدّ من التفرقة بين تفهُّم الظروف الشخصية، وبين تبرير السلوكيات الخاطئة. كما يجب أن يكون هناك نظام محاسبة واضح وشفاف يُطبَّق على الجميع دون استثناء. الأخطاء البشرية مقبولة عندما تُقابل بالاعتذار والتصحيح، لكنها تصبح كارثية عندما تُقابل بالتبرير والتغاضي.
الختام
تبرير الأخطاء ليس سوى بوابة صغيرة إلى فساد أكبر. إذا أردنا بناء مجتمع يسوده العدل والاحترام، فعلينا أن نكون حازمين في رفض هذه الممارسات، وأن نعمل على تصحيحها بدلًا من تبريرها. التهاون في الأمور الصغيرة يؤدي إلى انهيار الأخلاق، وهو ما لا يمكننا السماح به في مجتمعٍ يطمح إلى التقدم والتنمية.
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
منصة رقمية وشفافية مع الشكوى.. تعديلات لائحة نظام حماية البيانات الشخصية
طرحت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي تعديلات جديدة على اللائحة التنفيذية لنظام حماية البيانات الشخصية، عبر منصة ”استطلاع“ بهدف إضفاء مزيد من الوضوح على الإجراءات والضوابط التنظيمية.
تأتي هذه المبادرة امتدادًا لجهود المملكة في حماية حقوق الأفراد وضمان أعلى مستويات الأمان في التعامل مع بياناتهم، ضمن رؤية شاملة تضع تعزيز الثقة بالخدمات الرقمية أولوية وطنية.
أخبار متعلقة تأكيدًا لأهميتها.. تفعيل اليوم العالمي للغة الإنجليزية في الظهرانالداخلية لـ "اليوم": عقوبات مخالفي تعليمات الحج تبدأ اليوم وتصل 100 ألف ريالمنصة رقمية لدعم الالتزام
شملت التعديلات إنشاء منصة إلكترونية تابعة للجهة المختصة، تهدف إلى تقديم خدمات مساندة وأدوات تطبيقية تسهم في تنفيذ أحكام النظام واللائحة، بما في ذلك الربط مع السجل الوطني لجهات التحكم. هذه المنصة ستمثل نافذة موحدة تسهل الإجراءات على الجهات والأفراد، وتسرع وتيرة الامتثال للمعايير الجديدة.
وبحسب التعديلات، يتعين على جهة التحكم تقديم المعلومات بلغة مبسطة ومفهومة، لتسهيل استفادة أصحاب البيانات من حقوقهم المنصوص عليها، ومن أبرزها حق الحصول على نسخة واضحة ومقروءة من بياناتهم، وفق الضوابط المحددة.التزامات دقيقة في سياسة الخصوصية
ركزت التعديلات الجديدة على رفع معايير إعداد سياسة الخصوصية، حيث ألزمت جهات التحكم بصياغتها بلغة واضحة، تراعي مستويات الفهم المختلفة بين فئات المستفيدين، مع ضرورة توافقها مع اللغة المستخدمة في الخدمات أو المنتجات المقدمة. هذه الخطوة تعزز قدرة الأفراد على فهم كيفية التعامل مع بياناتهم وتزيد من الشفافية في العلاقة بين مقدمي الخدمات والمستهلكين.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } تعديلات جديدة على اللائحة التنفيذية لنظام حماية البيانات الشخصية تنظيم دقيق للمواد الدعائية والتسويقية
أولت التعديلات عناية خاصة بتنظيم إرسال المواد الدعائية والتسويقية، حيث اشترطت الحصول على موافقة صريحة وحرة من المتلقي، مع حظر استخدام الوسائل المضللة. كما ألزمت التعديلات الجهات المرسلة بتمكين الأفراد من تخصيص اختياراتهم الدعائية، وتوثيق موافقتهم بوسائل قابلة للتحقق مستقبلاً.
وفي حال قرر صاحب البيانات التراجع عن موافقته على المعالجة لأغراض تسويقية، يلزم جهة التحكم التوقف الفوري دون تأخير غير مبرر، ما يعزز احترام رغبة الأفراد وإرادتهم في التحكم ببياناتهم.دور حيوي لمسؤول حماية البيانات
ومن أبرز ملامح التعديلات كذلك، الإلزام بتعيين مسؤول لحماية البيانات الشخصية داخل كل جهة تحكم، مع ضرورة توثيق بياناته لدى الجهة المختصة عبر المنصة الإلكترونية. يتولى هذا المسؤول أدوارًا محورية، تشمل متابعة الالتزام بالنظام، تلقي الطلبات والشكاوى، الإشراف على سجلات أنشطة المعالجة، ومعالجة المخالفات، إضافة إلى تنفيذ إجراءات تقويم الأثر وإعداد تقارير التدقيق الدوري.
فرضت التعديلات وجوب تسجيل جهات التحكم في السجل الوطني لجهات التحكم، في حالات محددة أبرزها: إذا كانت الجهة عامة، أو كان نشاطها الرئيس معالجة البيانات الشخصية، أو في حال نقل البيانات خارج المملكة، أو معالجة بيانات حساسة أو بيانات قاصرين.
خصص لكل جهة تحكم سجل خاص ضمن المنصة، يتضمن بيانات أنشطة المعالجة، وغيرها من المعلومات والوثائق ذات الصلة. كما شمل الإلزام الأفراد الذين تتجاوز معالجتهم للبيانات الاستخدام الشخصي أو العائلي، ما يعزز الإحاطة الشاملة بحركة البيانات في كافة القطاعات.آلية التعامل مع الشكاوى: سرعة وشفافية
لم تغفل التعديلات عن تعزيز آليات التعامل مع الشكاوى، حيث نصت على استقبالها عبر وسائل محددة، مع قيدها في سجل رسمي، وفحصها بدقة، والتواصل مع المشتكين حسب الحاجة. ويُطلب أن تتضمن الشكوى بيانات واضحة عن المخالفة، وهوية مقدمها، والجهة المشتكى ضدها، مع المستندات الداعمة.
وأكدت اللائحة أن الجهة المختصة تلتزم بمعالجة الشكاوى بإجراءات سريعة وفعالة، مع إشعار مقدم الشكوى بالنتائج النهائية، ما يعزز ثقة الأفراد في جدية الاستجابة لانتهاكات بياناتهم.
فرضت التعديلات على جهات التحكم الاستجابة للطلبات الصادرة عن الجهة المختصة خلال فترة لا تتجاوز عشرة أيام عمل، مما يضمن الرقابة الفعالة على التزام الجهات بتطبيق النظام واللائحة.