جرائم الاحتيال الإلكتروني في العراق هل تحوّلت وسائل التواصل إلى ساحات للصيد البشري؟
تاريخ النشر: 29th, December 2024 GMT
بقلم : اللواء الدكتور سعد معن الموسوي ..
بينما كنت أتصفح موقع مجلس القضاء الأعلى، لفتت انتباهي كلمات بدا وكأنها صيحة تحذير من واقع يتفاقم مع تعقيدات العصر الرقمي. تحقيق مفصل حول جرائم انتحال الشخصيات الحكومية ألقى الضوء على جانب مظلم في ثورة التواصل الاجتماعي، التي كانت في يوم ما وسيلة لتقريب المسافات بين الناس.
إن عالم الإنترنت، رغم بريقه الذي يخطف الأبصار، يخبئ في طياته أفخاخًا عديدة، تتنوع بين الإغراءات الوهمية، المتاجر المزيفة، وانتحال الشخصيات. هذه الأساليب ليست مجرد أعمال غش عابرة؛ بل هي ضربات ممنهجة تستهدف الثقة التي تربط الناس في فضاء افتراضي، حيث تختلط الحقيقة بالخداع. مع ازدياد هذه الجرائم في العراق، بات لزامًا علينا الغوص في أعماقها لنفهم دوافعها وآلياتها، ونستنهض أدواتنا القانونية والتقنية لمواجهتها.
علميًا، يُرجع المختصون أسباب تنامي هذه الظاهرة إلى تزايد الاعتماد على المنصات الرقمية ونقص الوعي بمخاطرها. في هذا الفضاء المفتوح، تتيح بعض الثغرات التقنية والقانونية للمحتالين استغلال ثقة المستخدمين بشكل يهدد أمنهم المادي والمعنوي. من جهة أخرى، لم تسلم المؤسسات من استهداف هذه الجرائم، ما زاد الحاجة إلى تطوير آليات رصد ومكافحة فعّالة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الإجراءات القانونية الحديثة، التي لم تواكب التغيرات السريعة في الفضاء الرقمي، تعتبر من أبرز العوائق التي تتيح للمحتالين التسلل بسهولة، مما يثير الحاجة الملحة لتطوير قوانين محدثة وفعّالة في مواجهة هذه الجريمة.
لقد أظهرت الدراسات أن التصدي لهذه الجرائم ليس مجرد مهمة تقنية، بل يحتاج أيضًا إلى تطوير ثقافة رقمية شاملة تكون جزءًا من التربية والتعليم في المجتمع. فلا يمكننا الاعتماد فقط على أدوات الحماية التقنية، بل يجب أن يترافق ذلك مع تعزيز وعي الأفراد بخطورة هذه الجرائم وسبل الوقاية منها. من هذا المنطلق، لا بد من توجيه اهتمام خاص إلى أهمية بناء ثقافة رقمية فاعلة تعزز من حماية الأفراد والمؤسسات من مخاطر الاحتيال الرقمي.
كما أن التكامل بين الأطر القانونية والتقنية يظل أمرًا حيويًا، إذ لا يمكن لمكافحة هذه الجرائم أن تتحقق دون وجود نظام قانوني رصين، يعكس التحديات الرقمية المعاصرة ويعاقب المخالفين بشكل فعال. يتطلب الأمر اتخاذ إجراءات سيبرانية متقدمة، تشمل تطوير خطوط ساخنة للبلاغات وتفعيل قوانين جديدة للتصدي للجريمة الإلكترونية. من المهم أن يتوافر الاتصال المباشر بين الأفراد والجهات الأمنية لضمان سرعة الاستجابة واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
لذلك، لا يمكن الحديث عن مكافحة هذه الظاهرة دون إضفاء بعد إنساني وأدبي على تناولها، حيث إن هذه الجرائم ليست مجرد أرقام أو قضايا قانونية، بل قصص لأشخاص وقعوا ضحية الجشع والخداع. من خلال دمج الرؤية الإنسانية مع الإجراءات القانونية، نستطيع تعزيز المساءلة الاجتماعية والمشاركة الجماعية في محاربة هذه الظاهرة.
