تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

فى جولاتهم الوداعية، تباهى الرئيس الأمريكى جو بايدن وكبار مساعديه فى السياسة الخارجية بكيفية تعزيز إدارتهم للتحالفات الأمريكية خلال فترة من الأزمات العالمية المتصاعدة. وزعموا أن نهجهم كان إنجازًا مميزًا بالمقارنة مع العلاقات المتوترة لإدارة ترامب الأولى.

لقد استمتع بايدن باجتماعاته الأخيرة مع قادة دول مجموعة العشرين فى البرازيل الشهر الماضي.

وبعد أسبوع، خارج روما، حضر وزير الخارجية أنتونى بلينكين آخر تجمع له مع كبار الدبلوماسيين من مجموعة الدول السبع المتقدمة، وجميعهم حلفاء للولايات المتحدة، وأشار إلى أن المجموعة عززت العلاقات مع دول حول العالم، وقال: "لقد حولنا المجموعة إلى لجنة توجيهية للديمقراطيات الرائدة فى العالم"!. لكن تحالفات وشراكات أمريكا تحت قيادة بايدن كانت معقدة. فقد تصرف الشركاء الرئيسيون على نحو يتعارض مع مبادىء يزعم بايدن أنه يتبناها كموقف تقليدى، وخاصةً ما يردده دائمًا حول سيادة القانون وحقوق الإنسان. وفى حالات صارخة، قوضت تلك البلدان قوة ومكانة الولايات المتحدة فى العالم. وقال ستيفن ويرثيم، الزميل البارز فى برنامج الحكم الأمريكى فى مؤسسة كارنيجى للسلام الدولي: "هذه بالتأكيد واحدة من السمات المميزة للسياسة الخارجية لبايدن: الدعم المفرط وغير المشروط فى بعض الأحيان للشركاء الذين يعرضون الولايات المتحدة لمخاطر التصعيد والأعباء المالية والأضرار التى تلحق بسمعتها".

ظهرت مشاكل خطيرة مع القادة فى أفغانستان وإسرائيل وكوريا الجنوبية. وفى كل حالة، التزم بايدن ومساعدوه الصمت عندما فشل هؤلاء القادة فى أدوارهم أو رفضوا اقتراحات السياسة والجهود الدبلوماسية من قِبَل الأمريكيين. ويبرر المسؤولون الأمريكيون خياراتهم فى كثير من الأحيان بالقول إنهم لا يستطيعون تنفير الشركاء الذين يحتاجون إليهم لموازنة الموقف على الجانب الآخر مع روسيا وإيران وكوريا الشمالية وخاصةً الصين.

إن الدعم العلنى الثابت الذى قدمه بايدن لإسرائيل بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وهى تشن حربًا مميتة ضد الفلسطينيين فى غزة كان مكلفًا بشكل خاص من حيث الرأى العام الأميركى والعالمي.

لقد تفاخر الرئيس المنتخب دونالد ترامب بأنه سيجلب الاستقرار إلى عالم يقول إنه خارج عن السيطرة. ولكن فى هذا العصر المتعدد الأقطاب، تتصرف الدول بقدر أقل كثيرًا من الاحترام للولايات المتحدة مما كانت عليه فى اللحظة القصيرة من الانتصار الأمريكى بعد الحرب الباردة.

وكان نهج ترامب فى التعامل مع التحالفات خلال إدارته الأولى سببًا فى توتر تلك العلاقات، فى حين أدى انسحابه من الاتفاقيات الدولية المهمة واستخدامه للرسوم الجمركية إلى خلق حالة من الاضطراب.

أول أزمة

كانت أول أزمة لبايدن تتعلق بدولة شريكة فى أفغانستان فى عام ٢٠٢١، حيث كان ينفذ انسحاب القوات الأمريكية الذى رتبه ترامب. وقد وافق بايدن على هذه الاستراتيجية، وأيدها معظم الأمريكيين. كان مسؤولو إدارة بايدن قد قدروا فى البداية أن حكومة الرئيس أشرف غنى يمكنها صد طالبان لأكثر من عام بعد الانسحاب الأمريكي، ولكن إيمانهم كان فى غير محله: إنهار الجيش الأفغانى خلال هجوم طالبان فى صيف عام ٢٠٢١، وهرب غني. وانتهى الانسحاب الأمريكى بالفوضى وإراقة الدماء.

