*أهلي في الضعين، لكم الله! قالوا تشكيل حكومة! يقولون!*
*الفوضى ليست صدفة؛ والجنجويد يصنعون الفوضى*
*محمد جلال أحمد هاشم*
28 ديسمبر 2024م
لفيف من النخب الأغبياء، تجار السياسة والحروب، زعموا أنهم ينوون تشكيل حكومة في مناطق سيطرة مليشيات الجنجويد المجرمة. أوكي! هكذا يقولون!
★★★
أولا، هذا يعني أنه، عملياً حتى الآن، لا توجد أي حالة من حالات نظامية الدولة Order of State في هذه المناطق التي يُزعم بأنها تحت سيطرة مليشيات الجنجويد المجرمة.

ما يعني أنها مناطق محكومة بالفوضى وانعدام القانون وبالتالي انعدام الأمن العام والخاص.
★★★
ثانيا، لماذا الآن؟ لماذا لم يحدث هذا منذ لحظة تحقق هذه السيطرة المزعومة؟ الحقيقة الماثلة للعيان والتي عايشناها جميعا هي أنه لا توجد أي منطقة في السودان يمكن أن توصف بأنها تحت سيطرة مليشيات الجنجويد المجرمة.
★★★
ثالثا، التوصيف الحقيقي للوضع في السودان الآن هو على النحو التالي: هناك مناطق لا تزال تتمتع بحالة نظامية الدولة Order of State ويسود فيها حكم القانون وتتواجد بها مختلف مؤسسات الدولة الرسمية وكذلك المؤسسات الاجتماعية والثقافية والسياسية غير الرسمية وتعمل كلها بطريقة روتينية برغم حالة الحرب. ثم هناك مناطق فقدت ميزة التمتع بحالة نظامية الدولة حيث تم استبدالها بحالة لانظامية اللادولة Disorder of Statelessness، ذلك بسبب تواجد مليشيات الجنجويد المجرمة التي ليس فقط لا تعرف كيف تعيش في ظل نظامية الدولة، بل تعمل بحكم طبيعتها على تسييل كل ملامح نظامية الدولة، وبالتالي تسود الفوضى ويغيب أي شكل روتيني لنظامية الدولة وحكم القانون.
★★★
رابعا، بالنسبة للحالمين (لكن ليس الأغبياء والمواهيم) الذين يحلمون بتشكيل حكومة فيما يزعمون أنها مناطق سيطرة مليشيات الجنجويد المجرمة، نقول لهم إنه ليس فقط لا توجد مناطق في أي بقعة في العالم بهذا التوصيف، بل الحقيقة التي يعرفها حتى الأطفال الآن هي أنه أينما وُجدت مليشيات الجنجويد المجرمة غابت كل معالم نظامية الدولة وبالتالي، ليس فقط لا توجد حكومة، بل يستحيل وجود حكومة مع وجود مليشيات الجنجويد المجرمة.
★★★
لقد ظللنا نصف الكيزان بالغباء منذ حسن البنا إلى حسن الترابي إلى ود حسن البشير! وقد تجلى غباؤهم هذا بما لا يمكن حصره، لكن أكثره وضوحا هو تخلفهم عن ركب البشرية بأربعة قرون (على أقل تقدير) حيث إنهم، على شدة طلبهم للسلطة والحكم، عجزوا عن أن يستوعبوا أحد أخطر منجزات البشرية فيما يتعلق بالدولة والحكم، ألا وهو مؤسسة الدولة الوطنية الحديثة وفق الشروط الويستفالية التي تبلورت بعد التوقيع على اتفاقية سلام ويستفاليا عام 1648م. وليثبتوا غباءهم هذا، بعد أن سيطروا على مؤسسة الدولة الوطنية بانقلاب عسكري، أنهم أرادوا أن يصنعوا من الفسيخ شربات، ذلك باستبدال مؤسسات ممارسة العنف الشرعي في الدولة الوطنية الحديثة (الجيش، الشرطة، والأمن) المليشيات. فكان أن اصطنعوا لأنفسهم مليشيات “الدفاع الشعبي” ثم “الشرطة الشعبية” وكذلك “الأمن الشعبي”، فتصوروا!
