تتواصل فعاليات مهرجان “بين ثقافتين” في ميقا استوديو ببوليفارد سيتي في مدينة الرياض، الذي تنظمه وزارة الثقافة، وتحتفي فيه بالثقافة العراقية، وبمدى التشابه والالتقاء بينها وبين الثقافة السعودية.
وعبر الجمهور العراقي الذي زار المهرجان عن امتنانه لحفاوة الاستقبال، وسعادته بتكريم الفنان سعدون جابر والشاعر الراحل كريم العراقي، في لفتة عكست التقدير للإبداع العراقي، مؤكدين أن مثل هذه المبادرات تعزز الروابط الثقافية بين الشعوب، وتكرم إرث المبدعين.


وأشاد الزوار بالمعرض الفني الذي ضم عشرات اللوحات للفنانين السعوديين والعراقيين؛ إذ وفر للزوار تجربة بصرية غنية، جسدت التنوع الثقافي بين البلدين، معربين عن إعجابهم بالطريقة التي أبرزت بها الأعمال الفنية المحطات التاريخية في البلدين.
وحظي جناح “درب زبيدة” في مهرجان “بين ثقافتين” باهتمام الزوار، إذ يشكل نافذة تطل على تاريخ هذا الطريق، أحد أبرز المعالم التراثية في الجزيرة العربية. واستعرض كذلك حكايات القوافل التجارية والحجاج، مقدمًا لمحة عن دوره كمحور اقتصادي وثقافي كان يربط بين الكوفة ومكة المكرمة.
وتفاعل الزوار مع الطريقة التفاعلية التي شاهدوها في منطقة “حوار بين حضارتين” التي مكنتهم من فهم الأبعاد التاريخية لكل من المملكة والعراق، فيما وجد قسم “المضيف” اهتمام الزوار الذين أعجبوا بتصميمه التقليدي المبني من القصب، الذي جسد رمزية اجتماعية وثقافية راسخة في الحياة العراقية.
ومن بين أقسام المهرجان نالت منطقة الأزياء تفاعلاً لافتًا بعرض الأزياء التقليدية السعودية والعراقية بتفاصيلها الدقيقة التي تعكس التنوع الثقافي لكل دولة، كما عكست الأزياء السعودية مثل البشت والعباءة وجمال التقاليد والهوية. كما استعرضت الأزياء العراقية، مثل الثياب المطرزة وأثواب القصب، والتراث العريق والرمز الاجتماعي لسكان العراق.
أما “شارع المتنبي”، الذي يعد أحد الرموز الثقافية البارزة للعاصمة العراقية بغداد، فقد تم تجسيده في مهرجان “بين ثقافتين” بمحاكاة مميزة، ليحظى بإعجاب الزوار الذين أشاروا إلى أن هذا الجزء من المهرجان نقل الأجواء الثقافية الغنية لشارع المتنبي من بغداد إلى الرياض. كما استمتع الزوار بالتجول بين دور النشر والزوايا الثقافية التي عرضت كتبًا ومخطوطات نادرة، مما جعلهم يشعرون وكأنهم في سوق ثقافي حي.
ويستمر مهرجان “بين ثقافتين” حتى يوم 31 من شهر ديسمبر الجاري في تقديم فعاليات ثقافية وفنية مميزة، تعزز من أواصر التعاون بين السعودية والعراق، وتوفر فرصة للجمهور لاستكشاف عمق العلاقة بين البلدين وتبادل الثقافات والفنون المشتركة.

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية بین ثقافتین

إقرأ أيضاً:

