موقع 24:
2025-02-23@00:57:33 GMT

الصراع على البحر الأسود

تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT

الصراع على البحر الأسود

للبحر الأسود، أهمية اقتصادية وعسكرية وأمنية للدول المطلة عليه، إضافة إلى تحكمه في خطوط الملاحة الدولية، وله مكانة خاصة في الاستراتيجيات العالمية والإقليمية؛ حيث إنه يشكل الممر الرئيسي للتجارة بين قارتي آسيا وأوروبا، ولهذه الأسباب أصبح يستقطب تنافس القوى الكبرى لما له من أهمية استراتيجية تطال الأمور العسكرية والأمنية.

لهذا فإن البحر الأسود له بعد جيوسياسي يفوق بعده الجغرافي.




إن الخلافات بين الدول على مسارات البحار ستصبح أهم أسباب النزاع، وسوف تؤدي إلى اختلال هذا التوازن بما يخلق مزيداً من الصراعات الاقتصادية والسياسية. ولعل أحد أهم الأسباب التي دفعت روسيا إلى شن الحرب على أوكرانيا هو الحفاظ على الممر الحيوي لها إلى العالم عبر البحر الأسود، الذي يعد الشريان الوحيد الذي يربط بين أراضيها وبين وسط العالم وغربه، وعلى الرغم من أن لروسيا مقاطعة على بحر البلطيق هي كالينينغراد، لكن تفصلها، عن أرضها، كل من بولندا وليتوانيا، وبالتالي، فإن للبحر الأسود أهمية استراتيجية لها، ووقوعه في قبضة أي دولة معادية أو حتى صديقة، على اعتبار أن المصالح تتغير دائماً في عالم السياسة، سيؤدي إلى عرقلة حركة سفنها وتجارتها وأسطولها في هذا البحر، ولذلك فهي مصممة على كسب حربها مع أوكرانيا مهما بلغت التضحيات أو طال أمد الحرب. وفي المقابل، فإن دول الغرب تناصر أوكرانيا، وتقدم لها الدعم المادي والمعنوي في سبيل كسر إرادة روسيا على أقل تقدير، ومنعها من تحقيق أهدافها في الحرب ودفعها إلى القبول بتسوية سياسية وفق تصورات الغرب.

وفي ظل استمرار الحرب فقد انعقد في رومانيا مؤخراً، «مؤتمر الأمن في البحر الأسود» بمشاركة كل من أوكرانيا ومولدوفا، إضافة إلى وفود من عشرين دولة في العالم، على مستوى وزراء الخارجية. وكان السبب الرئيسي لعقد المؤتمر إيجاد حلول لتأمين هذا البحر مع دول المنطقة والشركاء الدوليين. وتتشارك كل من روسيا وأوكرانيا وبلغاريا ورومانيا وتركيا وجورجيا هذا البحر الذي كان في مطلع القرن الثامن عشر بحيرة عثمانية خالصة، قبل أن تنبعث قوة روسيا لتعيد تشكيل المنطقة، ولتجعل من البحر بحيرة روسية، بعد أن سيطرت على شبه جزيرة القرم، وعلى جورجيا وأوكرانيا. وإبان الحقبة السوفييتية توسعت السيطرة لتشمل رومانيا وبلغاريا، بينما ظلت تركيا تطل على هذا البحر من جهة الجنوب. وخلال المؤتمر، قال وزير خارجية أوكرانيا: «إنه حان الوقت لتحويل البحر الأسود إلى منطقة خاضعة لنفوذ الحلف الأطلسي، والعمل على نزع السلاح فيها». وقد رد الناطق باسم الكرملين، على تلك الدعوة، وقال: «إن الحديث عن تحويل البحر الأسود إلى بحيرة أطلسية بعيد عن الواقع، ولن يحدث أبداً».
مما لا شك فيه، فإن للغرب استراتيجية واضحة تجاه منطقة البحر الأسود، ومن خلفها منطقة آسيا الوسطى، وتتمثل تلك الاستراتيجية في توسيع نطاق الاتحاد الأوروبي وضم أوكرانيا وجورجيا، ومن ثم يتم فتح الباب أمام جمهوريات آسيا الوسطى، التي استقلت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. وهذه الدول قد تتشجع وتطلب الانضمام لحلف الناتو، وبذلك تخلق أوروبا فضاء خلفياً لها يمتد حتى أقصى آسيا الوسطى الغنية بثروات باطنية مثل النفط والغاز، إضافة إلى الغلال والحبوب والمعادن، ويكون ذلك الفضاء محمياً بالقوة الجماعية الأطلسية، وفي المقابل تصبح روسيا دولة مطوقة بستار حديدي من الدول المناوئة لها والرافضة للتعامل معها.
إن الحرب الدائرة في أوكرانيا الآن هي التي سترسم المستقبل، وهي التي ستحدد إن كان البحر الأسود سيكون بحيرة روسية أو أطلسية. لكن ذلك الحشد الدولي الكبير رسالة إلى روسيا بأن هناك دولاً كثيرة تؤيد الرؤية الأمريكية والغربية بخصوص أوكرانيا والبحر الأسود. لكن، في نهاية الأمر كما علمتنا عبر التاريخ، القوة هي التي ترسم المشهد الدولي، فأية تصورات حول البحر الأسود سواء أكانت محلية أو دولية، ستبقى حبراً على ورق ما لم يحسم أحد الطرفين الحرب الراهنة بين روسيا وأوكرانيا.
إن هذه الأحداث ربما تفصح عن طبيعة المعضلات الجيوسياسية المستجدة، وهي توضح أن المشكلات القائمة يصعب حلها دون مقاربة متكاملة تلحظ الخلفيات السياسية والاقتصادية.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني البحر الأسود هذا البحر

