مشكلة الطاقة في إيران: مجرد عجز أم أزمة عميقة؟
تاريخ النشر: 29th, December 2024 GMT
الاقتصاد نيوز - متابعة
وصلت صناعة الطاقة في إيران إلى وضعٍ لا تستطيع فيه تلبية حوالي ثلث الطلب على الغاز وحوالي ربع إلى خمس الطلب على الكهرباء. وعلى وقع هذا، حيث ينتشر التلوث الشديد هذا الشتاء نتيجة استخدام الوقود الأحفوري لتأمين الطاقة، ويؤدي إلى تعطيل المدارس والدوائر الحكومية والجامعات لعدة أيام، يعبر النشطاء في الصناعات المختلفة مرارًا عن اعتراضهم على توقف جزء كبير من قدرة المصانع بسبب نقص الطاقة، وتنتشر تقارير متعددة عن خروج محطات الكهرباء عن الخدمة؛ وذلك في الوقت الذي يشهد فيه استهلاك الغاز ذروته مع قدوم الشتاء، مما يزيد من الضغط على محطات الكهرباء لتوفير الوقود اللازم.
وتعود مشكلة أزمة الطاقة في إيران إلى سنوات طويلة من السياسات الخاطئة والتدخل غير المحدود للحكومات في اقتصاد الطاقة والفساد والريع في هذا القطاع.
وتداولت وسائل الإعلام الإيرانية أنباء عن خروج محطات الكهرباء واحدة تلو الأخرى. وأفادت مؤخرا وكالة تسنيم أنه حاليًا من بين أكثر من 600 وحدة توليد كهرباء، هناك على الأقل 80 وحدة خارجة عن الخدمة بسبب نقص أو عدم وجود الوقود (الغاز والوقود السائل). وهذه الوحدات تمثل طاقة تزيد عن 8,000 ميغاوات.
وتقول تقارير إن حوالي سدس محطات الكهرباء في إيران خرجت من الخدمة بسبب نقص الوقود. من جهة أخرى، يجب أن تقوم المحطات الحرارية بأعمال الصيانة الدورية والأساسية خلال فصل الشتاء استعدادًا لإنتاج الطاقة في الصيف، مما يؤدي إلى خروج حوالي 7,000 ميغاوات من القدرة الإنتاجية الفعلية بسبب أعمال الصيانة، ويبلغ إجمالي القدرة التشغيلية لمحطات الكهرباء الحرارية حاليًا حوالي 43,000 ميغاوات.
وفي ظل هذه الظروف، حيث يتراوح ذروة استهلاك الكهرباء في الأيام الحالية بين 45,000 إلى 47,000 ميغاوات، تجد الحكومة نفسها مضطرة لتعويض الفجوة بين احتياجات الاستهلاك وقدرة الإنتاج الفعلية الحالية (حوالي 43,000 ميغاوات) عبر قطع الكهرباء بشكل دوري على القطاعات السكنية والصناعية.
كما تجاوزت حصة استهلاك الغاز في القطاعين السكني والتجاري والصناعي من إجمالي الغاز المنتَج 80٪، فيما تبقى أقل من 20٪ للقطاعات الكبرى مثل الصناعات الثقيلة، والبتروكيماويات، ومحطات الكهرباء.
وكانت وزارة الطاقة قد أعلنت في وقت سابق عن انخفاض شديد في مخزون الوقود لمحطات الكهرباء؛ وهو ما أكدته وزارة النفط التي أوضحت أن الحكومة الحالية قد استلمت مخزونات الوقود شبه فارغة.
وتتعدد الأسباب التي يذكرها الخبراء لتفسير هذه الأوضاع الصعبة في صناعة الغاز، بدءًا من مشاكل شبكة الغاز الوطنية ونقص التنوع في مزيج الطاقة المستخدم في القطاع المنزلي، إلى العقوبات المفروضة على البلاد، والفقر في الاستثمارات والتكنولوجيا اللازمة لتطوير حقول الغاز، بالإضافة إلى الهدر الكبير للغاز أثناء حرقه في المشاعل أو في التوزيع وتسعير الطاقة. وفي قطاع الكهرباء، هناك أسباب مشابهة تشمل الكفاءة المنخفضة لمحطات الكهرباء، والتطوير الخاطئ لهذا القطاع، والتدخل الحكومي غير المحدود في الصناعة، والفساد والريع المنتشر.
