لجريدة عمان:
2025-04-11@02:43:42 GMT

شخبطة قصائد ورسم بين التقدير والانتقاص

تاريخ النشر: 29th, December 2024 GMT

هل يمكن وصف كم خيبة الأمل وصدمة المرء في واقع الوعي الثقافي حينما يصل إليه تعليق ممتعض بعد إعلان نتيجة جائزة أدبية متضمنا شاعرا مع الفائزين، كان التعليق هو «جائزة نقدية لشخبطة قصيدة؟!» والحقيقة أن قد يكون هذا رأيا غير معلن لكثير من الأحبة حولنا ممن لا يجدون في الأدب والفن عموما أكثر من «شخبطة» ولا في الأديب أو الفنان سوى «فاضي ما عنده شغل»! لم تكن هذه هي المرة الأولى التي أتلقى فيها صدمة واقع تقدير الأدب والفن لدى بعض المحيطين بنا، بل ليست هي فكرتي وحدي ولا هي مرتبطة بزماني هذا وحده، لكنها قديمة في واقعنا العربي حين شاعت عبارة «ويل لمن أدركته حرفة الأدب» وما ذاك الويل إلا نتيجة احتراق داخلي واشتغال ذهني من جهة، وحسرة عدم التقدير وسوء التلقي من جهة أخرى، وإن كان بعض الأدباء واجهوا ذلك التجاهل بذاتية عالية كالمتنبي الذي لم يرَ في خصومه ومنتقديه سوى «متعجب أو حاسد أو جاهل» فإن بعضهم الآخر اختار العزلة والانكفاء والهروب عن هذه الحرفة المهلكة، ربما من الواجب أن نحمد الله أن ليست هذه فكرة جميع المعاصرين، وأن ما زال للأدب بعض بريقه متفاوتا بين من يجد في الرواية قيمة أعلى من الشعر أو من يرى بأن الشعر أعلى مقاما انطلاقا من منبريته وعاطفته، أولئك الذين يجدون الرسم أعلى شأنا من التصوير أو النحت أدق حرفة من الرسم، لكن أن يعيش بيننا من لا يجد في كل تلك الآداب والفنون أي قيمة، بل لا يجد أي بأس بوسمها بالـ«شخبطة» فتلك قاصمة التقدير وآخر طلقات الواقع على مقاومة الأديب أو الفنان.

أذكر قبل سنوات خلت أنني كنت وأقراني من الأدباء في معرض تكريم من مهرجان ثقافي ما، وكانت قيمة التكريم لكل شاعر «300 ريال عماني فقط»ومع ذلك كان ثمة تهامس أن 300 ريال بأكملها لقصيدة يكتبها شاعر؟!

لا أستطيع اليوم إلا اجترار الخيبة ذاتها والألم ذاته في تلقي تقدير المحيطين للأدب والفن، كما أذكر أن مما زادني وأقراني من الـ «مشخبطين» ألما وحسرة، أن المهرجان ذاته تضمن فقرات رقص، وعشوائيات مسرح تجاري هزيل (لا يراد هنا النيل من قيمة المسرح إذ للمسرح الواعي جادا كان أو ساخرا قيمته ووعيه ورسالته) حصل أصحابها على الآلاف دون أن يعترض أحد أو يرى في أعمالهم أي سقطة أو ضعف أو عبثية، كما أذكر أنني وعبر سنوات كنت أعجب من بعض المؤسسات المعنية بالعمل الثقافي تقديرها العظيم للأدباء والفنانين من خارج البلاد، وتقديمهم على العمانيين في كل شيء، ولا ينبغي أن يعتقد هنا أنه كرم ضيافة، ولا أنهم أعلى شأنا أو أثرى تجربة من العمانيين ولكن للأسف لا بد من الاعتراف أن ما زال «عازف الحي لا يطرب» ولا أقسى على المرء من أن يجد لوحة إعلانية توسطها اسم شاعر أو فنان عربي أو غربي وبعدها بثلث حجم الخط «بمشاركة شعراء عمانيين» أو «بمشاركة فنانين عمانيين» وكأن ليس لأولئك العمانيين أسماء، وكأن ليس لتلك الأسماء تجارب كاملة تعادل بل وقد تفوق تجربة ذلك المحتفى به!! فهل يرجى بعدها تقدير من الآخر لمبدعينا إن كنا ما زلنا نعتبرهم هامشا نستأنس به من فراغ اللوحة، وعبئا نسقطه بمجرد الذكر دون التقدير؟!

