السلطة السورية الجديدة وضغوط الخارج
تاريخ النشر: 29th, December 2024 GMT
شهدت الأيام القليلة الماضية زيادة في زخم الحراك السياسي الإقليمي والدولي بشأن الوضع في سوريا، وذلك بعد هروب بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول الجاري، وسقوط النظام الأسدي، حيث وصلت عدة وفود دولية إلى دمشق من أجل نسج علاقات مع الإدارة الجديدة للبلاد، والبحث في العديد من الملفات المتعلقة بشكل الحكم وتركيبته، والعلاقة مع دول الجوار، ومع باقي دول العالم، وكيفية تحقيق الأمن والاستقرار وسوى ذلك.
كانت تركيا أولى الدول التي تواصلت بشكل مباشر مع السلطات الجديدة، فأرسلت إلى العاصمة دمشق وفدًا يضم كلًا من وزير الخارجية هاكان فيدان ورئيس جهاز استخباراتها إبراهيم كالن، والتقيا بالقائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، الذي قاد سيارة برفقة كالن إلى الجامع الأموي.
وسبق أن وعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في سبتمبر/ أيلول من عام 2012 بالصلاة في هذا الجامع، وأن يقرأ سورة الفاتحة فوق قبر صلاح الدين الأيوبي. ويمكن القول إن الطريق بات ممهدًا له كي يحقق وعده في أحد الأيام المقبلة.
ليس خافيًا أن الوضع في سوريا تعتبره الطبقة السياسية في تركيا مسألة وطنية، بالنظر إلى تشارك الدولتين بحوالي 950 كيلومترًا من الحدود بينهما، إلى جانب العلاقات التاريخية والثقافية بين البلدين الجارين، والقلق التركي من إمكانية قيام كيان انفصالي في مناطق شرقي نهر الفرات التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، ومخرجاته المدنية ممثلة بمجلس سوريا الديمقراطي (مسد)، والعسكرية ممثلة بوحدات حماية الشعب الكردية التي تشكل عماد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، حيث تعتبر تركيا أن هذه المكونات هي الذراع السورية لحزب العمال الكردستاني الذي تخوض ضده حربًا منذ ثمانينيات القرن العشرين الماضي.
إعلانتتمحور مواقف تركيا وأولوياتها، في علاقتها مع السلطات السورية الجديدة، حول مطالبتها بتشكيل حكومة جامعة، بما يعني عدم استبعاد الهيئات السياسية المقربة منها، وفصائل ما يسمى "الجيش الوطني" المدعومة من طرفها، ومكافحة الإرهاب، والمقصود به عدم السماح باستمرار سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ومخرجاته على مناطق في شرقي الفرات، إضافة إلى استعداد أنقرة للمساهمة في إعادة إعمار ما تهدم في سوريا خلال السنوات السابقة.
وقد وعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بمساعدة الشعب السوري في تحقيق الاستقرار، واعتبر أن بلاده تتطلع بصدق إلى بناء سوريا خالية من الإرهاب، يعيش فيها جميع الأديان والمذاهب والإثنيات بسلام جنبًا إلى جنب.
الحراك الإقليمي والدوليسارعت لجنة الاتصال الوزارية العربية، التي تضم الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، إلى عقد اجتماعات في مدينة العقبة الأردنية في 14 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، وبحضور وزراء خارجية قطر، والإمارات، والبحرين، وتركيا، وشارك فيها ممثلون عن ألمانيا، وفرنسا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، بالإضافة إلى الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، والمبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون.
وأصدرت اللجنة بيانًا شددت فيه على الحاجة إلى انتقالٍ سياسي جامع وموثوق بقيادة السوريين، ويقرره السوريون، ومبنيٍّ على المبادئ الواردة في قرار مجلس الأمن رقم 2254.
المؤسف أن ما جاء في بيان العقبة هو أقرب إلى الاشتراطات على السلطة الجديدة، مع تشكيك ضمني حيالها، في حين أن المطلوب من الدول العربية على وجه الخصوص الالتفات إلى ما عاناه السوريون خلال أكثر من 13 عامًا خلت من نظام الأسد، وفتح المجال سريعًا لإيصال المعونات الإنسانية للسوريين، ومساعدتهم في تحقيق انتقال سلس للسلطة، وإعادة إعمار ما هدمه نظام الأسد، إضافة إلى أن البيان لم يقل كلمة واحدة عن محاسبة الذين ارتكبوا المجازر والجرائم بحق السوريين، وضرورة تسليمهم للعدالة.
