وسط حالة من الارتباك والتخبّط وكثير من المخاوف، انطلقت، ظهر السبت، امتحانات الشهادة الثانوية السودانية في أجزاء من البلاد وخارجها بالتزامن، في حين تخلّف عن الجلوس قسراً نحو 157 ألف طلاب وطالبة في ولايات أخرى تقع تحت سيطرة قوات «الدعم السريع» وسط مخاوف من انقسام «غير مسبوق» .

وحرمت الطالبة رشاء محمد قسراً من أداء امتحانات الشهادة السودانية الثانوية، بعد أن حالت ظروف أسرتها المادية دون توفير حق السفر إلى ولاية مجاورة يُسيطر عليها الجيش السوداني، لتتمكن من الجلوس في أحد مراكز الامتحانات.



وقالت رشاء لـ«الشرق الأوسط»: إنها ظلّت تنتظر هذه الفرصة لأكثر من عام ونصف العام لتخطي المرحلة الثانوية، ودخول الجامعة، لكنها وجدت نفسها عالقة في بلدتها الصغيرة، بولاية الجزيرة وسط السودان، تحاصرها «قوات الدعم». وتساءلت: «هل وجودي في هذا المكان ذنبي حتى أعاقب عليه بحرماني من الامتحانات؟».

ووفقاً لوزارة التربية والتعليم، من المقرر أن يتقدم للامتحانات المؤجلة من 2023 أكثر من 343 ألف طالب وطالبة، نحو 70 في المائة من جملة الطلاب المسجلين، وعددهم نحو 500 ألف طالب وطالبة، لكن هذا العدد قد يتقلّص بسبب سقوط الآلاف من أرقام الجلوس، وتأجيل الامتحانات في ولايتي جنوب وغرب كردفان جنوب البلاد. وحسب إحصائية وزارة التعليم فإن 157 ألف حرموا من الجلوس لامتحانات الشهادة الثانوية بسبب الحرب.

ودخل التعليم على خط القتال المحتدم في السودان لأكثر من 20 شهراً، بعدما أقرّت الحكومة التي تتخذ من بورتسودان مقراً لها، إجراء الامتحانات في المناطق الآمنة الخاضعة لسيطرة الجيش، رغم اعتراض «الدعم السريع»، التي رأت أن عواقبها ستكون وخيمة على آلاف الطلاب، وتعمق الانقسام في البلاد.

وتبرز مخاوف أخرى من أي استهداف قد يطال مراكز الامتحانات، ويعرض حياة الآلاف من الطلاب وعلى وجه الخصوص في محلية كرري بمدينة أم درمان، شمال العاصمة الخرطوم، التي ظلّت تشهد قصفاً مدفعياً دون توقف، وتنسحب تلك المخاوف إلى ولايات أخرى محاذية لمناطق القتال.

لكن وزارة التربية والتعليم أكدت اتخاذ كل الترتيبات الأمنية اللازمة على مستوى عالٍ لتأمين مراكز الامتحانات، التي ستُجرى في الولايات الآمنة، وهي الشمالية ونهر النيل والقضارف وكسلا وشمال كردفان.

وأكد وزير التربية والتعليم المُكلف في ولاية الخرطوم، قريب الله محمد، لـ«الشرق الأوسط»، أنه تم منح جميع الطلاب الراغبين في الامتحانات أرقام جلوس، وقال إن الاستعدادات اكتملت لاستقبال الطلاب الممتحنين في مناطق العاصمة الخرطوم ومن الولايات الأخرى.

بدوره، قال المتحدث باسم نقابة المعلمين المستقلة، سامي الباقر، إن إصرار سلطة الأمر الواقع في بورتسودان على إجراء الامتحانات في هذا التوقيت وما صاحبها من سوء تنظيم، أفقد فعلياً أكثر من 60 في المائة من الطلاب والطالبات حقهم في دخولها.

وأضاف أن الهدف من إقامة الامتحانات في مثل هذه الظروف «سياسي بحت»؛ لتثبيت واقع الحرب، بتصميم عملية تعليمية تتماشى مع مصالحها السياسية، تدفع البلاد إلى التقسيم والتشظي من خلال إقصاء الآلاف من أبناء الوطن من التعليم.

وأوضح أن النقابة سبق أن تقدّمت بمقترحات لعقد امتحانات شاملة وعادلة بالتنسيق مع المنظمات الدولية، يلتزم فيها طرفا القتال بوقف إطلاق النار، وفتح ممرات آمنة، تُمكّن جميع الطلاب المسجلين في أنحاء البلاد من أداء الامتحانات.

