الصين تطلق تدريبات "التحذير الصارم" حول تايوان
تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT
بدأت الصين تدريبات عسكرية حول تايوان، اليوم السبت، اعتبرتها بمثابة "تحذير صارم"، في أعقاب الزيارة القصيرة لنائب رئيسة الجزيرة وليام لاي إلى الولايات المتحدة.
ولاي، الذي يعد المرشح الأوفر حظاً في الانتخابات الرئاسية التايوانية العام المقبل، توقف في نيويورك خلال رحلة له إلى باراغواي، إحدى الدول القليلة التي تتبادل العلاقات الدبلوماسية مع تايبيه، قبل أن يتوقف مجدداً في سان فرانسيسكو في طريق العودة.
ووصفت الصين لاي بأنه "مثير للمشاكل"، وتعهدت باتخاذ "إجراءات حازمة وقوية لحماية السيادة الوطنية".
ونقلت وكالة شينخوا الصينية الرسمية للأنباء عن المتحدث العسكري شي يي قوله إن "قيادة المسرح الشرقي لجيش التحرير الشعبي الصيني أطلقت دوريات جوية وبحرية مشتركة وتدريبات عسكرية للقوات البحرية والجوية حول جزيرة تايوان".
The Eastern Theater Command of the Chinese People's Liberation Army on Saturday launched joint air and sea patrols and military exercises of the navy and air force around the island of Taiwan https://t.co/TGzdjqkzux pic.twitter.com/6vKKbwXPCP
— China Xinhua News (@XHNews) August 19, 2023وأضافت شينخوا أن "التدريبات تهدف إلى اختبار قدرة جيش التحرير الشعبي على السيطرة على 16 مجالاً جوياً وبحرياً، والقتال في ظروف معارك حقيقية"، وأشار البيان إلى أن "التدريبات تهدف إلى أن تكون بمثابة تحذير صارم لتواطؤ انفصاليي تايوان المطالبين بالاستقلال مع عناصر أجنبية".
وتطالب الصين بالسيادة على تايوان، ولم تستبعد استخدام القوة للاستيلاء عليها، وأجرت بكين تدريبات عسكرية واسعة النطاق بعد زيارة نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الأمريكي آنذاك، إلى تايوان العام الماضي، وأيضاً بعد أن التقت الرئيسة تساي إنغ وين مع كبار المشرعين الأمريكيين خلال سفرها عبر الولايات المتحدة.
Mainland official strongly condemns provocative move by Taiwan's DPP to further collude with U.S. https://t.co/T8EFrYV50Q pic.twitter.com/TTULmhrNBG
— China Xinhua News (@XHNews) August 19, 2023ومن جهتها، نددت تايوان بشدة بإطلاق الصين تدريبات عسكرية حول الجزيرة، في أعقاب توقف قصير في الولايات المتحدة لوليام لاي نائب الرئيسة التايوانية.
وقالت وزارة الدفاع التايوانية في بيان إن "وزارة الدفاع الوطني تندد بشدة بمثل هذا السلوك اللاعقلاني والاستفزازي، وسترسل قوات مناسبة للرد دفاعاً عن الحرية والديموقراطية وسيادة تايوان". فيما دعت واشنطن إلى التزام الهدوء بشأن عبور لاي من البلاد، واصفة توقفه بأنه روتيني.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني تايوان الصين تدریبات عسکریة
إقرأ أيضاً:
سياسة ترامب الخارجية ستُسرِّع مساعي الصين لقيادة العالم
ترجمة: قاسم مكي
لم يُخْفِ الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب نِيَّته في تَبنِّي موقف متشدد تجاه الصين بدءا بتهديده بفرض رسوم جمركية بنسبة 60% على الواردات الصينية ثم حشده صقورا متشددين ضدها في إدارته. وسيتبَّين أن ذلك سيشكل صداعا لبكين فيما يتعلق بعلاقتها الثنائية مع واشنطن.