إعلانمن جهتهم، ركز معظم قادة الدول الغربية، منذ الأيام الأولى لفرار بشار الأسد، على ضرورة إجراء عملية انتقالية سياسية جامعة، وتمثل جميع المكونات، إضافة لحماية الأقليات وضمان حقوق المرأة، ومكافحة الإرهاب.
وهناك إجماع لدى معظم ساسة الدول الغربية، وأيضًا في الأوساط الأكاديمية والإعلامية، على أن علاقات الغرب مع سوريا بعد سقوط نظام الأسد تحددها مجموعة عوامل.
وأسهم سقوط هذا النظام في إنهاء مرحلة ساد فيها ستاتيكو، نهض على إضعاف النظام وعزله وفرض عقوبات عليه، كي يذعن للانخراط في حل سياسي. وساهم إسقاط النظام في تلقي إيران وحلفائها في المنطقة ضربة قوية تضاف إلى الضربات الكبيرة الأخرى، حيث أفضى إلى تغيير توازن القوى وقواعد اللعبة في منطقة الشرق الأوسط، وإعادة ترتيب خارطتها بما يتناسب من زيادة نفوذ الولايات المتحدة الأميركية، وتحقيق أهدافها السياسية والاقتصادية فيها.
ومع ذلك فإن المرحلة المقبلة في الشرق الأوسط لن تكون سلسة وطيّعة، لذلك لجأت الإدارة الأميركية إلى إجراء اتصالات مباشرة مع "هيئة تحرير الشام"، على الرغم من أنها ما تزال تصنفها منظمة إرهابية، وهو أمر تحتاجه هيئة تحرير الشام بالنظر إلى سعيها للحصول على اعتراف دولي، يمنحها شرعية خارجية لحكم سوريا في المرحلة المقبلة.
أما الحراك الأوروبي، فلم يتأخر بدوره، إذ أرسلت كل من فرنسا، وبريطانيا، والاتحاد الأوروبي، وفودًا إلى دمشق، وتم رفع العلم الفرنسي على السفارة الفرنسية بدمشق للمرة الأولى منذ 12 عامًا.
الضغوط والاشتراطاتركّز المسؤولون الغربيون على مطالب، أو بالأحرى شروط، تتمحور حول ضرورة إشراك كل مكونات المجتمع السوري في مفاصل الحكم، الذي يتوجب عليه ألا يستثني أحدًا، مع احترام حقوق الأقليات، وضمان عدم تحول سوريا إلى ساحة للتنظيمات الإرهابية، وجرى ربط الرفع التدريجي للعقوبات الغربية المفروضة على سوريا، ورفع اسم هيئة تحرير الشام من قائمة المنظمات الإرهابية، بمدى التقدم الفعلي في تحقيق هذه الشروط.
إعلانكما رُبط ذلك أيضًا بمساهمة الدول الغربية بإعادة الإعمار. لكن الحضور الأميركي اللافت والتواصل المباشر، يعكس حرص الولايات المتحدة على عدم إضاعة الفرصة، التي تمكنها من حصد المكاسب والمنافع مما تحقق في سوريا، ورسم خارطة جديدة لمستقبل علاقات الولايات المتحدة مع سوريا بعد انتهاء مرحلة النفوذ الروسي.
يبقى أن مشهد علاقات الولايات المتحدة الأميركية مع سوريا تشوبه علاقتها مع القوى المسيطرة على مناطق شرقي الفرات، التي تتداخل مع عدم رغبتها في تسليم كل الملف السوري إلى تركيا، وميلها إلى تخفيف حدة الاندفاعة التركية، الساعية إلى تعزيز نفوذها في سوريا.
ولعل مستقبل علاقات الولايات المتحدة وسوريا الجديدة، مرتبط بمدى الرغبة الأميركية الحقيقية برؤية لوحدة التراب السوري وسيادة الدولة الجديدة، خاصة أن الإدارات السابقة لم تكترث بذلك، بل ساهمت في تفتيت سوريا، وفي الحفاظ على حالة التقسيم الفعلي إلى مناطق نفوذ لقوى أمر الواقع الداخلية المدعومة من قوى خارجية مختلفة.
تطلّع السوريينيتطلع السوريون بعد خلاصهم من نظام الأسد إلى الخلاص أيضًا من قوى الوصاية الخارجية، كي يتمكنوا من بناء جمهورية جديدة، لا يكونون فيها خارج المعادلات السياسية، ولا تتحكم بهم القوى الإقليمية والدولية التي لا تنظر إلا إلى حساباتها ومصالحها.