وقال الباقر لــ«الشرق الأوسط» إن أعداداً كبيرة من الطلاب الوافدين وصلوا إلى مدينة أم درمان، لم يتحصلوا على أرقام الجلوس، وقد لا يسمح لهم بالمشاركة في الامتحانات، رغم الوعود السابقة من الوزارة بمعالجة هذه المشكلة.

وأضاف أن الحكومة تتحمل كامل المسؤولية عن أي نتيجة تترتب على الإصرار بعقد الامتحانات دون استصحاب إجراءات السلامة، فهذه الامتحانات خطر على الطلاب والمعلمين، وخطر على السودان بعد عقدها.

وأدان المتحدث باسم نقابة المعلمين منع «الدعم السريع» أعداداً كبيرة من الطلاب الراغبين في أداء الامتحانات من مغادرة مناطق سيطرتها، وقال: «هذه جريمة تجد منا كل الإدانة».

ووفق إحصائيات نقابة المعلمين، فإن عشرات الآلاف من الطلاب في 8 ولايات محرمون من الامتحانات؛ ولايات دارفور وكردفان الكبرى، وأجزاء من العاصمة الخرطوم، والجزيرة، ومناطق أخرى تعاني انعدام الأمن.

حرمان الطلاب السودانيين من الجلوس للامتحانات لم يقتصر على الطلاب في المناطق التي تسيطر عليها «قوات الدعم»، لكن السلطات التشادية أيضاً رفضت إقامة الامتحانات على أراضيها لنحو 13 ألف طالب وطالبة من إقليم دارفور المجاور لها من ناحية الشرق.

وكان وزير التربية والتعليم «المكلف»، أحمد خليفة، ذكر في إفادات سابقة بأن الطلاب الذين لم يتمكنوا من الجلوس لهذه الامتحانات، لديهم فرصة أخرى في مارس (آذار) المقبل؛ حيث ستقام امتحانات لتمكينهم من لالتحاق بالدفعة نفسها.

وانطلقت دعوات في الأوساط السودانية لتأجيل الامتحانات إلى وقت لاحق من العام المقبل، بسبب استمرار الحرب، وعدم وجود اتفاق بين الطرفين على التهدئة لحين الانتهاء منها.

ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في أبريل (نيسان) 2023 توقفت العملية التعليمية كلياً في مناطق الصراع، في حين استؤنفت في الولايات خارج نطاق القتال.

وتشير إحصائيات منظمة رعاية الطفولة (اليونيسيف) التابعة للأمم المتحدة إلى أن استمرار الحرب منع 12 مليوناً من الطلاب السودانيين في مراحل دراسية مختلفة من مواصلة التعليم.

نيروبي: الشرق الأوسط: محمد أمين ياسين بورتسودان: وجدان طلحة  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: امتحانات الشهادة التربیة والتعلیم الامتحانات فی الدعم السریع الشرق الأوسط من الطلاب الآلاف من من الجلوس ألف طالب

إقرأ أيضاً:

