تحليل فشل القوى المدنية في التأثير على الصراع بين الإسلاميين والعسكر
تاريخ النشر: 29th, December 2024 GMT
زهير عثمان
تحليل فشل القوى المدنية في التأثير على الصراع بين الإسلاميين والعسكر: منظور تاريخي وسياسي
في ظل الصراع المستمر بين القوى العسكرية والإسلامية على السلطة في السودان، برزت تساؤلات حول قدرة القوى المدنية على التأثير في مجريات هذا الصراع. فهل يمكن للقوى المدنية السودانية أن تلعب دورًا حاسمًا في هذه الحرب؟ هذا ما سنتناوله في هذا التحليل.
منذ الاستقلال في عام 1956، لم تكن القوى المدنية في السودان موحدة، بل كانت تتراوح بين الأحزاب السياسية التقليدية (مثل حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي) التي كانت تمثل النخبة الحضرية، والأحزاب ذات التوجهات الفكرية المختلفة. على الرغم من محاولات بناء دولة مدنية ديمقراطية، إلا أن الدولة السودانية تأسست على مفاهيم "الولاء القبلي" والانقسامات الاجتماعية العميقة، مما جعل من الصعب على القوى المدنية التوحد وتقديم بديل شامل للمواطن السوداني.
تعرضت القوى المدنية في السودان للعديد من الانقلابات العسكرية منذ الاستقلال، مما عكس ضعفها التنظيمي والعجز عن مواجهة القوى العسكرية المسيطرة. فقد بدأ هذا مع انقلاب 1959 بقيادة عبود، ثم انقلاب 1969 بقيادة نميري، وصولًا إلى انقلاب 1989 بقيادة البشير. وفي كل مرة، كانت القوى المدنية تفتقر إلى الوحدة التنظيمية والتخطيط المشترك، مما جعلها عاجزة عن التصدي لهذه القوى العسكرية.
في نفس الوقت، لعب الإسلاميون دورًا مؤثرًا في توجيه الصراع السياسي، بدءًا من فترة نميري التي شهدت التحالف بين السلطة العسكرية والجماعات الإسلامية، وصولًا إلى هيمنة الحركة الإسلامية على النظام بعد انقلاب 1989. في المقابل، لم تتمكن القوى المدنية من تقديم مشروع جامع يلبي تطلعات جميع فئات المجتمع السوداني، وهو ما ساهم في عزوف العديد من السودانيين عن المشاركة السياسية في الأحزاب المدنية.
علاوة على ذلك، اعتمدت القوى المدنية السودانية بشكل كبير على الدعم الدولي والإقليمي، حيث كانت تسعى للحصول على تأييد من الغرب والمنظمات الدولية. ولكن هذا الاعتماد جعلها تفقد القدرة على بناء مشروع سياسي مستقل وقوي على الأرض، مما جعلها تبدو كحليف ضعيف في مواجهة العسكر والإسلاميين.
منذ الاستقلال، شهد السودان تغييرات اجتماعية كبيرة شملت النزاعات العرقية والقبلية وصراعات الهوية، مما جعل من الصعب على القوى المدنية أن تكون موحدة أو قادرة على توجيه خطاب سياسي شامل. وبالمقارنة، كانت القوى العسكرية والإسلامية تتمتع بخطاب موحد يجمع بينها مصلحة الحفاظ على السلطة واستقرار النظام.
بعد الثورة التي أطاحت بنظام البشير في 2019، حاولت القوى المدنية التفاعل مع الأحداث السياسية عبر "التحول الديمقراطي" الذي تم الاتفاق عليه بين المكون المدني والعسكري في الوثيقة الدستورية. ولكن ما لبثت القوى العسكرية والإسلامية أن استعادت نفوذها، مما أضعف التأثير المدني في إدارة الدولة. ورغم شراكتها مع العسكر، فإن الخلافات بين القوى المدنية والعسكرية قد تفاقمت، ليؤدي ذلك إلى الأزمة السياسية الحالية.
دراسات المعرفة السودانية تشير إلى أن القوى المدنية تعاني من تاريخ طويل من الإقصاء والعزلة عن دائرة السلطة الحقيقية. فقد كانت الأنظمة العسكرية تسعى بشكل مستمر لتهميش القوى المدنية من خلال سياسات الاستبداد، مما أضعف قدرتها على التأثير في مجريات الصراع السياسي.