منطقي بعد كل ذلك انتقال موجة الانتقاص وضعف التقدير من الأفراد إلى المؤسسات إن لم تجد الأعمال الأدبية والفنية من ينهض بتقديرها من أهلها أنفسهم، ومن المهتمين بالشأن الثقافي كل العناية بمبدعيهم في كل المجالات، ومن المحيط الاجتماعي الذي يعيشون به ومعه وله، كثيرا ما يرى بعض المبدعين -مع هذه الموجة – ضرورة اختيارهم منطلقا خليجيا أو عربيا أو حتى عالميا تُرى عبره أعمالهم محليا، وتسمع خلاله أصواتهم المعتّقة البكر ليطرب الأهل لعزفهم المتعب من ترقب التقدير ومعاناة التهميش.

ختاما؛ لا يعادل تقدير المرء في بلاده أي تقدير آخر مهما علت قيمته المادية وتنوعت تشكلاته التسويقية، تلك هي مسؤولية المعنيين بالشأن الثقافي من متخذي القرار ومديري ورؤساء الوحدات الثقافية، والحقيقة التي لا ينبغي إغفالها أن ليس واجبهم مجرد تكريم وتقدير المتحقق من تجارب المبدعين المواطنين وحسب، إنما يتجاوز ذلك إلى التنقيب والبحث وتقصي إبداعات محلية لمّا تجد طريق وصولها بعد، ولم توافق حاضنة أحلامها حتى اللحظة، وليس في ذلك فضل أو منة؛ بل هو واجب مهني ومسؤولية وطنية لا بد منها ليتكامل هذا الوطن بكل مبدعيه في كل المجالات ومختلف التخصصات والمهارات والكفاءات بعيدا عن التهميش والانتقاص.

حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

انطلاق الأسبوع الثقافي الـ37 لأطفال المحافظات الحدودية ضمن "أهل مصر"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

شهدت سينما هيبس بمدينة الخارجة بمحافظة الوادي الجديد، مساء أمس الاثنين، انطلاق فعاليات الأسبوع الثقافي السابع والثلاثين لأطفال المحافظات الحدودية، ضمن مشروع "أهل مصر"، الذي يقام برعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، وتنظمه الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان، وينفذ بإشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، وتستمر فعالياته حتى 13 أبريل الحالي.

جاء حفل الافتتاح بحضور لاميس الشرنوبي، رئيس إقليم القاهرة وشمال الصعيد الثقافي والمدير التنفيذي لمشروع "أهل مصر – أطفال"، وابتسام عبد المريد، مدير عام فرع ثقافة الوادي الجديد.

بدأت الفعاليات بعزف النشيد الوطني، أعقبه كلمة ترحيبية ألقتها لاميس الشرنوبي، التي دعت الحضور للوقوف دقيقة حداد على أرواح شهداء فلسطين، وقدمت الشكر لوزير الثقافة ورئيس الهيئة ونائبه على دعمهم المتواصل للمشروع.

وأكدت في كلمتها أن "أهل مصر" يعد هدية من الدولة لأبنائها في المحافظات الحدودية، واقترحت إطلاق اسم "أسبوع سفر الأحلام" على النسخة الحالية، لما تحمله الورش من آفاق إبداعية تحلق بالأطفال في عوالم الشعر والموسيقى والمسرح والرسم وغيرها، مشيرة إلى أن الأحلام لا تعرف حدودا.

واختتمت حديثها بتقديم الشكر لكل من ساهم في تنفيذ الأسبوع من رئيس الإقليم ومدير فرع ثقافة الوادي الجديد والمدربين والمشرفين، معربة عن أمنياتها بفعاليات متميزة للمشاركين والاستفادة من فعاليات الأسبوع الثقافي.

