أنصار الله.. القابضون على جمر المقاومة
تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT
يمانيون../
رغم التحدّيات التي تُحيق بمختلف ساحات محور المقاومة، فإنّ أحرار اليمن، مع كل اختبار، يؤكّدون أنهم الأكثر إخلاصاً لقضايا التحرير، والأشدّ إيماناً بإمكانية الانتصار على قوى الاستعمار.
ورغم الكلفة العالية التي يسددها اليمنيون من مواردهم المادية وصولاً إلى أرواحهم، فإنّهم ملتزمون بمبادئهم على نحوٍ استثنائي، ما سيدفع بتجربتهم إلى اللحاق بهذا النوع من التجارب الفريدة التي تعيش في ذاكرة البشر إلى الأبد.
يُروى في الأثر، أنه عندما سُئل محمد بن إدريس الشافعي، صاحب المذهب المعروف في الفقه الإسلامي، عن كيفية معرفة أهل الحق في أزمنة الفتن، فقال: “اتبع سهام العدو فهي تقودك إليهم”، وهي قاعدة ذهبية في علوم السياسة، وإسقاطها على الوضع الحالي في منطقة الشرق الأوسط، التي تشهد حالة عربدة “إسرائيلية” غير مسبوقة، يكفي للدلالة على معسكرات المقاومة، والتي تلاحقها سهام الاحتلال بغرض ردعها ومنعها من متابعة مشروعها.
في آخر تصريحاته، توعّد وزير الحرب “الإسرائيلي”، يسرائيل كاتس، بتدمير البنية التحتية لحركة أنصار الله في اليمن و”قطع رؤوس قادتها”، معتبراً أنها لا تزال “آخر منظمة تستهدف “إسرائيل”. ويبدو أن كاتس غارق في نشوة النصر، كما هي حال عموم وزراء حكومة نتنياهو، بالشكل الذي ساقه إلى الإقرار بضلوع “تل أبيب” في إسقاط نظام الأسد في سوريا، والاعتراف علناً للمرة الأولى باغتيال إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية، مع التذكير مجدداً بـ”نجاح” قواته في اغتيال السيد حسن في لبنان، والسنوار في قطاع غزة.
وجاء حديث كاتس بالتساوق مع التصعيد العسكري “الإسرائيلي” ضد اليمن خلال الأيام الفائتة، إذ استهدفت الطائرات “الإسرائيلية” مواقع استراتيجية في اليمن، شملت مطارَ صنعاء الدولي، فيما استهدفت غارتان محطة كهرباء حِزّيَز المركزية، جنوبي العاصمة، بالإضافة إلى قصف ميناء رأس عيسى في الحديدة بمشاركة البوارج الأميركية؛ وكان منسّق الأمم المتّحدة للمساعدات الإنسانية في اليمن، جوليان هارنيس، قد ندّد بهذا العدوان الذي حصل أثناء وجوده في مطار صنعاء، مشدّداً على أنّ المطار مرفق مدني، وليس عسكرياً، وتستخدمه الأمم المتحدة ولجان الصليب الأحمر لإيصال المساعدات.
اللافت أن ثبات صنعاء وعملياتها المتواصلة “انتصاراً لمظلومية الشعب الفلسطيني ومجاهديه ورداً على المجازر بحق الإخوة في قطاع غزة”، كما يؤكد دوماً العميد يحيى سريع، أجبرت واشنطن على النزول إلى الساحة بصورة فاضحة، وعدم الاكتفاء بدورها كداعم عسكري للاحتلال من خلف الستار. ففي الحالة اليمنية، تشن الترسانة العسكرية الأميركية ذاتها غارات ضد مواقع عسكرية ومدنية يمنية، كما جرى مؤخراً في استهداف حديقة 21 سبتمبر ومقر الفرقة الأولى مدرع وورش لإنتاج الصواريخ، عبر غارة جوية مشتركة بين أميركا وبريطانيا، وقد أدّت تلك الغارات إلى استشهاد ستة يمنيين بالإضافة إلى عدد من الجرحى.
