عبد المجيد دوسة المحامي

الطليعة ليست حزبا، ذلك أن أغلب شعبنا كفر بالأحزاب، بالطبع لا نعنى الحزب بمعناه المطلق، لأن كلمة الديمقراطية نفسها مرتبطة بوجود أحزاب تتنافس، فالطليعة ترى أن أحزاب بلادي، لافتات لا غير، فهي اما أحزاب طائفية صنيعة المستعمر، تريد أتباعا لا أعضاء فاعلون، تضع على هرم الحزب كهنوت يأمر ويطاع، لا يطيق أن يسمع اسمه الا ومقرونا بكلمة السيّد، والسيادة لله وحده، يتربع هذا الكهنوت على رأس الحزب الذي لا يعرف للديمقراطية معنى ولا يأبه بها ، ترتعد فرائصه حين ينطق الناس عبارة التداول على الأمر، بل يكنكش فيه حتى يقبر في اللحد، ليأتي ابنه أو أحد من سلالته أكثر كهانة وأعوج قوامة.

هذا النوع احتال على الدهماء من القوم وأقاموا مملكة اقتصادية، وامتلكوا أراضي بمئات الالاف من الأفدنة، فلا همّ لهم بالثورات ولا الانقلابات ولا نمط الحكومات، همهم حماية مصالحهم وأملاكهم تلك، يميلون مع كل حاكم متكبر جبار بغية الحفاظ على ما يعتقدونه ارثا لهم.
النمط الثاني من أحزاب بلادي، هي أحزاب مستوردة، تحمل تجارب بلاد أخرى، كالحزب الشيوعي، المستورد من دولة البلاشفة، فالشيوعية لا تعرف الديمقراطية أساسا فهي تؤمن بدولة الحزب الواحد ولا تعرف التداول مثله مثل الأحزاب الطائفية، جاء بها عبدالخالق محجوب وتربع فيه حتى أعدم ودفن، ليأتي بعده نقد ليكنكش فيه حتى هلك ودفن ، ليأتي ثالثهم محمد مختار الخطيب ، لا ندري الى متى يكنكش فيه.
حزب البعث: الحزب أصلا لا يشبه السودان وأهله، فهو صنيع العربي المسيحي ميشيل عفلق، الذي أراد أن يحكم سوريا، ورأى المجتمع أكثريته مسلمة، فلا سبيل له للحكم، لذلك اتخذ العروبة مطية، وادعى أنه يريد بعث العروبة من جديد. ولكن في السودان أية عروبة تبعثونها في بلد 95% من سكانه أفارقة زنوج، ولن نجد للعروبة أثرا سوى في كردفان ودارفور حيث تجد بعض العرب القح، حزب لم يحصل حتى على مقعد واحد في تاريخ انتخابات السودان، حتى حين كانوا يتلقون الدعم من بعث العراق... لا تضيّعوا زمنكم في فارغ الأمور ابحثوا عن حزب نابع من أرث وأعراف وتقاليد البلاد هداكم الله ان كنتم للحق تهتدون.
الاحزاب القومية الأخرى كالناصرية التي هجرها أهلها وأصبحت أثرا بعد عين، أفأنتم ناصريون أكثر من المصريين، ماذا جنينا من الناصرية، سوى بلوى اغراق منطقة حلفا القديمة بآثارها ونخيلها وتراثها واجبار أهلينا الى الرحيل من ديارهم.
أحزاب الفكة.... هي بالعشرات ويصعب عّدها، فان كنت ترغب معرفة عددها فأسأل العادين! هي أحزاب صنعها الكيزان يوم رفعوا شروط تسجيل الأحزاب، المتمثلة في وجود مقر للحزب ورقم حساب بنكي وعدد مقدّر من الأعضاء وغيرها من الشروط المتعارف عليها دوليا، ليفاخر بها الكيزان الذين لا يستحون من غبائهم العالم بديمقراطيتهم التي فاقت أحزابه الخمسين، وفي الواقع هي أحزاب أرزقية يذهبون سجدا الى حيث طعام معاوية أدسم.
بعد هذه القراءة كفرت الطليعة بهذا النمط من الأحزاب كما قلنا، وعليه تعتبر أن لا أحزاب حقيقية في السودان، الكثير من الناس يتساءلون وما الحل اذن؟ وكيف نأتي بالديمقراطية؟ نجيبهم بأن لا حاجة لنا اليوم الى مثل هذه الأحزاب، بل نحن أحوج ما نكون الى طليعة تطلّع الى إيقاف الحرب بتكثيف الجهد وبالتظاهر السلمي المستمر في الخارج، والضغط على مقرات الأمم المتحدة وبرلمانات وحكومات العالم، لتلعب دورا فعالا في المساعدة بإيقاف هذه الحرب اللعينة. بالطبع الكيزان يصمون آذاننا بأن الحل يجب أن يكون سوداني سوداني، هذا أمر غير ممكن البتة. من بقي في السودان حتى يضغط على المتحاربين؟ بقي هناك البائسين اليائسين الضعفاء ممن لا حول لهم ولا قوة. الأحزاب التي ذكرناها آنفا كان قادتها أوائل من هربوا الى الخارج، كل ما فعلوه هناك الانتقال من بلد الى آخر، بحثا عن سلام ما وجدوه، هي مصابة بداء قسمة الكيكة في ظل كيدياتهم المعروفة وبحثهم عن السلطة الضائعة، هم لا يتفقون البتة الى يوم يبعثون..
هذه الأحزاب يرتعدون من سمج قول الكيزان ودمغهم بالخونة، تحركهم السفارات الأجنبية تارة ، وحكومات الخارج تارة أخرى ، أنتم يا هذه الأحزاب تخافون من مصالحكم وعقاراتكم ، بل وتخافون من بلاغات الكيزان الكيدية ، ولكننا لا نخاف البتة ولن يستطيع كوز في الأرض أن يلجمنا، ونؤمن أن كبرى الحروب في العالم حلّت عن طريق التدخل الدولي الحميد، ولنا في رواندا الدولة شبه الجارة مثال، على الرغم من أن حرب رواندا لم تكن معقدة كحرب السودان هذه، لأن رواندا هي دولة قبيلتين فقط هما الهوتو والتوتسي، تقطن في رقعة صغيرة من الأرض، لكن السودان مشكلته أعقد بقبائله التي فاقت الخمسمائة ورقعتها الواسعة وحدودها الطويلة مع اكثر من سبع دول، ذات الامتدادات القبلية مع دول الجوار وسهولة حصول القبائل الحدودية على النصرة من أهليهم في الشق الآخر، ومع ذلك يمكن التعاون مع الإدارات الأهلية بالتواصل معه لإسقاط ثقافة النصرة هذه، وفكرة الاستنفار للحرب التي ابتدعها الكيزان من أجل المزيد من صب الزيت على النار. بالإضافة الى ذلك يجب العمل قدر المستطاع الى تحريض الشباب المغرّر بهم من طرفي الحرب بالتمرد، وكذا تحريض الوطنيين من الجيش برتبهم المختلفة على العصيان، فالجيش موجود في طرفي الحرب.. جزء يسير مع الدعم السريع وغالبيته في المؤسسة الأم.
على أن يتفاكر السودانيون في الخارج فيما بينهم للمزيد من طرق الحل، لا الركون في ركن ركين ونرى بلادنا تسحق من مجرمين اثنين لا يراعون في الناس الاّ ولا ذمة.. بكم ومعكم سنكمل المشوار، وعهدا بالله بعد كل هذه الدماء والدموع والخراب سوف لن نذهب للعسكر سجّدا.
عبد المجيد دوسة المحامي

