ما سر غضب البلابسة من حديث شريف عثمان؟
تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT
فائز السليك
كنت أتحدث عن ما سبب ردة الفعل القوية لدرجة إيقاف برنامج تلفزيوني، فسألت أحدهم عن سبب الغضبة الحقيقية؟
قال لي:
غاظهم الحديث عن شوالات الرمالة قدام القيادة العامة، واتهام الجيش قتل المواطنيين بالطيران.
قلت له.. لا أرى ذلك كافياً، نعم حديث الرملة وطريقة صديقنا شريف كانت لاذعة، ومست غرور الجنرال، واتهام الجيش بالقتال لا يجد قبولاً؛ لأن القوم في حالة إنكار، وهي حالة مرضية تتماشى مع تصميم ما نسميه بناءً على علم النفس دائماً العقل المعياري، وطرائق تفكيره، والإنكار يعد أحد الوسائل الدفاعية لامتصاص الصدمات والهروب من مواجهة الحقيقة.
لكن ثمة شيء آخر، قد تستغربونه، ولا يجول بخاطر الكثيرين.
سألني عن هذا الشيء الخطير..
قلت له:
الإدانة الصريحة والواضحة لقوات الدعم السريع، والحديث عن انتهاكاتها المستمرة في الجزيرة، وتحميلها مع الجيش مسؤولية الحرب.
استغرب محدثي، وسألني كيف يغضبون من إدانة الدعم السريع، وهم يدينونه صباح مساء؟ كيف يرفضون ذلك وهم من يبنون كل خطابهم السياسي على الانتهاكات؟ بل يسعدون لوقوع الانتهاكات؟
شكك في حديثي، أو ربما مفارقتي للواقع، فهم فعلاً يدينونه كل يوم، ويتهمون القوى المدنية بعدم الإدانة بين كل كلمةٍ وأخرى، بل يعتبرون “تقدم” الجناح السياسي للدعم السريع.
قلت له:
هنا مربط الفرس هنا ما سبب الغضبة الكبيرة، هم لا يريدون حرق هذه الورقة، ورقة الانتهاكات، لا يريدون طمس صورة ذهنية اجتهدوا في رسمها كي تكون حقيقةً؛ لأن معركتهم الاستراتيجية ليست مع الدعم السريع، بل مع قوى الثورة، يريدون لها صورة العميل والتابع، والخائن “وعليك أن تأخذ ما تشاء من شغل الثلاث ورقات، وترمي به في وجوههم”.
أما الدعم السريع، فسوف يقبلونه غداً إذا ضمنوا وقوفه إلى جانبهم مثلما قبلوا أبو عاقلة كيكل؛ برغم أنه كان قائد دخول الجزيرة، وأن غالبية الانتهاكات حدثت تحت قيادته طوال قرابة العام، سيقبلون بالدعم السريع مثلما قالت الشيخة سناء حمد، إن جنحوا إلى السلم سيفاوضون “حمدان”، وسوف يقاسمونه السلطة بشرط أن يكون حارساً للقصر لا سيداً فيه، أما المعركة الحقيقية فهي مع ثورة ديسمبر، مع القوى المدنية.
يريدون لها أن تكون مدموغة بالخيانة، وأن تظل وصمة الصورة الذهنية المصنوعة باقية في الجبين، لكن أن يتحدث أحد قادة “تقدم” بذلك الوضوح والشجاعة، فهذا ما يعذبهم؛ لأنه ينسف الرواية.
قلت لمحدثي، هذا في علم النفس أيضاً يدخل في سياق الوسائل الدفاعية، ويسمى الإزاحة وهي “تحويل الفرد لمشاعره السالبة من المصدر الأساسي للتهديد إلى مصدر بديل، بسبب الفشل في مواجهة مصدر التهديد الحقيقي، ويقول المثل المصري ” غلبتو مراتو مشى يؤدب حماتك”. أو تحويل غضب الزوج من رئيسه بالعمل إلى زوجته بالمنزل”.
لكن أسراب القطيع يحفظون ما يسمعونه دون أن يفهموه “حافظ، لكن ما فاهم”
بالمناسبة لم تكن هذه هي المرة الأولى، التي يدين فيها قادة القوى المدنية قوات الدعم السريع، وللحقيقة ظلت الإدانات تصدر تباعاً، مثلما لم تكن تصريحات شريف هي المرة الأولى التي يتحدث فيها الناس عن استعدادات الحرب منذ يونيو 2021؛
إلا أن طريقة شريف الذكية والواضحة وخطابه الشفاف والسياق الذي أدلى فيه بتصريحاته هو ما رسخ الموقف، وهو ما أدى إلى اهتزاز الصورة الذهنية.