وقد أشار خبير الطاقة مهدي عرب صادق، إلى أن حالة العجز في الكهرباء تتفاقم عامًا بعد عام، مؤكدًا أن “الوضع الحالي ناتج عن الأزمات السياسية، أي تراكم عدم الكفاءة والتشريعات الخاطئة، بالإضافة إلى غياب الرقابة الدقيقة من برلمان البلاد وأغلاط الوزراء السابقين. نعيش في بلد يملك أكبر الموارد الطبيعية، لكنه يعاني من عجز دائم في إنتاج الكهرباء بنسبة 25٪، وعجز في إنتاج الغاز بنسبة تتجاوز 33٪ بسبب انخفاض الضغط. نحن نتحدث عن عجز في بلد يعد ثاني أكبر مالك للغاز في العالم. لقد وصلنا إلى حالة حرجة، ومع هذا الوضع الراهن، لا توجد حلول للخروج من هذه الأزمة، التي ليست مؤقتة.”
وأضاف: الحد الأقصى للطاقة الإنتاجية لمحطات الكهرباء هو 62,000 ميغاوات، لكن المحطات المثبتة تتجاوز 94,000 ميغاوات، مما يعني أن معامل الاستفادة من المحطات لا يتجاوز 67٪.
من جانبه، قال أحمد رضا صافي، رئيس مجلس إدارة جمعية كهرباء أصفهان: وفقًا لتقرير مركز دراسات البرلمان، ينخفض إنتاج الغاز في بلادنا بمعدل 10٪ سنويًا، وإذا لم يتم ضخ 80 مليار دولار في صناعة الغاز، فإن هذا التراجع سيستمر في السنوات القادمة.
وأضاف: الوضع في صناعة الكهرباء ليس بأفضل حال، نحن بحاجة إلى 100 مليار دولار فقط لتحديث هذه الصناعة، وليس لتطويرها.
ويأتي نقص الاستثمار والسيولة في صناعة الكهرباء الإيرانية في وقت أعلنت فيه وزارة الطاقة عن ديون تصل إلى 100 تريليون تومان تجاه العاملين في هذا القطاع.
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار لمحطات الکهرباء محطات الکهرباء الطاقة فی فی إیران فی صناعة
إقرأ أيضاً:
خلاف في إيران بشأن شراء 9 ملايين لتر من الوقود المهرب
بغداد اليوم- متابعة
دب خلاف بين عضو هيئة رئاسة البرلمان الإيراني النائب علي رضا سليمي، ووزارة النفط في البلاد بعدما كشف الأول عن قيام طهران بشراء حوالي 9 ملايين لتر من الوقود من المهربين يومياً.
وقال رضا سليمي في تصريح تابعته "بغداد اليوم"، في معرض الإشارة إلى الخسارة اليومية البالغة 20 مليون لتر "إن وزير النفط الإيراني محسن باك نجاد، قال في البرلمان إننا نشتري ما يقرب من 9 ملايين لتر من الوقود من المهربين؛ حتى تعرف من هو المهرب الذي تشتري منه! الدليل لك"، مبيناً "إن خسارة 20 مليون لتر كثيرة جدًا، وليست مزحة".
وفي سياق متصل، ردت وزارة النفط الإيرانية عبر بيان لها على ما ذكره النائب رضا سليمي، نافية "شراء الوقود من المهربين".
وجاء في هذا البيان الذي تلقت "بغداد اليوم" نسخة منه، إنه "بينما ينفي هذا الخبر، فإنه يعلم أن الوقود الذي تحتاجه البلاد يتم شراؤه واستيراده من الأسواق العالمية ومن شركات وموردين عالميين موثوقين وبالمواصفات والمقاييس اللازمة".
وقالت وزارة النفط: "إن تعامل الحكومة الرابعة عشرة مع ظاهرة التهريب ليس نهجاً سلبياً ومستتراً، بل هو نهج فعال ومسؤول من أجل منع هدر الموارد الوطنية".
ويستمر تهريب الوقود في إيران، وخاصة في المناطق الحدودية، منذ عقود، ويزداد هذا الاتجاه مع ارتفاع سعر الصرف.
وبعد هذا البيان رد النائب علي رضا سليمي، على بيان وزارة النفط، وكتب عبر حسابه في منصة "إكس"، "ماذا تنفي وزارة النفط!؟ تصريح الوزير موجود في الهيئة! (هيئة رئاسة البرلمان)".
وأضاف ماذا تنفي وزارة النفط؟ تصريحات الوزير (الصوتية موجودة في الهيئة) أم شيء آخر؟!!! شاهدتم نفي وزارة الاقتصاد وبعدها تم نشر فيديو كلام الوزير وانتشر النفي".