سواليف:
2025-03-10@11:19:41 GMT

من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. كان لنا

تاريخ النشر: 29th, December 2024 GMT

كان لنا

من أرشيف الكاتب #أحمد_حسن_الزعبي

نشر بتاريخ .. 23 / 9 / 2017

الحياة مثل طاولة في مطعم، ما أن يرحل الناس  عنها حتى يأتي من يمسح مكان جلوسهم ويخفي آثارهم ويرتب المقاعد بطريقة مختلفة ويمحو حتى بصماتهم..

مقالات ذات صلة وفاة طفل خامس بسبب البرد في غزة / شاهد 2024/12/29

دائماً أتساءل ترى  لماذا تتغيّر #ملامح_المكان بمجرّد غياب روّاده، في حارتنا القديمة  مثلاً .

.كان لنا جيران نألفهم كثيراً، نذكر أصواتهم حتى اللحظة، وطريقة ضحكهم، نذكر العلامات الفارقة في درجات بيوتهم، وألوان زجاج شبابيكهم، وكيف كانوا يستخدمون أواني الألمنيوم المثقوبة كلواقط لتحسين البث الأرضي، بيوت الطين متساوية الارتفاع ،لها مزاريب متشابهة، لا يوجد اجتهاد في التصميم ،ولا استعراض في التنفيذ..هي بيوت تؤوي الرؤوس المتعبة من كدّ النهار ليس إلا..

كانت حارتنا،  فيها أزقّة ضيقة تكفي للمشاة وبعض الشياه للعبور بين الحواري، دجاج كثير يجول الحارة لا يخشى أحداً لكنه يعرف العودة إلى مبيته دون الحاجة الى “جي بي اس”.. والسروة الكبيرة التي تتعارك على أغصانها العصافير قبل الغروب بدقائق كما يفعل الأطفال قبل النوم، هي معلم الحارة الأوحد، ونقطة الالتقاء، والانطلاق، وقياس المسافات…

لم أكن أتخيّل أن حارتنا ستتغيّر، قلت في نفسي ذات مساء، وأنا أنظر إلى بيوت الحي، إلى العربات الصدئة المهملة في الحواكير، إلى الشجر اليابس ولم يقطّع ولم يحتطب

كانت تجري مياه الأمطار من منحدر فوق بيتنا ،شقت المياه الحرّة طريقها بتعرّج مذهل أسميناه القناة، لم يتدّخل أي من رجالات الحي بتوسعة القناة أو تغيير مجراها، تركوها حرة تنزل من السماء وتسقي شجر من تشاء، بقيت سنوات طويلة تشقّ الأرض الواصلة بين ضفتي الحي كخيط جراحي محكم..

كان لنا في البيوت شركاء، عصافير كثيرة تنقر بالطين مكاناً لها تختبئ فيه من برد الشتاء، تجد مساحة بين القصّيب تنشد دفئاً يطالها من الأنفاس ومن حديث الأمهات ومن أحلام الأطفال الطري كقطن الوقت..الحمام يزّين السماء بأسراب تحلّق عالياً عالياً فنراها مثل حبّات القزحة في الرغيف، والمحاريث في باحات المنازل متكّئة على الجدار توشوش حبل الغسيل المعتقل عن طعم الحرية وهتاف السهول هناك..

لم أكن أتخيّل أن حارتنا ستتغيّر، قلت في نفسي ذات مساء، وأنا أنظر إلى بيوت الحي، إلى العربات الصدئة المهملة في الحواكير، إلى الشجر اليابس  ولم يقطّع ولم يحتطب، إلى “ألف ،باء” الصفوف الابتدائية التي تعود لمهندسي وأطباء وجنود وتجار وأدباء الحارة التي كتبت على أبواب بيوتهم الحديدية قبل ربع أو نصف قرن …قلت في نفسي: حارتنا مثل دور العبادة أن تغيّر عُبّادها فلن يتغيّر محرابها..لكن عندما رحل الكبار، وسقطت المحاريث عن الجدار، وتقاعد حبل الغسيل عن مرجحة القمصان اللاهية تغيّر كل شيء..

لم يعد يعنيني من بالجوار، بعدما رحلت الأمهات الطيبات أو أقعدهن المرض، لم يعد يعنيني أن أبقى في ركن الذاكرة وحيداً مثل زبون بليد

تلك القناة الحرة التي حفرت السماء مجراها، دُفنت وأُوقفت عن المسيل، جاء مسّاح ونصح المالك البناء فيها وفوقها..لم نعد نسمع الخرير القوي أيام كانون السخي، لقد اخرس الإسمنت صوتها..وتلك السروة الكبيرة قطعت وفرّت العصافير؛ بعضها طلب اللجوء وبعضها الآخر مات بسقوط السروة، لم تعد البيوت متساوية الارتفاع ولا متشابهة في التصميم،بل دخل التحدّي في التنفيذ..واحتلت البنايات التجارية كل ملامح حارتنا السكنية

صارت تطل من البيوت على عجل فتيات خائفات،بعد أن اعتدنا على الأمهات الواثقات ،كانت بيوتنا أفقية، نتساوى مع جيراننا بكل شيء، صارت طابقية طبقية، فكل من فوقك هو أعلى منك  وأقوى منك وأفضل منك..البيوت القديمة أزيلت ،وساحات اللعب صارت ساحات استثمار لا تفوّت، ونتيجة كل هذا لم يعد لنا في البيوت شركاء، فالعصافير لا تسكن منازلنا الحديثة، لا  تقترب من قرميدنا، حتى نحن القدامى تغيّرنا، صرنا نقفل الأبواب جيداً، ولا نفتح الستائر إلا إذا مرّت سيارة إسعاف أو حطّت في الحي سيارة نجدة..