إننا اليوم أمام معركة شائكة بين الجريمة الرقمية وقيم الثقة التي تُبنى عليها مجتمعاتنا. ليست هذه الجرائم مجرد أعمال غش واحتيال عابرة، بل تهديد مباشر لأسس الأمان الاجتماعي والاقتصادي. على الجميع أن يدرك أن التصدي لهذه الظاهرة لا يقتصر على الجهات الحكومية أو التقنية، بل هو مسؤولية جماعية تستوجب تضامن المؤسسات والأفراد.
كما أن الأمر لا يتطلب فقط أدوات قانونية وتقنية، بل رؤية إنسانية تضع الضحايا في صميم المعركة. كل شخص نجا من الوقوع ضحية، وكل خطوة نحو وعي رقمي أوسع، هي لبنة في جدار حماية المجتمع.
ليكن حديثنا عن هذه القضية صرخة وعي تُحدث التغيير، وبداية لحراك جماعي يستعيد الثقة المفقودة ويحصّن أجيال المستقبل من خطر الاحتيال الرقمي. وذلك من خلال اتخاذ إجراءات قانونية متطورة، ودعم ثقافة إلكترونية حديثة، وتوفير أدوات سيبرانية فعالة لمكافحة هذا التهديد المتزايد
اللواء الدكتور
سعد معن الموسوي
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات هذه الجرائم هذه الظاهرة
إقرأ أيضاً:
حصاد 2024.. أبرز الجرائم التي هزت الرأي العام في المنيا
شهدت محافظة المنيا خلال عام 2024 سلسلة من الجرائم المروعة، التي تنوعت بين القتل والاعتداءات، مما أثار غضب الرأي العام.. تصدرت هذه الجرائم أحداث مأساوية مثل جريمة مينا الممرض، التي أسفرت عن تقطيع جسده، بالإضافة إلى جريمة ريان المنيا وقضية السيدة المسنّة التي قُتلت ودفنت في منزل جارتها.
مينا موسى: ضحية الوظيفة الوهميةفي حادثة مأساوية، قُتل الشاب مينا موسى، ابن قرية الروضة، على يد عصابة استدرجته إلى القاهرة بحجة الحصول على وظيفة في مجال التمريض.
بعد أن وقع ضحية لإعلان مزيف، تعرض للقتل وتقطيع الجثة، أثار هذا الحادث موجة من الغضب في المنيا، وطالب الأهالي بالقصاص، وتم القبض على الجناة، وأحيلت أوراقهم إلى المفتي.
منة الله: عروس المنيابعد أيام قليلة من خطوبتها، وُجدت الشابة منة رفعت مقتولة في مقابر الشيخ عطا. كانت منة معروفة بحسن خلقها، واختفاؤها المفاجئ أثار قلق عائلتها، بعد عمليات بحث مكثفة، عُثر على جثتها، مما أحدث صدمة في القرية.
حادثة بئر عزاقةفي حادث مأساوي آخر، سقط الشاب طه محمد عبد العزيز في بئر عمقها 30 مترًا أثناء عمله في مزرعة، رغم جهود الأهالي لإنقاذه، وُجد بعد أيام من سقوطه وقد فارق الحياة.
حريق خطيبته في ملويفي قرية الأشمونين، لقيت فتاة مصرعها بعد أن أضرم خطيبها النار فيها بسبب بسبب خلافات فيما بينهم، تم نقلها إلى المستشفى، لكنها توفيت بعد صراع مع الإصابات.
جريمة قتل سيدة مسنةفي واقعة غريبة، قُتلت سيدة مسنّة على يد جارتها، في مركز ملوي، التي دفنت جثتها في منزلها بعد أن اختفت لعدة أيام. الجانية اعترفت بارتكاب الجريمة بدافع الانتقام والخلاف المالي.
رصاصة انهت حياة طالب ملويأخيرًا، شهدت المنيا مقتل الطفل سيد هلال (14 عامًا)، إبن قرية قلبا بمركز ملوي، بطلق ناري عشوائي أثناء لعبه مع أصدقائه، هذا الحادث أثار حزنًا عميقًا في قلوب أسرته وقريته، وطالب الأهالي القصاص على الجاني.
تستمر هذه الجرائم في إثارة القلق في المجتمع، مما يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان سلامة المواطنين.