أول حديث مصري عن زيارة عبد العاطي لدمشق للقاء القيادة السورية الجديدة
تاريخ النشر: 29th, December 2024 GMT
مصر – نفت مصادر مصرية مطلعة الأنباء المتداولة حول استعداد وزير الخارجية بدر عبدالعاطي، لزيارة سوريا قريبا.
وأكدت المصادر المصرية، بحسب صحيفة “الدستور”، أن الحديث عن وجود ترتيبات لزيارة يجريها عبدالعاطي إلى سوريا في الوقت الحالي هو أمر غير صحيح.
وكانت تقارير أشارت إلى ان وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي يستعد لزيارة العاصمة السورية دمشق، قريبا للقاء قائد الإدارة السورية أحمد الشرع.
ونقلت صحيفة “الوطن السورية” عن غرفة عمليات ردع العدوان التابعة للإدارة السورية الجديدة أن الحديث عن الزيارة جاء بعد وساطة تركية مع مصر.
وتتخذ مصر موقفا متوازنا من الإدارة الجديدة في سوريا، ولم تعلق صراحة على حكام دمشق الجدد، ولكنها أكدت ضرورة تدشين عملية سياسية لا تقصي أحدا وتضم جميع أطياف المجتمع السوري، دون تدخلات أو إملاءات خارجية.
وذكرت الخارجية المصرية، في وقت سابق، أن موقفها تجاه التطورات السورية تحكمه 4 محددات رئيسية تمثل في ضرورة احترام السيادة السورية ووحدة وتكامل أراضيها، والحفاظ على المؤسسات الوطنية السورية ومقدرات الدولة، وبدء عملية سياسية شاملة ذات ملكية وطنية سورية خالصة تؤسس لمرحلة جديدة من التوافق المجتمعي دون إملاءات أو تدخلات خارجية، بالإضافة إلى العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لدعم سوريا في إعادة الإعمار والعودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم.
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية، تميم خلاف، أن موقف القاهرة يستهدف فقط تحقيق المصلحة الوطنية السورية الخالصة واستعادة الأمن والاستقرار لسوريا والحفاظ على مقدرات الدولة.
المصدر: الدستور المصرية
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
إقرأ أيضاً:
الجماعة الحوثية في مواجهة القيادة الجديدة في سوريا
أثار تصدُّر القيادة السورية الجديدة للمشهد بعد سيطرتها على دمشق ردود فعل متباينة، يمكن تصنيفها إلى ثلاثة أنواع: المؤيد، والمتوجس، والرافض.
النوع الأخير بدأ في تطوير استراتيجية هجومية خلال الأيام القليلة الماضية، بهدف الانتقاص مما حدث، ليس فقط عبر التقليل من أهمية سقوط نظام بشار الأسد والسيطرة على العاصمة دمشق، بل أيضًا من خلال التحريض على ثورة مضادة وإفراغ ما يجري من أي قيمة أخلاقية أو سياسية.
قد تبدو هذه الردود متوقعة، خاصة إذا كانت صادرة عن دول محيطة بسوريا أو أطراف لها صلة مباشرة بالصراع الذي بدأ عام 2011 في ظل الانقسام الإقليمي بين محورين متنازعين.
لكن ما يلفت الانتباه هو ردود فعل الجماعة الحوثية في اليمن، فهي منذ اليوم الأول عملت على تشويه ما حدث والانتقاص منه وتوجيه الفعل بمقياس الصراع مع إسرائيل. جرى ذلك على أكثر من شكل إعلامي وعلى أكثر من مستوى داخل أصوات الجماعة الحوثية، من زعيم الجماعة إلى أصغر شخص أو صاحبة حساب على منصة إكس أو فيسبوك.
هناك من يقدم نصائح في إدارة المرحلة ويطلب – بمفارقة ساخرة- الاقتداء بنموذج الحوثيين، وهناك من يُبرز – حقًا أو عن زيف – انتهاكات طائفية بحق علويين أو جماعات شيعية أو أقليات. ومنهم من يرى الأمر مؤامرة وصولًا إلى اعتبار ما حدث استمرارًا لما يسمونه بالهيمنة الإسرائيلية.
فلماذا كانت ردود فعل الحوثيين على هذا النحو؟
برأينا. هناك ثلاثة أسباب تفسر هذا الموقف وهي: طبيعة الجماعة الطائفية، مركزية البعد الطائفي في تصوراتها، وثالثاً اعتبارات إعلامية ورمزية.
وسنأتي على توضيح هذه الأسباب.
أولا”: تنتمي الجماعة الحوثية إلى المحور الإيراني طائفي الجوهر، وبالتالي ترى أن خسارة أي بقعة جغرافية أو استراتيجية من هذا المحور تمثل انتكاسة شاملة. هذا يدفع جميع أطراف المحور إلى “التداعي” بـ “السهر والحمى” لمواجهة الخسائر. وحالة الحوثيين ترشحهم ليكونوا اول المتداعين.
