أزمة غاز تهدد أوروبا بشتاء قاس.. أسعار مرتفعة ومخزون منخفض
تاريخ النشر: 29th, December 2024 GMT
سلط موقع "إنسايد أوفر" الضوء على أزمة الغاز في أوروبا بنهاية سنة 2024 مع انخفاض المخزونات وارتفاع الأسعار ما يهدد أمن الإمدادات في القارة في ظل شتاء قاسٍ.
وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن مخزونات الغاز الأوروبية سجلت في نهاية 2024 معدلات حرجة مما يهدد بتقويض النتائج الجيدة لسنة 2023 وذلك فيما يتعلق بقدرة الدول على الحفاظ على الاحتياطيات الاستراتيجية، وبالأخص ضمان أمن الإمدادات.
الغاز الأوروبي وانخفاض في المخزونات
وأوضح الموقع أن بيانات شهري تشرين الثاني/ نوفمبر وكانون الأول/ ديسمبر تشير إلى أن مخزونات الطاقة تتلاشى بوتيرة هي الأعلى منذ أزمة 2021-2022، حيث تضاعفت تداعياتها أولا بسبب موجة التضخم الطويلة والاندفاع نحو ملء المخزونات، ثم بالصدمة الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا.
وحسب منظمة "غاز إنفراستركشر يوروب"، فإنه من نسبة امتلاء بلغت 95 بالمئة، وهي الذروة التي تم الوصول إليها في نهاية أيلول/ سبتمبر، استُهلكت نحو 20 بالمئة من مخزونات الغاز الطبيعي المتاح بسبب انخفاض درجات الحرارة وتقليص إمدادات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا في النصف الثاني من سنة 2024. ونسبة الامتلاء التي تصل إلى 75 بالمئة لمخزونات الغاز في نهاية سنة 2024 تجعل البيانات متوافقة مع متوسطات العقد الأخير بالنسبة لأوروبا، مع الفارق الكبير الآن وهو عدم توفر إمدادات صلبة ومستدامة من الغاز الروسي عبر الأنابيب لضمان استمرارية التوريد.
أزمة الغاز والمعركة الطاقية لأوروبا
يبدو أن الاعتماد على المخزونات المستقرة في المستقبل سيصبح العامل الأساسي للحفاظ على دفء أوروبا، بدلا من الاعتماد على استيراد الغاز من خارج الاتحاد الأوروبي في الأوقات الحرجة. خلال فصل الشتاء، تزداد فترات "دنكلفلاوت"، وهي الأيام التي تعجز فيها مصادر الطاقة المتجددة، كالشمس والرياح، عن توفير كميات كافية من الطاقة، مما يزيد من الضغط على المخزونات، خاصة خلال أكثر أيام الشتاء برودة.
وأكد الموقع أن أوروبا شهدت انقطاع إمدادات الغاز الروسي وبداية لعبة شدّ الحبل الطاقية مع موسكو، وتخريب البنية التحتية لنورد ستريم، وأخيرا التحدي بين أوكرانيا والدول التي تواصل استيراد الذهب الأزرق من موسكو (هنغاريا، سلوفاكيا، النمسا) مع التهديد بإنهاء عبور المادة الخام عبر أراضيها والمستوردة من روسيا.
في هذه الأثناء، اعتمدت أوروبا على أطراف مثل الولايات المتحدة وقطر لاستيراد الغاز الطبيعي المسال الباهظ الثمن، مما أدى إلى زيادة تكلفة الطاقة، ولم يتم حل الهشاشة الكامنة في العلاقة مع روسيا. والآن، أصبحت أوروبا تحت رحمة السياسات البيئية التي اقترحها جو بايدن في الولايات المتحدة، والتي قللت من تصدير الهيدروكربونات، بالإضافة إلى تهديدات الدوحة بوقف الإمدادات إذا فُرضت على شركاتها لوائح تتعلق بالاستدامة وحقوق الإنسان للعمل في أوروبا.
