“التقديراتُ الخاطئة” تحاصرُ العدوّ الصهيوني في مواجهة اليمن
تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT
يمانيون../
برهن استمرار تصاعد العمليات اليمنية المساندة لغزة على خطأ كُـلّ تقديرات جيش العدوّ الصهيوني وقيادته بشأن اليمن؛ الأمر الذي أغلق الطريق بسرعة حتى أمام الاستعراض الدعائي بالغارات العدوانية على اليمن، وأبقى خطورة التهديد الاستراتيجي اليمني على واجهة مشهد المأزق متعدد المستويات الذي يعيشه العدوّ في مواجهة مستقبل هذا التهديد وآفاقه.
وفي اعتراف جديد بخطأ التقديرات “الإسرائيلية” بشأن جبهة الإسناد اليمنية، نشرت صحيفة “إسرائيل هيوم” العبرية، الأحد، تقريرًا جاء فيه أنه “في البداية، كان يُنظَر إلى التهديد القادم من اليمن؛ باعتبَاره قضيةً ثانويةً، لكنه تطوَّرَ إلى جبهةٍ استراتيجية مركزية بالنسبة لإسرائيل، وعلى الرغم من بعض الضربات الموجهة للعلاقات العامة ضد البنية التحتية للحوثيين والوعود الأمريكية بالتعامل مع هذه القضية، فَــإنَّ هذه الجهود تظل محدودة وتفتقر إلى التأثير الحقيقي”.
ووفقًا للتقرير فَــإنَّه “بات من الواضح أن الجبهة السابعة لإسرائيل، أصبحت ساحة تهديد مركزية يجب على إسرائيل أن تتخذ قرارًا فيها، إذَا أرادت استعادة قدرة الردع في المنطقة المحيطة” معتبرًا أن “الجبهة اليمنية اكتسبت مكانة بارزة ليس فقط؛ لأَنَّ إسرائيل تعاملت مع التهديدات في ساحات أُخرى ويمكنها الآن تحويل التركيز إلى اليمن، ولكن لأَنَّ الحوثيين أنفسهم أصبحوا خطرًا حقيقيًّا ومتصاعدًا، وأفعالهم تهدّد روتين الحياة برمته في إسرائيل”.
وأشَارَ التقرير إلى أن “تعطيل حركة الشحن في البحر الأحمر أَدَّى إلى إغلاق ميناء إيلات” مؤكّـدًا أن اليمنيين لن يتوقفوا عند هذا الحد؛ لأَنَّ “أهدافهم المعلنة تشمل خوض معركة لا هوادة فيها ضد أعدائهم في المنطقة، والغرب، وإسرائيل، وحتى ضد اليهود في مختلف أنحاء العالم”.
وبحسب الصحيفة فقد “وعدت الولايات المتحدة بالتعامل مع الإزعاج الحوثي، لكن الهجمات الأمريكية محدودة وليس لها أي تأثير، ويبدو أن واشنطن تخشى التورط في اليمن والدخول في حرب إقليمية شاملة، وعلى نحو مماثل، نفذت إسرائيل بضع ضربات مدفوعة بالعلاقات العامة على البنية التحتية للحوثيين، على أمل ردع المزيد من عملياتهم، ومع ذلك، أثبتت هذه الجهود عدم كفايتها”.
وأضافت أن من وصفتهم بالحوثيين: “يعملون وفقًا لمنطقهم الخاص، والاستجابات الضعيفة وغير المتسقة لا تزيدُهم إلا جرأةً”.
في السياق نفسه نقل موقعُ “والا” العبري عن مسؤولون في جيش العدوّ الصهيوني، الأحد، قولهم: إن “مهاجمة البنية التحتية الوطنية في اليمن كجزء من الحملة ضد الحوثيين هو أمر افتراضي، وإن بناء بنك من الأهداف لمهاجمة الحوثيين يمثل تحديًا كبيرًا”.
ووفقًا للموقع فَــإنَّ “كبار المسؤولين في المؤسّسة الدفاعية أعربوا في لقاءات مغلقة الأسبوع الماضي عن أن الحملة ضد الحوثيين في اليمن ستكون أطول مما كانوا يعتقدون” مشيرين إلى وجود تحديات تتعلق بـ “عمليات جمع المعلومات، في جميع أنحاء مجتمع الاستخبارات، عن الحوثيين، وخلق مجال جديد من الخبرة في منطقة جغرافية بعيدة جِـدًّا عن حدود إسرائيل”.