لم تتأخر صنعاء يوماً عن تقديم الدعم لأهالي قطاع غزة، الذين يتعرضون لأبشع أنواع المجازر لأكثر من 14 شهراً، وبحسب إذاعة “جيش” الاحتلال فإن القوات اليمنية قد أطلقت نحو 20 صاروخاً وطائرة مسيرة تجاه عموم الأراضي المحتلة منذ بداية شهر كانون الأول/ديسمبر الجاري، وقد تسببت في إصابة الملايين من المستوطنين بحالة من الهلع دفعتهم إلى الفرار بحثاً عن مأوى في منتصف الليل.
وكان الإسعاف “الإسرائيلي” قد كشف عن إصابة نحو 20 شخصاً بسبب التدافع، وهم في طريقهم إلى المنطقة المحمية إثر إطلاق صاروخ من اليمن، جاء كرد سريع على “ضربة الخميس” “الإسرائيلية”.
صمودٌ يمني مرتقب في إطار حرب استنزاف قد تطول!
يجهل كثيرون حجم القدرات السياسية والعسكرية والتكنولوجية التي طوّرها “أنصار الله” وحلفاؤهم داخل اليمن على مدار الفترة الماضية، ولولا استعدادهم للتفاعل بإيجابية مع المستجدات الميدانية لما استطاعت قيادة العاصمة صنعاء مواجهة أعاصير متعددة، فالعديد من الجولات العسكرية التي خاضها اليمنيون سواء ضد خصومهم المحليين أو الإقليميين، بالإضافة إلى الصدامات المتكررة مع القوات الأميركية التي احتشدت في مضيق باب المندب لإسقاطهم، جميعها أمور منحتهم الخبرات القتالية اللازمة كما حثّتهم على تطوير كفاءتهم في تصنيع ما يحتاجونه من صواريخ وأسلحة متوسطة.
يحذّر اليوم الخبراء الإسرائيليون من الاستهانة بقدرات حكومة صنعاء والقوات المسلحة اليمنية، ويؤكدون فشل أنظمة الدفاع الجوي “الإسرائيلية”في التصدي أكثر من مرة للمسيّرات والصواريخ اليمنية، مشيرين في الآن ذاته إلى قدرة ساحة المقاومة اليمنية على الصمود لفترات طويلة وممتدة، ذلك بسبب توافر مخزون هائل من الأسلحة التي يمكن إنتاجها من دون تكلفة مرتفعة ما يجعلها متوافرة بسهولة.
في المقابل، فإن الغارات التي يشنها طيران الاحتلال تكلّف “إسرائيل” مبالغ ضخمة، خاصة في ظل الأوضاع الحالية، حيث يعاني الاقتصاد “الإسرائيلي” من إغلاق المصانع وهروب رؤوس الأموال وخفض التصنيف من جانب وكالات الائتمان الدولية، حتى في ما يتعلق بتصدي الدفاعات الجوية للصواريخ اليمينة، فإن تكلفة كل عملية اعتراض تصل إلى عشرات الآلاف من الدولارات، وهو إرهاق كبير لميزانية “جيش” الاحتلال، خاصة مع صمود اليمنيين وإصرارهم على مواصلة عملياتهم.
من المؤكد أن “تل أبيب” لديها مخطط يضمن توجيه ضربة قاضية للساحة اليمنية، على أن يتم ذلك بالتعاون مع سلاح البحرية الأميركي. في المقابل، يسعى اليمنيون بحكمتهم المتوارثة إلى تأمين جبهتهم الداخلية من جهة، وتجنّب اللكمة “الإسرائيلية” العنيفة من جهة أخرى، وذلك عبر إجبار العدو على خوض حرب استنزاف طويلة ومرهقة، يكون فيها “جيش” الاحتلال مضطراً إلى “السفر” نحو ألف ميل لخوض معارك ضد ساكني الجبال، الذين يصعُب الوصول إليهم وإعاقتهم.
في العموم، تواجه “إسرائيل” ثلاثة تحديات في ما يتعلق باليمن
الأول، ما يمثله بقاء الساحة اليمنية مشتعلة من مصدر إلهام لجمهور المقاومة، الذي يشعر أنه يعيش أيامه الأصعب منذ اغتيال نصر الله ثم ما تلاه من أحداث وصولاً إلى سقوط النظام السوري، ويجد في استمرار إطلاق الصواريخ من اليمن تجاه “إسرائيل” ما يجعله متفائلاً بخصوص المستقبل وإمكانية استعادة زمام المبادرة، ومن ثمّ تحقيق النصر.
