معاناة الطلاب في ظل الحرب وتهميش التعليم
تاريخ النشر: 29th, December 2024 GMT
بثينة تروس
الوقوف في خانة متابعة الحرب اللعينة وتصاعد وتيرة القصف بالطيران والمدافع والمسيرات في مناطق سيطرة الطرفين، مما يؤدي إلى حصد أرواح المواطنين الأبرياء، والتبرير بأنها حرب ولا بد لها من ضحايا، هو موقف غير أخلاقي، ويعكس جهلاً بخطورة استمرار الحرب وطول أمدها في بلد مثل السودان، الذي يشهد اختلافات عرقية ومجتمعية، ويعاني من جذور المظالم والتهميش.
للسودان تاريخ طويل في الاقتتال الداخلي الذي لم يحقق أهدافه في مطالب المواطنة المتساوية والعدالة، إلا في إطار تجزئة القضايا الوطنية، واقتطاع أجزاء من أراضي البلاد لصالح فصائل مسلحة أنشأت حكومات محلية منكفئة على محاورها وخدمة بعض شعوبها. لذلك، من الخطأ التبرير لإقامة حكومة موازية لحكومة الأمر الواقع في بورتسودان، تلك التي نادت بها بعض القوى المدنية بالاتفاق مع ممثلي الحركات المسلحة. على التحقيق، إذا تم هذا الأمر، لن تشهد البلاد في مستقبلها استقراراً أمنياً ولا استدامة للسلام، بل ستكون دعوات لتقسيم الوطن وتجزئته.
وفي الجهة الأخرى، تجتهد حكومة الأمر الواقع في بورتسودان في تأكيد بعثرة البلد وشرذمته بعد قرار تغيير العملة، والتمييز بين المواطنين والتضييق عليهم بمنعهم من استخراج الأوراق الثبوتية بناءً على التهم المتعلقة بالوجوه الغريبة والسحنات القبلية. كما تم الإصرار على فتح مراكز التعليم وحرمان الآلاف من الطلاب من الجلوس للامتحانات بعد أن أعلنت وزارة التربية والتعليم تحديد امتحانات الشهادة السودانية في 28 ديسمبر الحالي، والذي يفصلنا عنه أيام قليلة، وذلك في مناطق سيطرتها ونفوذها في ولايات الشرق، نهر النيل، الشمالية، القضارف، كسلا، والنيل الأبيض، وبعض من الخرطوم.
لقد تركت هذه القرارات في حواضن مليشيات الدعم السريع المواطنين في خيارات صعبة، حيث أصبح الخيار الوحيد أمامهم هو إما أن يظل أبناؤهم خارج التعليم، أو يتم الدفع بهم إلى التجنيد في صفوف القتال من أجل الحصول على سبل للعيش على حساب أرواحهم ودمائهم. أو يضطرون إلى اللجوء إلى الأقارب وأهل الخير خارج البلاد لتمويلهم في ترحيل الطلاب إلى مراكز الامتحانات عبر رحلة محفوفة بالعنف والمخاطر، والشكوك وتهم العمالة. ولذلك، تتحمل الأمهات عبء هذه الرحلات، باعتبار أن الآباء مجابهون بمخاطر الاعتقالات التعسفية، لكنهن يقعن في حبائل الاستغلال المالي عند العبور بالارتكازات ومواقف التفتيش، مع ما يترتب على ذلك من مشقة وعناء في توفير السكن ومصاريف الترحيل لمراكز الامتحانات المتفرقة.
منذ اندلاع حرب 15 أبريل، حدثت انتهاكات لحقوق هؤلاء الطلاب، بما فيهم الأطفال دون سن الخامسة عشرة، الذين تم إجبارهم على الانضمام إلى صفوف القتال كمقاتلين في مليشيات الدعم السريع، أو تجنيدهم فيما أُطلق عليه “فلول النظام السابق” في حرب الكرامة. إن إصرار وزارة التربية والتعليم في بورتسودان على إقصاء وحرمان الطلاب خارج سيطرتها من مواصلة تعليمهم وجلوسهم لامتحانات الشهادة، يعد امتهاناً لحقوقهم ومعاقبة لهم على واقع حرب هم ضحاياها، ولم يتسببوا فيها، بل فرضت عليهم. كما فرض عليهم النزوح واللجوء. هذه القرارات بجانب الحرمان، إن تمييز الطلاب بين مناطق سيطرة الحكومة والمناطق الأخرى، خصوصاً في ظل الظروف الراهنة في السودان، يعزز الشعور بالتفرقة والتهميش.
هذا التمييز يظهر في حرمان الطلاب في مناطق معينة من حقهم في التعليم، وعدم السماح لهم بالجلوس لامتحانات الشهادة السودانية، ما يزيد من الإحساس بالظلم، ويؤدي إلى تأصيل الضغائن والأحقاد بينهم، خاصة بين طلاب كردفان ودارفور. من البديهي أن هذا سيؤدي إلى انتشار الأمية، ويعزز الفصل الحاد بين المتعلمين وغير المتعلمين في البلاد، ويؤدي إلى تكرار التجارب المؤلمة للحروب السابقة في جبال النوبة ودارفور والنيل الأزرق والجنوب، وهي كارثة تعليمية جنت منها البلاد الأميّة وانهيار المؤسسة التعليمية برمتها، وفوارق حادة بين أجيال كاملة من شباب السودان، مما يعمق ظواهر النخب والمهمشين.
