الروبل الروسي وعملة «بريكس» الموحدة
تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT
الروبل الروسي وعملة «البريكس»
قبل بدء العملية العسكرية في أوكرانيا، كان الروبل يتقدم في تعاملات روسيا التجارية مع شركائها.
ضاعفت روسيا هدفها للإنفاق الدفاعي ليتجاوز 100 مليار دولار أي ما يعادل ثلث الإنفاق العام.
اقترحت وزارة المالية الروسية خفض نفقاتها في ميزانية 2024 بنسبة 10%، لخفض الفجوة التمويلية، وتوفير الأموال للإنفاق على الجيش والأمن القومي.
خسر الروبل الروسي 25% من قيمته منذ بداية 2023، ليصبح بين أسوأ ثلاث عملات في الأسواق الناشئة لجهة الأداء، مثل الليرة التركية والبيزو الأرجنتيني.
ستؤكد قمة «دول بريكس» في جوهانسبرغ على تعزيز التعامل بين دول المجموعة بالعملات المحلية وتسهيل المدفوعات مباشرةً دون التحويل إلى الدولار.
بعد العقوبات أعلن البنك المركزي الروسي أن سياسته بين 2023 و2024 تمضي نحو آلية رفد صندوق الرفاه الوطني (155 مليار دولار) بعملات دول صديقة.
في 2021 تمت تسوية 53.4% من مدفوعات روسيا مع الهند بالروبل مقابل 38.3% بالدولار، واستحوذ اليوان على ثلث عمليات تسوية المدفوعات من روسيا إلى الصين.
ستبحث قمة دول بريكس طلبات انضمام 22 دولة وإطلاق عملة موحدة على غرار اليورو وتكهنت تقارير بتسمية العملة الجديدة «بريك» وروسيا والبرازيل الأكثر حماساً لإطلاقها.
* * *
توقف البنك المركزي الروسي في العاشر من أغسطس الجاري، وحتى نهاية العام، عن شراء العملات الأجنبية من الأسواق المحلية، لكنه سيواصل بيع العملات الأجنبية المرتبطة باستخدام التمويلات من صندوق الرفاه الوطني الروسي (صندوق ثروة سيادي).
وذلك في محاولة للجم تراجع سعر صرف العملة الوطنية، والذي تجاوز 100 روبل مقابل الدولار، وهو أدنى سعر له منذ 16 شهراً، عندما بلغ مستواه الأدنى في الأسابيع الأولى لبدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا في فبراير 2022.
وقد خسر الروبل 25% من قيمته منذ بداية العام الحالي، حتى أصبح بين أسوأ ثلاث عملات في الأسواق الناشئة لجهة الأداء، مثل الليرة التركية والبيزو الأرجنتيني.
ويحدث هذا التطور في ظل موجة تقلبات مالية أطلقتها الحرب المستمرة، وهي تعكس سلسلة تحديات، لا تقتصر على الروبل الذي يغذي التضخم، بل تشمل عجز الميزانية الحكومية، مع الخوف من استدامة الإنفاق المكلف على الدفاع، وانخفاض عوائد الطاقة.
وخاصة أن هذا العجز تجاوز في الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي مستهدفات الحكومة للعام بكامله، وارتفع (وفق أرقام وزارة المالية) بين يناير وأبريل إلى 3.42 تريليون روبل (45 مليار دولار)، وتراجعت الإيرادات بنسبة 22% إلى 7.8 تريليون روبل، بينما ارتفع الإنفاق بنسبة 26% إلى 11.2 تريليون روبل، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وأظهرت وثيقة حكومية أن روسيا ضاعفت هدفها للإنفاق الدفاعي إلى أكثر من 100 مليار دولار، أي ما يعادل ثلث الإنفاق العام. وتقدمت وزارة المالية بمقترح لتخفيض نفقاتها في ميزانية العام المقبل بنسبة 10%، لخفض الفجوة التمويلية، وتوفير الأموال لإنفاقها على الجيش والأمن القومي.
وسبق لسعر صرف الروبل، مع بداية الحرب الأوكرانية وتنفيذ عقوبات أميركية وأوروبية غير مسبوقة استهدفت النظام المالي الروسي، أن تراجع إلى نحو 135 مقابل الدولار، حيث فقد نصف قيمته.
لكن موسكو ردت بخطة دفاعية شملت سلسلة إجراءات وضوابط مالية، أهمها الحد من خروج الأموال والاستثمارات الأجنبية، ودفع ثمن مبيعات النفط والغاز بالروبل نفسه، وكذلك دفع أقساط ديون «يوروبوند» المستحقة.
وساهمت هذه الإجراءات في استعادة قيمة صرف الروبل ليسجل 76 للدولار، بعد شهر ونصف من بدء الحرب، وبذلك تمكنت موسكو في العام الماضي من المحافظة على نظامها المالي، رغم العقوبات الغربية.
وكانت روسيا، حتى بدء العملية العسكرية في أوكرانيا، تستخدم الدولار واليورو بشكل أساسي لموازنة ميزانيتها، لكن بعد العقوبات أعلن البنك المركزي الروسي أن سياسته النقدية للفترة بين 2023 و2024 تمضي في إمكانية تطبيق آلية لإعادة رفد صندوق الرفاه الوطني البالغ حجمه 155 مليار دولار بعملات الدول الصديقة.
مع العلم بأن الروبل كان يتقدم في تعاملات روسيا التجارية مع شركائها، وفي عام 2021 تمت تسوية 53.4% من جميع مدفوعاتها مع الهند بالروبل، مقابل 38.3% فقط بالدولار، كذلك استحوذ اليوان على ثلث عمليات تسوية المدفوعات من روسيا إلى الصين.
