موقع 24:
2024-09-30@23:35:33 GMT

الصراع على البحر الأسود

تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT

الصراع على البحر الأسود

للبحر الأسود، أهمية اقتصادية وعسكرية وأمنية للدول المطلة عليه، إضافة إلى تحكمه في خطوط الملاحة الدولية، وله مكانة خاصة في الاستراتيجيات العالمية والإقليمية؛ حيث إنه يشكل الممر الرئيسي للتجارة بين قارتي آسيا وأوروبا، ولهذه الأسباب أصبح يستقطب تنافس القوى الكبرى لما له من أهمية استراتيجية تطال الأمور العسكرية والأمنية.

لهذا فإن البحر الأسود له بعد جيوسياسي يفوق بعده الجغرافي.




إن الخلافات بين الدول على مسارات البحار ستصبح أهم أسباب النزاع، وسوف تؤدي إلى اختلال هذا التوازن بما يخلق مزيداً من الصراعات الاقتصادية والسياسية. ولعل أحد أهم الأسباب التي دفعت روسيا إلى شن الحرب على أوكرانيا هو الحفاظ على الممر الحيوي لها إلى العالم عبر البحر الأسود، الذي يعد الشريان الوحيد الذي يربط بين أراضيها وبين وسط العالم وغربه، وعلى الرغم من أن لروسيا مقاطعة على بحر البلطيق هي كالينينغراد، لكن تفصلها، عن أرضها، كل من بولندا وليتوانيا، وبالتالي، فإن للبحر الأسود أهمية استراتيجية لها، ووقوعه في قبضة أي دولة معادية أو حتى صديقة، على اعتبار أن المصالح تتغير دائماً في عالم السياسة، سيؤدي إلى عرقلة حركة سفنها وتجارتها وأسطولها في هذا البحر، ولذلك فهي مصممة على كسب حربها مع أوكرانيا مهما بلغت التضحيات أو طال أمد الحرب. وفي المقابل، فإن دول الغرب تناصر أوكرانيا، وتقدم لها الدعم المادي والمعنوي في سبيل كسر إرادة روسيا على أقل تقدير، ومنعها من تحقيق أهدافها في الحرب ودفعها إلى القبول بتسوية سياسية وفق تصورات الغرب.

وفي ظل استمرار الحرب فقد انعقد في رومانيا مؤخراً، «مؤتمر الأمن في البحر الأسود» بمشاركة كل من أوكرانيا ومولدوفا، إضافة إلى وفود من عشرين دولة في العالم، على مستوى وزراء الخارجية. وكان السبب الرئيسي لعقد المؤتمر إيجاد حلول لتأمين هذا البحر مع دول المنطقة والشركاء الدوليين. وتتشارك كل من روسيا وأوكرانيا وبلغاريا ورومانيا وتركيا وجورجيا هذا البحر الذي كان في مطلع القرن الثامن عشر بحيرة عثمانية خالصة، قبل أن تنبعث قوة روسيا لتعيد تشكيل المنطقة، ولتجعل من البحر بحيرة روسية، بعد أن سيطرت على شبه جزيرة القرم، وعلى جورجيا وأوكرانيا. وإبان الحقبة السوفييتية توسعت السيطرة لتشمل رومانيا وبلغاريا، بينما ظلت تركيا تطل على هذا البحر من جهة الجنوب. وخلال المؤتمر، قال وزير خارجية أوكرانيا: «إنه حان الوقت لتحويل البحر الأسود إلى منطقة خاضعة لنفوذ الحلف الأطلسي، والعمل على نزع السلاح فيها». وقد رد الناطق باسم الكرملين، على تلك الدعوة، وقال: «إن الحديث عن تحويل البحر الأسود إلى بحيرة أطلسية بعيد عن الواقع، ولن يحدث أبداً».
مما لا شك فيه، فإن للغرب استراتيجية واضحة تجاه منطقة البحر الأسود، ومن خلفها منطقة آسيا الوسطى، وتتمثل تلك الاستراتيجية في توسيع نطاق الاتحاد الأوروبي وضم أوكرانيا وجورجيا، ومن ثم يتم فتح الباب أمام جمهوريات آسيا الوسطى، التي استقلت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. وهذه الدول قد تتشجع وتطلب الانضمام لحلف الناتو، وبذلك تخلق أوروبا فضاء خلفياً لها يمتد حتى أقصى آسيا الوسطى الغنية بثروات باطنية مثل النفط والغاز، إضافة إلى الغلال والحبوب والمعادن، ويكون ذلك الفضاء محمياً بالقوة الجماعية الأطلسية، وفي المقابل تصبح روسيا دولة مطوقة بستار حديدي من الدول المناوئة لها والرافضة للتعامل معها.
إن الحرب الدائرة في أوكرانيا الآن هي التي سترسم المستقبل، وهي التي ستحدد إن كان البحر الأسود سيكون بحيرة روسية أو أطلسية. لكن ذلك الحشد الدولي الكبير رسالة إلى روسيا بأن هناك دولاً كثيرة تؤيد الرؤية الأمريكية والغربية بخصوص أوكرانيا والبحر الأسود. لكن، في نهاية الأمر كما علمتنا عبر التاريخ، القوة هي التي ترسم المشهد الدولي، فأية تصورات حول البحر الأسود سواء أكانت محلية أو دولية، ستبقى حبراً على ورق ما لم يحسم أحد الطرفين الحرب الراهنة بين روسيا وأوكرانيا.
إن هذه الأحداث ربما تفصح عن طبيعة المعضلات الجيوسياسية المستجدة، وهي توضح أن المشكلات القائمة يصعب حلها دون مقاربة متكاملة تلحظ الخلفيات السياسية والاقتصادية.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني البحر الأسود هذا البحر