وعلى السلطة الجديدة إدراك أنها باتت تسير في حقول إلغام، لذلك يتوجب عليها الحذر الشديد، والموازنة بين الاعتماد على الداخل بغية تقوية نفسها بالاستناد إلى بيتها الداخلي؛ لمواجهة اشتراطات الخارج ومطامع قواه، وذلك عبر تلبية كل ما له علاقة بإشراك المجتمع السوري واحترام حقوق ناسه.
المشكلة في الضغوط الغربية أنها تطالب السلطات الجديدة بما عجزت عن تحقيقه دول الغرب مع نظام الأسد طوال عقود عديدة، إضافة إلى أن اشتراطاتها تخفي تركيزها على أمن إسرائيل، وتأمين مصالحها على حساب الأرض السورية والسوريين.
إعلانفضلًا عن أنه لم يتحدث أحد من المسؤولين الغربيين عن المواطنة ودولة المواطنة والمساواة في سوريا، مقابل تركيزهم الفج على الأقليات وحقوقها، والتعامل مع سوريا وكأنها دولة أقليات، الأمر يكشف عن عقلية خاصة لديهم لا تفترق عن عقلية استعمارية لها تاريخ طويل، يمتد إلى المسألة الشرقية.
يتعامى المسؤولون الغربيون عن تطلعات السوريين حين يطرحون اشتراطاتهم، ولا يعيرون أي اهتمام إلى حالة سوريا المنهكة والمدمرة، وحاجتها إلى مدّ يد العون والمساعدة في بناء ما تهدم، وإلى بذل جهود كبيرة للعمل على تمتين النسيج الاجتماعي الداخلي المتهتك، وتوفير الأمن والخدمات للناس، والعمل على تطوير الاقتصاد.
ويعي السوريون أنهم بحاجة إلى كسب مزيد من الداعمين لبلادهم في العالم وفي منطقتهم، لذلك فالمطلوب من القادة الجدد ممارسة السياسة بدقة وحصافة، وإتاحة المجال أمام جميع القوى الحية في المجتمع السوري من أجل بناء الدولة، وفتح الفضاء العام أمامهم للنقاش وتدارس أوضاعهم؛ بغية التعاون لإيجاد الحلول المطلوبة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة نظام الأسد إضافة إلى فی سوریا مع سوریا
إقرأ أيضاً:
أبرزها الأموال المهربة.. 5 ملفات اقتصادية كبرى على طاولة الإدارة الجديدة في سوريا
بعد أكثر من عقد من الصراع المدمر، وسقوط بشار الأسد، أصبحت سوريا أمام تحديات كبيرة فيما يخص بنيتها التحتية التي دمرتها الحرب، حيث تعاني من تدهور في قطاعاتها الرئيسية مثل الزراعة والصناعة والتعليم والصحة والطاقة، ومن المتوقع أن تستغرق إعادة بنائها أكثر من 10 سنوات، بحسب الخبراء.
ونسلط بهذا التقرير الضوء على 5 ملفات اقتصادية رئيسية تواجه الحكم الجديد في سوريا، أبرزها الأموال المنهوبة وتلك التي أخذها الأسد معه، ومصير العملة المحلية، والديون المتراكمة على البلاد، وتكلفة إعادة الإعمار، وتأثير العقوبات التي خلفها النظام المخلوع على كاهل السوريين.
الأموال المهربةتتضارب الأرقام بشأن حجم الثروة التي أخذها الأسد معه قبل هروبه إلى روسيا، بين مئات الملايين ومليارات الدولارات، فبحسب تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية فإن المركزي السوري في عهد بشار نقل نحو 250 مليون دولار نقدا إلى موسكو خلال عامين عندما كان آنذاك مدينا للكرملين مقابل الدعم العسكري وكان أقاربه يشترون أصولا في روسيا سرا.
وكشفت الصحيفة عن سجلات تُظهر أن نظام الأسد نقل أوراقا نقدية جوا تزن ما يقرب من طنين من فئة 100 دولار و500 يورو إلى مطار فنوكوفو في موسكو لإيداعها في البنوك الروسية الخاضعة للعقوبات بين عامي 2018 و2019.
إعلانكما ذكرت الصحيفة أن عائلة الأسد تمتلك ما لا يقل عن 18 شقة فاخرة في موسكو، وأشارت إلى أن أفراد العائلة الممتدة كانوا يشترون الكثير من الأصول في روسيا بين عامي 2018 و2019.