لكن إدارة ترامب الجديدة ستقدِّم للصين فرصة كبرى لتوسيع نفوذها أيضا. فسياسة ترامب الخارجية المسمَّاة «أمريكا أولا» ستشهد في الغالب انسحابا جزئيا أو كليا للولايات المتحدة من المنظمات والمبادرات الدولية التي ظلت تمثل أحجار الزاوية لهيمنتها. وستوجد بذلك فراغا ستحرص بكين على استغلاله. ستأمل الصين في الحصول على مساحة أكبر لتأسيس دور قيادي عالمي لها وتشكيل ما يتحول باطراد إى عالم متعدد الأطراف وفقا لمصالحها الخاصة بها.
رؤية الرئيس الصيني شي جينبينج تنطوي على بسط نظام عالمي وليس الفوضى. لكن هذا النظام سيتحاشى الأعراف وأنظمة التحالف التي ترتكز على القيم العامة لصالح شراكات غير ملزِمة ترتكز على المصالح المشتركة. عمليا، من شأن ذلك أن يمنح الصين نفوذا مُهمِّا بسبب حجم اقتصادها وقيادتها التقنيَّة وقوتها العسكرية المتنامية.
تسعى الصين إلى تحقيق هذه الرؤية بإعادة تشكيل الأمم المتحدة والدفع بالمبادرات العالمية الخاصة بها وتحديد الشروط والظروف المادية التي تحكم سلاسل الإمداد والتقنيات الصاعدة.
منذ عام 2021 كشفت بكين عن ثلاث مبادرات عالمية مرتبطة بنفوذها في الأمم المتحدة وهي مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية.
يُستَشهَد في ورقة مفهوم الأمن العالمي بميثاق الأمم المتحدة باعتباره «جوهر» النظام العالمي. والمبادرات المرتبطة بمبادرة الحضارة العالمية التي تروِّج للحوار بين الحضارات أجيزت من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة ومنظمة اليونيسكو (التي سحب ترامب الولايات المتحدة منها.)
أصبحت الأمم المتحدة أداة رئيسية حاولت الصين وتحاول من خلالها بناء دورها كوسيط دولي بما في ذلك ترويجها لخطة سلام لأوكرانيا إلى جانب البرازيل.
مبادرة التنمية العالمية تمثل تطويرا لمقاربة التنمية العالمية عبر مبادرة الحزام والطريق والتي أرست دور الصين كشريك تنمية أساسي لبلدان جنوب العالم. والمبادرتان اللتان يجب متابعتهما ستكونان مبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية.
تقدم مبادرة الأمن العالمي إطارا للتعاون الأمني الدولي في معارضة للتحالفات العسكرية الأمريكية. وفي حين لا تقترب الصين بأي حال من مضاهاة الانتشار العسكري للولايات المتحدة إلا أن المبادرة يتم تفصيلها وفقا لعناصر قوتها مع التركيز على التعاون في مجالات تشمل الأمن الداخلي وأمن البيانات. تقليص تعهدات الولايات المتحدة يمكن أن يساعد بكين على توظيف المبادرة لنشر المعايير الأمنية الصينية وفي ذات الوقت حماية المصالح الاقتصادية الصينية.
أثبتت الصين أنها شريك أمني جذاب لشركاء الولايات المتحدة في مجال الدفاع. فباكستان وهي حليف رئيسي للولايات المتحدة خارج الناتو تعزز التعاون العسكري مع الصين لحماية المواطنين الصينيين الذي يعملون في مشروعات مبادرة الحزام والطريق. ويشاع أن مصر لديها خطط لإحلال طائرات إف-16 الأمريكية بطائرات جيه -20 الصينية.
بالمقارنة يتم إعداد مبادرة الحضارة العالمية لتقديم بديل لقيم حقوق الإنسان العالمية التي يدفع بها الغرب. فبدلا عنها تروِّج المبادرة لنظام عالمي يرتكز على حضارات متميزة لكل منها قيمها الخاصة وأنظمتها السياسية التي يجب احترام سيادتها وسلطتها.
هذا التأطير والذي أصبح روتينيا في البيانات الدبلوماسية الصينية جذاب بطبعه للقوى الصاعدة وغير الراضية عن النظام العالمي الذي تقوده واشنطن.