majeedodosa@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

أمن قومي عربي.. أحزاب ونواب: مشروع تهجير الفلسطينيين انتهاك مرفوض وتجاوز لكل الخطوط الحمراء

أكد نواب وأحزاب رفضهم القاطع للمشروع الأمريكى الإسرائيلى الرامى إلى تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، محذرين من خطورة هذه المخططات على الأمن القومى العربى، وشددوا على ضرورة اتخاذ موقف عربى موحد وحازم لمواجهتها ومنع فرض أى حلول قسرية تمس الحقوق الفلسطينية المشروعة.

وقال النائب علاء عابد، رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب، ونائب رئيس حزب مستقبل وطن، إنّ مشروع تهجير الفلسطينيين من غزة يمثل انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية التى تحظر التهجير القسرى، مضيفاً أن مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى كانت واضحة منذ اللحظة الأولى فى رفض أى محاولات لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، كما لعبت مصر دوراً محورياً فى دعم القضية الفلسطينية، سواء من خلال جهودها الدبلوماسية لوقف العدوان الإسرائيلى على غزة، أو عبر المساعدات الإنسانية التى تقدمها للشعب الفلسطينى: «موقف مصر الرافض للتهجير القسرى يعكس التزامها الثابت بالحفاظ على الأمن القومى العربى وحقوق الشعب الفلسطينى المشروعة».

وأكد النائب المهندس حازم الجندى، عضو مجلس الشيوخ وعضو الهيئة العليا لحزب الوفد، أنّ مصر تواجه تحديات وضغوطاً كبيرة لمحاولة التأثير على موقفها الداعم والمساند للقضية الفلسطينية، لكنها ثابتة فى رفض أى مخططات تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية أو فرض حلول قسرية، وثمّن موقف المملكة العربية السعودية وتأكيدها ضرورة قيام الدولة الفلسطينية، مشدداً على ضرورة حشد المجتمع الدولى لدعم حقوق الشعب الفلسطينى، الذى عبرت عنه قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتبار فلسطين مؤهلة للعضوية الكاملة فى المنظمة الدولية.