الثاني، عدم قدرة أجهزة الاستخبارات “الإسرائيلية” على اختراق بيئة المقاومة في اليمن، لظروف متعددة تتعلّق، من ناحية، بمتانة البناء الأيديولوجيّ، ومن ناحية أخرى، بطبيعة البلاد الجغرافية والديمغرافية كذلك.
الثالث، حاجة الكيان “الإسرائيلي” إلى مشاركة أوروبية وأميركية أوسع، لعدم قدرة “جيش” الاحتلال على تحمّل كلفة هذا النوع من العمليات البعيدة نوعياً من دون مساندة مباشرة من حلفائه، وهو أمر محل شك حالياً بالنظر إلى الظروف الدولية.
لا شك أن صنعاء تعي اليوم أنها تمثل الكثير بالنسبة إلى العرب والمسلمين، وعليها أن تحافظ على وجودها كساحة مقاومة داعمة للقضية الفلسطينية، لكن بكياسة وفطنة في الآن ذاته.
لقد ضرب أحرار اليمن نموذجاً لصمود طويل في وجه التحديات العسكرية والسياسية والاقتصادية، وفي مواجهة الظروف الصعبة التي تعيشها عموم المنطقة، ولا مفر من الاعتراف بأن إصرارهم على القتال، رغم الحصار والحرب المستمرة، ما يعكس عقيدة صلبة وإيماناً من مستوى آخر، لم يعد له مثيل في العالم، وجميع ما سبق يجعلهم بالفعل بارقة أمل للعديد من الأطراف التي تتشبث بخيارات المقاومة والصمود.
الميادين – السيد شبل
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: فی الیمن
إقرأ أيضاً:
أمّة المقاومة.. مقاومة الأمّة
ميزة الأمّة في المصطلح أنها عنوان جامع عابر للحدود الجغرافية والعرقية واللونية واللسانية، ولأنها أمّة فهي في ذاتها عصيّة على الزوال والاندثار والضعف؛ وما يبدو في بنيتها العامة من توزّع وانتشار واختلاف في المناطق والبلاد هو في الحقيقة عامل ديمومة وقوة وانتصار طالما أنه مشدود إلى الهدف نفسه والغاية نفسها، وأي هدف وغاية أوثق من المقاومة كخيار وثقافة ونهج وأسلوب ومسار!؟ هنا تكمن عناصر القضية.
بالأمس ودّعت أمّة المقاومة التي اجتمعت من جهات الأرض “قائداً تاريخياً استثنائياً.. وطنياً، عربياً، إسلامياً، وهو يُمثل قبلة الأحرار في العالم”؛ كما عبّر الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم خلال مراسم تشييع الأمينَينِ العامَّينِ لحزب الله سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله وخليفته الشهيد الهاشميِّ السيد هاشم صفي الدين. هذه الصفات الجوهرية التي لخّصها سماحة الشيخ قاسم في تعريف السيد الشهيد هي في الواقع تجسّد عناصر الأمّة التي قادها تحت عنوان المقاومة، والتي أرادها أن تتنكّب عبء المسؤولية في المبادرة والفعل لتصبح المقاومة في هذا المنحى عقيدة إيمانية أكثر منها خياراً تقتضيه ضرورة القيام لنيل الحرية والاستقلال.
أمّا مقتضى الرسوخ في ثقافة المقاومة، فهو يفترض إلى جانب العزم والإرادة والفعل وجود صلة تسمو فوق أصول المعرفة وقيود الاتصال والتواصل، وهو الحب، ولا تقف هذه القيمة الإنسانية السامية عند حدود الاقتناع بالفكرة والهدف أو الغاية والاتجاه بل تتجاوز أساسات القضية لتصل إلى التعلّق بالشخص – الرمز، وهي الميزة التي التصقت بسيّد شهداء الأمّة في تقويم أحاسيس ومشاعر الملايين الذين عشقوه دون أن يعرفوه أو يكون له أي صلة مادّية بهم، فتعلّقوا به وتبعوه وناصروه وأخلصوا له في حبّهم، فأتى من أتى في الحضور ومن لم يحضر شيّعه كأن القائد الشهيد حاضراً لديه، وهو بذلك “حبيب المجاهدين وحبيب الناس، حبيب الفقراء والمستضعفين، حبيب المعذبين على الأرض، حبيب الفلسطينيين”.
