عربي21:
2025-04-24@20:05:08 GMT

كيف تتجنب مصر الخيار السوري؟!

تاريخ النشر: 29th, December 2024 GMT

بين مصر وسوريا علاقة ضاربة في عمق التاريخ، تمتد للعصر الحجري، وفي العصر الحديث تشاركت الدولتان محطات تاريخية مهمة بدءا من الوحدة في إطار الجمهورية العربية المتحدة (1958-1961)، ثم حرب يونيو/ حزيران 1967، وبعدها اتحاد الجمهوريات العربية مطلع السبعينات والذي لم يعمر طويلا (مصر- سوريا- ليبيا –السودان)، ثم حرب أكتوبر/ تشرين 1973، ولكن أهم المحطات في تقديري هي مشاركة الشعبين السوري والمصري في الموجة الأولى للربيع العربي مطلع العام 2011، حيث ظل العلم السوري قرين العلمين المصري والفلسطيني في ميادين الثورة المصرية بعد انطلاق الثورة السورية، وظل الارتباط بين الثورتين قائما بمحاصرة سفارة نظام بشار الأسد في القاهرة، ولاحقا قطع العلاقة مع النظام السوري بقرار من الرئيس الراحل محمد مرسي.



اليوم يعبر السوريون بـ"حميمية" كبيرة عن امتنانهم للشعب المصري الذي أحسن وفادتهم خلال فترة لجوئهم إلى مصر التي امتدت على مدار السنوات الماضية ولا تزال ممتدة حتى الآن، واليوم يعود الرابط الوثيق بين الثورتين ليبعث انتصار الثورة السورية الأمل في نفوس المنتمين للثورة المصرية المغدورة، وليقذف الرعب في النظام الحاكم في مصر، بكل أذرعه ومؤسساته، وهو ما تظهر أعراضه بشكل جلي حاليا.

الرعب من انتصار الثورة السورية دفع النظام إلى اتخاذ موقف سلبي حتى الآن تجاه القيادة السورية الجديدة، ورغم توافد الوزراء والمسئولين العرب وغير العرب على دمشق لمقابلة قيادتها الجديدة ونسج علاقات معها؛ امتنع النظام المصري حتى الآن عن هذه الخطوة، وبدلا من ذلك منح الضوء الأخضر لأذرعه الإعلامية للهجوم الكاسح ضد القيادة السورية ووصفها بالعصابات الإرهابية التي لا يمكن التعاون أو تطبيع العلاقات معها
هذا الرعب من انتصار الثورة السورية دفع النظام إلى اتخاذ موقف سلبي حتى الآن تجاه القيادة السورية الجديدة، ورغم توافد الوزراء والمسئولين العرب وغير العرب على دمشق لمقابلة قيادتها الجديدة ونسج علاقات معها؛ امتنع النظام المصري حتى الآن عن هذه الخطوة، وبدلا من ذلك منح الضوء الأخضر لأذرعه الإعلامية للهجوم الكاسح ضد القيادة السورية ووصفها بالعصابات الإرهابية التي لا يمكن التعاون أو تطبيع العلاقات معها. (لن يستمر هذا الموقف طويلا، وسيضطر النظام للاعتراف بالقيادة السورية الجديدة قريبا، ودعكم من التشنجات الإعلامية الصاخبة!!).

يقولون في الأمثال إن الطيور على أشكالها تقع، فإذا كان الشعب السوري فد ارتاح للشعب المصري، والعكس صحيح، ووجد كلا الشعبين بعضهما نصفين مكملين لشعب واحد، من حيث الامتداد التاريخي والحضاري، والديني والثقافي، فإن نظامي الحكم القمعيين في مصر وسوريا كانا قريبين لبعضهما أيضا، ولعب النظام المصري دورا كبيرا في إعادة نظام بشار إلى جامعة الدول العربية بعد طرده منها عقب اندلاع الثورة السورية، بل إنه لعب دورا أيضا في إبعاد المعارضة السورية عن مقعد سوريا في الجامعة الذي كانت قد شغلته بالفعل عامي 2011، و2012، وظل المقعد شاغرا بعد ذلك حتى تمت إعادة نظام بشار إليه في أيار/ مايو من العام الماضي (عقب اجتماع لوزراء الخارجية العرب في القاهرة).

كان بشار الأسد يمثل المثل الأعلى للسيسي في قمع الشعب، وكان الأخير يهدد المصريين دائما بمصير سوريا، ملمحا إلى صور القمع غير المسبوق والذي قتل أكثر من نصف مليون سوري، بخلاف تهجير 12 مليونا داخل سوريا وخارجها.