وأوضح الموقع أن التناقض في أجندة الطاقة الأوروبية يكمن في أن الخطاب الرسمي يتحدّث عن فك الارتباط مع موسكو، بينما الحقيقة تشير إلى أن جزءا من الغاز الذي توقف عن الوصول عبر الأنابيب لا يزال يصل من روسيا، ولكن على هيئة غاز طبيعي مسال، بتكلفة أعلى بكثير.
الغاز الروسي لا يزال يصل إلى أوروبا
ونظرا لأن الغاز الطبيعي المسال يُباع عبر عقود فورية يتم التفاوض عليها بشكل يومي بين الشركات، فإن شحنات السفن الروسية لها بميزة تنافسية بفضل تكلفتها المنخفضة نسبيا، الناتجة عن قرب المسافة التي تقطعها. هذا الأمر يضعف الهيمنة الأمريكية في هذا القطاع ويجعل موسكو تحتل المرتبة الثانية بين الموردين بعد واشنطن.
وتشير تقديرات مركز الأبحاث "بروغيل" إلى أن واردات أوروبا من الغاز الطبيعي المسال الروسي قد زادت بنسبة 23 بالمئة في سنة 2024 لتصل إلى 21 مليار متر مكعب. ويذكر موقع "يوروبين غاز هاب" أن محطة الغاز الطبيعي المسال يامال، الواقعة في القطب الشمالي الروسي على بحر كارا، تسهم بنسبة 18 بالمئة من الطلب الأوروبي، حيث تغطي 78 بالمئة من سوقها المستهدف.
وفي سنة 2024، كانت أعمالها "مدعومة بشكل رئيسي بزيادة الشحنات إلى فرنسا، إسبانيا، بلجيكا، وهولندا، التي تمثل مجتمعة أكثر من 90 بالمئة من إجمالي واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز الطبيعي المسال في سنة 2024". وعلى وجه الخصوص، "زادت فرنسا وحدها وارداتها من الغاز الطبيعي المسال الروسي بنسبة 80 بالمئة (أو 4 مليارات متر مكعب) مقارنة بسنة 2023، مما يجعلها أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال الروسي في الاتحاد الأوروبي".
منذ بداية تشرين الثاني/ نوفمبر وحتى اليوم، ارتفع سعر الغاز الأوروبي في بورصة أمستردام بنسبة 15 بالمئة من 40 إلى 46 دولارا لكل ميغاواط ساعة. ومع أن الذروة البالغة 300 يورو/ميغاواط ساعة خلال قمة الأزمة الطاقية في صيف 2022 أصبحت بعيدة، إلا أنه إذا نظرنا إلى أسعار ما قبل جائحة كوفيد-19 التي كانت تتراوح بثبات بين 15 و20 يورو/ميغاواط ساعة نفهم مدى كلفة وثقل "الوضع الطبيعي الجديد" على أوروبا التي تواجه فاتورة طاقية ثقيلة.
ومع انخفاض المخزونات، سيكون من المكلف بنفس القدر إعادة بنائها في العام المقبل، مما يزيد من ثراء أطراف خارجية عن الكتلة، بما في ذلك الدولة المزعجة، روسيا، التي لا تزال تستغل برد أوروبا كمصدر دخل - وإن بدرجة أقل من الماضي.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الغاز أوروبا شتاء روسيا روسيا أوروبا غاز شتاء صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الغاز الطبیعی المسال بالمئة من من الغاز سنة 2024
إقرأ أيضاً:
ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا واستعداد لسيناريو «وقف الإمدادات عبر أوكرانيا»
ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا خلال العام الحالي بنحو 45%، ومما يزيد الأعباء على المستهلكين والشركات الذين يحاولون التعافي من أسوأ أزمة نفقات معيشة منذ عقود، مع احتمال توقف ضخ المزيد من الغاز الروسي مع بداية العام 2025.
وأشارت وكالة “بلومبيرغ” إلى وجود زيادة بالفعل في أسعار العقود الآجلة للعام المقبل، وهو ما يمثل إشارة قوية إلى أن الأسعار قد تظل مرتفعة لفترة أطول.