إقرأ أيضاً:

اصطدام سفينتي نفط في البحر الأسود دون تسجيل تلوث بيئي

اصطدمت سفينتا نفط في البحر الأسود بين ميناءي جيلندجيك ونوفوروسيسك، اليوم /الجمعة/، وتعرضت إحداهما لأضرار طفيفة، ولم يصب أحد بأذى، كما لم يحدث تلوث بيئي.

وقال متحدث باسم خدمات الطوارئ في منطقة كراسنودار - في بيان أذاعته وكالة "تاس" الروسية - إن التصادم وقع في منطقة مرساة بالبحر الأسود بسبب الظروف الجوية السيئة، عندما انحرفت السفينة "نايتج علييف" نحو السفينة "بيجونيا إس."، التي تعرضت لأضرار طفيفة في مقدمتها نتيجة لذلك، مشيرا إلى أن السفينتين انفصلتا بعد الحادث، حيث أكد مركز التحكم المحلي لمدينة جيليندجيك معلومات الاصطدام، وأوضح أن قاطرة ساعدت السفينتين.

وقالت شركة "جيليندجيك" للموانئ - في بيان نشرته على تطبيق"تلجرام" - إنه "وفقا للوكالة الفيدرالية الروسية للنقل البحري والنهري، فإن السفينتين سليمتان، ولم تغرقا، ولا يوجد أي خطر من حدوث تسرب نفطي، ولا توجد إصابات. وشفرة الدفة عالقة في سلسلة المرساة".

وتم فرض نظام "التأهب الأقصى" بسبب سوء الأحوال الجوية في وقت سابق في نوفوروسيسك، والذي سيظل ساري المفعول حتى 25 فبراير. وبحسب خبراء الأرصاد الجوية، من المتوقع هبوب رياح قوية تصل سرعتها إلى 34 مترا في الثانية.

مقالات مشابهة

  • الولايات المتحدة تقترح قرارًا خاصًا في الأمم المتحدة بذكرى الحرب في أوكرانيا
  • ما هي الدروس التي استخلصها الجيش الفرنسي بعد ثلاث سنوات من الحرب في أوكرانيا؟
  • الخارجية الأمريكية: "روبيو" يؤكد عزم ترامب إنهاء الصراع في أوكرانيا
  • اصطدام سفينتين في البحر الأسود
  • اصطدام سفينتي نفط في البحر الأسود دون تسجيل تلوث بيئي
  • موسكو: هناك القليل من التفاصيل بشأن تسوية الصراع في أوكرانيا 
  • بريطانيا: روسيا مصدر تهديد أبعد من أوكرانيا وعلينا مواجهة هذا التحدي
  • ترامب: روسيا لديها الأفضلية في مفاوضات السلام مع أوكرانيا
  • روسيا تستعيد 64% من الأراضي التي سيطرت عليها أوكرانيا في كورسك
  • ترامب: روسيا "في موقع قوة" في المفاوضات بشأن أوكرانيا