وفي هذا السياق، تبرز أهمية انعقاد قمة «دول بريكس» في جنوب أفريقيا الثلاثاء المقبل، والتي ستؤكد على تعزيز التعامل بين دول المجموعة (روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا) بعملاتها المحلية وتسهيل المدفوعات مباشرةً من دون التحويل إلى الدولار، خصوصاً أن القمة ستبت بطلبات انضمام 22 دولة، وقد تبحث في إطلاق عملة موحدة على غرار العملة الأوروبية (اليورو)، حتى أن بعض التقارير تكهنت بتسمية العملة الجديدة «بريك»، مع الإشارة إلى أن روسيا والبرازيل الأكثر حماساً لإطلاقها.
*عدنان كريمة كاتب لبناني متخصص في الشؤون الاقتصادية
المصدر | الاتحادالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الدولار اليورو روسيا الصين البرازيل الهند جنوب أفريقيا الروبل الروسي دول بريكس العملات المحلية البنك المركزي الروسي ملیار دولار
إقرأ أيضاً:
هل أضاعت إيران 50 مليار دولار مع سقوط الأسد؟
الاقتصاد نيوز - متابعة
بعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد بعد 24 عاماً في سدة الحكم، بدأت تتكشف أحوال الدولة الإنسانية والمالية. وفي تقرير جديد يتبين أن إيران التي دعمت النظام خسرت 50 مليار دولار مع فرار الأسد وزوال حكمه.
تحت عنوان "إيران خسرت الأسد وضاع معه دين بـ 50 مليار دولار" نشرت صحيفة صنداي تايمز البريطانية، تقريراً أعده ماثيو كامبل، قال فيه إن الملفات التي تم الكشف عنها "تظهر أن الديكتاتور السوري كان مديناً بأموال كبيرة لرعاته في طهران". وأضاف "الآن بعد أن تبخرت الأموال ولم يعد الإيرانيون في مزاج متسامح، فهل هناك إمكانية لاستعادتها".
وأضاف كامبل أن سقوط الأسد كان آخر حلقة في سلسلة النكسات التي تعرضت لها إيران بالمنطقة. فقد أنفقت مليارات الدولارات لدعم الأسد، لكنها رأت استثمارها يختفي بين عشية وضحاها وسط وابل من الرصاص الاحتفالي.
وورد في مذكرة صادرة عن مكتب الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بوزارة الخارجية في عام 2021: قد يطاح بالأسد ويختفي من الصورة، وستتعرض مليارات الدولارات لتهديد خطير.
وجاء فيها أن ديون سوريا لإيران على مدى سنوات والمكونة من قيمة مساعدات نفطية وإمدادات عسكرية بلغت حوالي 50 مليار دولار.
ووفق الصحيفة البريطانية، أشار تقرير آخر لوزارة الخارجية الإيرانية، أعد بعد عام، إلى أن تحصيل هذا الدين من سوريا سيكون "أمراً صعباً جداً ومستحيلاً من الناحية العملية" نظراً لضعف اقتصادها.
استعادة الاستثمارات
بعد ذلك، اقترح نائب الرئيس الإيراني محمد مخبر في تقرير إلى المرشد الأعلى أن تحاول إيران استعادة بعض استثماراتها من خلال الحصول على أسهم في شركات حكومية ومناجم فوسفات وميناء اللاذقية على البحر الأبيض المتوسط.
من ناحية أخرى، حذرت وثيقة لوزارة الخارجية من المخاطر في عام 2021، مشيرة إلى أن الوضع في دمشق "حساس"، مشيرةً إلى خطر اغتيال الأسد أو الإطاحة به وإمكانية أن يؤدي هذا إلى طرد إيران من سوريا.
وتلقت سوريا ومنذ عام 2012 مساعدات نفطية إيرانية بقيمة 11 مليار دولار ، مع الأخذ بالاعتبار المساعدات العسكرية، فإن المبلغ الإجمالي يقدر بنحو 50 مليار دولار أو أكثر، مع أن التدقيق المالي لم يكتمل بعد، على حد ما جاء في التقرير.
وتساءلت الصحيفة إن كانت إيران ستستعيد أموالها أم لا؟ مجيبة أن الأسئلة تتعلق بمستقبل علاقات سوريا بطهران، فقد تجنبت المعارضة المنتصرة اقتحام السفارة الروسية لكنها نهبت السفارة الإيرانية، ومزق أفرادها صور قادة إيران وأنزلوا علمها.
اتفاقية طويلة الأمد
تجدر الإشارة إلى أنه في شهر تموز الماضي، أعلنت الحكومة الإيرانية المنتهية ولايتها عن اتفاقية جديدة مع نظام الأسد، الهدف منها استرداد ديونها وثمن تدخلها لصالح الأخير في سوريا، وذلك بالتزامن مع تسارع التقارب بين أنقرة ودمشق.
فقبل انتهاء ولايته المؤقتة التي استمرت لقرابة 50 يوماً بعد الوفاة الغامضة للرئيس الإيراني السابق ابراهيم رئيسي، أرسل الرئيس الإيراني بالوكالة محمد مخبر، مشروع اتفاقية جديدة ومحدثة للتعاون الاقتصادي الاستراتيجي طويل الأمد بين إيران وحكومة نظام الأسد إلى مجلس الشورى بداية تموز لاستكمال الإجراءات القانونية.