“الأطوم” رمز بيئي تحتضنه المملكة بحماية صارمة ومبادرات وطنية

يواصل الأطوم المعروف علميًا باسم Dugong dugon، حضوره كأحد رموز التنوع البيولوجي في المملكة، ومؤشر بيئي حساس يعكس صحة النظم البحرية واستقرارها, حيث يسبح في أعماق المياه الساحلية الدافئة للمملكة وارتبط وجوده في المخيلة الشعبية بالأساطير البحرية، والحقيقة البيئية، فجمع بين دهشة الحكاية وأهمية العلم.
وخلال أسبوع البيئة 2025، تصدرت جهود حماية الأطوم مشهد الفعاليات الوطنية، بوصفه كائنًا مهددًا بالانقراض تتقاطع حوله مسؤوليات الباحثين والمهتمين وصنّاع القرار البيئي وتقوم المملكة ممثلة بالمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية على تنفيذ برامج نوعية لحماية هذا الكائن من خطر التلاشي، من خلال مشاريع تتبع بالأقمار الصناعية ودراسات علمية ترصد توزيعه في المياه الإقليمية السعودية، إلى جانب خطط وطنية لإدارة موائله الطبيعية وتأهيلها بما يضمن استدامة بيئته البحرية وتوفير الظروف الملائمة لتكاثره واستمراره ضمن المنظومة البيئية.
ويمتلك الأطوم جسمًا أسطوانيًا يصل طوله إلى ثلاثة أمتار ويزن ما بين 300 إلى 500 كيلوجرام، ويتميز بجلده السميك وذيله المشابه لذيل الحوت، ويعيش هذا الكائن في مجموعات صغيرة، متنقلًا بين مناطق الأعشاب البحرية التي تشكل مصدره الغذائي الرئيسي، ويستهلك يوميًا ما يصل إلى أربعين كيلوجرامًا منها مما يجعله لاعبًا أساسيًا في الحفاظ على صحة المراعي البحرية التي تعتمد عليها أنواع بحرية أخرى مثل السلاحف البحرية والقشريات.
“الأطوم” بطبيعته شديد الحساسية للتغيرات البيئية، وأدى تدهور موائله الطبيعية والتلوث البحري واصطدامه بالقوارب والصيد العرضي إلى تناقص أعداده في العديد من مناطق العالم حتى انقرض وظيفيًا في بعض البيئات، الأمر الذي يُحتم مضاعفة الجهود الوطنية والدولية لصون هذا الكائن وضمان استمراريته كجزء أصيل من التنوع البيئي البحري.
وتمثل مياه المملكة بيئة حاضنة لهذا الكائن، وتحتضن مياه الخليج العربي ثاني أكبر قطيع في العالم من الأطوم التي تتراوح أعدادها من ٦٠٠٠ إلى ٧٠٠٠ كائن، وتتوفّر لها مراعٍ بحرية غنية، وتوفر شروط الاستقرار النسبي الذي يحتاجه في تنقله الموسمي.
ورغم كل هذه المقومات، تبقى معدلات تكاثر الأطوم منخفضة للغاية، إذ لا تنجب الأنثى سوى عجل واحد بعد فترة حمل تتجاوز ثلاثة عشر شهرًا ويحتاج الصغير إلى رعاية تمتد حتى ثمانية عشر شهرًا، بينما لا يتم التزاوج إلا مرة واحدة كل ثلاث إلى سبع سنوات ما يجعل نمو أعداده بطيئًا ولا يتجاوز خمسة بالمئة سنويًا حتى في أفضل الظروف.
ويعود اهتمام المملكة بحماية الأطوم إلى عقود من العمل المؤسسي المتواصل، انطلق من الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها، واستمر اليوم عبر المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، الذي يتولى قيادة جهود متكاملة في هذا الإطار، شملت برامج التوعية المجتمعية والرصد البيئي، وسن التشريعات الصارمة ومنها تغليظ عقوبة صيد الأطوم لتصل إلى مليون ريال.
وحرصت المملكة على تعزيز تعاونها الدولي في هذا المجال، إذ وقّعت في عام 2013 اتفاقية لحماية هذا النوع وموائله الطبيعية وشاركت بفاعلية في المبادرات البيئية العالمية، من بينها مبادرة “عام أطوم المحيط الهادئ” التي أطلقها الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة عام 2011.
وخلال أسبوع البيئة، استعرض المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية أحدث دراساته حول الأطوم، وقدم برامج توعية تثقيفية للزوار والطلاب والمهتمين ركزت على أهمية هذا الكائن في التوازن البيئي وضرورة الحفاظ على موائله، وعرضت تقنيات التتبع الحديثة التي تُستخدم في رصده وفهم تحركاته.
ويأتي ذلك في إطار التزام المركز بتفعيل دوره الوطني في نشر الوعي البيئي وتعزيز ثقافة الحفاظ على الحياة الفطرية، من خلال فعاليات تسلط الضوء على الكائنات النادرة والتنوع الحيوي الذي تزخر به المملكة.
والأطوم ليس مجرد مخلوق بحري نادر، بل هو مرآة تعكس وعينا البيئي وشاهد حي على التوازن الذي نحتاجه جميعًا في علاقتنا مع الطبيعة، واستمرار بقائه لا يُعد إنجازًا علميًا فحسب، بل قصة التزام طويل الأمد تُثبت فيها المملكة يومًا بعد آخر أن حماية الحياة الفطرية ليست خيارًا بل واجب وطني، ورسالة بيئية سامية تتجدد في كل موجة وكل نسمة بحر وكل نبضة حياة.

مقالات مشابهة

  • أمير المدينة المنورة يرعى افتتاح ندوة “جهود المملكة العربية السعودية في صيانة جناب التوحيد والتحذير من الشرك”
  • “يافا”.. التسمية التي أظهرت غيظ نتنياهو
  • مهرجان كان يختار “أشهر عناق في السينما” ملصقاً رسمياً لدورته 78
  • “الأطوم” رمز بيئي تحتضنه المملكة بحماية صارمة ومبادرات وطنية
  • مصر وقطر تُوقّعان خطاب نوايا للشراكة الثقافية.. وتُطلقان عامًا ثقافيًا في 2027
  • “الآلة التي عطشت” .. “من رواية: قنابل الثقوب السوداء”
  • “فلكية جدة”: المشهد الذي سيظهر في سماء المملكة فجر الجمعة المقبل هو اقتران بين هلال القمر وكوكب زحل
  • “فلكية جدة”: المشهد الذي سيظهر في سماء المملكة فجر الجمعة المقبل.. اقتران بين هلال القمر وكوكب زحل
  • المساحة الجيولوجية: إتاحة 150 كهفًا في المملكة لـ “البحث العلمي”
  • فيلم “الابن السيئ” عن حكم الأسدين الأب والابن على مسرح ثقافي حمص