ثانياً: وقياسا بـ أولاً، بموجب الاعتبارات الطائفية – كمحرك أولي لوجود الجماعة الحوثية – تنظر الجماعة الحوثية إلى التحولات في سوريا من منظور طائفي بحت، بعيدًا عن زاوية الحرية والاضطهاد، أو انتهاء لتشطير سوريا، أو ضمن صيرورة الدولة العربية منذ قرابة قرن. لذا، الجماعة الحوثية في هذه المرحلة تدعي دفاعها عن الطائفة العلوية والشيعية في سوريا وتحصر ما حدث باعتباره انتصاراً أموياً لتعيد تأكيد الطبيعة التاريخية المذهبية للصراع الدائر في البلدان العربية. وهنا تحضر في خطاب أتباع الجماعة ثنائيات: الأموى مقابل النبوي، أو الأموى مقابل الحسيني.
ثالثاً: كانت الصورة الإعلامية قد وضعت الحوثيين في مستوى متقدم من الاهتمام الدولي منذ أكثر من عام، إلى جانب وبفضل الحرب في غزة. تحولات سوريا أطاحت بهذه الصورة وأعادت الحوثيين إلى مرتبة اعتيادية. وهنا تنشط الجماعة الحوثية – إعلاميًا وربما في وقت لاحق ميدانياً إذا تطورت الأحداث في سوريا نحو اقتتال وظهور بؤر احتراب أهلي – لتقارع قيادة سوريا الجديدة وتبرز عيوبها وتبخس بها، باعتبارها مجرد أداة تنفيذ لاستراتيجية إسرائيل، أو لتعييبها عن عدم مواجهة التمدد الإسرائيلي في هذه المرحلة. وذلك عسى أن تنتزع منها الصدارة أو تشاطرها، حين تقدم نفسها كالنقيض، خصوصاً بعد غياب حزب الله وزعيمه الذي لو كان حيًا لما فوت إلقاء خطاب كل يوم في هذا الاتجاه.
وبهذا، وبسعي الجماعة الحوثية إلى ملء الفراغ ومحاولة مقارعة القيادة السورية الجديدة، فهي تضع نفسها رأسًا برأس لتحشر صورتها في اللوحة الإعلامية الكبيرة. ثم إن ما تفعله الجماعة الحوثية تجاه الشأن السوري لا ينفصل عن السلوك الإيراني. إلا أن المفاجئ هو مبالغة الجماعة الحوثية في انزعاجها من فقدان نظام بشار، رغم أنه لم يكن شريكًا جوهريًا بالنسبة للجماعة ولم يقدم لها خدمات وعونًا مثل ما فعله حزب الله. بالنظر إلى ارتباطات الجماعة الحوثية في اليمن بالنظام السوري الذي لم يمنحها حتى اعترافًا دبلوماسيًا، فإن زوال نظام بشار كان فعليًا خسارة لإيران وليس للحوثيين.
النقطة الجوهرية في إسقاط النظام في سوريا كانت في كشف حجم ومقدار الانتهاكات التي طالت الشعب السوري. وعليه، فإنما حدث في دمشق يقود بداهة إلى عقد مقارنات معقولة مع وتجاه أكثر من طرف. ومن أوجه هذه المقارنات المنطقية مع نظام بشار الأسد هي المقارنة بسلوك ذراع آخر من أذرع محور إيران وهي الجماعة الحوثية .
سقوط نظام بشار الأسد ساعد اليمنيين على إحياء ذاكرتهم الجماعية فيما يتعلق بالانتهاكات التي يتعرضون لها في عهد سيطرة الجماعة الحوثية. هذه الانتهاكات شملت القتل، والاعتقالات، والسجون، والطبيعة الطائفية للسلطة، فضلًا عن السياسات التمييزية والتشريعات السلالية التي مزّقت المجتمع وأمعنت في الترويع والممارسات الاستخباراتية.
مجرد المقارنة بين ممارسات نظام بشار الأسد والجماعة الحوثية كفيل ببث الخوف في نفوس الحوثيين، الذين تُوثَّق انتهاكاتهم بشكل كبير.
وأخيراً، زوال نظام بشار يحمل أملًا متجددًا في إمكانية التخلص من أنظمة طائفية مشابهة، ما يبشر بالخلاص من المعادلات الطائفية الجاثمة فوق كاهل كثير من الشعوب العربية. هذا التغيير قد ينعكس عملياً في اليمن أيضًا، حيث يمكن أن تبرز فرصة طي صفحة السلوك الطائفي، وهي إحدى أبرز المخاوف التي تؤرق الجماعة الحوثية.