وداعاً أحمد عدوية.. محطات في حياة سلطان الأغنية الشعبية في مصر
تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT
غيّب الموت الفنان أحمد عدوية، عن عمر ناهز 79 عاماً، تاركاً خلفه إرثاً فنياً كبيراً في عالم الغناء الشعبي في مصر، إذ يعد من أهم المغنين الشعبيين في فترة السبعينيات والثمانينيات، وكان له أثر كبير على مسار الغناء الشعبي حتى الآن.
البداية والنشأةوُلد عدوية في 26 يونيو (حزيران) من العام 1945، في محافظة المنيا جنوب مصر، وكان "أحمد" هو الابن الثالث عشر في الأسرة، وكان والده يصطحبه إلى جلسات المقاهي ليسمع شعراء الربابة والسير الأسطورية مثل قصص أبو زيد الهلالي وغيرها، فأحب الغناء منذ الصغر، وبدأ يغني في أفراح قريته مجاملةً للجيران والأقارب.
وحين كبر انتقل إلى القاهرة، ليحترف الغناء في بداية السبعينيات، وكان عمره حينها 25 عاماً، حيث تعرّف على المطرب محمد رشدي، الذي علمه أصول الغناء الشعبي وأدخله إلى عالم الفن.
وبحلول عام 1973، أصبح أحمد عدوية معروفاً للجميع بعد أن قدم أغنية "السح الدح إمبو" الشهيرة، وتعاون خلال مسيرته مع نخبة من كبار الملحنين، مثل حسن أبو السعود، الذي كان من أبرز شركائه الفنيين، ورافقه ضمن فرقته الموسيقية الشهيرة.
كما لحّن له بليغ حمدي أغاني مثل "بنج يا بنج" و"يا أختي سملتين" و"القمر مسافر".
وقدم له هاني شنودة ألحان أغنيات شهيرة مثل "زحمة يا دنيا زحمة" و"سلام مربع".
أما كمال الطويل فلحن له أغنية "على فين"، ولحن له سيد مكاوي أغنية "سيب وأنا أسيب"، بينما قدم له محمد عصفور أغنيات مثل "يا ليل يا باشا يا ليل" و"كركشنجي" و"بلاش اللون ده معانا".
ورغم تعاونه مع هذه النخبة من كبار المبدعين، حافظ أحمد عدوية على طابعه الغنائي الخاص، حيث نجح في جعلهم ينسجمون مع صوته وأسلوبه المميز بدلاً من أن يتأثر بأساليبهم.
أما الشاعر حسن أبو عثمان، الذي بدأ كحلاق وعامل قبل أن يتحول إلى كتابة الأغاني، فكان شريكاً رئيسياً لعدوية. إذ كتب أبو عثمان نصوصاً جريئة مزجت بين البساطة الشعبية والتعبيرات اللغوية اليومية، ما أثار غضب بعض النخبة الثقافية التي رأت في ذلك تحدياً لقيم الفن التقليدي.
نجاحات غير مسبوقة
برز أحمد عدوية كواحد من أعلام الأغنية الشعبية في مصر، محققاً أرقاماً قياسية في مبيعات ألبوماته. وفي مقابلة تلفزيونية، كشف أن أسطوانتي "السح الدح إمبو" و"بنت السلطان" باعتا مليون نسخة، وهو إنجاز أثار غيرة بعض الفنانين آنذاك، وزاد من شعبيته لدى الجمهور.
ورغم عدم وجود توثيق دقيق لتواريخ إصدار العديد من أغانيه، فإن الفترة الذهبية لعدوية كانت بين منتصف السبعينيات وأوائل الثمانينيات، مع ألبومات مثل مجاريح (1974)، الذي ضم مواويل شهيرة مثل "موال الزمن" و"موال العيش والملح"، وألبوم بص شوف عدوية بيعمل إيه؟ (1975)، وألبوم كركشنجي (1977)، الذي احتوى على أغاني وأعمال خالدة مثل "أنا صابر" و"بحب خمسة".
