سيرة أمير العمرى المُدهشة(2-3)
تاريخ النشر: 29th, December 2024 GMT
تبدو لنا سيرة أمير العمري، المهاجر من القاهرة إلى لندن، ومن مهنة الطب إلى النقد السينمائى مُدهشة أو شديدة الادهاش ليس فى رؤاه وذكرياته عن السينما، وإنما فيما تتضمنه من بوح صريح وتصورات خارج الحسابات بشأن كثير من المثقفين والإعلاميين والشخصيات العامة.
إنه يُقدم لنا حكاياته عن لندن عاصمة الصحف العربية، وممر أجهزة الاستخبارات، ومقر الاتفاقات السرية، ومنفى الخارجين عن السياق السياسي، وبيت المثقفين الغرباء.
يحكى لنا أمير العمرى عن برج «ستيوارت تاور» وهو برج كبير يقع فى حى راق هو ماى فير، أطلق عليه المثقفون برج الموت، لأنه شهد سقوط غريب لليثى ناصف قائد الحرس الجمهورى الأسبق، وفيما بعد شهد سقوط سعاد حسني. وقد سكن فيه الكاتب محمود السعدنى خلال رحلة نفيه، وكان يُمازح أصدقاءه بأنه اختار الدورالأرضى حتى يضمن السلامة. وقد التقى صاحب السيرة بـ عبد المجيد فريد الذى كان أمينا للعاصمة فى عهد جمال عبد الناصر فى البرج الشهير حيث فتح مكتبا له تحت مُسمى» مركز دراسات عربي» بعد أن حصل على تمويل مالى كبير من صدام حسين، غير أنه لم يقم بأى نشر ثقافي.
ويحكى لنا صاحب السيرة، كيف ترك صحيفة «القدس العربي» بعد سنوات طويلة من العمل فيها بسبب مناقشة ساخنة مع عبد البارى عطوان رئيس تحريرها. لقد شعر العمري» بأن الصحيفة هى الصحيفة العربية الوحيدة التى تؤيد صدام فى احتلاله للكويت، وتقف إلى جواره . وحاول رئيس التحرير كعادته، تحويله لمتهم فقال له «إذن اذهب وحارب مع الأمريكان»، واعتبرها «العمري» إهانة كبيرة، فكتب مذكرة من 15 صفحة أوضح فيها كيف ستخسر القضية الفلسطينية جراء مساندة نظام صدام، وقد كان.
وهو ممن يجزم–من خلال عمله لسنوات طويلة بعد ذلك فى هيئة الإذاعة البريطانية «بي.بي.سي» -أن ما قاله محمد حسنين هيكل قبيل وفاته بأن الهيئة أحد أذرع المخابرات البريطانية الخارجية، وأن منحها مقرا بالقاهرة أشبه بمنح بريطانيا قاعدة عسكرية مبالغة فى غير محلها. إنه يُشير إلى أن بي.بي.سى تتلقى تمويلا من الخارجية البريطانية، لكن سياستها تُركز على نشر قيم التنوير والديمقراطية والتعددية والانفتاح، ولم يحدث مرة أن تدخل مسئول من وزارة الخارجية او غيرها فى الأعمال المذاعة كما يحدث على الطريقة العربية.
ومن تجاربه أنه عمل فى فضائية «إيه إن إن» المملوكة لـ رفعت الأسد المُنشق على نظام الأسد فى سوريا، وأقيمت فى لندن وأشرف عليها سومر نجل رفعت الأسد وتم تشغيلها بتمويل خليجي. وفى يوم طلب منه سومر التفاوض مع صاحب وكالة صحفية لتزويد القناة الفضائية بالأخبار، وفوجئ بأن ذلك الشخص يطلب مليون جنيه استرليني، ويعرض عليه عمولة عشرة فى المئة. ولما ذهب وأخبر سومر، تم اقصاؤه عن العمل، لأن سومر كان يسرق أباه ويحصل على عمولات من أى اتفاقات كبرى بعيدا عنه.