★★★
وليتهم، الكيزان، اكتفوا بهذه الدرجة من الغباء، لكنهم أرادوا، كما هو العهد بهم، أن يثبتوا للشعب وللتاريخ أنهم فعلا يفوقون سوء الظن العريض. فقد انتهى بهم الأمر من حيث تخلفهم عن ركب البشرية ومن حيث عدم إيمانهم بمؤسسة الدولة الوطنية الحديثة وفق الشروط الويستفالية أن اصطنعوا لأنفسهم المليشيات التي يمثل محض وجودها على الأرض نفياً لمؤسسة الدولة الوطنية الحديثة وفق الشروط الويستفالية وتسييلاً لها، ألا وهي مليشيات الجنجويد المجرمة. لا غرو أن ما نابنا من ذلك، نحن الشعب السوداني، هو حصدُ الشباب: هذه الحرب!
★★★
وبعد؛ لقد ذهب الكيزان (بوصفهم ذلك التنظيم المركزي الذي نفذ انقلاب يونيو 1989م) إلى مزبلة التاريخ ولن يعودون، ولم يبق منهم شيء سوى التركة المثقلة لما خرّبوه، بجانب فوبيا تملأ قلوب الذين ورثوا جائحة الغباء من الكيزان. هؤلاء هم الكيزان الجدد من جنجويد وقحّاتة وتقدميين متأخرين ونَخَر وبَخَر وهلمّ جرّا (والخاء مقصودة). لا غرو أنهم جميعا قد التقوا والتقت كلمتهم كما اجتمع التعيس مع خايب الرجا.
★★★
هؤلاء الكيزان الجدد ليس فقط يعملون بكل ما أوتوا من قوة غاشمة يا طالما عُرف بها الأغبياء لإثبات أنهم فعلا ورثةُ الكيزان، بل ها هم يتفوّقون على الكيزان الأُوَل في التنكيل بالشعب والبطش به باستخدام آخر ما أنتجه الكيزان الأُوَل من مليشيات الجنجويد المجرمة.
★★★
لاااااااا! وكمان إيه؟ إمعانا منهم في الغباء، شوفوهم كيف دايرين يصنعوا من الفسيخ شربات! قالوا إيه؟ دايرين يعملوا حكومة في مناطق سيطرة مليشيات الجنجويد؟ يا أولاد يا عباقرة! معقولة! كدا بسحروكم عدييييييييل (لله درُّك يا عبدالله لرشاقة التعبير)! هوووووي يا أغبياء، خلوكم من الخرطوم! خلوكم من الجزيرة وشرق الجزيرة! خلوكم من النيل الأبيض شرقا وغربا! خلوكم من الجنينة وزالنجي ونيالا! خلوكم من أم روابة …. إلخ. خلووووووكم من دا كووووولو! كدي بالأول اضبطوا لينا الضعين المنكوبة دي وبعدين ورّونا فلاحتكم!
★★★
هذا الفيديو لا يثبت فقط ما ظللنا نقوله ونردده عن طبيعة هذه الحرب وكيف أنها ما بين حالة نظامية الدولة Order of State وما بين حالة لانظامية اللادولة Disorder of Statelessness، بل أكثر من ذلك يثبت أن طبيعة الاجتماع البشري (فيما قاله ابن خلدون منذ قرون) لا تتصالح مع الفوضى! والفوضى ليست صدفة؛ والجنجويد يصنعون الفوضى! (مع الاعتذار لناس لولي، صناع الجودة).
★★★
هذا ما قلناه وظللنا نردده عن مليشيات الجنجويد المجرمة حتى من قبل نشوب الحرب بسنوات، ولكن الأغبياء لا يعقلون.
*MJH*
28 ديسمبر 2024م

