شركات متخصصة في ألمانيا لرصد المتمارضين في العمل
تاريخ النشر: 29th, December 2024 GMT
في ألمانيا التي تواجه تحديات اقتصادية، أصبحت الزيادة الكبيرة في الإجازات المرضية بين العمال مبعث قلق كبير لأصحاب الشركات، لكنّها مصدر رزق لماركوس لينتز الذي يدير شركة متخصصة في كشف ادعاءات المرض الكاذبة لدى الموظفين.
ويؤكد لينتز المقيم في فرانكفورت، العاصمة المالية للبلاد، لوكالة الصحافة الفرنسية أن وكالته -التي تقترح التحقيق مع الموظفين المشتبه في ادعائهم المرض من دون وجه حق- لم تشهد مثل هذا الحجم من الطلب من ذي قبل.
ويقول "هناك عدد متزايد من الشركات التي لم تعد ترغب في تحمل هذا الوضع"، لافتا إلى أن وكالته تتلقى ما يصل إلى 1200 طلب من هذا النوع سنويا، في ازدياد بواقع الضعف مقارنة بالعدد المسجل قبل بضع سنوات.
ويضيف المحقق الذي يوفر هذه الخدمة منذ العام 1995 "إذا أخذ شخص ما 30 أو 40 أو في بعض الأحيان ما يصل إلى 100 يوم من الإجازات المرضية في السنة، فإنه سيصبح في مرحلة معينة غير ذي جدوى اقتصاديا لصاحب العمل".
تأثير اقتصاديمن عمالقة صناعة السيارات إلى منتجي الأسمدة، تدق الشركات الألمانية ناقوس الخطر بشأن تأثير ارتفاع معدلات الغياب بسبب المرض على أكبر اقتصاد في أوروبا.
وبات بعض رؤساء الشركات يعبّرون صراحة عن مواقفهم في هذا الموضوع، مثل أولا كالينيوس، المدير العام لشركة "مرسيدس بنز" الذي يأسف لأن "نسبة التغيب عن العمل في ألمانيا تبلغ في بعض الأحيان ضعف ما هي عليه في بلدان أوروبية أخرى".
إعلانوتصدرت شركة "تيسلا" التي يملكها الملياردير إيلون ماسك ويقع مصنعها الأوروبي للسيارات الكهربائية قرب برلين، عناوين الصحف من خلال إرسال مديرين تنفيذيين لدهم منازل موظفين متغيبين عن عملهم للتحقق من صحة مرضهم.
منذ بدء جائحة كوفيد-19، تمكن المرضى من الحصول على إجازة مرضية من طبيبهم عبر الهاتف (شترستوك)وحصل العمال الألمان على 15.1 يوما في المتوسط من الإجازات المرضية في العام 2023، مقارنة بـ11.1 يوما في العام 2021، وفق معهد الإحصاء الوطني "ديستاتيس" (Destastis).
ومن المتوقع أن يصبح هذا المنحى أكثر وضوحا في العام 2024، إذ يشير أحد صناديق التأمين الألمانية الرئيسية، "تي كاي" (TK)، إلى أنه غطى 14.1 يوما من الإجازات المرضية في المعدل لكل عامل خلال الأشهر التسعة الأولى من العام، وهو رقم قياسي.
وبحسب بيانات منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، فقد الألمان ما معدله 6.8% من ساعات عملهم في العام 2023 بسبب المرض، أكثر من الدول المجاورة مثل فرنسا وإيطاليا وإسبانيا.
رد فعل النقابات العماليةوفيما يتعقب المحقق ماركوس لينتز "المتمارضين"، فإن إرجاع الزيادة في الإجازات المرضية إلى عمليات التحايل وحدها يشكل "تبسيطا خطيرا"، على ما يؤكد معهد (دبليو إس آي) (WSI) التابع لمؤسسة هانز بوكلر المرتبطة بالنقابات الألمانية.
وهذا يرقى إلى "طمس الأسباب الحقيقية"، بحسب المديرة العلمية للمعهد بيتينا كولراوش التي تسلط الضوء على عوامل عدة بينها الزيادة في أمراض الجهاز التنفسي وظروف العمل المجهدة وضعف أنظمة الحماية الاجتماعية.
كما أن شيخوخة السكان الألمان، مع وجود نسبة كبيرة بشكل متزايد من الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 55 عاما في صفوف السكان العاملين، تشكل أحد العوامل التي تفسر هذا الوضع.