سقوط النظام السوري المريع والسريع رغم امتلاكه لجيش قوي، وأجهزة أمنية متعددة، وحزب متجذر ومنتشر في ربوع سوريا (حزب البعث)، بث الرعب في نظام السيسي، لقد سقط النموذج البشع للقوة والقمع، وهذا يعني أن سقوط من هو دونه أسهل، فلا الجيش العرمرم، ولا مليشيات الدفاع الوطني السورية، أو شقيقاتها الإيرانية واللبنانية والأفغانية والباكستانية، ولا الأجهزة الأمنية المرعبة، استطاعت حماية بشار، بل إنها تبخرت سريعا، تدمج الأبواق الإعلامية الرسمية في مصر بين الدولة والنظام باعتبارهما شيئا واحدا، وتحذر من سقوط الدولة المصرية كما سقطت سوريا، والحقيقة أن سوريا تحررت ولم تسقط، بينما الذي سقط هو نظامها الذي كان يعتبر نفسه الدولة أيضا، وإذا أردنا الحفاظ على مصر من السقوط فينبغي أن نميز بين نظام الحكم الذي يمكن أن يسقط، وبين الدولة التي يجب أن تبقىوبحث كل فرد فيها عن ملاذ سريع داخل سوريا أو خارجها، وحين رأى بشار هذا الانهيار مع دخول مقاتلي الفصائل بسهولة إلى المدن والمحافظات المختلفة فر بدوره إلى قاعدة حميميم، ومنها إلى روسيا تاركا أقرب الناس من عائلته بلا حماية!

الغريب أن النظام المصري الذي لا يخفي ألمه لما حدث لنظام بشار، دعا القيادة السورية الجديدة عبر بيان رسمي لوزارة الخارجية بعد يومين فقط من سقوط الأسد إلى "تدشين عملية سياسية شاملة ذات ملكية وطنية سورية خالصة، تحافظ وتدعم وحدة واستقرار سوريا وشعبها بكل مكوناته وشرائحه، وتتبنى مقاربة شاملة وجامعة لكافة القوى الوطنية السورية".. يا إلهي.. كيف لفاقد الشيء أن ينصح به؟ النظام المصري الذي يرفض تماما تدشين عملية شاملة تشمل كل القوى الوطنية المصرية، ويصر على الاستئثار بحكم مصر، يطالب القيادة السورية الجديدة بما لم يفعله!!

تدمج الأبواق الإعلامية الرسمية في مصر بين الدولة والنظام باعتبارهما شيئا واحدا، وتحذر من سقوط الدولة المصرية كما سقطت سوريا، والحقيقة أن سوريا تحررت ولم تسقط، بينما الذي سقط هو نظامها الذي كان يعتبر نفسه الدولة أيضا، وإذا أردنا الحفاظ على مصر من السقوط فينبغي أن نميز بين نظام الحكم الذي يمكن أن يسقط، وبين الدولة التي يجب أن تبقى وتزدهر في ظل الحرية والديمقراطية واحترام إرادة الشعب.

يمكن لمصر أن تتجنب الخيار السوري عبر ما دعا إليه بيان الخارجية المصرية نفسه يوم 10 كانون الأول/ ديسمبر 2024: "تدشين عملية سياسية شاملة ذات ملكية وطنية (مصرية) خالصة، تحافظ وتدعم وحدة واستقرار (مصر) وشعبها بكل مكوناته وشرائحه، وتتبنى مقاربة شاملة وجامعة لكافة القوى الوطنية (المصرية)"، بغير ذلك فكل الاحتمالات مفتوحة، بغض النظر عن التوقيت.

x.com/kotbelaraby

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مصر سوريا الثورة سوريا مصر ثورة مقالات مقالات مقالات سياسة من هنا وهناك صحافة صحافة سياسة من هنا وهناك من هنا وهناك سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القیادة السوریة الجدیدة الثورة السوریة النظام المصری بین الدولة نظام بشار حتى الآن فی مصر

إقرأ أيضاً:

سوريا.. إيران تعود للواجهة و«سرايا القدس» توجه نداءً للحكومة

رفض مندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إيرواني، بشكل قاطع الاتهامات “الواهية” التي وجهها ممثلا أمريكا وإسرائيل خلال جلسة مجلس الأمن بشأن سوريا في 9 أبريل 2025.

ونقلت وكالة “إرنا” للأنباء عن إيرواني قوله في رسالة وجّهها إلى رئيس مجلس الأمن: أن “الجمهورية الإسلامية الإيرانية لم تنتهج يوما سياسات لزعزعة الاستقرار في سوريا، بل دعمت باستمرار سيادتها الوطنية ووحدة أراضيها”.

وأضاف أن “ما يهدد استقرار سوريا هو السياسات التدخلية والاحتلالية التي تنتهجها الولايات المتحدة، والتي تتستر بذرائع مكافحة الإرهاب لتسليح الجماعات الإرهابية، ودعم الاحتلال الإسرائيلي”.

كما أدان السفير الإيراني “استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية”، ودعا “مجلس الأمن إلى اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة لوقف هذه الانتهاكات”.

وأكد أن “احتلال الجولان السوري من قبل الكيان الصهيوني يُعد خرقاً سافرا للقانون الدولي وللقرار 497 الصادر عن مجلس الأمن، الذي ينص بوضوح على بطلان أي إجراء من جانب “الاحتلال” يمس بالسيادة أو الإدارة في الجولان، ويعتبره غير ذي شرعية قانونية دولية”.