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الدولة الوطنیة الحدیثة لیس فقط لا توجد

إقرأ أيضاً:

بين الوحدة والانقسام: موقف بعض قيادات “تقدم” من حكومة سلام ووحدة مقرها الخرطوم

د. أحمد التيجاني سيد أحمد

تناقلت الأسافير تهديدًا نُسب إلى بعض قيادات “تقدم”، مفاده أنهم يعتزمون فك الارتباط عن المجموعة التي قررت تشكيل حكومة في مناطق سيطرة الدعم السريع. إلا أن الخبر لم يحمل تفاصيل كافية، بل اكتفى بنشر صور بعض القيادات المعروفة للحركة مع النبأ المقتضب.

بطبيعة الحال، يمكن للأسافير أيضًا أن تنشر أخبارًا وصورًا لمختلف القيادات المكونة لـ”تقدم”، خاصة أولئك الذين ينادون بوقف الحرب وتأسيس حكومة سلام ووحدة، تسعى لنزع الشرعية عن سلطة الأمر الواقع القابعة في بورتسودان. كما يمكن لهذه المنصات أن تجري مقارنات عددية وديموغرافية بين الفصيلين داخل “تقدم”، متناسية النقاشات والقرارات التي تمخض عنها الاجتماع التأسيسي الثاني للحركة، الذي عُقد في عنتيبي، أوغندا، في ديسمبر ٢٠٢٤، حيث تم الاتفاق على أن تُحسم مثل هذه القضايا الأساسية بالتوافق.

لم يكن لهذا الاجتماع التأسيسي الثاني أن يُقر مبدأ التوافق إلا لضمان وحدة “تقدم” ومنع أي محاولات للانقسام، ناهيك عن منح أي طرف حق إصدار “ورقة انفصال” أو “طلاق سياسي” للأطراف الأخرى.

**تقدم: التعددية والوحدة رغم الاختلاف**

عند التأمل في المشهد العام لـ”تقدم”، نجد أنها تمثل طيفًا سودانيًا متنوعًا، يسعى أصحابه إلى وحدة المصير رغم الاختلافات، ويتبنون نهجًا سلميًا لمعالجة التباينات في الرأي والمنهج.

كذلك، لا يغيب إلا على مغرض أو من هم في غيبوبة سياسية، أن دعاة الحكومة الشرعية يسعون إلى طرح بديل حقيقي لحكومة الانقلاب الكيزانية، التي ارتكبت الفظائع ضد المدنيين، من قتل الأطفال واغتصاب النساء إلى بقر بطون الحوامل، وحمل الرؤوس المقطوعة على فوهات البنادق. ولا يغيب على عاقل أو حادب أن دعاة حكومة السلام يرون أن الحل الوحيد للحفاظ على وحدة السودان يكمن في إعلان حكومة شرعية في المناطق التي يمكن لثمانية عشر مليون لاجئ ونازح العودة إليها، تحت حماية إقليمية ودولية.
• *إن حكومة كهذه لن تُقدِم على تغيير العملة لإرهاق سكان ١٢ أو ١٣ ولاية سودانيةودفعهم إلى الهجرة القسرية.
• *ولن تمنع طلاب السودان من أداء امتحانات الشهادة الثانوية.
• *ولن تلغي جوازات سفر الغالبية العظمى من المواطنين.

بل سيكون هدفها إعادة بناء البنية الاقتصادية والصناعية التي دمّرها سلاح الجو التابع للفلول، مستعينًا بسلاح الجو المصري. كما ستركز على إعادة إعمار الجسور والمستشفيات والجامعات التي استهدفتها الغارات الجوية، في محاولة لتحقيق حلم **دولة البحر والنهر**الانفصالية، أو إعادة إحياء مشروع **دولة وادي النيل**الاستعمارية، التي تسعى إلى ضم السودان تحت النفوذ الاستعماري المصري من جديد.

ولكن، هل يمكن تحقيق هذا المشروع دون إرادة السودانيين؟ وهل يمكن فرض واقع سياسي جديد دون توافق القوى الفاعلة في البلاد؟ هذا هو السؤال الجوهري الذي تتجاهله بعض الأطراف المتحمسة لحلول غير واقعية، تتجاهل تعقيدات المشهد السوداني.

**بين التوافق والانقسام: المسار المستقبلي لـ”تقدم”**

إن جوهر الصراع داخل “تقدم” ليس مجرد انقسام بين تيارين، بل هو صراع بين رؤيتين:
• *رؤية تدعو إلى الحل السياسي السلمي، عبر إعادة بناء السودان وفق مشروع وطنيشامل يستند إلى التعددية والعدالة والتوزيع العادل للسلطة والثروة.
• *ورؤية أخرى تميل إلى الاصطفاف مع الأمر الواقع، إما بالانخراط في مشاريعسلطوية لا تعكس الإرادة الشعبية، أو بالانسياق وراء خطابات العنف والتقسيم، أوعبر تحقيق الرؤية الكيزانية التمكينية التي ترى السودان ليس وطناً لكلالسودانيين، بل ملكية خاصة للإسلاميين، حيثما كانوا.

لقد أكّد الاجتماع التأسيسي الثاني في عنتيبي أن “تقدم” ليست مجرد تحالف عابر، بل مشروع وطني يسعى إلى توحيد القوى الديمقراطية والمدنية خلف رؤية واضحة لإنهاء الحرب وإعادة بناء الدولة. ومن هنا، فإن أي محاولات لإحداث انقسام داخلي أو فرض خيارات غير توافقية لن تؤدي إلا إلى إضعاف المشروع الوطني برمته.

