فائز السليك

كنت أتحدث عن ما سبب ردة الفعل القوية لدرجة إيقاف برنامج تلفزيوني، فسألت أحدهم عن سبب الغضبة الحقيقية؟

قال لي:

غاظهم الحديث عن شوالات الرمالة قدام القيادة العامة، واتهام الجيش قتل المواطنيين بالطيران.

قلت له.. لا أرى ذلك كافياً، نعم حديث الرملة وطريقة صديقنا شريف كانت لاذعة، ومست غرور الجنرال، واتهام الجيش بالقتال لا يجد قبولاً؛ لأن القوم في حالة إنكار، وهي حالة مرضية تتماشى مع تصميم ما نسميه بناءً على علم النفس دائماً العقل المعياري، وطرائق تفكيره، والإنكار يعد أحد الوسائل الدفاعية لامتصاص الصدمات والهروب من مواجهة الحقيقة.

لكن ثمة شيء آخر، قد تستغربونه، ولا يجول بخاطر الكثيرين.

سألني عن هذا الشيء الخطير..

قلت له:

الإدانة الصريحة والواضحة لقوات الدعم السريع، والحديث عن انتهاكاتها المستمرة في الجزيرة، وتحميلها مع الجيش مسؤولية الحرب.

استغرب محدثي، وسألني كيف يغضبون من إدانة الدعم السريع، وهم يدينونه صباح مساء؟ كيف يرفضون ذلك وهم من يبنون كل خطابهم السياسي على الانتهاكات؟ بل يسعدون لوقوع الانتهاكات؟

شكك في حديثي، أو ربما مفارقتي للواقع، فهم فعلاً يدينونه كل يوم، ويتهمون القوى المدنية بعدم الإدانة بين كل كلمةٍ وأخرى، بل يعتبرون “تقدم” الجناح السياسي للدعم السريع.

قلت له:

هنا مربط الفرس هنا ما سبب الغضبة الكبيرة، هم لا يريدون حرق هذه الورقة، ورقة الانتهاكات، لا يريدون طمس صورة ذهنية اجتهدوا في رسمها كي تكون حقيقةً؛ لأن معركتهم الاستراتيجية ليست مع الدعم السريع، بل مع قوى الثورة، يريدون لها صورة العميل والتابع، والخائن “وعليك أن تأخذ ما تشاء من شغل الثلاث ورقات، وترمي به في وجوههم”.

أما الدعم السريع، فسوف يقبلونه غداً إذا ضمنوا وقوفه إلى جانبهم مثلما قبلوا أبو عاقلة كيكل؛ برغم أنه كان قائد دخول الجزيرة، وأن غالبية الانتهاكات حدثت تحت قيادته طوال قرابة العام، سيقبلون بالدعم السريع مثلما قالت الشيخة سناء حمد، إن جنحوا إلى السلم سيفاوضون “حمدان”، وسوف يقاسمونه السلطة بشرط أن يكون حارساً للقصر لا سيداً فيه، أما المعركة الحقيقية فهي مع ثورة ديسمبر، مع القوى المدنية.

يريدون لها أن تكون مدموغة بالخيانة، وأن تظل وصمة الصورة الذهنية المصنوعة باقية في الجبين، لكن أن يتحدث أحد قادة “تقدم” بذلك الوضوح والشجاعة، فهذا ما يعذبهم؛ لأنه ينسف الرواية.

قلت لمحدثي، هذا في علم النفس أيضاً يدخل في سياق الوسائل الدفاعية، ويسمى الإزاحة وهي “تحويل الفرد لمشاعره السالبة من المصدر الأساسي للتهديد إلى مصدر بديل، بسبب الفشل في مواجهة مصدر التهديد الحقيقي، ويقول المثل المصري ” غلبتو مراتو مشى يؤدب حماتك”. أو تحويل غضب الزوج من رئيسه بالعمل إلى زوجته بالمنزل”.

لكن أسراب القطيع يحفظون ما يسمعونه دون أن يفهموه “حافظ، لكن ما فاهم”

بالمناسبة لم تكن هذه هي المرة الأولى، التي يدين فيها قادة القوى المدنية قوات الدعم السريع، وللحقيقة ظلت الإدانات تصدر تباعاً، مثلما لم تكن تصريحات شريف هي المرة الأولى التي يتحدث فيها الناس عن استعدادات الحرب منذ يونيو 2021؛

إلا أن طريقة شريف الذكية والواضحة وخطابه الشفاف والسياق الذي أدلى فيه بتصريحاته هو ما رسخ الموقف، وهو ما أدى إلى اهتزاز الصورة الذهنية.

الوسومفائز السليك

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

حميدتي يعترف بخسارة ميليشيات الدعم السريع بعض المناطق أمام الجيش السوداني

اعترف قائد ميليشيات الدعم السريع محمد حمدان دقلو الشهير بـ"حميدتي"، اليوم الجمعة بهزيمته أمام الجيش السوداني وخسارته بعض المناطق في الخرطوم.

وخرج حميدتي في مقطع فيديو مسجل، دعا خلاله الميليشيات التابعة له إلى عدم الالتفات إلى المواقع التي استعادها الجيش السوداني وسيطر عليها مؤخرا.

وقال دقلو: "إلى كل القوات في كل المحاور، يجب عدم التفكير في ما أخذه الجيش منا في القيادة (وسط الخرطوم) وسلاح الإشارة (بمدينة بحري) وبلدة الجيلي (شمال الخرطوم) ومدينة ود مدني (عاصمة ولاية الجزيرة)".

ودعا حميدتي قواته إلى عدم النظر إلى ما خسروه أمام الجيش السوداني بل التركيز على ماذا يريدون السيطرة عليه، زاعما أن الميليشيات التابعة له قادرة على طرد الجيش السوداني من الخرطوم مرة أخرى كما فعلت من قبل، على حد قوله.

وحقق الجيش السوداني خلال الأيام الماضية انتصارات متعددة بفك الحصار عن قيادة الجيش وسلاح الإشارة، واستعادة السيطرة على معظم مدينة بحري شمالي الخرطوم ومدينة ام روابه بولاية شمال كردفان.

واندلعت الحرب في السودان منذ أبريل 2023 والتي تسببت في مقتل أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 14 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.

مقالات مشابهة

  • حميدتي يعترف بخسارة ميليشيات الدعم السريع بعض المناطق أمام الجيش السوداني
  • قائد قوّات الدعم السريع يتوعّد بـطرد الجيش من الخرطوم
  • من قتل جلحة الجنرال المشاغب في الدعم السريع ولماذا يصمت الجيش السوداني؟
  • حميدتي يعترف بخسارة قوات الدعم السريع مناطق لصالح الجيش (شاهد)
  • حميدتي يعترف بخسارة قوات الدعم السريع مناطق لصالح الجيش
  • الدعم السريع يعترف بالانتكاسات ويتعهد بطرد الجيش من الخرطوم  
  • السودان.. حميدتي يقر بخسارة "الدعم السريع" مناطق لصالح الجيش
  • مقتل القائد بالدعم السريع جلحة.. بسلاح الجيش أم ببندقية أهله؟
  • الجيش يشن هجومًا على الدعم السريع في محيط أم روابة غربي البلاد
  • الجيش السوداني يقترب من القصر الرئاسي وسط انسحابات مستمرة لقوات الدعـ ـم السريع