هذا الشهر، أعلن زعيم حليف آخر أشاد به بايدن، وهو الرئيس يون سوك يول فى كوريا الجنوبية، الأحكام العرفية، لأول مرة فى ذلك البلد منذ عقود. غمر المتظاهرون على الفور الشوارع، وصوت المجلس التشريعى لإلغاء الإعلان.

أعربت إدارة بايدن عن قلقها لكنها امتنعت عن إدانة يون، المحافظ، على الرغم من حقيقة أن تحركه عكس جهود ترامب للاحتفاظ بالسلطة بعد فوز بايدن فى الانتخابات عام ٢٠٢٠.

رهان خاسر

راهن بايدن بشكل كبير على يون، حيث كرمه فى عشاء رسمى فى واشنطن العام الماضى، حتى أن يون الذى كان يرتدى بدلة رسمية غنى أغنية "الفطيرة الأمريكية" أمام حشد من الحاضرين. ووصل الأمر إلى أن بايدن اختار كوريا الجنوبية لاستضافة أحد مشاريعه المفضلة، وهو قمة الديمقراطية، وهى مبادرة تهدف إلى تعزيز المرونة الديمقراطية العالمية. وترأس يون الدورة الثالثة فى سيول فى مارس.

لننتقل سريعًا إلى الرابع عشر من ديسمبر الجارى: صوت المجلس التشريعى الكورى الجنوبى لصالح عزل يون بعد فشله فى إدارة البلاد.. وهكذا، تمت إزالة زعيم كان بايدن يزرعه.

قالت إيما أشفورد، الزميلة البارزة فى مركز ستيمسون، وهى مجموعة بحثية غير حزبية: "المشكلة هى أن الاضطرابات الأخيرة فى بعض حلفاء الولايات المتحدة تسلط الضوء على أن الديمقراطيات غير كاملة فى نفس الوقت الذى جعل فيه بايدن الديمقراطية الضوء الهادى لسياساته الخارجية، ويمكن للمرء أن يجادل فى سياسته الداخلية".

وأضافت أن "المشكلة الحقيقية تكمن فى الرسائل والنفاق. لقد أصبحت قمة بايدن للديمقراطية قضية مثيرة للجدال لأن العديد من حلفاء الولايات المتحدة أو شركائها ليسوا ديمقراطيين كاملين. نحن نعلم ذلك جميعًا، لكن تسليط الضوء عليها باعتبارها مركز سياستك الخارجية يجعلك تبدو إما منافقًا أو ساذجًا".

ولم تكن قضية السياسة الخارجية أكثر إثارة للانقسام بالنسبة لبايدن من دعمه لإسرائيل طوال حربها فى غزة. وقالت آشفورد إن نفاق الإدارة قد انكشف من خلال "الشاشة المنقسمة التى يراها الكثير من العالم بشأن غزة وأوكرانيا مع إدارة تقول إن أحد الصراعين جريمة حرب غير مقبولة، والآخر دفاع عن النفس".

قتل الفلسطينيين

لقد قتل الجيش الإسرائيلي، المزود بأسلحة أمريكية، أكثر من ٤٥ ألف فلسطينى ودمر معظم غزة، وفقًا لمسؤولين فى القطاع وصور الأقمار الصناعية. حاول بايدن إقناع نتنياهو بتعديل بعض أفعاله واستخدم حتى كلمات بذيئة لوصف الزعيم الإسرائيلى فى السر. لكن إدارته لم تحجب أبدًا كميات كبيرة من الأسلحة واستمرت فى دعم عمليات القتل فى غزة.

يقول المنتقدون إن بايدن فشل فى استخدام النفوذ الحقيقى الوحيد الذى كان لديه لتهذيب تصرفات إسرائيل، لذلك تجاهله نتنياهو.

وقال مات داس، نائب الرئيس التنفيذى لمركز السياسة الدولية والمستشار السابق للسيناتور بيرنى ساندرز، المستقل عن ولاية فيرمونت: "لقد وقف إلى جانب إسرائيل دون قيد أو شرط، حتى عندما فعلت إسرائيل نفس الأشياء التى فعلتها روسيا فى أوكرانيا. إن الضرر الذى ألحقه بايدن بالنظام القائم على القواعد، لم نبدأ حتى فى تخيل مدى هذا الضرر بعد".

وأضاف داس أن بايدن "ألحق ضررًا أكبر بأسس القانون الدولى مما فعله ترامب". ولأن بايدن، على عكس ترامب، كان يُنظر إليه لعقود من الزمان على أنه بطل للنظام العالمى الذى تقوده الولايات المتحدة "كاهن أعظم فى الكنيسة" فقد أظهرت أفعاله على وجه الخصوص أن القواعد الدولية "جوفاء"، كما قال داس.