وأشَارَ الموقع إلى أن قسم الاستخبارات لجأ إلى الاستعانة بـ “جيوش أجنبية لها مصلحة ضد الحوثيين”؛ مِن أجلِ جمع المعلومات.
ونقل الموقع عن مصدر أمني صهيوني قوله: “الحوثيون منظمة مستقلة، ولن يوقفوا النشاط ضد إسرائيل، وقد ثبت مؤخّرًا أنه حتى عندما تطلب منهم إيران التوقف، فَــإنَّهم لا يستمعون حقًا” حسب وصفه.
وأشَارَ الموقع إلى أن ما يسمى رئيس الأركان هرتسي هاليفي “أصدر تعليمات بالاستعداد لمجموعة متنوعة من السيناريوهات الأُخرى، ووجَّه في الوقت نفسه بتشديد التعاون مع الجيش الأمريكي والإشادة بمساهمتهم في اعتراض الصواريخ”.
ونشرت مجلة “إيبوك” العبرية الأحد، تقريرًا أشَارَت فيه إلى عدمِ امتلاك العدوّ الصهيوني سيطرةً على مجريات المواجهة مع جبهة الإسناد اليمنية، حَيثُ قالت: إن “إسرائيل تنجر تدريجيًّا إلى حرب استنزاف مع الحوثيين في اليمن، على الرغم من أنها لا تريد ذلك، كما أن الدعم الجوي من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة وزيادة التنسيق معه لا يساعد في وقف هجمات الحوثيين على إسرائيل بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة” مشيرة إلى أن التعويلَ في كيانِ العدوّ منصبٌّ على وصول إدارة ترامب وقيامها بتشكيلِ “تحالف دولي جديد”.
وإلى جانب ما يوضحه هذا التناول من فقدان كامل للسيطرة على مجريات المواجهة، فَــإنَّه يعكس أَيْـضًا محدودية الآمال “الكبيرة” التي يعول عليها العدوّ، فالحديث عن “تحالف جديد” بقيادة الولايات المتحدة، مُجَـرّدُ هروبٍ من واقع فشل التحالفات التي شكلتها واشنطن خلال العام الماضي ضد اليمن، وتجاهل لحقيقةِ أن المشكلة ليست سياسيةً ومتعلقة بإدارة بايدن فقط.
وقد أكّـدت المجلةُ العبريةُ ذلك عندما أكّـدت أن “الضرباتِ الجويةَ الإسرائيلية الأربع لم توقف صواريخ الحوثيين وطائراتهم بدون طيار، ويبدو أن الهجماتِ الإضافيةَ من الجو على أهداف مدنية استراتيجية في اليمن لن تؤديَ المهمة أيضًا” مشيرة إلى أن مشكلة الأمريكيين والصهاينة هي “العمى الاستخباراتي” حسب تعبيرها، وهو ما يعني أن المعضلة لا تتعلق بسياسة إدارة بايدن حتى يتم حلها بمُجَـرّد قدوم ترامب إلى البيت الأبيض!
ونقلت المجلة عن مصادرَ استخباراتيةٍ غربية قولها إن من وصفتهم بالحوثيين في اليمن “لديهم قدرةُ الصبر على حرب استنزاف طويلة مع إسرائيل، دونَ الحاجة إلى الاعتماد على إمدَادات الأسلحة من الخارج، فلديهم مخزون كبير من الصواريخ والطائرات بدون طيار في المستودعات”.
وفي دلالة أُخرى على أن المشكلةَ التي يواجهها الكيان الصهيوني والأمريكيون في اليمن هي مشكلة تقدير خاطئ للوضع، نقلت المجلة عن مصادرها الاستخباراتية قولها: إن “أجهزة الاستخبارات السعوديّة والإماراتية تملك معلومات جيدة عن الحوثيين في اليمن، ومن الممكن محاولة الحصول عليها منهم” وهو أمر مثير للسخرية؛ فالسعوديّة والإمارات تعتبران نموذجًا للهزيمة والفشل الذريع في مواجهة اليمن وقد اعتمدتا في تجربتهما الفاشلة بشكل أَسَاسي على الدعم الأمريكي في كُـلّ شيء بما في ذلك الاستخبارات!
وكما يبدو من هذه التقاريرِ والتصريحات فَــإنَّ كيان العدوّ اصطدم سريعًا بالنهاية المسدودة لمساعي وقف جبهة الإسناد اليمنية أَو الحد من عملياتها، لكن هذه الصدمة لم تكن مقتصرة على الصعوبات الاستخباراتية أَو تحديات المسافة البعيدة، بل شملت جوانبَ أُخرى كثيرة في وقت واحد، منها التطوُّرُ الكبيرُ للقدرات العسكرية اليمنية والحضور غير المتوقع بمسارِ تصعيد مفتوحٍ في قلب الأراضي المحتلّة، بالإضافة إلى العجز التام للحلفاء الدوليين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، وما يرافقُ ذلك من انسدادٍ لأفق العمل السياسي في حشد الحلفاء؛ الأمر الذي جعل كيان العدوّ يقف مرتبكًا وغيرَ قادر حتى على إنتاج “صورة” إنجاز ولو جزئية، فبرغم سيل التهديدات التي وجَّهها المسؤولون الصهاينة لليمن قبل وبعد العدوان الأخير على اليمن، ظلت الصدمةُ واعترافات العجز والفشل هي الأكثر حضورًا في واجهة المشهد.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الحوثیین فی الیمن الولایات المتحدة إلى أن ف ــإن
إقرأ أيضاً:
اليمن يضرب “ترومان” و”بن غوريون”: دلالات التزامن والاستشراف
يمانيون../
مع بدء عام 2025، من المتوقع أن يستمر التصعيد من جبهة الإسناد اليمنية وعليها، وقد تسعى الجبهة المعادية الأميركية الإسرائيلية البريطانية لإعادة تشكيل تحالفات جديدة في المنطقة، بعد فشل تحالفاتها وردعها، وانكسار تفوقها الدفاعي، وقد تجد واشنطن و”تل أبيب” نفسيهما أمام مواقف صعبة، مع ازدياد التأثير العسكري اليمني في معادلة القوى الإقليمية، ما لم يتم إيقاف العدوان على غزة.
التطورات الأخيرة تؤكد ذلك، فبعد عام وثلاثة أشهر من المساندة اليمنية لفلسطين، وما فرضته من معادلات، وكشفته من قدرات في البر والبحر والجو، أفشلت معها كل محاولات الردع، توّجت القوات المسلحة اليمنية عام 2024 بإعلانها، على لسان المتحدث باسمها العميد يحيى سريع، تنفيذ عمليتين عسكريتين مهمتين، استهدفتا مطار اللّد، المسمى “مطار بن غوريون”، ومحطة كهرباء جنوبي القدس المحتلة، مؤكدة نجاح العمليتين.
وأشار إلى أن العمليتين تزامنتا مع عملية استهدفت حاملة الطائرات الأميركية “يو أس أس هاري ترومان” بعدد كبير من الطائرات المسيرة والصواريخ المجنحة، في أثناء تحضير القوات الأميركية لهجوم جوي كبير على اليمن. وأكد أن العملية البحرية حققت أهدافها، وتم إفشال الهجوم الجوي الأميركي، الذي كان يُحضّر على اليمن.
لماذا نَعُدّ هذه العمليات مهمة، في دلالاتها، وتوقيتها ورسائلها؟
– أولاً: إن هاتين العمليتين أوصلتا العمليات اليمنية إلى قرابة 20 عملية عسكرية في عمق الكيان، خلال شهر كانون الأول/ديسمبر، ضمن مسار تصاعدي، على رغم العدوان المتواصل، والتهديدات المتكررة، الأمر الذي يفتح الأفق على سيناريوهات أوسع مع دخول العام الجديد.
– إن العمليتين الأخيرتين في ديسمبر، جاءتا بعد ساعات من تهديدات أطلقها مندوب كيان العدو الإسرائيلي في مجلس الأمن، قبيل جلسة في المجلس بطلب من “تل أبيب”، على خلفية العمليات اليمنية المتصاعدة، كأن صنعاء تقول لـ”تل أبيب” ومَن وراءها: لا نخشى تهديداتكم، ولن يردعنا عدوانكم عن مواصلة عمليات الإسناد والدفاع معاً.
– إنها جاءت تتويجاً لعام من التحدي، وضمن مسار الإسناد الذي لم توقفه غارات عدوانية أميركية بريطانية على مدى نحو عام.
– نوعية الأهداف توحي بثبيت معادلات العين بالعين، والسن بالسن، والهدف بالهدف. فبعد أيام من استهداف مطار صنعاء، ومحطة حزيز للكهرباء، جاءت عملية “مطار بن غوريون” ومحطة كهرباء جنوبي القدس. وهذه الأهداف تمثل شرايين حيوية مهمة في شبكة النقل والطاقة، وأي ضربات ناجحة لها يمكن أن تؤدي إلى تعطيل الأنشطة اليومية وتعزيز الضغط على كيان العدو. وقد يكون ذلك ضمن استراتيجية أوسع تشمل موانئ العدو في فلسطين المحتلة.