فك الإدارة الأمريكية ارتباطها بالساحة الدولية يمكن جدا أن يسمح لخطاب بكين عن القيم الحضارية بأن يتحول إلى التأطير المفضل للدبلوماسية الدولية خصوصا مع تزايد النفوذ الصيني في الأمم المتحدة.
في نهاية المطاف سيظل النفوذ القوى للصين متجذرا في التجارة والتقنية خصوصا في المجالات التي أسس له فيها دورا قياديا. فمقاربة الصين المنهجية لتطوير التقنية الخضراء بداية من إنتاج الطاقة والى السيارات الكهربائية حققت لها الهيمنة على سلاسل التوريد هذه. وقدراتها الفنية المتقدمة إلى جانب مكانتها كشريك تنمية وتقنية رئيسي حول جنوب العالم تعني أن باقي العالم سيصبح باطراد معتمدا على الصين في سلاسل توريد التقنية الخضراء. وبالتالي مع تحول التقنية الصينية إلى التقنية المفضلة من المرجح أن تسود المعايير التي تحكم استخدامها. وإدارة ترامب التي لا ترغب في أن تكون طرفا في التعاون الدولي حول المناخ ستترك الصين اللاعب الأكبر في مجال التقنية والسلع التي يحتاجها باقي العالم للانتقال إلى الطاقة المتجددة.
يجب عدم التقليل من النفوذ العالمي الذي تحصل عليه الصين من هذا الوضع. لقد شهد منتدى هذا العام حول التعاون الصيني الإفريقي حزمة من التعهدات لزيادة التعاون في الموارد المتجددة والتقنية الخضراء. كما شهد أيضا تعهدات بمزيد من التعاون حول تقنية المعلومات والتي يمكن أن تحدث تحولا جذريا.
حرص الصين على أن تلعب دورا قياديا في الحوكمة الدولية للذكاء الاصطناعي يشكل تحديا شبيها للولايات المتحدة حين تنطوي على نفسها. الصين حريصة على اقتسام خبرتها والتعاون مع بلدان جنوب العالم حول التطبيق المباشر لأنظمة الذكاء الاصطناعي كما في مشروعات المدينة الذكية على سبيل المثال. وفي غياب الولايات المتحدة وهي المنافس الوحيد الجاد سيكون بمقدور الصين وضع المعايير العالمية لاستخدام الذكاء الاصطناعي وتأسيس اعتمادٍ طويل الأجل على المعايير والأنظمة الصينية. وفي آخر الأمر لا يعتمد توازن النفوذ الدولي للولايات المتحدة والصين على العلاقات الثنائية الأمريكية الصينية ولكن على علاقة كل منهما مع باقي العالم.
نفوذ الصين المتزايد في الأمم المتحدة في اقترانه مع مبادراتها الدولية وقيادتها التقنية يجعلها في موضع جيد للاستفادة من ميزة الغياب المحتمل لإدارة ترامب عن المسرح الدولي وتشكيل المعايير العالمية الجديدة على نحو أوسع نطاقا. ولن يكون لدى حلفاء الولايات المتحدة الذين يسعون للتصدي لذلك الوضع خيارات تذكر في ظل ضآلة اهتمام البيت الأبيض بالقيادة الدولية.
قد تقوض الحرب التجارية أجندة ترامب الداخلية لكن يمكن القول إن أجندة «أمريكا أولا» في الخارج أكثر اتساقا مع تعددية الأطراف من النظام الذي يرتكز على قواعد.
الإستراتيجية الأفضل لحلفاء الولايات المتحدة ستكون التخطيط للتكيف مع حقائق عالمٍ يزداد فيه النفوذ الصيني في الأجل الطويل. وهذا يعني تطوير روابط فيما بين هؤلاء الحلفاء ترتكز على مصالح وقيم مشتركة ليس بهدف الحفاظ على النظام الذي تقوده الولايات المتحدة (فقد فات الأوان) ولكن حماية الأعراف والمعايير الأكثر أهمية لهم ما أمكنهم ذلك.
وهذا يتطلب الارتباط مع بلدان جنوب العالم كبلدان شريكة لديها مصلحة في النظام العالمي الجديد متعدد الأقطاب وعبر الارتباط الثنائي ومتعدد الأطراف للتأثير على الاتجاه الذي يتطور فيه ذلك النظام.