ويفيد بعض المتعاملين بأن توقف ضخ الغاز من روسيا يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بنحو 10 يورو لكل ميغاوات/ساعة مقارنة بالأسعار في حال استمرار الضخ كالمعتاد.
يذكر أن نحو نصف صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا تمر عبر أوكرانيا من خلال اتفاق للنقل مدته 5 سنوات، وسينتهي بنهاية الشهر الحالي.
وينتهي الاتفاق المبرم عام 2019 بشأن نقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا في 31 ديسمبر 2024، وقد ذكرت كييف أنها لا تخطط لتجديده. وفي الأسبوع الماضي، رفض فلاديمير زيلينسكي أيضا إمكانية نقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا بعد 31 ديسمبر، حتى لو تم شراؤه من قبل دول ثالثة.
ويعد فقدان أحد آخر الطرق المتبقية لنقل الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب من شأنه أن يفرض المزيد من الضغوط على سوق الغاز التي تعاني من نقص المعروض بالفعل ويدفع الأسعار العالمية إلى الارتفاع، وفقا لمحللي شركة “إنيرجي أسبكتس” المحدودة في مذكرة صدرت هذا الشهر.
وفي الـ 26 من ديسمبر 2024، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال محادثة مع الصحافة عقب قمة رابطة الدول المستقلة، “إن أوكرانيا تعاقب أوروبا من خلال عدم تجديد عقد توريد الغاز الروسي، موضحا أن موسكو مستعدة لتزويد الاتحاد الأوروبي بالغاز عبر بولندا”.
وقال بوتين “إنهم يستغلون أوروبا لأنه بدون الدعم الأوروبي، فإن أوكرانيا لا تستطيع عمل أي شيء إنهم الآن يعاقبون أوروبا من خلال عدم تجديد عقد توريد الغاز وعقود العبور إلى أوروبا، الأمر ليس سهلا بالنسبة لهم، لقد ارتفع سعر الغاز بالفعل بمقدار 500 دولار لكل ألف متر مكعب، ولا يوجد عقد، ولن يتم إبرامه خلال ثلاثة أو أربعة أيام، وسترتفع الأسعار هناك مرة أخرى الآن.. هذه هي سياستهم”.
وفي الوقت نفسه فإن مخزونات الغاز الاحتياطية في أوروبا تتراجع بوتيرة أسرع من المعتاد بسبب فترة الطقس البارد وضعف الرياح مما يؤدي إلى زيادة استهلاك الطاقة في أغراض التدفئة من ناحية وانخفاض إنتاج محطات طاقة الرياح في القارة من ناحية أخرى.
وزعمت المفوضية الأوروبية، التي تضغط على الاتحاد الأوروبي للتحول إلى مصادر طاقة غير روسية، أن الدول الأوروبية مستعدة لوقف إمدادات الغاز عبر أوكرانيا، على الرغم من مخاوف بعض الدول.
وقالت الممثلة الرسمية للمفوضية الأوروبية آنا كايسا اتكونين: “كان وقف الإمدادات اعتبارا من الأول من يناير وضعا متوقعا، وكان الاتحاد الأوروبي مستعدا له”.
وأضافت أن “المفوضية الأوروبية، بالتنسيق مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، تعمل بشكل خاص منذ أكثر من عام للتحضير لسيناريو وقف إمدادات الغاز الروسي عبر أوكرانيا اعتبارا من 1 يناير 2025 لتأمين إمدادات بديلة للدول الأعضاء المتضررة”.
ودعا رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيتسو الاتحاد الأوروبي إلى أن يأخذ بعين الاعتبار قرار أوكرانيا بوقف نقل الغاز عبر أراضيها، واصفا الوضع بأنه “غير مسبوق”.
ويتوقع خبراء أن يؤدي وقف تدفق الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار الغاز في الأسواق الأوروبية، فيما طالبت شركات أوروبية المفوضية الأوروبية بإيجاد حل لاستمرار تدفق الغاز الروسي عبر أوكرانيا.