كما استغل صناع السينما الشعبية النجاح الكبير الذي حققه أحمد عدوية في مجال الغناء، وقدموه في مجموعة من الأفلام الشهيرة، حيث شارك بأداء أغانٍ مميزة في أفلام مثل "حسن بيه الغلبان"، "رجل في سجن النساء"، "البنات عايزة إيه"، "السلخانة"، "حارة العيش الحاف"، و"خمسة في الجحيم".
دعم الكبار
وعلى الرغم من الهجوم الشديد الذي واجهه في بداياته من بعض النخبة، التي لم تستطع احتواء شعبيته أو فهم تأثيره، بسبب غرابة كلمات وألحان أغانيه، ونجاحه وانتشاره الواسع في الشارع، إلا أن عمالقة الغناء المصري كانوا أول من أشادوا بموهبة أحمد عدوية. فقد كان الموسيقار محمد عبدالوهاب من محبي الاستماع إليه، كما عبّر العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ عن إعجابه بصوته، بل وصل الأمر إلى أن غنى إحدى أغانيه.
وفي حوار أجراه الأديب نجيب محفوظ مع الإعلامي مفيد فوزي، أوضح الكاتب الكبير أسباب إعجابه بالمطرب الشعبي أحمد عدوية، قائلاً: "في وقت كان المسموع الأول... بينافقوه؟ الشعب بينافقه؟ لا ده راجل من الشعب بيستعمل أساليب شعبية وألفاظ شعبية، وصوت خشن شعبي لا يخلو من حلاوة".
هذه الكلمات أثارت الاندهاش آنذاك، بسبب إدراج محفوظ، الحائز على جائزة نوبل، عدوية ضمن قائمة مفضليه إلى جانب قامات مثل أم كلثوم، التي كان يعد من عشاقها المتحمسين.
نقلة نوعية للأغنية الشعبية
قبل أحمد عدوية، كانت الأغنية الشعبية في مصر تتفرع إلى نوعين: الفولكلور، الذي أعاد صياغته عبدالرحمن الأبنودي وبليغ حمدي، والأغنيات التي تناولت الحارة والطبقات الشعبية، لكن معظم من قدموا هذه الأغنيات لم ينتموا إلى عالم الحارة نفسها، مثل "منديل الحلو" لعبد العزيز محمود و"أبو سمرة السكرة" لمحمد قنديل.
وفي عام 1969، حدث لقاء مصيري بين أحمد عدوية والشاعر الشعبي "الريس بيرة" (خليل محمد). ومن هنا، بدأ عدوية يعبر عن الحارة الشعبية القاهرية باستخدام ألفاظ حقيقية مستمدة من الحياة اليومية، بعيداً عن التجميل والمبالغة. وكانت الكلمات التي جاءت لاحقاً مثل "كركشندي دبح كبشه" صادمة للنقاد، رغم أنها من تأليف الشاعر الكبير مأمون الشناوي.
كذلك، أغنيات مثل "بنج بنج" من ألحان بليغ حمدي و"مجنون" من كلمات صلاح جاهين، أثبتت قدرة عدوية على المزج بين الشعبية والحداثة. ومع ذلك، كانت "زحمة يا دنيا زحمة"، من كلمات زكي أبو عتمان وألحان حسن أبو السعود، واحدة من أنجح أغانيه التي أصبحت علامة فارقة في مشواره الفني.
تعرض عدوية لحادث صادم في بداية التسعينيات كاد ينهي حياته، وتسبب في إصابته بالشلل لفترة طويلة، فابتعد عن الأضواء تماماً لنحو 20 عاماً، إلى أن استعاد عافيته وبدأ يظهر تدريجياً ببعض المحاولات البسيطة سواء بإعادة توزيع أغانيه القديمة أو مشاركة بعض النجوم الشباب في أغنيات ذات طابع شعبي، مثل أغنيته "الناس الرايقة" مع المطرب اللبناني رامي عياش في 2009، تلاها دويتو مع ابنه محمد عدوية مطلع عام 2011.
