الطليعة من هم، كيف يفكرون وما هي رؤاهم لحل مشكل السودان العويص
تاريخ النشر: 29th, December 2024 GMT
عبد المجيد دوسة المحامي
الطليعة ليست حزبا، ذلك أن أغلب شعبنا كفر بالأحزاب، بالطبع لا نعنى الحزب بمعناه المطلق، لأن كلمة الديمقراطية نفسها مرتبطة بوجود أحزاب تتنافس، فالطليعة ترى أن أحزاب بلادي، لافتات لا غير، فهي اما أحزاب طائفية صنيعة المستعمر، تريد أتباعا لا أعضاء فاعلون، تضع على هرم الحزب كهنوت يأمر ويطاع، لا يطيق أن يسمع اسمه الا ومقرونا بكلمة السيّد، والسيادة لله وحده، يتربع هذا الكهنوت على رأس الحزب الذي لا يعرف للديمقراطية معنى ولا يأبه بها ، ترتعد فرائصه حين ينطق الناس عبارة التداول على الأمر، بل يكنكش فيه حتى يقبر في اللحد، ليأتي ابنه أو أحد من سلالته أكثر كهانة وأعوج قوامة.
النمط الثاني من أحزاب بلادي، هي أحزاب مستوردة، تحمل تجارب بلاد أخرى، كالحزب الشيوعي، المستورد من دولة البلاشفة، فالشيوعية لا تعرف الديمقراطية أساسا فهي تؤمن بدولة الحزب الواحد ولا تعرف التداول مثله مثل الأحزاب الطائفية، جاء بها عبدالخالق محجوب وتربع فيه حتى أعدم ودفن، ليأتي بعده نقد ليكنكش فيه حتى هلك ودفن ، ليأتي ثالثهم محمد مختار الخطيب ، لا ندري الى متى يكنكش فيه.
حزب البعث: الحزب أصلا لا يشبه السودان وأهله، فهو صنيع العربي المسيحي ميشيل عفلق، الذي أراد أن يحكم سوريا، ورأى المجتمع أكثريته مسلمة، فلا سبيل له للحكم، لذلك اتخذ العروبة مطية، وادعى أنه يريد بعث العروبة من جديد. ولكن في السودان أية عروبة تبعثونها في بلد 95% من سكانه أفارقة زنوج، ولن نجد للعروبة أثرا سوى في كردفان ودارفور حيث تجد بعض العرب القح، حزب لم يحصل حتى على مقعد واحد في تاريخ انتخابات السودان، حتى حين كانوا يتلقون الدعم من بعث العراق... لا تضيّعوا زمنكم في فارغ الأمور ابحثوا عن حزب نابع من أرث وأعراف وتقاليد البلاد هداكم الله ان كنتم للحق تهتدون.
الاحزاب القومية الأخرى كالناصرية التي هجرها أهلها وأصبحت أثرا بعد عين، أفأنتم ناصريون أكثر من المصريين، ماذا جنينا من الناصرية، سوى بلوى اغراق منطقة حلفا القديمة بآثارها ونخيلها وتراثها واجبار أهلينا الى الرحيل من ديارهم.
أحزاب الفكة.... هي بالعشرات ويصعب عّدها، فان كنت ترغب معرفة عددها فأسأل العادين! هي أحزاب صنعها الكيزان يوم رفعوا شروط تسجيل الأحزاب، المتمثلة في وجود مقر للحزب ورقم حساب بنكي وعدد مقدّر من الأعضاء وغيرها من الشروط المتعارف عليها دوليا، ليفاخر بها الكيزان الذين لا يستحون من غبائهم العالم بديمقراطيتهم التي فاقت أحزابه الخمسين، وفي الواقع هي أحزاب أرزقية يذهبون سجدا الى حيث طعام معاوية أدسم.