وفى 1996 عمل بالجزيرة رئيسا لتحرير النشرات وهناك التقى بعشرات النجوم اللامعين فى السياسة والميديا، لكنه لا ينسى لقاءه بالشيخ يوسف القرضاوى حيث نظر إليه نظرة تأمل غريبة ومُدققة لا تصدر إلى من شخص مخابراتي، وقد ذكرته بنظرة أخرى تلقاها من أشرف مروان عميد الجالية المصرية فى لندن عندما قدمه أحد الأصدقاء إليه، فتفحص وجهه وسأله بتشكك وحذر «من أنت؟». وفى الجزيرة أيضا يُخبرنا صاحب السيرة أن إقالة محمد الجاسم من إدارة القناة سنة 2003 تمت لأن القطريين اكتشفوا وقتها وجود ثلاثة عملاء للمخابرات العراقية بين العاملين.
وللحكايات بقية ..
والله أعلم
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مصطفى عبيد مهنة الطب أمير العمري
إقرأ أيضاً:
باريس ينتصر على لندن ويُدوّن فصلاً جديدًا في حلم الأبطال
في ليلة أوروبية هادئة على سطحها، وصاخبة في تفاصيلها، خرج باريس سان جيرمان من ملعب “الإمارات” بثقل هدف، وخفة انتصار.
انتصر ليس مجرد رقم على لوحة النتيجة، بل رسالة مُعنونة بخط أنيق: “باريس جاء ليفرض اسمه بين الكبار”.
أمام جمهور غفير، وأجواء مشحونة بطموحات آرسنال الباحث عن المجد، نجح الفريق الباريسي في خطف فوز ثمين بهدف نظيف، في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، واضعًا قدمًا واثقة في طريق النهائي المنتظر.
ديمبيلي.. بداية بطعم الحسم
ما إن بدأت عقارب الدقيقة الرابعة تتحرك، حتى قرر عثمان ديمبيلي ألا يترك للانتظار مجالًا، بتمريرة ذكية من كفاراتسخيليا، انسل الجناح الفرنسي داخل الصندوق وسدد كرة يسارية حاسمة، لم يمنح بها رايا فرصة التفكير، فكانت الكرة في الشباك قبل أن يكتمل رد الفعل.
لم يكن الهدف فقط نتيجة هجمة منسقة، بل كان تعبيرًا عن شخصية فريق يعرف متى يضرب، ومتى يتراجع بخبث الكبار.
باريس: نضج تكتيكي ودفاع فولاذي
بعد الهدف، لم يقع الفريق الفرنسي في فخ التراجع العشوائي، بل كان الانضباط التكتيكي حاضرًا، وسط تألق ثلاثي الوسط في التحكم في الرتم وامتصاص حماسة أصحاب الأرض، في الخلف، ظهر القائد ماركينيوس كجدار لا يُخترق، بينما وقف دوناروما كالحارس الذي لا يُخدع.
آرسنال: اجتهاد بلا فعالية
من جهته، لم يفتقر آرسنال للرغبة ولا للمحاولات. سيطر على فترات من اللقاء، وأقلق الدفاع الفرنسي عبر مارتينيلي وساكا، بل وكاد أن يعدّل عبر ميكيل ميرينو، قبل أن يُلغى هدفه بداعي التسلل بعد العودة إلى تقنية الـVAR.
لكن الحقيقة ظلت ساطعة؛ آرسنال افتقد للمسة الأخيرة، ولعب أمام خصم لا يغفر.
تفاصيل صغيرة صنعت الفارق
هي مباراة حسمتها التفاصيل. تمركز ذكي، تدخل في اللحظة المناسبة، وهدوء في قراءة المباراة، وباريس بدا وكأنه كتب سيناريو اللقاء مسبقًا، وترك لآرسنال فقط دور الضيف المندفع.
الإياب: اختبار العبور
الآن، تتجه الأنظار إلى حديقة الأمراء، حيث سيكون الإياب موعدًا مع الحسم.
آرسنال سيقاتل من أجل العودة، وباريس سيحاول حماية ما بناه بعرق وهدوء في لندن، بطاقة النهائي تلوح في الأفق، لكنها لا تُمنح إلا لمن يصمد مرتين، لا مرة واحدة.