من أجل أن تكون القوى المدنية مؤثرة في المستقبل، يجب عليها أن تبني جبهة موحدة، وتطوير مشروع سياسي جامع يضمن استيعاب كافة المكونات السودانية. كما يجب عليها تعزيز الديمقراطية الحقيقية عبر تحالفات مع مختلف فئات المجتمع، والتركيز على بناء قاعدة شعبية قوية تشمل المناطق الريفية والهامشية.
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: القوى المدنیة فی القوى العسکریة
إقرأ أيضاً:
لدعمه اليمين المتطرف.. ألمانيا تتهم إيلون ماسك بمحاولة التأثير على انتخاباتها
(CNN)-- اتهمت الحكومة الألمانية الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، الإثنين، بمحاولة التأثير على انتخاباتها المقررة في فبراير/شباط بمقالات تدعم حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف، على الرغم من أنها وصفتها بأنها ترقى إلى "هراء".
أيد ماسك، الذي من المقرر أن يخدم إدارة دونالد ترامب الجديدة كمستشار خارجي، حزب البديل من أجل ألمانيا، باعتباره الأمل الأخير لألمانيا في مقال رأي بصحيفة "فيلت أم سونتاغ" دفع محرر التعليق إلى الاستقالة احتجاجًا.
وقال متحدث باسم الحكومة الألمانية: "إنها بالفعل حالة يحاول فيها إيلون ماسك التأثير على الانتخابات الفيدرالية" من خلال منشوراته على موقع إكس ومقال الرأي.
وقال المتحدث إن ماسك حر في التعبير عن رأيه، مضيفًا: "بعد كل شيء، تغطي حرية الرأي أيضًا أعظم الهراء".
دافع ماسك، أغنى شخص في العالم، عن حقه في التدخل في السياسة الألمانية بسبب "استثماراته الكبيرة"، وأشاد بنهج حزب البديل من أجل ألمانيا في التنظيم والضرائب وتحرير السوق.
وجاء تدخله في الوقت الذي يستعد فيه الألمان للتصويت في انتخابات برلمانية في 23 فبراير/شباط بعد انهيار الحكومة الائتلافية بقيادة المستشار أولاف شولتز.
كما دعا ماسك إلى استقالة شولتز بعد أن صدمت سيارة حشدًا في سوق عيد الميلاد في 20 ديسمبر/كانون الأول، مما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص.
ويحتل حزب البديل من أجل ألمانيا حاليًا المركز الثاني في استطلاعات الرأي خلف المحافظين المعارضين الرئيسيين، وقد يكون قادرًا على إحباط أغلبية يمين الوسط أو يسار الوسط في الانتخابات.
وتعهدت الأحزاب الرئيسية في ألمانيا بعدم العمل مع حزب البديل من أجل ألمانيا على المستوى الوطني.
وقال المتحدث باسم الحكومة إن تأييد ماسك لحزب البديل من أجل ألمانيا كان "توصية بالتصويت لحزب يخضع للمراقبة (من قبل الاستخبارات المحلية) للاشتباه في كونه متطرفًا يمينيًا وقد تم بالفعل الاعتراف به على أنه متطرف يميني جزئيًا".
وانتقد الساسة الألمان ماسك لتأييده لحزب البديل من أجل ألمانيا، حيث قارنه الزعيم المشارك للحزب الديمقراطي الاجتماعي الذي يتزعمه شولتز، بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقال لارس كلينغبيل لمجموعة فونكي الإخبارية، الإثنين: "يريد كلاهما التأثير على انتخاباتنا ودعم أعداء الديمقراطية من حزب البديل من أجل ألمانيا بشكل خاص. إنهم يريدون إضعاف ألمانيا وإغراقها في الفوضى".
وقال فريدريش ميرز، زعيم الحزب الديمقراطي المسيحي المعارض والمفضل حاليًا لخلافة شولتز في منصب المستشار، لمجموعة فونكي إن تعليقات ماسك كانت "تدخلية ومتكلفة".
ألمانياإيلون موسكدونالد ترامبنشر الاثنين، 30 ديسمبر / كانون الأول 2024تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2024 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.