إدارات التعليم تحدد مواعيد الدراسة في رمضان.. الشرقية والأحساء تبدأ 9:30 صباحًا

منحت وزارة التعليم إداراتها في جميع مناطق المملكة صلاحية تحديد موعد بداية اليوم الدراسي خلال شهر رمضان المبارك، بحيث يكون بين الساعة التاسعة والعاشرة صباحًا، فيما تبدأ الفترة المسائية من الساعة الواحدة ظهرًا، بينما تم تحديد توقيت التعليم المستمر ليكون الساعة التاسعة مساءً.
وسمحت الوزارة بهذا الإجراء بما يتناسب مع خصوصية الشهر الفضيل ويحقق التوازن بين التحصيل الدراسي وأداء العبادات. كما تم تقليص مدة الحصة الدراسية إلى 35 دقيقة لكل حصة، لتخفيف العبء الدراسي على الطلاب.
أخبار متعلقة "التعليم" تعتمد تشكيل المجلس الاستشاري لمديري المدارس وتحدد مهامهالأرصاد يكشف توقعات طقس المملكة خلال فصل الربيع.. تعرف عليهاوحددت إدارتا تعليم الشرقية والأحساء بداية اليوم الدراسي عند الساعة التاسعة والنصف صباحًا، مع الإبقاء على موعد التعليم المستمر في التاسعة مساءً.
ويأتي ذلك بالتزامن مع انطلاق الفصل الدراسي الثالث غداً الأحد، حيث يعود أكثر من 6.5 مليون طالب وطالبة إلى مقاعد الدراسة في مختلف مراحل التعليم العام الحكومي والأهلي والعالمي، وسط استعدادات مكثفة تهدف إلى توفير بيئة تعليمية جاذبة ومحفزة.
ويشارك في هذه العودة أكثر من نصف مليون معلم ومعلمة، الذين يشكلون الركيزة الأساسية للعملية التعليمية، ويؤدون دورهم الحيوي في ترسيخ المعرفة وتعزيز المهارات لدى الطلاب والطالبات.
استعدادات مكثفة لعودة الطلاب
استكملت وزارة التعليم جميع الترتيبات اللازمة لضمان انطلاقة قوية للفصل الدراسي الثالث، حيث تم تجهيز أكثر من 21 ألف مبنى تعليمي وفق أعلى معايير الجودة والسلامة.
وشملت هذه الجهود أعمال الصيانة الدورية، والتأكد من توفر المستلزمات الدراسية، وتوفير بيئة تعليمية آمنة ومريحة للطلاب والمعلمين، بما يضمن استمرار العملية التعليمية بسلاسة وكفاءة عالية.
وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن قطاع التعليم العام يشهد نمواً مستمراً في أعداد الطلاب، فقد تجاوز عدد المسجلين في مرحلة رياض الأطفال 420 ألف طالب وطالبة، فيما بلغ عدد طلاب المرحلة الابتدائية أكثر من 3 ملايين طالب وطالبة.
أما في المرحلة المتوسطة، فقد سجل عدد الطلاب أكثر من 1.5 مليون طالب وطالبة، بينما يواصل أكثر من 1.4 مليون طالب وطالبة دراستهم في المرحلة الثانوية. .article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } منح إدارات التعليم صلاحية تحديد مواعيد الدراسة في رمضان
إجازات متوازنة خلال الفصل الدراسي الثالث
يأتي الفصل الدراسي الثالث مصحوبًا بجدول متكامل من الإجازات الرسمية والممتدة، التي تضمن التوازن بين الدراسة والاستراحة، مما يساهم في تحسين أداء الطلاب وتحفيزهم لتحقيق مستويات عالية من التحصيل الأكاديمي.
وتبدأ إجازة عيد الفطر في 20 رمضان، ليعود الطلاب لمقاعد الدراسة بعد العيد في 8 شوال. كما يتخلل الفصل الدراسي إجازة نهاية أسبوع مطولة يومي 6 و7 ذو القعدة، بالإضافة إلى إجازة عيد الأضحى التي تبدأ في 3ذي الحجة، على أن يعود الطلاب لاستئناف الدراسة في 19 ذي الحجة، قبل أن تختتم السنة الدراسية بإجازة نهاية العام التي تنطلق في 1 محرم 1447هـ.
توازن بين الدراسة والعبادات
مع حلول شهر رمضان المبارك، حرصت وزارة التعليم على مراعاة طبيعة الشهر الفضيل عبر تعديل مواعيد الدراسة، بما يساعد الطلاب والطالبات على تحقيق التوازن بين تحصيلهم الدراسي وأداء العبادات. كما أكدت الوزارة على أهمية انتظام الطلاب منذ اليوم الأول من الفصل الدراسي، مشددة على توفير جميع الإمكانات الداعمة التي تضمن سير العملية التعليمية بفعالية وإيجابية.
وفي إطار خططها الاستراتيجية لتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030، تواصل وزارة التعليم جهودها لتعزيز جودة التعليم، وتهيئة بيئة تعليمية متكاملة تسهم في تمكين الطلاب من اكتساب المهارات والمعرفة اللازمة لمواكبة التطورات المستقبلية ومتطلبات سوق العمل.

مقالات مشابهة

  • السودان: هل تنهي مكاسب الجيش في العاصمة الحرب؟
  • قافلة بيطرية للكشف على الماشية والطيور بالداخلة في الوادي الجديد
  • جامعة سوهاج تختتم فعاليات المهرجان الكشفي والإرشادي الثامن بمشاركة 200 طالب
  • الخارجية السودانية تندد بالمساعي الكينية لاحتضان حكومة موازية بقيادة “الدعم السريع”
  • الخارجية السودانية تعرب عن تقديرها لموقف مصر الرافض لتهديد سيادة ووحدة السودان
  • أستاذ قانون دولي عن الحكومة الموازية السودانية: تعكس تحديات قانونية وسياسية
  • شاهد بالفيديو.. طيار حربي سوداني يبهر المواطنين الجالسين أمام النهر بمدينة شندي باستعراضه بطائرته التي كادت أن تلامس الماء ومتابعون: (ناس شندي يتابعون فيلم أكشن على الهواء مباشر)
  • بأجر ..شروط حصول الطلاب على إجازة الامتحانات بقانون العمل
  • إدارات التعليم تحدد مواعيد الدراسة في رمضان.. الشرقية والأحساء تبدأ 9:30 صباحًا
  • غادروا بسبب الحرب.. عودة 2 مليون سوداني الى مناطقهم بعد سيطرة الجيش والحكومة تطلق تعهدات