بعد هذه القراءة كفرت الطليعة بهذا النمط من الأحزاب كما قلنا، وعليه تعتبر أن لا أحزاب حقيقية في السودان، الكثير من الناس يتساءلون وما الحل اذن؟ وكيف نأتي بالديمقراطية؟ نجيبهم بأن لا حاجة لنا اليوم الى مثل هذه الأحزاب، بل نحن أحوج ما نكون الى طليعة تطلّع الى إيقاف الحرب بتكثيف الجهد وبالتظاهر السلمي المستمر في الخارج، والضغط على مقرات الأمم المتحدة وبرلمانات وحكومات العالم، لتلعب دورا فعالا في المساعدة بإيقاف هذه الحرب اللعينة. بالطبع الكيزان يصمون آذاننا بأن الحل يجب أن يكون سوداني سوداني، هذا أمر غير ممكن البتة. من بقي في السودان حتى يضغط على المتحاربين؟ بقي هناك البائسين اليائسين الضعفاء ممن لا حول لهم ولا قوة. الأحزاب التي ذكرناها آنفا كان قادتها أوائل من هربوا الى الخارج، كل ما فعلوه هناك الانتقال من بلد الى آخر، بحثا عن سلام ما وجدوه، هي مصابة بداء قسمة الكيكة في ظل كيدياتهم المعروفة وبحثهم عن السلطة الضائعة، هم لا يتفقون البتة الى يوم يبعثون..
هذه الأحزاب يرتعدون من سمج قول الكيزان ودمغهم بالخونة، تحركهم السفارات الأجنبية تارة ، وحكومات الخارج تارة أخرى ، أنتم يا هذه الأحزاب تخافون من مصالحكم وعقاراتكم ، بل وتخافون من بلاغات الكيزان الكيدية ، ولكننا لا نخاف البتة ولن يستطيع كوز في الأرض أن يلجمنا، ونؤمن أن كبرى الحروب في العالم حلّت عن طريق التدخل الدولي الحميد، ولنا في رواندا الدولة شبه الجارة مثال، على الرغم من أن حرب رواندا لم تكن معقدة كحرب السودان هذه، لأن رواندا هي دولة قبيلتين فقط هما الهوتو والتوتسي، تقطن في رقعة صغيرة من الأرض، لكن السودان مشكلته أعقد بقبائله التي فاقت الخمسمائة ورقعتها الواسعة وحدودها الطويلة مع اكثر من سبع دول، ذات الامتدادات القبلية مع دول الجوار وسهولة حصول القبائل الحدودية على النصرة من أهليهم في الشق الآخر، ومع ذلك يمكن التعاون مع الإدارات الأهلية بالتواصل معه لإسقاط ثقافة النصرة هذه، وفكرة الاستنفار للحرب التي ابتدعها الكيزان من أجل المزيد من صب الزيت على النار. بالإضافة الى ذلك يجب العمل قدر المستطاع الى تحريض الشباب المغرّر بهم من طرفي الحرب بالتمرد، وكذا تحريض الوطنيين من الجيش برتبهم المختلفة على العصيان، فالجيش موجود في طرفي الحرب.. جزء يسير مع الدعم السريع وغالبيته في المؤسسة الأم.
على أن يتفاكر السودانيون في الخارج فيما بينهم للمزيد من طرق الحل، لا الركون في ركن ركين ونرى بلادنا تسحق من مجرمين اثنين لا يراعون في الناس الاّ ولا ذمة.. بكم ومعكم سنكمل المشوار، وعهدا بالله بعد كل هذه الدماء والدموع والخراب سوف لن نذهب للعسكر سجّدا.
عبد المجيد دوسة المحامي
majeedodosa@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
معاداة المسلمين قاسم مشترك بين إسرائيل واليمين في أوروبا
الثورة / أمستردام / الأناضول/متابعات
في السنوات الأخيرة اتخذت الحكومة الإسرائيلية خطوات لتعزيز علاقاتها مع الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا، وهو ما يراه خبراء بأنه قد يكون مدفوعًا بمعاداة المسلمين.
ورأى خبراء أن مساعي إسرائيل لتوطيد علاقاتها مع الأحزاب اليمينية المتطرفة التي تزداد نفوذًا في أوروبا ولها تاريخ طويل من التوجهات التي توصف انهامعادية للسامية، تعود بشكل رئيسي إلى مشاعر العداء تجاه المسلمين والمهاجرين.
وعكست زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، إلى بروكسل (عاصمة بلجيكا والاتحاد الأوروبي) في فبراير الماضي، واللقاءات التي جرت في إطار مجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، جوهر هذا التقارب.