إقرأ أيضاً:

أوكرانيا تستهدف مستودعًا للذخائر والصواريخ في روسيا

سرايا - أكدت أوكرانيا أنها استهدفت، ليل السبت - الأحد، مستودعاً لتخزين الصواريخ والذخيرة في غرب منطقة فولغوغراد الروسية، مواصلةً تنفيذ خطتها لشن هجمات مكثفة على منشآت موسكو اللوجيستية، وفق ما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأعلنت روسيا التي لم تشر إلى الهجوم، أنها أسقطت 125 مسيَّرة متفجرة مصدرها أوكرانيا، منها 67 فوق منطقة فولغوغراد.

وأكد مصدر قريب من العمليات في قطاع الدفاع الأوكراني أن العملية نُفذت باستخدام «120 مسيّرة متفجرة» بشكل مشترك بين جهاز الاستخبارات العسكرية وأجهزة الأمن والجيش. وأوضح أن استهداف مستودع تخزين الصواريخ والذخائر والمتفجرات الواقع في قرية كوتلوبان الروسية «سيؤدي إلى تقليص حجم ذخيرة وحدات الجيش الروسي».

وجاء في بيان لهيئة الأركان العامة للجيش الأوكراني أنه «عشية الهجوم، وصلت صواريخ إيرانية» إلى الموقع، دون أن تذكر ما إذا كانت هذه الأسلحة التي مصدرها إيران، حليفة روسيا، قد تضررت بشكل مباشر في الهجوم الذي تسبب باندلاع «حريق».

ولم تبلغ روسيا، من جانبها، عن تأثيرات هذا الهجوم الجديد الذي يهدف إلى تعطيل لوجيستياتها في مناطق القتال.

واكتفت وزارة الدفاع الروسية بالقول على «تلغرام»: «إن الدفاعات الجوية دمرت واعترضت خلال الليل (...) 125 مسيّرة أوكرانية».

وأكد حاكم فولغوغراد أندريه بوتشاروف في بيان عدم وقوع إصابات أو أضرار. لكن قناة «ريبار» القريبة من الجيش الروسي أشارت عبر «تلغرام» إلى دوي انفجارات عدة قرب كوتلوبان حيث منشآت المديرية الرئيسية للصواريخ والمدفعية التابعة لوزارة الدفاع. كما أفادت وسائل الإعلام الروسية المحلية بوقوع «هجوم ضخم بمسيّرة»، بينما تحدث سكان هذه المنطقة عن دوي «انفجارات عدة» خلال الليل.

من جانبها، أفادت وزارة الدفاع البريطانية، الأحد، بأن الهجمات الأخيرة بالطائرات المسيّرة الأوكرانية تسببت في أكبر تدمير لمخزونات الذخيرة الروسية منذ بداية الحرب في أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وأشارت الوزارة إلى هجوم وقع في 18 سبتمبر (أيلول) على مستودع بالقرب من توروبتس في منطقة تفير الروسية شمال غربي موسكو، حيث يُعتقد أنه جرى تدمير ما لا يقل عن 30 ألف طن ذخيرة.

وأفادت الوزارة بأن هجوماً آخر في الساعات الأولى من يوم 21 سبتمبر استهدف مستودعات في تيخوريتسك، في منطقة كراسنودار جنوب روسيا وأماكن أخرى في توروبتس؛ ما تَسَبَّبَ في وقوع خسائر كبيرة.

وذكرت التقارير أن الذخائر التي جرى تدميرها عبر المواقع الثلاثة تمثِّل «أكبر خسارة في الذخيرة الروسية والمورَّدة من كوريا الشمالية خلال الحرب». وأضافت: «من المؤكد أن الضربات ستتسبب، على الأقل، في تعطيل قصير الأجل لإمدادات الذخيرة الروسية».

الشرق الأوسط


مقالات مشابهة

  • البحرية الأوكرانية: روسيا لا تزال تحتفظ بحاملة صواريخ واحدة في البحر الأسود
  • البنك الدولي يدعم خارطة طريق رومانيا لدعم طاقة الرياح البحرية عبر منطقة البحر الأسود
  • أوكرانيا تستهدف مستودع ذخيرة رئيسي في روسيا
  • أوكرانيا تستهدف مستودعًا للذخائر والصواريخ في روسيا
  • روسيا.. تطوير أول نهج في العالم لتعديل جينوم العنب الأسود
  • بعد مرور 949 يوما من الحرب.. الصراع بين روسيا وأوكرانيا إلى أين؟
  • أوكرانيا تعلن استهداف منشأة عسكرية في روسيا
  • بين الحقيقة والخرافات.. أغرب وقائع "السحر الأسود" التي طالت نجوم كرة القدم "مؤمن زكريا آخر الضحايا"
  • حرب روسيا ـ أوكرانيا.. حتمية التقسيم للخروج من الأزمة أو خسارة الطرفين (2من2)
  • حرب روسيا ـ أوكرانيا.. حتمية التقسيم للخروج من الأزمة أو خسارة الطرفين (2 من 2)