وفي فرنسا، أشارت الإحصاءات الرسمية أيضا منذ العام 2019 إلى تسارع وتيرة زيادة الإجازات المرضية في القطاع الخاص وبين العاملين بعقود الخدمة المدنية، من دون الأخذ في الاعتبار الإجازات المرضية المرتبطة بكوفيد-19.
من جهته، قال كلاوس ميشيلسن، الاقتصادي في جمعية الأعمال الألمانية إنه مهما كانت أسباب هذا الاتجاه، فإنه "يؤثر بلا شك" على أداء ألمانيا التي تعاني أصلا أزمة في نموذجها الاقتصادي.
ألمانيا تواجه تحديات اقتصادية عديدة (شترستوك) إجازات مرضية للقيام بنشاط آخروأدت زيادة الإجازات المرضية إلى انخفاض كبير في الإنتاج عام 2023، حيث سجل الاقتصاد الألماني انكماشا بـ0.3% بينما كان يفترض أن ينمو بنسبة 0.5% دون هذه الإجازات.
إعلانوأكد البنك المركزي الألماني هذه النتيجة، حيث أدت معدلات المرض "المرتفعة نسبيا" إلى "تباطؤ النشاط الاقتصادي" عام 2023.
ومنذ بدء جائحة كوفيد 19، تمكن المرضى الذين يعانون أعراضا خفيفة من الحصول على إجازة مرضية من طبيبهم عبر الهاتف، وأدت هذه الآلية، بحسب منتقديها، إلى تسهيل المهمة على الراغبين في استغلال الوضع.
وتتفاقم هذه الظاهرة من خلال عمليات التسجيل الأكثر انتظاما للإجازات المرضية، وهو نظام جديد يسمح للأطباء بتحويل الإجازات المرضية تلقائيا إلى صناديق التأمين الخاصة بالمرضى.
أما بالنسبة إلى "المتمارضين" الذين رصدهم ماركوس لينتز، فإن نسبة كبيرة منهم على حد قوله يستخدمون الإجازات المرضية للقيام بنشاط آخر بالتوازي.
ومن بين هؤلاء، زوج يساعد في الأعمال التجارية الصغيرة لزوجته، أو موظفون يستغلون الإجازة المرضية طويلة الأمد لتجديد مساكنهم.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
ألمانيا وإسبانيا يختاران المغرب لتشكيل تحالف ثلاثي لتعزيز الأمن المشترك
زنقة 20. الرباط
أجرى المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني، عبد اللطيف حموشي، زيارة عمل لمملكة إسبانيا، خلال يومي الثلاثاء والأربعاء 28 و29 يناير الجاري، وذلك على رأس وفد أمني هام يضم مدراء ومسؤولين بالمصالح المركزية لقطب المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني.
وذكر بلاغ للقطب أن هذه الزيارة جاءت بطلب من المدير العام للشرطة الوطنية الإسبانية، للمشاركة في اجتماعات ثنائية لتوسيع مجالات التعاون الأمني وتعزيز تبادل الخبرات في مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، فضلا عن المشاركة في اجتماعات أمنية ثلاثية تضم كلا من المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني بالمملكة المغربية، والمدير العام للشرطة الوطنية بإسبانيا، بالإضافة إلى رئيس الشرطة الفيدرالية بدولة ألمانيا الاتحادية.
اجتماعات ثنائية لتقوية التعاون الأمني المغربي الإسباني
تميز الشق الأول من أشغال هذه الزيارة بعقد اجتماع ثنائي بين المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني والوفد المرافق له، مع المدير العام للشرطة الوطنية الإسبانية الذي كان مصحوبا بالمفوض العام للاستعلامات، والمفوض العام للهجرة والحدود، والمفوض العام للشرطة القضائية، والمفوضة الممتازة المسؤولة عن التعاون الأمني الدولي.
وقد تناولت المباحثات المنجزة في إطار هذا الاجتماع تقييم مستوى الشراكة الأمنية بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف ومختلف صور الجريمة العابرة للحدود الوطنية، بما فيها الهجرة غير الشرعية والاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية والجرائم المرتبطة بالتكنولوجيات الحديثة وبالأمن الرياضي، وكذا استعراض التحديات والتهديدات المحدقة بأمن البلدين وسبل مكافحتها من منظور مشترك.