وفى أوكرانيا، كان من الأسهل على إدارة بايدن الدفاع عن تقديم مساعدات عسكرية لكييف لصد الهجوم الروسى الكامل الذى بدأ فى فبراير ٢٠٢٢. وفى الغالب، أبقى الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى العمليات العسكرية ضمن الحدود التى حددتها واشنطن. وتعرض بايدن لانتقادات فى هذه الحالة لعدم ثقته فى شريكه بما فيه الكفاية ووضع الكثير من القيود. وقد أجبر هذا زيلينسكى على الضغط على واشنطن مرارًا وتكرارًا لرفع بعض القيود بينما واصلت القوات الروسية هجومها.

كما نجح بايدن فى دفع جهود واسعة النطاق بين حلفاء الولايات المتحدة فى أوروبا وآسيا لتنظيم المساعدات العسكرية لأوكرانيا والعقوبات الاقتصادية ضد روسيا فى أوائل عام ٢٠٢٢. ومع ذلك، بعد مرور ما يقرب من ثلاث سنوات على الحرب، فإن الشراكات تفشل.

الدول الأوروبية غير قادرة أو غير راغبة فى فرض عقوبات صارمة ضد روسيا. كما يستورد شركاء الولايات المتحدة الآخرون، ولا سيما الهند ودول الخليج العربية، النفط الروسى بأحجام قياسية، مما يمول آلة الحرب الروسية. والأمر الأكثر أهمية هو أن الديمقراطيات الكبرى فى أوروبا فشلت فى زيادة إنتاج الأسلحة إلى مستوى قادر على تعويض أى تقليص مستقبلى للمساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا، خاصةً بالنظر إلى أن ترامب وبعض مساعديه المعينين أعربوا عن تشكك عميق فى خط أنابيب الأسلحة الأمريكى إلى أوكرانيا. وقد تثبت الشراكات التى روج لها بايدن ليس فقط خلال رئاسته ولكن طوال حياته السياسية عدم قدرتها على الصمود فى وجه التحديات الجديدة خلال إدارة ترامب الثانية.

لكن الأحداث الأخيرة أظهرت أن التحالفات كانت دائمًا أكثر هشاشة وإثارة للجدل من الرؤية التى رسمها بايدن وأنصاره الآخرون فى واشنطن.

نيويورك تايمز

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الرئيس الأمريكي جو بايدن بايدن الحصاد المر قتل الفلسطينيين نتنياهو الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

المقاومة المجدية: مقاطعة شعبية لمنتجات حلفاء «إسرائيل»

للغرب الأطلسي، الأمريكي – الأوروبي، وللكيان الصهيوني الدور الأول والأفعل في زعزعة الاستقرار في عالم العرب، لاسيما في مشرقه. هما يتصارعان مع تركيا وإيران على النفوذ والمصالح في منطقة غرب آسيا الممتدة من شواطئ البحر المتوسط جنوباً إلى بحر قزوين شمالاً. في مواجهة الغرب الأطلسي والكيان الصهيوني تتصدى قوى مقاوِمة عربية متعددة المذاهب والمشارب، أقدمها تاريخاً وتجربةً المقاومةُ الفلسطينية بشتّى فصائلها، أقواها ممارسةً ومثابرةً المقاومةُ اللبنانية المتمثلة بحزب الله وحلفائه من الأحزاب القومية والإسلامية.

تعرّضت قوى المقاومة العربية أخيراً إلى ضربة قاسية نتيجةَ نجاح الولايات المتحدة الأمريكية، بالتوافق مع تركيا وفصائل مسلحة إسلامية الهوى والهوية، في ممارسة ضغوط سياسية وميدانية شديدة، أدت إلى انهيار النظام السياسي السوري وتنحي رأسه، بشار الأسد، ورحيله إلى روسيا. نجمت عن انهيار النظام السوري جملةُ تداعيات وتحديات، لعل أبرزها وأخطرها ثلاثة:

*أولاها، تفكيك وحدة سوريا بما هي «قلب العروبة النابض»، كما كان يحلو لجمال عبد الناصر أن يدعوها، إلى عدّة كيانات ومناطق تسيطر عليها، كليّاً أو جزئياً، اثنتان أو ثلاث طوائف من طوائف سوريا الست والعشرين.