السبيل لاستمرار التعليم وتفادي انهياره الكامل هو وقف الحرب، وعودة المواطنين إلى دورهم ومساكنهم آمنين، بعد خروج مليشيات الدعم السريع، ووقف الاقتتال، ووفاة التلاميذ بسبب الجوع والأمراض والتجييش، وتغيير الظروف التي دفعت بالكفاءات من المعلمين إلى خارج البلاد طلباً للأمان. كما يجب على الوزارة الالتزام بدفع رواتب المعلمين واستحقاقاتهم، وتحفظ لهم قيمتهم وكرامتهم من التسول بسبب الفقر والفاقة. إن استخدام التعليم كورقة سياسية لن يعود بالنفع على الطلاب ولا خير فيه لمستقبل البلاد.
الوسومبثينة تروسالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
إقرأ أيضاً:
مع عودة الدراسة في رمضان.. التعليم تطلق خدمة “المحسن الصغير”
أعلنت وزارة التعليم بالتعاون مع منصة إحسان عن إطلاق خدمة “المحسن الصغير” مع أول أيام الدراسة اليوم 2 رمضان.
وتهدف هذه المبادرة إلى تمكين الأطفال من التبرع للمشاريع الخيرية بطريقة سهلة ومبسطة، بما يتناسب مع اهتماماتهم ورغباتهم، وتعزيز ثقافة العطاء والإحسان لديهم منذ سن مبكرة، من خلال توفير فرص تبرع تتناسب مع أعمارهم واهتماماتهم الشخصية.
توظيف البيئة المدرسية للإحسان
أخبار متعلقة لأول مرة في المسجد الحرام.. إطلاق خدمة التحلل من النسكصور| انطلاق الفصل الثالث بالتزامن مع رمضان.. وبدء الاختبارات النهائية 19 يونيو
يأتي إطلاق هذه الخدمة بالتزامن مع عودة الطلاب والطالبات إلى مقاعد الدراسة، حيث تسعى وزارة التعليم إلى توظيف البيئة المدرسية في نشر الوعي حول أهمية العمل الخيري وتعزيز روح التكافل الاجتماعي بين الطلاب. تستمر المبادرة حتى 13 مارس، مستهدفة الفئة العمرية من 5 إلى 15 سنة.
كما تشمل المعلمين والمعلمات لدورهم التوجيهي، بالإضافة إلى الموجهين الطلابيين الذين يسهمون في تعزيز الوعي حول أهمية التبرع والعمل الإنساني، إلى جانب أولياء الأمور والمجتمع لدعم مشاركة الأطفال في هذه المبادرة الخيرية.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } دعم المنصة الوطنية للعمل الخيري "إحسان" - سدايا
حرصًا على تحقيق أهداف المبادرة سيتم تنفيذ خطة اتصالية شاملة خلال الفترة من اليوم 2 إلى 13 مارس، وتهدف هذه الخطة إلى التعريف بالخدمة المقدمة وآلية التبرع، وتسليط الضوء على المشاريع الخيرية المتاحة عبر منصة إحسان.
سيتم تنفيذ هذه الحملة عبر المدارس، والمنصات الرقمية، ووسائل الإعلام المختلفة، إضافة إلى تنظيم ورش عمل توعوية تستهدف المعلمين والموجهين الطلابيين وأولياء الأمور لضمان تفاعل الأطفال مع المبادرة بشكل إيجابي.
تنمية حس المسؤولية الاجتماعية
تعد خدمة “المحسن الصغير” خطوة مهمة في تنمية حس المسؤولية الاجتماعية لدى الطلاب، حيث تسهم في غرس ثقافة العطاء لديهم وتحفيزهم على الإسهام في الأعمال الخيرية بطرق تتناسب مع أعمارهم.
كما أن هذه الخدمة تأتي ضمن جهود وزارة التعليم المستمرة لتعزيز القيم الإنسانية والأخلاقية في نفوس الطلاب، بالتعاون مع الجهات الفاعلة في العمل الخيري مثل منصة إحسان، التي تتيح للأطفال المشاركة الفعالة في دعم المشاريع الخيرية بسهولة وأمان.
دعت وزارة التعليم جميع الطلاب والطالبات وأولياء الأمور إلى التسجيل في خدمة “المحسن الصغير” ابتداءً من اليوم عبر المنصات الإلكترونية المعتمدة، حيث يمكن للطلاب اختيار المشاريع الخيرية التي يرغبون في دعمها وفق اهتماماتهم.
كما دعت الوزارة كافة أفراد المجتمع إلى دعم هذه المبادرة والمساهمة في تعزيز ثقافة العطاء لدى الأجيال القادمة، بما يسهم في بناء مجتمع أكثر تعاونًا وتكافلًا، وترسيخ القيم الإنسانية النبيلة في نفوس الأطفال منذ الصغر.