هي الأمّة التي أيقظها السيد الشهيد من سباتها واستنهضها من ركود خلال ثلاثة عقود من المقاومة، وسارت معه قوافل ممتدّة من الشهداء والجرحى والأسرى، وخلفه اصطفت المجتمعات الصغيرة من الأسر الصابرة، ترعاها أمّهات ربّت أجيالها على حب المقاومة، وحجزت لنفسها مكاناً فاعلاً ومتفاعلاً في مراتب الأمّة، حتى غدت هذه المجتمعات في سيرورة متنامية فتحوّلت إلى مجتمعات كبيرة كسرت قيد الجغرافيا واللغة والانتماء العرقي والطائفي، وتعملق قرار المقاومة الذي أطلقه ليصبح خياراً ترفع لواءه الجموع التائقة إلى الانعتاق من أسر الاحتلال، واستطاع بحكمته وذكائه وشجاعته أن يؤسس للصلة التي يلتقي فيها المقاومون على هدف واحد، وهو تحرير فلسطين والمسجد الأقصى من الاحتلال الصهيوني.
اجتمعت الأمّة على خيار المقاومة، فأصبحت المقاومة دليلاً على الهوية وإليها، واستحالت سلاحاً في رحم الأحرار ومنهم، وهم الذين رأوا فيها القوّة التي ترفعهم من حضيض الاستكانة إلى قمّة التحرّك، ورأوا في السيد الشهيد الترجمة الفعلية للقيادة المؤهلة التي ستأخذ بأيديهم إلى تحقيق هدفهم الأسمى، فأضحى السيد نصر الله قبلة الأحرار في كل العالم، و”قاد المقاومة إلى الأمة وقاد الأمّة إلى المقاومة، فأصبحنا لا نميز بين مقاومةٍ وأمة..”، فكلّما كانت الأمّة ملتصقة بخيارها المقاوم ومخلصة في اتجاهاتها تحولّت إلى مقاومة يخوضها الأحرار، حيثما كانوا وأينما وجدوا، فتصبح أمّةُ المقاومة مقاومةَ الأمّة لا انفكاك في ذاتية كينونتها وعوامل قوتها، وتصبح الأمّة نفسها هي المقاومة التي تدافع عن الأمّة وتحميها وتقاتل من أجلها، موضع الروح من الجسد، فإذا انفصلت عن مقاومتها تحوّلت إلى كيان هشّ ضعيف لا حول له ولا قوة، وهذا لا يكون إلا بالتضحية والفداء وبذل الأنفس والأموال والأرزاق صبراً على ضيق إلى حين أوان الانتصار.
إنها الأمّة التي تحدث عنها سماحة الشيخ قاسم، والتي حضرت في مليونيتها السامية في تشييع سيد شهداء الأمة، وقد استشهد وجرح من أجلها عشرات آلاف المقاومين من القادة والمجاهدين في لبنان وفلسطين والعراق وسورية واليمن وإيران خلال معركتي “طوفان الأقصى” و”أولي البأس” حتى فرضت المقاومة حالاً من المراوحة الميدانية، ما اضطر العدو الصهيوني إلى طلب وقف إطلاق النار على غرار ما حصل في قطاع غزة، فوافقت القيادة على ذلك حرصاً على مصلحة المقاومة ولبنان باستمرار القتال غير التناسبي وتحقيق الأضرار من دون أُفق سياسي ولا ميداني”، لتنتقل المقاومة إلى مرحلة جديدة تختلف بأدواتها وأساليبها وكيفية التعامل معها”، وجوهر المرحلة هو أن المقاومة أنجزت ما عليها من ردع للعدوان، ومنعته من إسقاط الكيان اللبناني وإلحاقه بحظيرة الكيانات التابعة له، ويبقى على الدولة اللبنانية أن تتحمل مسؤوليتها في الردع واستكمال التحرير.
حسم سماحة الشيخ قاسم في كلمته جملة من المحدّدات على المستويين السياسي والميداني، تشكّل بمجموعها برنامج عمل حزب الله في المرحلة المقبلة، وأعلن بداية حقبة جديدة في أداء الحزب والمقاومة على مستوى لبنان والمنطقة والعالم، كما أكد على جملة من الثوابت التي تلبّي طموحات الأمة وتطلعاتها، وأهمها:
– المقاومة حق وواجب ولا يمكن لأحد سلبنا إيّاه، وهي خيارنا الإيماني والسياسي ما دام الاحتلال وخطره موجوداً نُمارس حقنا في المقاومة بحسب تقديرنا للمصلحة والظروف، ولا يُثنيها من يُعارضها، وتقتلع المُحتل ولو بعد حين، والنصر النهائي حتميٌ ومطلق.