ورفض إيرواني “اتهامات الكيان الصهيوني بشأن قيام إيران بتزويد “حزب الله” في لبنان بالسلاح أو التمويل”، معتبرا أن “تلك الادعاءات ليست سوى ذريعة يستخدمها الاحتلال لتبرير خروقاته المتكررة للقرار 1701 ولمحاولة تقويض ترتيبات وقف إطلاق النار القائم مع لبنان”.

سرايا القدس توجه نداء للحكومة السورية

وجهت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، نداء عاجلا إلى الحكومة السورية “للإفراج عن اثنين من قيادييها المحتجزين لديها منذ خمسة أيام”.

وحددت السرايا اسمي القياديين المحتجزين وهما “القائد خالد خالد مسؤول الساحة السورية، والقائد ياسر الزفري مسؤول اللجنة التنظيمية”، مشيرة إلى أن “الاعتقال تم دون إبداء أسباب واضحة'”.

واستذكرت المنظمة في بيانها “التاريخ النضالي السوري لدعم القضية الفلسطينية”، قائلة: “لطالما كانت سوريا حاضنة للمخلصين والأحرار الذين دافعوا عن الأمة ضد المحتلين والطغاة”.

وأعربت سرايا القدس “عن أملها في أن تثبت الحكومة السورية “أهلية النخوة العربية” بالإفراج عن القياديين، مؤكدة دورهما في العمل الإنساني لدعم الشعب الفلسطيني خلال الأزمات التي مرت بها سوريا.

وجاء البيان: “في وقت تواصل فيه سرايا القدس القتال ضد القوات الإسرائيلية في قطاع غزة منذ أكثر من عام ونصف، بندقيتها لم تتوجه إلا لصدور العدو الصهيوني، وشهدائنا من الساحة السورية سقطوا على حدود فلسطين المحتلة”.

الخارجية السورية تدعو الدبلوماسيين المنشقين عن النظام السابق إلى “لمّ الشمل”

أصدرت وزارة الخارجية والمغتربين بيانا “دعت فيه الدبلوماسيين المنشقين عن النظام السابق إلى تعبئة نموذج أُعد خصيصا لجمع وتحديث بياناتهم”.

وجاء في بيان الخارجية السورية: “إيمانا منا بالدور الوطني الكبير الذي قمتم به بانشقاقكم عن النظام البائد، ووقوفكم إلى جانب شعبكم وقضيته العادلة، وانطلاقاً من حرصنا على حفظ هذا التاريخ المشرف وتوثيقه، وإدراكاً منا لأهمية تفعيل دوركم في مرحلة بناء سوريا الجديدة، لذا نعمل حالياً على جمع وتحديث بيانات الزملاء الدبلوماسيين المنشقين عن وزارة الخارجية والمغتربين” في عهد النظام السابق.

وتابع: “نرجو منكم التكرم بتعبئة النموذج التالي، الذي أُعد خصيصاً لهذا الغرض، علماً أن التسجيل ينتهي بتاريخ 2025/5/31، وأن جميع البيانات ستُعامل بسرية تامة، ولن تُستخدم إلا في إطار تنظيم العمل الدبلوماسي المستقبلي، والتواصل معكم بما يخدم المصلحة الوطنية”.

وأكدت أن “مساهمة المنشقين في هذا الجهد خطوة مهمة نحو لمّ الشمل، وتنسيق الجهود في هذه المرحلة الدقيقة من مسيرتنا الوطنية”.

آخر تحديث: 22 أبريل 2025 - 15:19

مقالات مشابهة

  • هل تقوم الحكومة السورية بحذف الأصفار من الليرة؟ جدل متصاعد
  • في خطوة شبيه بالنظام السعودي.. النظام السوري يعتقل قيادات المقاومة الفلسطينية
  • عاجل | الرئيس السوري لنيويورك تايمز: أي فوضى في سوريا ستضر بالعالم أجمع وليس دول الجوار فقط
  • وزير الخارجية المصري: نرفض الانتهاكات الإسرائيلية واستباحة التراب السوري
  • فعالية “البداية” بدمشق… عروض فنية تستعيد روح الثورة السورية وقصص المختفين قسراً
  • سوريا.. إيران تعود للواجهة و«سرايا القدس» توجه نداءً للحكومة
  • عاجل | الداخلية السورية: القبض على العميد سليمان التيناوي أحد أبرز ضباط المخابرات الجوية في النظام المخلوع
  • الحكومة السورية تصادر أملاك الجعفري.. وبيان عاجل من سفير سوريا لدي موسكو
  • سرايا القدس توجه رسالة عتاب أخوية إلى النظام السوري بعد اعتقال قادتها في دمشق
  • نقطة تحول للدبلوماسية السورية.. دعوة المنشقين وإعادة هيكلة بعد سقوط الأسد