لا أذكر أنه قد دخل حيّنا شرطي طيلة عقود، صار صوت الصافرات روتين يومي ،ونادراً ما أتدخّل، أتدخّل بمن وأنا  لم أعد أعرف من بالجوار، ولكن أكثر صراحة لم يعد يعنيني من بالجوار،  بعدما رحلت الأمهات الطيبات أو أقعدهن المرض، لم يعد يعنيني أن أبقى في ركن الذاكرة وحيداً مثل زبون بليد.. بعد أن  قام كل  الكبار عن كراسيهم تاركين طاولة الحياة لحاضرين جدد.

احمد حسن الزعبي

ahmedalzoubi@hotmail.com

مضى #181يوما … بقي #95يوما

#الحريه_لاحمد_حسن_الزعبي

#سجين_الوطن

#متضامن_مع_أحمد_حسن_الزعبي

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سجين الوطن حسن الزعبی کان لنا

إقرأ أيضاً:

أحمد عمر هاشم: شق صدر النبي حدثت 4 مرات

أكد الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن ميلاد النبي محمد ﷺ لم يكن حدثًا عاديًا، بل كان إيذانًا ببزوغ عهد جديد للإنسانية، عهد العدل والإيمان، وانتهاء عصور الظلم والطغيان.

وأشار عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، خلال تصريحات تلفزيونية اليوم، الأحد، إلى أن هذا الحدث العظيم جاء مصحوبًا بإرهاصات مبهرة تدل على عظمته، فقد اهتز إيوان كسرى، وسقطت منه أربع عشرة شرفة، وخمدت نار فارس التي لم تخمد منذ ألف عام، وجفت مياه بحيرة ساوة، كما جاء في الروايات الموثوقة. 

أحمد عمر هاشم: هذا هو ما رآه رسول الله في رحلة الإسراء والمعراجكادت تشعل نزاعا.. أحمد عمر هاشم يروي كيف عالج الرسول أشد الأزمات بحكمتهأحمد عمر هاشم: شهادة التوحيد لا يُقبل عمل من الأعمال الصالحة بدونهاأحمد عمر هاشم: حسن الظن بالله يورد صاحبه موارد النجاة

وأوضح الدكتور أحمد عمر هاشم أن النبي ﷺ وُلِد يتيم الأب، فقد تُوفي والده وهو لا يزال جنينًا في بطن أمه، فتكفله الله برعايته، كما قال في كتابه الكريم: "ألم يجدك يتيمًا فآوى"، وكانت أمه السيدة آمنة بنت وهب ترى في حملها به ما لم تره أي امرأة، فلم تشعر بثقل الحمل أو تعبه، بل رأت رؤيا بأن هاتفًا يخبرها: "لقد حملتِ بسيد هذه الأمة ونبيها". 

ونوه بأن النبي ﷺ عندما وُلِد، لم تكن هناك مرضعة ترغب في أخذه، لأن المراضع كنّ يفضلن الأطفال الذين لهم آباء قادرون على الإنفاق، إلا أن حليمة السعدية، بعد أن لم تجد غيره، قررت أخذه وقال لها زوجها: "خذيه، لعل الله يجعل فيه البركة"، ومنذ أن حملته معها، ظهرت البركة في حياتها، إذ تحركت دابتها بسرعة لم تعهدها من قبل، وامتلأ ضرع شاتها باللبن، وعاش النبي ﷺ في ديار بني سعد ينعم بالخير. 

وأشار الدكتور أحمد عمر هاشم إلى أن حادثة شق الصدر التي وقعت للنبي ﷺ أربع مرات كانت تطهيرًا إلهيًا وإعدادًا لحمل الرسالة، حيث نزل الملك، فشق صدره، واستخرج العلقة التي هي حظ الشيطان، وملأ قلبه حكمةً ورحمة، وكانت هذه الحادثة الأولى في صغره أثناء وجوده في بني سعد، ثم تكررت وهو في العاشرة من عمره، ثم عند نزول الوحي عليه، وأخيرًا في رحلة الإسراء والمعراج، ليكون مستعدًا للقاء ربه في السماوات العلى. 

وأكد الدكتور أحمد عمر هاشم أن الله سبحانه وتعالى قد تكفل برعاية نبيه ﷺ منذ ولادته وحتى وفاته، وكان في كل لحظة من حياته مشمولًا بعناية الله، كما قال تعالى: "والضحى وما ودعك ربك وما قلى  وللآخرة خير لك من الأولى  ولسوف يعطيك ربك فترضى". 

وأضاف أن هذا اليوم العظيم كان بدايةً للرحمة التي أُرسِل بها النبي ﷺ للعالمين، ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، وليكون كما وصفه الله في كتابه العزيز: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين".

مقالات مشابهة

  • أحمد عمر هاشم: الصلاة فُرضت من فوق سبع سماوات
  • جورج سيدهم وصفه بـمزيكة الحي الكروي.. مصطفى يونس يرد بكلمات مؤثرة
  • أحمد عمر هاشم: شق صدر النبي حدثت 4 مرات
  • شاهد| لعبة الخريس تحرق مركبة في الأردن
  • توفير 289 ألف رأس من الحيوانات الحيّة لتلبية احتياجات المستهلكين
  • الأطباق الرمضانية بجازان.. فرحة تملأ البيوت في ليالي رمضان
  • كاريكاتير أحمد قدورة
  • مسلسل سيد الناس يتصدر التريند على إكس
  • رمضان عند الأدباء.. كيف يرى أحمد شوقي الصيام؟
  • تشكيل مودرن سبورت أمام الزمالك في كأس مصر