تضمن البرنامج توزيع الأطفال المشاركين على الورش الفنية والثقافية، وعقد لقاءات تعريفية بها، وأوضح الكاتب والسيناريست وليد كمال من خلال ورشة "الكتابة المسرحية" مفهوم الكتابة وبناء النص المسرحي. وأشار الشاعر سعيد شحاتة أن ورشة إلقاء الشعر، سيتناول فيها مفهوم الشعر وفنونه وأساليب الإلقاء.

وفي ورشة "الرسم بالموسيقى"، أوضح الفنان وائل عوض العلاقة بين التذوق الموسيقي والتعبير البصري، وشرح المخرج المسرحي أحمد خليفة، في ورشة المسرح، أن الورشة تتناول أسس الأداء التمثيلي من خلال عروض تفاعلية. وتحدث الفنان ماهر كمال عن تقديمه تدريبا عمليا على الغناء والمقامات الموسيقية ضمن ورشة الموسيقى.

ويشارك الفنان ناصر عبد التواب بورشة الأراجوز، حيث يدرب الأطفال على صناعة الدمى وتقديم عروض فنية، كما يدرب جمال الدين محمد الأطفال على تحريك عرائس الماريونيت في ورشة العرائس.

أما الورش الحرفية والتراثية فتتنوع بين ورشة إعادة تدوير خامات البيئة لنجوى عبد العزيز، وورش الشنط بالخرز تقدمها منى عبد الوهاب، والشنط بالشبك تدريب نجلاء شحاتة، والأركت الخشبي للمدرب حسني إبراهيم، والخيامية للمدرب عماد عاشور، والإكسسوار ليارا محمد كمال.

ويشارك في الأسبوع الثقافي نحو 200 طفل من محافظات شمال سيناء، جنوب سيناء، البحر الأحمر (مدن حلايب، الشلاتين، أبو رماد)، الوادي الجديد، مطروح، أسوان، إلى جانب عدد من الأطفال من المناطق الجديدة الآمنة بالقاهرة.

كما يشمل البرنامج عددا من الزيارات الميدانية لأبرز المعالم السياحية والأثرية بمدينة الخارجة، منها معبد هيبس، مقابر البجوات، معبد قصر الزيان، مركز التدريب على الحرف البيئية، حديقة 30 يونيو، بالإضافة إلى تنظيم يوم رياضي ترفيهي.

ينفذ الأسبوع الثقافي ضمن برنامج الإدارة المركزية للدراسات والبحوث برئاسة الدكتورة حنان موسى، رئيس اللجنة التنفيذية للمشروع، بالتعاون مع إقليم وسط الصعيد الثقافي برئاسة جمال عبد الناصر، وفرع ثقافة الوادي الجديد.

ويعد مشروع "أهل مصر" من أبرز مشروعات وزارة الثقافة الموجهة لأبناء المحافظات الحدودية من الأطفال والشباب والمرأة، وينفذ في إطار البرنامج الرئاسي لبناء الوعي الوطني وتعزيز قيم الانتماء ودعم الموهوبين وتحقيق العدالة الثقافية.

IMG-20250407-WA0086 IMG-20250407-WA0100 IMG-20250407-WA0099

مقالات مشابهة

  • الحكومة تشدد الخناق على المتهربين من ضريبة النظافة ورسم السكن
  • صحة الشرقية تكرّم مدير مكتبها الإعلامي تقديرًا لجهوده في دعم المنظومة
  • مبروكة تبحث مع سفير ليبيا بقبرص التعاون الثقافي والفكري
  • هذا التلميذ في السبعينات له كل التقدير والاحترام
  • برج الأسد.. حظك اليوم الخميس 10 أبريل 2025: تقدير مبكر
  • "أخلاق الإسلام في التعامل مع ذوي الهمم" ختام الأسبوع الثقافي بمسجد السلام في الفيوم
  • مشكلتي التقدير مش الفلوس.. زيزو: أنا محبط من تعامل إدارة الزمالك
  • عضو التنسيقية: زيارة ماكرون لخان الخليلي والمتحف المصري تعكس التقدير الدولي للحضارة المصرية
  • وزير السياحة والآثار: نعمل على تعزيز التعاون مع فرنسا لحماية التراث الثقافي
  • انطلاق الأسبوع الثقافي الـ37 لأطفال المحافظات الحدودية ضمن "أهل مصر"