**تحديات المرحلة المقبلة**

إن المشهد السوداني اليوم يواجه تحديات كبرى، تتطلب رؤية واضحة لمواجهتها، وأبرز هذه التحديات:

١- استمرار الحرب وآثارها المدمرة، حيث تسببت الصراعات المسلحة في تهجير الملايين وتدمير المدن والبنية التحتية.
٢- غياب سلطة مركزية شرعية، مما يفتح المجال أمام التدخلات الخارجية والمشاريع التي تسعى إلى إعادة رسم خريطة السودان وفق مصالح إقليمية ودولية.
٣- الانقسامات داخل القوى المدنية والمقاومة، مما يُضعف قدرتها على تشكيل بديل حقيقي يحظى بقبول محلي ودولي.
٤- التدخلات الأجنبية، التي تسعى إلى فرض حلول قد لا تتناسب مع طبيعة المجتمع السوداني وطموحات شعبه.

**ما العمل؟**

لمواجهة هذه التحديات، تحتاج القوى المدنية الديمقراطية داخل “تقدم” وخارجها إلى:
• *التمسك بوحدة الصف، وعدم السماح بأي محاولات لتمزيق الصفوف لصالحأجندات خارجية أو شخصية.
• *العمل على مشروع “الجمهورية الثانية”، كبديل لدولة ١٩٥٦، وهو مشروع وطنيشامل يعكس تطلعات السودانيين في إقامة دولة ديمقراطية عادلة، دون استثناءأو إقصاء؛ دولة قادرة على معالجة جراح التهميش والصراعات التي طغت علىسياسات البلاد منذ الاستقلال.
• *التواصل مع القوى الإقليمية والدولية، لتوضيح أن أي حل لا يأخذ في الاعتبارمصالح الشعب السوداني الحقيقية لن يكون قابلًا للاستمرار.
• *رفض أي تدخلات تهدف إلى فرض وصاية خارجية، سواء عبر دعم طرف معين فيالصراع، أو عبر مشاريع سياسية واستعمارية لا تحترم إرادة الشعوب السودانية.

**الخاتمة**

إن “تقدم”، بمختلف أطيافها، أمام مفترق طرق حاسم: إما أن تكون قوة موحدة تسعى إلى إعادة بناء السودان على أسس سليمة، أو أن تنجرّ إلى صراعات داخلية تُضعف موقفها وتمنح الفرصة لقوى الثورة المضادة لترسيخ سيطرتها.

المعركة اليوم ليست فقط حول تشكيل حكومة هنا أو هناك، بل هي معركة من أجل مستقبل السودان كدولة موحدة، ديمقراطية، ومستقلة عن أي نفوذ خارجي.

التاريخ لن يرحم أولئك الذين يضعون المصالح الضيقة فوق المصالح الوطنية، ولن يغفر لأولئك الذين يسعون إلى تقسيم السودان أو رهن قراره للخارج. الخيار الآن في يد السودانيين: إما السير في طريق الوحدة والسلام، أو الاستمرار في دوامة الانقسام والصراع.

نواصل

د. أحمد التيجاني سيد أحمد
٢٩ يناير ٢٠٢٥ - روما، إيطاليا

ahmedsidahmed.contacts@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • ماذا يحدث في مناطق نفوذ اطراف الحرب .. حارات ام درمان ود البشير؟
  • قال لي.. يا مصطفى بقيت داعم الكيزان
  • حميدتي يعترف بخسارة قوات الدعم السريع مناطق لصالح الجيش (شاهد)
  • حميدتي يعترف بخسارة قوات الدعم السريع مناطق لصالح الجيش
  • السودان.. حميدتي يقر بخسارة "الدعم السريع" مناطق لصالح الجيش
  • بين الوحدة والانقسام: موقف بعض قيادات “تقدم” من حكومة سلام ووحدة مقرها الخرطوم
  • الفاشر كالعادة.. تستنزف الجنجويد
  • مناطق سيطرة المليشيا فى دارفور تعيش حالة الاضطرابات وانعدام الخدمات
  • الجيش يعلن رسميًا التوغل في مناطق جديدة بمدينة بحري وكشف مواقع سيطرة الدعم السريع “فيديو”
  • السودان: تصاعد انتهاكات الدعم السريع ضد النساء في ولاية الجزيرة