كما أشاد الجانبان بمستوى وحجم التعاون الثنائي في المجال الأمني، وبنجاعة العمليات المشتركة والمتزامنة التي تباشرها المصالح الأمنية المغربية والإسبانية لتحييد مخاطر التنظيمات الإرهابية والعناصر المتطرفة التي تهدد أمن البلدين، كما شدد الطرفان على ضرورة وأهمية تدعيم هذا التعاون في ظل الرهانات والتطلعات المشتركة بين البلدين.
وفي أعقاب هذا الاجتماع، تم عقد سلسلة لقاءات موضوعاتية، شارك فيها الخبراء والمسؤولون الأمنيون المغاربة والإسبان المكلفون بقطاعات أمنية محددة، وبحثوا خلالها آليات توطيد التعاون المتقدم بين المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني والمفوضية العامة للاستعلامات بإسبانيا، في المواضيع المرتبطة بتقوية التعاون المشترك لمكافحة خطر التهديد الإرهابي وتجفيف منابع التجنيد والاستقطاب لفائدة التنظيمات المتطرفة.
كما ناقش الخبراء المغاربة والإسبان سبل تدعيم التعاون الثنائي في مجال البحث الجنائي والشرطة القضائية ومكافحة مختلف صور الجريمة المترابطة التي تتقاطع مع الحدود الوطنية لكلا البلدين، لاسيما جرائم الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية والاتجار في المخدرات والمؤثرات العقلية ومختلف صور الجريمة الاقتصادية والمالية، وكذا الجرائم المعلوماتية الماسة بنظم المعالجة الآلية للمعطيات.
وفي نفس السياق، اتفق الطرفان على توسيع نطاق التعاون ليشمل مضاعفة عمليات التسليم المراقب للمخدرات، وإحداث فرق مشتركة لمواجهة مختلف التهديدات الإجرامية الناشئة، فضلا عن التفكير في خلق لجنة أمنية مشتركة لاستشراف مختلف التحديات الأمنية المرتبطة بالتنظيم المشترك لكأس العالم في سنة 2030.
كما تباحث المسؤولون عن قطبي التعاون الأمني في البلدين آليات تيسير التنسيق الأمني المشترك، وسبل الدفع قدما بمستويات التعاون في مجال المساعدة التقنية والتكوين الشرطي، فضلا عن تقييم مردودية ضباط الاتصال العاملين في كلا البلدين، والإمكانات المتاحة لتطوير وتدعيم دورهم في تبسيط وتسريع التعاون الثنائي بين المصالح الأمنية في كلا البلدين.
ائتلاف ثلاثي مغربي إسباني ألماني لتعزيز التعاون المشترك في المجال الأمني
تميزت هذه الزيارة أيضا بعقد اجتماع ثلاثي ضم كلا من المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني بالمملكة المغربية، والمدير العام للشرطة الوطنية الإسبانية، بالإضافة إلى رئيس الشرطة الفيدرالية بدولة ألمانيا الاتحادية.
وقد تناولت أشغال هذا الاجتماع الثلاثي دراسة آليات توسيع مجالات التعاون المشترك ليشمل الأجهزة الأمنية في البلدان الثلاثة، وسبل تقوية التنسيق الثلاثي في مجال المساعدة التقنية وفي ميدان التعاون الأمني العملياتي.
وانصبت المباحثات المنجزة في إطار هذا الاجتماع المتعدد الأطراف على ضرورة تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب ومختلف صور الجريمة ذات الامتدادات العابرة للحدود، لاسيما شبكات الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين والهجرة غير الشرعية، وعصابات الإجرام المنظم التي تنشط في الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية وغسيل الأموال، وكذا الجرائم المستجدة المرتبطة بالتهديدات السيبرانية والابتزاز المعلوماتي.
كما تناولت المباحثات الثلاثية المنجزة أهمية تبادل الخبرات والتجارب والممارسات الفضلى الكفيلة بتأمين التظاهرات الرياضية الكبرى، وتوفير الأجواء الآمنة لإنجاح هذه الأحداث الكروية الدولية، خصوصا في ظل استعداد المغرب وإسبانيا لتنظيم كأس العالم لكرة القدم في سنة 2030 بمشاركة البرتغال.
وقد تميزت أشغال هذه الاجتماعات بتطابق وجهات نظر الوفود الأمنية الثلاثة، وتأكيدها على أهمية وضرورة تعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات الأمنية، بما يسمح بتحييد ودرء سائر المخاطر والتهديدات المتنامية على الصعيدين الإقليمي والدولي.