– أي هجوم تشنّه “إسرائيل” على لبنان لم يعد مجرد “خروقات” بل هو بمنزلة “احتلال وعدوان”، والمقاومة قوية عدداً وعدّة وشعباً ولا تزال مستمرة بِحضورها وجهوزيتها، وستمارس العمل المقاوم بالأساليب والطرق والتوقيت انسجاماً مع المرحلة وتقدير القيادة.
– لن نقبل باستمرار قتلنا واحتلالنا ونحن نتفرج، ولا يُمكن لِأحد أن يطلب منا بأن ننكشف وأن نُقدم ما لدينا من قوة لِيتحكّم بِنا العدو.
– الرفض المطلق للمساعي الأمريكية للتحكم بلبنان، “لن يأخذوا بالسياسة الذي لم يأخذوه بالحرب”.
– المسؤولون في لبنان يعرفون توازن القوى، وسنتابع تحرك الدولة لِطرد الاحتلال ديبلوماسياً، ونَبني بعد ذلك على النتائج. ونُناقش لاحقاً استفادة لبنان من قوته عند مناقشة الاستراتيجية الدفاعية.
– المشاركة في بناء الدولة القوية والعادلة، والإسهام في نهضتها على قاعدة المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات وتحت سقف اتفاق الطائف..” لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه ونحن من أبنائه”.
– التأكيد على ثلاث ركائز أساسية في سياق بناء الدولة، وهي إخراج المحتل وإعادة الأسرى، وإعادة الإعمار والترميم والبنى التحتية كالتزام أساسي، وإقرار خطة الإنقاذ والنهضة الاقتصادية والمالية والإدارية والقضائية والاجتماعية.
– الحرص على مشاركة الجميع في بناء الدولة، وعلى الوحدة الوطنية والسلم الأهلي.
– فلسطين حق وهي بوصلتنا، ندعم تحريرها.. ونستمر على العهد.
ولعلّ البند الأهمّ في المحدّدات والثوابت التي أعلنها الأمين العام لحزب الله هي في تأكيد التحالف بين حزب الله وحركة أمل، والذي لا يقف عند وحدة المذهب الشيعي بقدر ما يتجسّد في تحالف شامل وتنسيق متكامل في المواقف ولا سيّما في الملفات الداخلية أولاً وثانياً في الاستحقاقات المقبلة التي تبدأ عند الانتخابات البلدية والاختيارية ولا تنتهي عند الانتخابات النيابية العام المقبل، فهذا “التحالف تعمّد بالدم والتضحية والعطاءات والمقاومة والمواجهة، وإننا واحدٌ في الموقف وواحدٌ في الخيارات وواحدٌ في السياسة”.
إن قراءة ملخّصات المواقف التي وردت في الكلمة المفصلية لسماحة الشيخ قاسم تفيد بأنها حملت رسالة واضحة وأكيدة لكل الأفرقاء في الداخل والخارج، وخصوصاً أولئك الذين راهنوا قبل العدوان الصهيوني وخلاله وبعده على سراب الوهم الأمريكي بهزيمة حزب الله، أن المقاومة باقية ومستمرة بقوتها وعزيمتها الراسخة في مواجهة المحتلّ وإحباط المخططات الأمريكية الرامية للهيمنة على لبنان وقراره وسيادته، وأن لا أحد قادراً على أن يضعف أو يلغي حضور حزب الله السياسي في تشكيل القرار الوطني، وأقوى دليل على ذلك إسهام الحزب في انتخاب العماد جوزف عون رئيساً للجمهورية وتسهيل تكليف نواف سلام لتشكيل الحكومة، وفرض الخيارات المناسبة في تسمية الوزراء الشيعة في هذه الحكومة. أما المظهر الأقوى يبقى للأحرار الذين تقاطروا من لبنان وخارجه وأثبتوا صدق وفائهم للمقاومة بحضورهم المليوني المبارك في مراسم تشييع السيدين الشهيدين، وأكّدوا أنهم أمّة المقاومة.