وفي هذا السياق، يتحدث المحرر في موقع “ألكترونيك انتفاضة” ديفيد كرونين، ومؤلف كتابي “تحالف أوروبا مع إسرائيل” و”ظل بلفور” المؤرخ المتخصص بدراسة نفوذ اللوبي الإسرائيلي في أوروبا، ويان ترفورت، حول أبعاد تقارب إسرائيل وأحزاب اليمين المتطرف بالقارة العجوز، وأسبابه وانعكاساته.
التقارب بين إسرائيل واليمين المتطرف
يقول ديفيد كرونين إن تقارب إسرائيل مع الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا ليس بالأمر الجديد، مشيرًا إلى أن اللوبي (جماعات الضغط) المؤيد لإسرائيل يتابع عن كثب صعود هذه الأحزاب في القارة الأوروبية.
وأضاف: “اللوبي الموالي لإسرائيل يتابع عن كثب صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا، ونظرتها إلى دعم إسرائيل”.
وأشار إلى أن الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا “تدعم سياسات الاستيطان الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية بشكل أقوى من الأحزاب التقليدية”.
وتابع: “إسرائيل تسعى للحصول على دعم غير مشروط من أوروبا، وتجد في الأحزاب اليمينية المتطرفة الحليف المثالي لذلك، بينما تكتفي الأحزاب التقليدية، ولو من الناحية الرسمية، بانتقاد الاستيطان الإسرائيلي”.
وأوضح كرونين أن الدافع الرئيسي لليمين المتطرف في أوروبا هو العنصرية، مضيفًا: “اليمين المتطرف عنصري بطبيعته، والعديد من الأحزاب مثل حزب البديل من أجل ألمانيا لها جذور نازية”.
وأردف قائلا: “المشكلة أن العنصرية التي كانت موجهة ضد اليهود في القرن العشرين لم تختفِ بل غيّرت هدفها، وهي اليوم تستهدف المسلمين بالدرجة الأولى”.
وضرب كرونين مثالًا على ذلك بالسياسي الهولندي خيرت فيلدرز، المعروف بدعمه الشديد لإسرائيل، مبينا أن “فيلدرز كثيرا ما يربط دعمه لإسرائيل بانتقاداته اللاذعة للتعددية الثقافية في هولندا، ما يعكس التقاء المصالح بين الطرفين”.
تعاون بين الصهيونية والنازية في الثلاثينات
من الناحية التاريخية، يرى كرونين أن التعاون بين الحركة الصهيونية والجماعات اليمينية المتطرفة في أوروبا “ليس أمرًا جديدًا”، مشيرًا إلى أنه حتى في ثلاثينات القرن الماضي كان هناك تعاون بين الحركة الصهيونية وألمانيا النازية.
واستشهد في هذا الشأن بـ”اتفاقية النقل التي أبرمت لنقل اليهود من ألمانيا إلى فلسطين”.
وأشار إلى أن الدراسات التي حللت سجلات التصويت في البرلمان الأوروبي أظهرت أن الأحزاب اليمينية المتطرفة هي الأكثر دعمًا لسياسات إسرائيل.
واستدرك: “الأحزاب اليمينية المتطرفة مثل فوكس الإسباني هي الأكثر تأييدًا لإسرائيل، لكن المشكلة لا تقتصر على اليمين المتطرف فحسب، إذ أن الأحزاب التقليدية بدأت أيضًا في التحول نحو اليمين، كما أن دعم الاتحاد الأوروبي لإسرائيل تعزز بشكل كبير في السنوات الأخيرة”.
وفي السياق، انتقد كرونين موقف الاتحاد الأوروبي من إسرائيل، رغم قرار محكمة العدل الدولية الذي أقر بأن إسرائيل قد تكون ارتكبت جرائم إبادة جماعية في غزة.
وأردف: “وفقًا لاتفاقية منع الإبادة الجماعية، فإن الحكومات ملزمة بعدم تقديم أي دعم للأعمال التي ترقى إلى جرائم إبادة جماعية، لكن الاتحاد الأوروبي يتجاهل هذه الالتزامات تمامًا”.