وأوضح اللواء الدكتور رضا فرحات، نائب رئيس حزب المؤتمر وأستاذ العلوم السياسية، أن المشروع الأمريكى الإسرائيلى بشأن تهجير الفلسطينيين من أراضيهم إلى مصر أو الأردن يمثل تهديداً صريحاً للأمن القومى المصرى والعربى، وانتهاكاً لحقوق الشعب الفلسطينى، ومحاولة لفرض حلول قسرية تخالف الشرعية الدولية وتضرب عرض الحائط بكل المواثيق الإنسانية، مضيفاً أن مصر تاريخياً كانت وما زالت داعماً رئيسياً للقضية الفلسطينية، وموقفها ثابت فى دعم حقوق الشعب الفلسطينى المشروعة، وعلى رأسها إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مشيراً إلى أن أى حديث عن تهجير الفلسطينيين هو تجاوز لكل الخطوط الحمراء، كونه يهدد استقرار المنطقة ويشعل فتيل الصراعات لعقود طويلة.

كما أكد المستشار رضا صقر، رئيس حزب الاتحاد، رفضه القاطع للمشروع الأمريكى الإسرائيلى الذى يهدف إلى تغيير الواقع فى قطاع غزة، معتبراً أن هذا المخطط يعد استمراراً لمشروع تصفية القضية الفلسطينية، ومحاولة لفرض حلول غير عادلة على حساب الحقوق التاريخية للشعب الفلسطينى، وشدد على أن موقف مصر الرافض لهذه الخطط يعكس إجماعاً عربياً حقيقياً على ضرورة التصدى لمحاولات تهجير الفلسطينيين أو تصفية قضيتهم تحت أى مسمى، مطالباً المجتمع الدولى بتحمل مسئولياته ووقف الدعم غير المشروط للعدوان الإسرائيلى على غزة، الذى يستهدف المدنيين ويدمر البنية التحتية، فى انتهاك صارخ لكل القوانين الدولية.

من جانبه، أكد كمال حسنين، رئيس حزب الريادة، رفضه القاطع للمشروع الأمريكى-الإسرائيلى المطروح حول مستقبل قطاع غزة، معتبراً أنه يهدف إلى فرض واقع جديد يخدم الاحتلال الإسرائيلى على حساب الحقوق التاريخية للشعب الفلسطينى، وطالب المجتمع الدولى والقوى الفاعلة برفض هذا المشروع الجائر، والوقوف إلى جانب الحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرف، ودعم الجهود المصرية التى تُبذل لحماية الشعب الفلسطينى والحفاظ على وحدة أراضيه: «أى محاولات لتغيير التركيبة الديموغرافية لقطاع غزة أو فرض حلول قسرية هى خطوط حمراء لن يقبل بها الشعب الفلسطينى، ولن يسمح بها العالم العربى، ومصر ستظل دائماً الدرع الحامية للحقوق العربية والفلسطينية». وأدان هشام عبدالعزيز، رئيس حزب الإصلاح والنهضة، المحاولات الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية، ومحاولة فرض حلول غير عادلة تتجاهل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، كما أن القضية الفلسطينية ليست قابلة للمساومة، والشعب الفلسطينى لن يقبل بأى حلول تنتقص من حقوقه التاريخية، وخاصة حقه فى إقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وأكد النائب محمد الرشيدى عضو مجلس الشيوخ عن حزب الشعب الجمهورى، أن المشروع الأمريكى الإسرائيلى بشأن تهجير الفلسطينيين غير مقبول، مؤكداً أن الدولة المصرية ترفض الضغوط والتهديدات الهادفة للقبول بمخطط التهجير القسرى للفلسطينيين والتعدى على حق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته.

مقالات مشابهة

  • رأي الشارع الإسرائيلي بمدى إمكانية تنفيذ خطة ترامب بشأن غزة
  • أحزاب مسيحية ترفض إقالة رؤساء الوحدات الإدارية في نينوى: تهديد للديمقراطية
  • السعدي: لا انشقاق داخل الحكومة ولن نمارس الوصاية على طموحات الحلفاء
  • حكام «الليجا» يفكرون في الإضراب بسبب ريال مدريد!
  • ضياء الدين بلال يكتب: القوة الخفية التي هزمت حميدتي (2-2)
  • أمن قومي عربي.. أحزاب ونواب: مشروع تهجير الفلسطينيين انتهاك مرفوض وتجاوز لكل الخطوط الحمراء
  • صحة السودان تتابع المستشفيات التي دمرتها الدعم السريع
  • أحزاب سياسية تتسابق لرسم الخارطة السياسية بإقليم الحوز المنكوب
  • مصدر محلي: الخراب السياسي لنينوى من وراء أحزاب الحشد الشعبي
  • على خطى ترامب.. أكبر أحزاب ألمانيا يسعى لتشديد سياسية اللجوء