*ثانيتها، قيام «إسرائيل» باحتلال قرى وبلدات ومواقع حاكمة في جنوب سوريا تربو مساحتها على نحو خُمس المساحة الإجمالية للبلاد ما أدى، بالإضافة إلى تداعيات أخرى، إلى تعطيل نشاط المقاومة على جبهة لبنان المواجهة لـِ»إسرائيل» في شمال فلسطين المحتلة.

*ثالثتها، توافر بوادر صراع مصالح وتوجّهات بين الولايات المتحدة وتركيا من جهة، والقوى الوطنية السورية والعربية من جهة أخرى على إعادة تشكيل سوريا دولةً وهويةً وتوجّهاً حضارياً.

هذه التداعيات والتحديات لا تشكّل تهديداً لأمن سوريا القومي وسيادتها فحسب، بل للأمن القومي العربي أيضاً، ما يتطلّب ارتفاع القيادات المسؤولة جميعاً، حاكمين ومعارضين ومقاومين، إلى مستوى الأخطار المحدقة بسوريا، كما بالأمة واتخاذ المواقف والتدابير العملية الكفيلة بمواجهتها والتغلّب عليها، لذا يقتضي أن تدرك القوى الوطنية عموماً وقوى المقاومة الفلسطينية والسورية والعربية خصوصاً، أنها ليست في مواجهة ضارية ضد الكيان الصهيوني العدواني فحسب، بل في مواجهةٍ غير مباشرة أيضاً مع الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الإقليميين وأذرعها المحليين، ذلك كله يستدعي، في ضوء ما جرى ويجري، استخلاص الدروس والعِبر، والشروع تالياً في وضع استراتيجية جديدة متكاملة للمقاومة العربية، قطرياً وقومياً، تراعي الحقائق والمتطلّبات الآتية:

أولاً: السلاحان الأمضى للعدو الصهيوأمريكي: التفرقة والاقتصاد، تنطوي كينونة معظم بلدان المشرق العربي على تعدّدية عميقة ومؤثّرة، ما حمل دول الغرب الأطلسي، لاسيما الولايات المتحدة، على اعتماد التفريق والتمزيق نهجاً لتفكيك كلٍّ من لبنان وسوريا والعراق إلى مجموعة كيانات ترسو على أسس مذهبية، أو إثنية أو قَبَلية تتنازع في ما بينها، ليسهل على أمريكا كما على «اسرائيل» السيطرة عليها.

إلى ذلك، حرصت الولايات المتحدة على استخدام الاقتصاد والحصار الاقتصادي وسيلةً لإضعاف البلدان العربية المستهدَفَة. ولعل أفعل وأخطر وسائلها في هذا المجال «قانون قيصر»، الذي حرّم على الدول والشركات والهيئات والأفراد التعامل مع سوريا تحت طائلة عقوبات اقتصادية وجزائية وسياسية تُفرض على المخالفين. وقد فعل هذا الإجراء العقابي فعلَه في سوريا (إلى جانب الفساد الهائل المستشري) ما أدى إلى إفقار البلاد وتحويل جيشها، ضباطاً وجنوداً، إلى جماعة من الجياع فاقدي الإرادة والقدرة على القتال.

ثانياً: ضرورة مقاومة أمريكا بالتزامن مع مقاومة «إسرائيل»، تنشط المقاومةُ ضد «إسرائيل» حاليّاً بأشكال متعددة وبدرجات متفاوتة من الفعالية. غير أن ذلك وحده لا يكفي للحدّ من ضراوة الهجمة التي تشنها «إسرائيل» بدعمٍ سافر من الولايات المتحدة، ما يستوجب مقاومة أمريكا بالتزامن مع مقاومة الكيان الصهيوني.

صحيح أن الولايات المتحدة دولة كبرى قوية وغنية ومسيطرة في أنحاء ومواقع شتى في العالم، لكن ذلك لا يحول دون التصدي لها ومواجهتها ودحرها. ألم تُهزم في أفغانستان واضطرت إلى الانسحاب منها بصورة مهينة؟ ألم تُضطر، قبل ذلك، إلى سحب قواتها المحتلة من العراق سنة 2009 تحت وطأة مقاومةٍ فاعلة ومتصاعدة من العراقيين الأحرار؟ نعم، تستطيع فصائل المقاومة العربية مقاومة أمريكا ومشاغلتها في ساحات عدّة وإلحاق الأذى بها وإرهاقها، ذلك أن لا سبيل إلى إلحاق هزيمة كاسحة ونهائية بالكيان الصهيوني، إلاّ بنجاح الفلسطينيين والعرب بإلحاق أضرار وخسائر فادحة بأمريكا تشعر جرّاءها بأن «إسرائيل» باتت عبئاً ثقيلاً عليها.