الوسومفائز السليكالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
هجوم على الفاشر ومجزرة في أم درمان وضربات للبنية التحتية.. الجيش السوداني يُحبط خطة شاملة لميليشيا الدعم السريع
البلاد – الخرطوم
تواصل الدعم السريع هجماتها على مدينة الفاشر، فيما صدّت القوات المسلحة السودانية هجومًا واسعًا شنّته الميليشيا من أربعة محاور، في عملية استمرت لأكثر من سبع ساعات، بالتزامن تصعد الميليشيا عمليات التصفية الجسدية بحق المدنيين واستهدافها الممنهج للبنية التحتية الحيوية، في مسعى لخلط الأوراق وشحن الرأي العام ضد الجيش، عقب خسائرها المتتالية في الخرطوم مؤخرًا.
وفيما شهدت الفاشر هدوءًا حذرًا وسط استمرار التراشق المدفعي أمس الثلاثاء، أوضح قائد الفرقة السادسة مشاة، اللواء محمد أحمد الخضر، أن الهجوم الأخير للميليشيا استُخدمت فيه طائرات مسيّرة، ومدفعيات ثقيلة، وعربات مدرعة، مشيرًا إلى أن الجيش كان على أتم الجاهزية للتصدي له. وأضاف أن الهجوم انتهى بالقضاء على التقدم المعادي، مؤكدًا أن القوات المسلحة في موقع قوة، ومستعدة لحسم أي محاولة مماثلة.
وخلّف الهجوم الذي وقع الاثنين 40 قتيلًا مدنيًا، بينهم نساء وأطفال، نتيجة القصف العشوائي للميليشيا على أحياء سكنية. وقد أعلنت قوات الدعم السريع لاحقًا سيطرتها على ستة أحياء داخل الفاشر، موجّهة نداءً إلى عناصر الجيش لإلقاء السلاح ومغادرة المدينة، متعهدة بضمان سلامة من يستجيب. غير أن مصادر ميدانية أكدت تراجع المهاجمين تحت ضربات الجيش والمقاومة الشعبية، في حين أشار حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، إلى أن الهجوم قاده عبد الرحيم دقلو، وانتهى بانسحاب القوات المهاجمة بعد تصدي القوات المشتركة لها.
ويرى خبراء أن التحوّل في تكتيكات الدعم السريع، عبر استهداف منشآت البنية التحتية الحيوية، بهدف إثارة السخط الشعبي وتشتيت تركيز الجيش عن تقدّمه في دارفور. يعكس حالة يأس ميداني للميليشيا بعد خسائر بشرية كبيرة وفقدان كميات كبيرة من العتاد العسكري.
وفي هذا السياق، قصفت الميليشيا بطائرات مسيّرة مصفاة الجيلي شمال الخرطوم، ومحطة بربر التحويلية للكهرباء، ومحطة عطبرة للمرة الرابعة خلال أسبوع، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي في مناطق واسعة، وزاد من معاناة المدنيين في ظل وضع إنساني متدهور.
وعلى صعيد الانتهاكات، طالب المرصد السوداني لحقوق الإنسان بفتح تحقيق دولي في مجزرة مروعة وقعت بمنطقة الصالحة جنوب أم درمان، حيث تم إعدام 31 مدنيًا ميدانيًا، بينهم أطفال. وأكد المرصد أن الضحايا كانوا مدنيين عُزّل، وأن قوات الدعم السريع نفذت الجريمة بدافع “الانتقام”. وقد اعترف بذلك قادة في الميليشيا بمقاطع مصوّرة، ما يُشكّل جريمة حرب مكتملة الأركان بموجب القانون الدولي الإنساني.
وفي السياق، قال رئيس مجلس السيادة، القائد العام للجيش، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، إن قتل ميليشيا الدعم السريع للمواطنين في منطقة صالحة جنوبي أم درمان ينم عن كراهيتهم للشعب السوداني، وأضاف في كلمة أمس الثلاثاء أن الحرب الدائرة حاليا ضد ميليشيا الدعم السريع وليست ضد قبيلة، مشيرا إلى أن المرجفين يروجون أن الحرب ضد أعراق محددة، بهدف تحشيد الناس وجرهم للقتل، وتابع بأن “حربنا ضد كل من يحمل السلاح ضد الدولة، وتمرد رئيس القبيلة لا يعني تمرد كل القبيلة، مؤكدًا أنه “لا تفاهم مع هؤلاء المرتزقة بعد كل ما فعلوه وسيذهبون في هذه المعركة حتى الانتصار”.
ويُثبِت المشهد الميداني أن الميليشيات لم تجلب للسودان والمنطقة سوى الدمار والدم، فيما يتجدد الأمل مع صمود الجيش السوداني في التأسيس لمستقبل تستقر فيه البلاد على قاعدة الدولة الوطنية والجيش الواحد.