ووفق تقديرات صندوق النقد الدولي وبنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي، بلغت احتياطات سوريا من الدولار عام 2010 قبل اندلاع الثورة نحو 18.5 مليار دولار، كما ذكر مجلس الذهب العالمي أن سوريا كانت تمتلك نحو 25 طنًا من المعدن النفيس في يونيو/حزيران 2011.
ويقول الإعلامي والمحلل السوري عدنان عبد الرزاق إن الأسد نقل -الأيام العشر الأخيرة قبل هروبه- كميات طائلة من الذهب والدولارات، ويضيف للجزيرة نت أن عائلة الأسد تمتلك ثروات كبيرة، سواء في المصارف السويسرية أو حول العالم، والآن بدأت تكشف حجم العقارات وحجم الأموال المنهوبة.
قيمة العملةوعن وضع العملة السورية وآفاقها المستقبلية، يقول عبد الرزاق إنها ترتبط بعوامل اقتصادية ونفسية وسياسية، أبرزها الاطمئنان للاستقرار السياسي، مشيرا إلى أن الليرة السورية تحسنت بشكل مباشر ليلة سقوط الأسد.
وأضاف أن ثبات سعر الصرف يتوقف على عوامل كثيرة أهمها حجم الصادرات، وبالتالي الإنتاج، مما يعود على البلاد بالعملة الصعبة، ويعني توازن المعروض بين العمل المحلية والعملات الأجنبية.
وكان وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال باسل عبد الحنان قد تحدث للجزيرة نت -في وقت سابق- عن خطة إنقاذ الليرة من الانهيار، وقال إن الهدف الرئيسي أولا تثبيت سعر الصرف من أجل استقرار الأسواق وتحريك عجلة التبادل التجاري.
وأضاف أنه في المستقبل، ومع تحرك عجلة الإنتاج والبدء بالتصدير، سيكون ثمة خطوات ترفع من قيمة الليرة، لكن الواقع الحالي يحتاج إلى جهود كبيرة بالإضافة إلى تضافر جميع الجهود.
وأوضح أن العامل الأهم لتقوية الليرة هو الإنتاج والتصدير لإدخال عملة صعبة وزيادة الاحتياط النقدي منها، وبالتالي ازدياد قوة العملة، فضلًا عن تحقيق استقرار في سعر الصرف لاستقرار حركة التداول التجاري والنقدي.
إعلانأما أستاذ الإدارة المالية بجامعة باشاك شهير التركية فراس شعبو فيتوقع أن يأخذ ملف تعافي الليرة بعض الوقت، وقال في تصريحات للجزيرة نت إن "العملة هي مرآة للاقتصاد" وقيمة الليرة متردية بشكل كبير وقد تتعرض للانخفاض مستقبلا.
ولكن شعبو متفائل بنهوض العملة السورية ويربطه بالقدرة على تنشيط الاقتصاد وإعادة الثقة بمؤسسات الدولة والنهوض بالناتج المحلي الإجمالي الذي كان يبلغ 61.3 مليار دولار عام 2010 وتراجع إلى 7.4 مليارات عام 2023.
وقال للجزيرة نت "على حكومة تصريف الأعمال في سوريا إعادة الثقة بالاقتصاد عبر تحقيق استقرار نقدي وسياسي، وإعطاء حرية للقطاع الخاص وإيجاد قوانين تضمن حقوقه".
بدوره، يتوقع الباحث الاقتصادي في مركز أبعاد للدراسات خالد التركاوي ألا تكون هناك تعديلات كبيرة على سعر الليرة، ما لم تكن هناك تغيرات كبيرة في القضايا السياسية والأمنية.
ويعتقد التركاوي أن سوريا مقبلة على مرحلة من الاستقرار، وبالتالي ستتبع الليرة هذا الاستقرار، مؤكدا أن القوة تكمن في الاستقرار وليس ارتفاع أو انخفاض العملة.
الديونيقول الباحث فايز أبو عيد إن الرئيس المخلوع ترك سوريا ممزقة، ومثقلة بالديون وفي حالة انهيار اقتصادي تام، ووفقاً للتقرير السنوي الذي أصدرته مجموعة البنك الدولي عام 2022، فإن حجم الديون الخارجية المترتبة على سوريا بلغت 5 مليارات دولار نهاية 2021 ارتفاعاً من 4.8 مليارات عام 2020.