وكانت آخر مشاركاته أغنية "صحي النوم" في عام 2017، خلال أحداث مسلسل "رمضان كريم"، بالإضافة إلى أغنية "على وضعنا".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات نجوم أحمد عدویة فی مصر
إقرأ أيضاً:
بعد سجنه في معسكر بوكا.. ماذا نعلم عن أحمد الشرع الذي أصبح رئيس سوريا الانتقالي؟
(CNN)—عُيّن عضو تنظيم القاعدة السابق، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم "أبو محمد الجولاني"، رئيساً لسوريا لفترة انتقالية، وفقا لبيان على لسان المتحدث باسم قيادة العمليات العسكرية السورية، حسن عبد الغني، الأربعاء، قال فيه: "نعلن تعيين القائد أحمد الشرع رئيسا للدولة خلال الفترة الانتقالية، والرئيس الجديد سيتولى مهام رئيس الجمهورية العربية السورية ويمثل البلاد في المحافل الدولية".
وأضاف عبد الغني أن "الرئيس مخول بتشكيل مجلس تشريعي مؤقت للمرحلة الانتقالية، يتولى مهامه لحين وضع دستور دائم ودخوله حيز التنفيذ"، كما أعلنت القيادة عدة قرارات، من بينها تعليق دستور البلاد، وحل برلمان البلاد، وحل جيش النظام السابق وحزب البعث التابع له.
من هو أحمد الشرع؟أصبح الشرع "مقاتلاً أجنبياً" سورياً في أوائل العشرينيات من عمره، حيث عبر الحدود إلى العراق لمحاربة الأميركيين عندما غزوا البلاد في ربيع عام 2003، وأدى به ذلك في نهاية المطاف إلى السجن العراقي سيء السمعة الذي تديره الولايات المتحدة باسم معسكر بوكا، الذي أصبح ساحة تجنيد رئيسية للجماعات الإرهابية، بما في ذلك ما سيصبح داعش لاحقا.
وبعد إطلاق سراحه من معسكر بوكا، عاد إلى سوريا وبدأ القتال ضد نظام الأسد البعثي، وذلك بدعم من أبو بكر البغدادي، الذي أصبح فيما بعد مؤسس تنظيم داعش.
وفي سوريا، أسس الشرع جماعة مسلحة تعرف باسم جبهة النصرة والتي تعهدت بالولاء لتنظيم القاعدة، ولكن في عام 2016، انفصل عن الجماعة الإرهابية، وفقًا لتحليلات مركز القوات البحرية الأمريكي.
ومنذ ذلك الحين - على عكس تنظيم القاعدة، الذي روج لحرب مقدسة عالمية خيالية - قامت جماعة الشرع، المعروفة الآن بالأحرف الأولى من اسم هيئة تحرير الشام (HTS)، بمهمة أكثر واقعية تتمثل في محاولة حكم الملايين من الناس في شمال غرب البلاد، محافظة إدلب السورية، تقدم الخدمات الأساسية، بحسب الباحث في شؤون الإرهاب، آرون زيلين، الذي ألف كتابًا عن هيئة تحرير الشام.
وكان الشرع زعيم الجماعة المسلحة الرئيسية " HTS" التي قادت الهجوم الخاطف الذي أدى العام الماضي إلى الإطاحة بالديكتاتور السوري بشار الأسد، الذي ظل نظامه في السلطة لعدة عقود.
وتتمثل مهمته الآن في إعادة بناء بلد مزقته أكثر من عقد من الحرب الأهلية التي أودت بحياة أكثر من 300 ألف شخص وشردت ملايين آخرين، وفقا للأمم المتحدة. اندلع الصراع خلال الربيع العربي عام 2011 عندما قمع نظام الأسد انتفاضة مؤيدة للديمقراطية وسرعان ما انغمس في حرب واسعة النطاق جذبت قوى إقليمية أخرى من المملكة العربية السعودية وإيران إلى الولايات المتحدة وروسيا ومكنت داعش من تحقيق مكاسب. موطئ قدم – لفترة – في البلاد.