– تشكل دعماً عملياً للفلسطينيين في قطاع غزة، في مرحلة صعبة وكارثية على المستوى الإنساني، وفي ظل عدوان مستمر بلا أفق، كما أنها تشكل دعماً للمفاوض وللمقاوم الفلسطينيَّين، بالتزامن مع ما يشاع عن مفاوضات بوساطة قطرية مصرية.
دلالات العمليات اليمنية الأخيرة
هاتان العمليتان – كما سبقهما من عمليات – تؤكد دلالتين مهمتين أشار إليهما السيد القائد عبد الملك بدر الدين، في خطابه الأخير، الذي تزامن مع العدوان الإسرائيلي على مطار صنعاء ومحطة حزيز، والحديدة. وتتمثل هاتان الدلالتان بالتالي:
– كسر التفوق “الدفاعي” لدى العدو الإسرائيلي: إن اليمن بات يملك تقنية متطورة قادرة على إفشال كل المنظومات والطبقات للدفاع الأميركي والدفاع الإسرائيلي. ومن يتابعْ مشهدية انقضاض الصواريخ اليمنية على قلب الكيان، وسرعتها، وقدرتها على التملص والمناورة بين الصواريخ الاعتراضية للعدو، يدركْ هذه الحقيقة.
– فشل الردع: على الرغم من العدوان الأميركي البريطاني، وتالياً العدوان الأميركي الرابع، فإن عمليات اليمن لم تتوقف، بل كلما اعتدى ثلاثي الشر على اليمن، زاد اليمن في عملياته، وصعّدها، كمّاً وكيفاً، وتوسيعاً لبنك الأهداف.
“ترومان” تحت النار مجدداً: اليمن يُفشل عدواناً أميركيا جديداً
بينما كان صاروخا فلسطين 2 وذو الفقار يشقان طريقهما إلى يافا وجنوبي القدس، في عمق كيان العدو، كان عدد كبير من الصواريخ المجنحة والمسيّرات يشق طريقه، بالتزامن، من أجل استهداف حاملة الطائرات الأميركية، “يو أس أس هاري ترومان”، للمرة الثانية، خلال 9 أيام، وبالتالي من أجل إفشال هجومين عدوانيين على اليمن، وفق ما أعلنته القوات المسلحة.
وتكمن أهمية العملية اليمنية في أنها استباقية، وجاءت قبل العدوان الأميركي الأخير على صنعاء بساعات، وطالت حاملة تمثل قوة بحرية ضخمة، تجسّد تهديداً لليمن واليمنيين.
إفشال الهجوم الأميركي يؤكد أن القوات اليمنية تسبق العدو بخطوة، وتشن عمليات استباقية، وهذا يعكس تطوراً عسكريا واستخباريا من ناحية، ومن ناحية أخرى يُظهر ثقة من جانب القوات اليمنية في قدرتها على التصدي للهجمات، وتسجيل تفوقٍ ملحوظ في هذا المجال، يمكّنها من توجيه ضربات مؤلمة إلى أكبر القوى العسكرية، وفي مقدمتها أميركا.
وهذا يبعث رسالة سياسية إلى واشنطن و”تل أبيب”، مفادها أن اليمن قادر على مواجهة الهجمات والرد عليها بفعالية، كما أن استمرار العدوان على غزة، واستمرار التهديدات تجاه اليمن، يعززان دوافع العمليات اليمنية الدفاعية والهجومية.
في الختام
إن التزامن بين العمليتين يوحي بما سبقت الإشارة إليه، ويعكس يقظة وجاهزية قصويين، وتنسيقاً عالي المستوى بين العمليات البرية والبحرية والجوّية، الأمر الذي يشير إلى قدرة عالية على تنفيذ هجمات معقدة ومتعددة الجوانب، في آن واحد.
كما أن التوقيت، يشير إلى أن العام الجديد، 2025، سيكون صدامياً بامتياز، وذلك ما يعكسه السلوك العدواني الأميركي والإسرائيلي والغربي، لكن عمليات اليمن تعكس، في المقابل، استعداداً ووعياً كبيرين من جانب القوات اليمنية، في مواجهة التهديدات الموجهة ضدها، وأنها تملك أوراق ضغط مهمة ضد القوى المعادية في لحظة حساسة.
الميادين علي ظافر