أما شعبو فيشير إلى أن ديون سوريا تشمل أيضا مليارات الدولارات المستحقة لكل من روسيا وإيران، والتي تضاربت الأرقام بشأنها إلى حد 100 مليار دولار، لافتا بهذا الصدد إلى "الديون الكريهة" وهو مصطلح اقتصادي يستخدم عند قيام الدولة بأخذ قروض واستخدامها في قتل شعبها وفي ممارسات غير شرعية.
إعادة الإعمارتحتاج سوريا للكثير بعد الدمار الذي تعرضت له في العقود الماضية، فوفقا للمصرف المركزي انكمش الاقتصاد بنسبة 85% منذ بداية الحرب عام 2011.
إعلانوبحسب الوزير عبد الحنان فإن العديد من المنظمات المحلية والدولية أرسلت مندوبين لها إلى سوريا لوضع خطط وتقييم احتياجات وأولويات من أجل إعادة الإعمار، وأن هناك تواصلا مع الجهات الدولية المعنية من أجل تسريع هذا الأمر وتنظيمه بشكل صحيح، مؤكدا أنه لا يمكن توقع زمن محدد لإعادة الإعمار قبل تقييم الاحتياجات.
وفيما يتعلق بتكلفة إعادة الإعمار، تراوحت التقديرات ما بين 200 و400 مليار دولار، وعنها يقول الباحث الاقتصادي تركاوي إن الأمر يتطلب تحديد الهدف الأساسي، سواء كان ترتيب البنية التحتية أو إعادة بناء المدن المدمرة بالكامل، فقد يستغرق ذلك حوالي 10 سنوات.
وأضاف للجزيرة نت أن الهدف يشمل إعادة بناء المدن التي تعرضت للدمار الكامل، مثل مدينة حمص القديمة التي تضررت بنسبة 70% بين عامي 2011 و2014، وينطبق الأمر على مناطق أخرى مثل شرق حلب، ريف دمشق، ودرعا.
أما الإعلامي عبد الرزاق فيشدد على ضرورة تحديد حجم الدمار أولا، ومن ثم البحث في تكاليف إعادة الاعمار، مشيرا إلى أن التقديرات الدولية تتحدث عن 400 مليار دولار.
العقوباتمع اندلاع الثورة عام 2011 وتصاعد المواجهة بين المحتجين ونظام الأسد واستخدام القمع، بدأت الولايات المتحدة وجهات أوروبية وعربية بإصدار عقوبات على النظام.
وتوسعت العقوبات وتعددت أشكالها ونطاق عملها على مر الأعوام، وكان من أبرزها "قانون قيصر" الذي سنته الولايات المتحدة وبدأ العمل به عام 2020، و"قانون مكافحة الكبتاغون" 1 و2.
وكان الهدف من العقوبات الغربية المختلفة ضد نظام البعث هو وقف عنف النظام في البلاد والتحول إلى عملية الإصلاح، خاصة في ضوء الحرب الأهلية، والعنف ضد المدنيين، وانتهاكات حقوق الإنسان، وجرائم الحرب، ودعم المنظمات الإرهابية.
ولكن هذه العقوبات -التي سعت لإضعاف نظام عائلة الأسد ومعاقبته- خلفت أيضا عبئا كبيرا على الشعب السوري، لذلك فمن المتوقع أن يعجل رفعها بعد سقوط النظام عملية الانتعاش الاقتصادي ويساعد على تنميتها.
إعلانوتحرص الإدارة السورية الجديدة على إقناع العالم برفع العقوبات المفروضة، لتمكين الجهات الراغبة في الاستثمار بالبلاد والتي تحتاج مبالغ طائلة لإعادة إعمارها وتوفير حاجيات كثيرة يفتقدها السكان.
ويقول وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال إن تأثير العقوبات المفروضة على بلاده كبير، خاصة على إعادة الإعمار لأنها تتطلب استثمارات في البنى التحتية بقطاع توليد الكهرباء والمياه والصناعات المتقدمة، مضيفا أن هذه القطاعات تحتاج دخول شركات قوية في حين أن العقوبات تعيق دخول هذه الشركات من أجل إعادة الإعمار.
وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان قد طالبت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى رفع العقوبات الاقتصادية بعد إسقاط نظام الأسد، لتمكين السوريين من النهوض ببلادهم، مع الإبقاء على العقوبات الفردية التي تستهدف الأفراد المرتبطين بانتهاكات لحقوق الإنسان.