النفوذ سياسي
من جهته، اعتبر المؤرخ الهولندي يان ترفورت، أن إسرائيل تحاول منذ 7 أكتوبر 2023 تعزيز علاقاتها مع أحزاب اليمين المتطرف ذات الجذور النازية الجديدة، مثل حزب ديمقراطيو السويد، وحزب البديل من أجل ألمانيا، والجبهة الوطنية في فرنسا.
وقال: “يحدث هذا بدافع المصالح السياسية قصيرة المدى، فإسرائيل إذا أرادت الاستمرار في ارتكاب الإبادة الجماعية في غزة وعملياتها في الضفة الغربية وجنوب لبنان وسوريا، فهي بحاجة إلى نفوذ سياسي يمنع الاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية من التدخل في الأمر”.
وأشار ترفورت إلى أن الأحزاب اليمينية المتطرفة نمت بفضل المشاعر المعادية للمسلمين والمهاجرين، وهي المشاعر التي تغذيها إسرائيل وجماعات الضغط الموالية لها في أوروبا.
وأوضح أن محاولات إسرائيل إقامة علاقات مع أحزاب النازيين الجدد تأتي في إطار تحالف سياسي قائم على المصالح المشتركة.
وتابع بالقول: “إسرائيل تسعى إلى التعاون مع هذه الأحزاب ليس بسبب توافق أيديولوجي، وإنما لأنها تحتاج إلى دعم سياسي في أوروبا”.
ورجح أنه في المقابل، تحاول هذه الأحزاب “تلميع صورتها عبر تبني موقف مؤيد لإسرائيل، مما يساعدها في التخلص من وصمة العار النازية المرتبطة بها منذ الحرب العالمية الثانية.”
وأكد ترفورت أن الأحزاب اليمينية المتطرفة تستفيد من هذا التقارب، حيث تستخدم ذريعة حماية المجتمعات اليهودية لتبرير سياساتها العنصرية ضد المهاجرين.
واستطرد قائلًا: “هذه الأحزاب تدرك أن أفضل وسيلة للخروج من عباءة الحزب العنصري في أوروبا هي تبني موقف مؤيد لإسرائيل.
أوجه التشابه الأيديولوجي بين إسرائيل واليمين المتطرف
وفيما يتعلق بالتقارب الأيديولوجي بين إسرائيل وهذه الأحزاب، أوضح ترفورت أن إسرائيل، تقوم على نظام الفصل العنصري “الأبارتهايد”، تسعى إلى تعزيز نموذج مشابه في الدول الغربية.
وأشار إلى أن “هذه الأحزاب اليمينية المتطرفة تريد تأسيس نظام يمنح المسلمين والمهاجرين وضعًا قانونيًا أقل شأنًا، وهو ما يتماشى تمامًا مع السياسات الإسرائيلية التي تصنف غير اليهود كمواطنين من الدرجة الثانية”.
وضرب مثالًا بحزب الحرية الهولندي الذي يتزعمه خيرت فيلدرز، موضحًا: “حزب الحرية في هولندا يريد حظر القرآن الكريم ومنح المهاجرين المسلمين حقوقًا أقل، وهو بالضبط ما تفعله إسرائيل مع غير اليهود “.
** خطر تمدد اليمين المتطرف
وفي هذا الشأن، حذر ترفورت من أن تصاعد نفوذ الأحزاب اليمينية المتطرفة لا يهدد المسلمين والمهاجرين فقط، بل قد يمتد إلى استهداف فئات أخرى.
وقال: “عندما زار ستيف بانون (مستشار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب) إسرائيل، قال آنذاك: عدوكم الرئيسي هو اليهود التقدميون ذوو التوجهات اليسارية الكوزموبوليتية”.
وأشار ترفورت إلى أن هذا التصريح يعكس بوضوح أن تصاعد قوة اليمين المتطرف قد يؤدي لاحقًا إلى استهداف اليهود أنفسهم، خاصة أولئك الذين يحملون أفكارًا ليبرالية أو تقدمية أو غير المتدينين.
وختم المؤرخ الهولندي بالقول: “عندما يقوى اليمين المتطرف تصبح السياسات المعادية للسامية أكثر انتشارًا، وقد يتعرض اليهود التقدميون وغير المتدينين لتمييز مماثل لما يعاني منه المسلمون والمهاجرون اليوم”.