ثالثاً: المقاومة المجدية هي المقاطعة الشعبية لمنتجات حلفاء «إسرائيل»، في الصراع حاليّاً ما زال ميزان القوى مائلاً لمصلحة العدّو الصهيوأمريكي. ذلك يستوجب، في ضوء التطورات الميدانية والسياسية الأخيرة في لبنان وسوريا، إعادة النظر باستراتيجية قوى المقاومة العربية على نحوٍ يؤدي إلى اعتماد المقاومة المدنية بالدرجة الأولى والتركيز عليها، ذلك لا يعني التخلي عن المقاومة الميدانية، بل إعطاء الأولوية للمقاومة المدنية لأنه، في حال اعتماد المقاطعة الشعبية لمنتجات دول الغرب الأطلسي المتحالفة مع «إسرائيل»، تصبح المقاومة المدنية أوسع وأفعل من المقاومة الميدانية.

لتفعيل المقاومة المدنية، وجوهرها المقاطعة الشعبية لمنتجات دول الغرب الأطلسي المتحالفة مع «إسرائيل»، مسوّغات وشروط أبرزها أربعة:

(ا) أرجحية نجاحها، لأنه لا قدرة البتة للسلطات الحاكمة الممالئة للعدو الصهيوأمريكي على أن تملي على المواطنين وسائر السكان رغبات وأذواق دون غيرها، ما يتيح لهم حرية واسعة في شراء منتجات معينة، أو الامتناع عن شراء واستهلاك منتجات أخرى.

(ب) من شأن المقاطعة الشعبية لمنتجات الدول المتحالفة مع العدو تشجيع المنتجات الوطنية وتسويقها واستهلاكها، الأمر الذي يعزّز الاقتصاد الوطني بكل مرافقه.

(جـ) إن فعالية حملة المقاطعة الشعبية لمنتجات الدول المتحالفة مع العدو الصهيوأمريكي تتوقف على مدى اتساعها، الأمر الذي يستوجب أن تكون بشتى فعالياتها على مستوى الوطن العربي برمته.
(د) كلّ ما تقدّم بيانه يستوجب أن تكون لحملة المقاطعة الشعبية المطلوبة قيادة عربية مركزية عليا، وقيادات قطرية متفرّغة لأفرعها الممتدة على مدى عالم العرب، على أن تكون كلها مستقلة تماماً عن السلطات الحاكمة وقادرة على الصمود والمثابرة.

إن عدم الاستهانة بأهمية المقاطعة الشعبية لمنتجات الدول المتحالفة مع العدو الصهيوأمريكي مبني على وجود طاقات بشرية عربية مليونية مستهلِكة لآلاف ملايين الأطنان من مختلف أصناف المنتجات الأجنبية المدّرة على صانعيها ومسوّقيها الأجانب ودولهم من المداخيل والضرائب تريليونات الدولارات من جهة، ومن جهة أخرى لأن مردودها العملي ايضاً سيكون بالتأكيد كبيراً جداً على الصعيد السياسي والاقتصادي والمعنوي، ما يعزّز قدرات العرب على مواجهة العدو، والتغلب عليه في زمنٍ تشكو فيه الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية المتحالفة معها تداعيات سلبية عالية التكلفة لانعكاس التضخم inflation على اقتصاداتها المنهَكَة.

عسى ألاّ يفوّت المقاومون والنهضويون العرب على فلسطين وشعوب الأمة هذه الفرصة الثمينة.

القدس العربي

مقالات مشابهة

  • ترامب: معدل الجريمة في الولايات المتحدة بلغ مستوى لم تشهده من قبل
  • كاتب أمريكي: الولايات المتحدة شريكة في إبادة الفلسطينيين.. ويجب إصدار أمر باعتقال بايدن
  • خادم الجرمين وولي العهد يعزيان بايدن في وفاة الرئيس الأسبق جيمي كارتر
  • خبير علاقات دولية: دعم أمريكا لإسرائيل ثابت في عهد بايدن وترامب
  • القيادة تعزّي رئيس الولايات المتحدة في وفاة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر
  • القيادة تعزّي رئيس الولايات المتحدة الأمريكية في وفاة الرئيس الأمريكي الأسبق
  • الملك يعزي بايدن إثر وفاة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر
  • المقاومة المجدية: مقاطعة شعبية لمنتجات حلفاء «إسرائيل»
  • ترامب وبايدن ينعيان الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر