جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-01@12:29:56 GMT

الفوضى تُهدد المنطقة العربية

تاريخ النشر: 29th, December 2024 GMT

الفوضى تُهدد المنطقة العربية

محمد بن سالم التوبي

أجزاء كبيرة من الشّرق الأوسط تحترق بسبب الأجندة الأمريكية المُمنهجة من أجل المصالح، وما يحدث الآن في سوريا ما هو إلّا استكمال للمُخطّط الفوضوي الذي تُدير به واشنطن المنطقة، وما إشعال الحرائق هنا وهناك سوى من أجل حماية الكيان الصهيوني الغاصب الذي تقف وراءه الدول الأوروبية الكبرى كفرنسا وبريطانيا وألمانيا وغيرها من الدول التي لها مصالح مؤمّنة في المنطقة بسبب الثروات الكامنة في باطن تلك الدول.


وما يجعل منطقتنا منطقة صراع، توفُّر الأرضية الخصبة والمناسبة للصراع الجيوسياسي؛ فالتقسيم الذي وضعته يد الاستعمار في القرن الماضي ما زالت يده مبسوطة بشكل أو آخر، وما زال الاستعمار حاضرًا- وإن لم توجد له جيوش جرّارة في المنطقة- إلّا أنها استُبدِلَت باتفاقيات أمنية مع الكثير من الدول؛ فهُم يملكون الكثير من وسائل الضغط من أجل الحصول على المكاسب الاقتصادية التي هي أساس فكر الاستعمار.
لقد قامت فكرة الوجود الإسرائيلي في المنطقة كبديل ناجح لإحداث الفوضى فيها بعد تقسيمها، وهذا ما يجعل يد الاستعمار حاضرة في اللعب بأحجار النرد التي يملكها ويوظفها بالطريقة المثلى لمصالحه، فما زالت الطاقة هي الأيقونة الجاذبة للجيوش وهي المسبب الأول للحروب في المنطقة- وإن بُيّضت بأسباب واهية لا يصدقها عاقل- ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن ينسحب المستعمر من منطقة بهذا الثراء النفطي الذي جعل منها منطقة غنية يسيل لها لعاب اللاعبين الكبار الذين يسيطرون على اقتصاديات العالم.
إن سقوط النظام السوري بهذا الشكل فيه دلالة كبيرة على أنَّ أنظمة أخرى سوف تسقط، بالتوالي، بعد سوريا التي وقعت في أيدي من كانوا "داعشيين" في يوم من الأيام، ومن يعلم تاريخ إنشاء وتأسيس داعش يعلم جليًا أنها صنيعة المخابرات الصهيونية على إثر الأحداث في العراق وما تبعها من تقسيم طائفي ومُحاصَصَة وفئوية سوف يرزح تحت وطأتها العراق لسنين طويلة وسوف تبقى الفوضى متمكنة في العراق ما لم ينتبه لها أبناؤه الأوفياء.
لن تكون سوريا أقوى من ذي قبل، ولن تكون ندًا لإسرائيل بعد اليوم؛ بل على العكس فمن اليوم الأول قد صرّح أبو محمد الجولاني- الذي عرّف نفسه لاحقًا بأنَّه أحمد الشرع- بأنَّ إسرائيل لن تكون عدوًا للنظام الجديد في سوريا، وها هي إسرائيل تتمدد في الأراضي السورية وتدمر الجيش السوري والقواعد السورية وكأنَّ الأمر لا يعني القيادة الجديدة بأي شكل من الأشكال.
المنطقة تُسيَّر في حروب متتالية بهدف إضعافها والسيطرة عليها وعلى مقدراتها، بعد أن وجد الغرب أن المنطقة تزخر بالكثير من المقومات وأن أوروبا أصبحت قارّة عجوز لا تملك الموارد الكافية للحياة في المستقبل، وسوف يصبح اعتمادها على الموارد الموجودة في الشرق الأوسط، وهذا سوف يكون مُكلف ماديًا على اقتصادها. لكن الطريق الأسهل هو صناعة الحروب وزعزعة المنطقة وخلخلة تماسكها حتى يسهل السيطرة عليها وعلى صناعة القرار فيها من أجل المصالح الغربية التي لا تتوانى في نشر الفوضى من أجل ذلك. ولا يُستبعد أن تأتي بريطانيا مرة أخرى إلى الخليج بخيلها ورجلها بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي التي وجدت أنه اتحاد لا يأتي لها بالمنافع، ولا شك أنها ستتوجه إلى الشرق مرة أخرى وتحديدًا إلى الخليج العربي الذي يتميز بموارده الطبيعية الجاذبة.
الدول العربية وبالأخص دول المحور تنتظر على من سيأتي الدور؟ فقد استغرق تسليم سوريا 12 عامًا فقط خسر فيها الشعب السوري الكثير من الموارد لوقفته أمام العدو الصهيوني ما يزيد عن 70 عامًا، ولا شك أنَّ بشار الأسد ونظامه القمعي لم يكن خيار الشعب السوري، ولكن كان حجرًا وسدًا منيعًا أمام المخططات الإسرائيلية عقودًا من الزمن، واليوم إسرائيل على مرمى حجر من دمشق التي وقفت في وجه الطغيان الصهيوني المقيت.
"وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰۤ أَمۡرِهِۦ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یَعۡلَمُونَ" صدق الله العظيم.
 

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: فی المنطقة من أجل

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية الجزائري: نواصل المرافعة من أجل إصلاح جامعة الدول العربية

الجزائر – أكد وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف إن الجامعة العربية من أقدم المنظمات التي لم تعرف أي تغيير أو تقويم، مؤكدا أن الجزائر ستواصل المرافعة من أجل إصلاح جامعة الدول العربية.

وقال عطاف في مؤتمر صحافي عقده لتلخيص نشاط الدبلوماسية الجزائرية في عام 2024 إن “بلادنا تواصل المرافعة من أجل إصلاح جامعة الدول العربية. التي تظل من أقدم المنظمات الحكومية في العالم دون أن تعرف في تاريخها أي تغيير أو تقويم”.

وفي سياق آخر، أشار الوزير الجزائري إلى “تعزيز العلاقات الثنائية التي تجمع الجزائر مع العديد من أشقائها العرب”، لافتا إلى الزيارات الرسمية التي قام بها الرئيس عبد المجيد تبون إلى تونس ومصر وسلطنة عمان.

من الجدير ذكره أن الجزائر انضمت إلى جامعة الدول العربية عام 1962، بعد أربعين يوما من استقلالها، واستضافت الجزائر، منذ انضمامها إلى جامعة الدول العربية، 4 قمم عربية، وهي على التوالي: قمة الجزائر العادية نوفمبر 1973، قمة الجزائر الطارئة يونيو 1988، قمة الجزائر العادية مارس 2005، قمة الجزائر 2022 التي أرجأت من العام 2020 بسبب كورونا.

تعد الجزائر من الدول النشطة في جامعة الدول العربية، ولطالما عملت من أجل تعزيز العمل العربي الجماعي، وتذليل الخلافات بين الدول الأعضاء، وتقديم مقترحات بناءة من أجل إصلاح جامعة الدول العربية، لاستعادة الزخم للعمل العربي المشترك، بما يحقق تطلعات ومصالح الشعوب العربية، مع التمسك بالقضايا المبدئية والحقوق الثابتة التي لا تتغير مع الظروف وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

فيما يتعلق بإصلاح وتطوير الجامعة وإثراء ملف الإصلاح، فإنه لوحظ أن الورقة الجزائرية المعروضة على قمة 2005، هي الوثيقة الوحيدة التي اتسمت بالشمولية والموضوعية، وقد أعدها أساتذة وخبراء وقدمت في شكل صياغة جديدة لميثاق جامعة الدول العربية من منظور جزائري يعكس التجربة الجزائرية السياسية.

كما يشار إلى أن الجزائر تستضسف لحد الآن المؤسسات التابعة لجامعة الدول العربية التالية:

المعهد العربي العالي للترجمة، المركز العربي للزلازل والكوارث الطبيعية، مشروع الذخيرة العربية، الاتحاد العربي للحديد والصلب.

المصدر: الشروق + موقع الخارجية الجزائرية

مقالات مشابهة

  • التنمية المستقلة ضرورة من أجل إنهاء حالة الاستعمار الاقتصادي والحد للتبعية في الدول النامية
  • بالصور.. هكذا احتفلت أول الدول التي حل بها عام 2025
  • الجامعة العربية والقضية الفلسطينية في 2024.. دعم قوي ونهج راسخ
  • هذه أول و آخر الدول العربية المحتفلة بدخول السنة الجديدة 2025
  • شاهد: توقعات ليلى عبد اللطيف 2025 – جميع الدول العربية
  • وزير الخارجية الجزائري: نواصل المرافعة من أجل إصلاح جامعة الدول العربية
  • د. لبيب قمحاوي .. التحديات التي تجابه المنطقة العربية في الحقبة القادمة
  • ما هي الدول الأوروبية التي حظرت استخدام الهواتف الذكية في المدارس؟
  • 2024.. جهود استثنائية شهدتها أروقة «الجامعة العربية»