ديوان العرب: كتاب باللغة الألمانية للمستعرب شتيفان فايدنير
تاريخ النشر: 29th, December 2024 GMT
في قاعة مكتبة الدولة في العاصمة برلين ووسط حضور كبير من المهتمين في الثقافة العربية وأدبها ومن طلبة الجامعات، قدم المترجم والمستعرب شتيفان فايدنير كتابه باللغة الألمانية "ديوان العرب. أجمل أشعار ما قبل الإسلامDer arabische Diwan. Die schönsten Gedichte aus vorislamischer Zeit." كما قامت المكتبة بعرض مخطوطات من الشعر العربي من القرنين السادس والسابع عشر.
ودعا مدير المكتبة الباحثين والباحثات لمزيد من العمل والبحث في المخطوطات العربية التي تحتويها مكتبة الدولة في برلين.
يعتبر هذا العمل الأول من نوعه باللغة الألمانية. فقد قام شتيفان فايدنير، مترجم محمود درويش وأدونيس وابن عربي وغيرهم، بترجمة ألف بيت من الشعر لشعراء ما قبل الإسلام إلى اللغة الألمانية بدء بامرؤ القيس مروراً بعلقمة وعنترة والسموأل وحاتم الطائي وأبي كبير الهذلي وتأبط شراً والشنفري والأعشى وعروة بن الورد والخنساء وابي ذؤيب الهذلي وصولاً إلى شعراء الرومانسية مجنون ليلى وجميل بثينة وعمر بن أبي ربيعة ثم ليلى الأخيليّة حتى ذو الرمة، شاعر الحب والصحراء.
صدر الكتاب بطبعة ممتازة قبل بضعة أسابيع عن احدى دور النشر العريقة في ألمانيا (آوفباو فرلاغAufbau Verlag )، وجاء في خمسة إجزاء ومقدمة مهمة، كتبها المترجم نفسه، وملحق يتضمن المراجع والهوامش، توزعت على 420 صفحة.
قبل 200 عام كان الشعر العربي قبل الاسلام على ألسنة الجميع في أوروبا: فقد أشاد غوته (1749 -1832) بالقصائد العربية القديمة في "ديوان الغرب شرق"، ورأى فيها ”كنوزًا رائعة لا تفنى“. كما استلهم بها بوشكين (1799 - 1837) وفيكتور هوغو (1802 - 1885) وهاينريش هاينه (1797 - 1856) وفريدريش روكيرت (1788 - 1866) الذي ترجم القرآن وتغنى بمعانيه ولغته، كما ترجم في منتصف القرن التاسع عشر مجموعة شعرية مهمة إلى اللغة الألمانية. يقول شتيفان فايدنير بأن مصطلح الأدب الكوني الذي تحدث عنه غوته عام 1827، لم يكن ممكناً دون اكتشاف غوته لآداب الشرق القديم وبشكل أساسي الشعر العربي في ذلك العصر. ويضيف: "نقدم الشعر العربي هنا ليس لكونه عربياً، بل لأنه شعراً كونياً ملهماً بامتياز."
عندما ذاع صيت الشعر العربي القديم في أوروبا، اعتُبر الشعر العربي حينها من عجائب الأدب. وبينما تغنى به غوته وغيره من كبار الأدباء الألمان، فإن منهم من تعلم اللغات الشرقية كي يقترب من الشعر العربي. وهو ما حدا بغوته لتقليد القصيدة العربية شكلاً ومضموناً.
لقد سبقت اللغات الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والإيطالية والروسية اللغةَ الألمانية في نقلها شعر ما قبل الإسلام العربي وأشعار العهد الاموي والعباسي إلى ثقافاتها. ولم يعرف سوى عدد قليل من المطلعين والمهتمين ماهية هذه القصائد في الثقافة الألمانية. لذا لا بد من القول إن شتيفان فايدنير بترجمته لهذه المجموعة الشعرية يقدم للمكتبة الألمانية عملاً أدبياً هاماً، ويعيد اكتشاف الشعر العربي القديم في الثقافة الألمانية، كما أنه يساهم في تعبيد طريق الترجمة من العربية إلى الألمانية شعراً ونثراً. فهو يأخذ القارئ في رحلة مشوقة إلى أصول الشعر، بل الادب العربي برمته.
إن مواضيع القصائد ليست غريبة على المتلقي الألماني، أكان ناقداً أو باحثاً أو مجرد قارئ، فهي تتناول مواضيع كالصداقة، والكرم، والإخلاص، والكرامة الانسانية، والشجاعة، والحب والصحراء، والحزن.
لقد أعاد شتيفان فايدنير هذه القصائد إلى الحياة من جديد في الثقافة الألمانية. فبفضل هذه الترجمة تتكشف أمام أعين القراء بانوراما يسكنها العشاق وسحر الصحراء بجمالها وجميلاتها، والفروسية والفارس، الحب والكراهية، الوفاء والانتقام، الشهامة والجشع، السياسة والرومانسية، النزاع والمصالحة، والعقل والجسد.
كما أنها لم يغب عن المترجم صوت المرأة العربية الشاعرة، كالخنساء، التي ترجم لها عدة قصائد من بينها قولها في رثاء أخيها:
يا عَينِ جودي بِدَمعٍ مِنكِ مِدرارِ جُهدَ العَويلِ كَماءِ الجَدوَلِ الجاري
وَاِبكي أَخاكِ وَلا تَنسَي شَمائِلَهُ وَاِبكي أَخاكِ شُجاعاً غَيرَ خَوّارِ
وَاِبكي أَخاكِ لِأَيتامٍ وَأَرمَلَةٍ وَاِبكي أَخاكِ لِحَقِّ الضَيفِ وَالجارِ
جَمٌّ فَواضِلُهُ تَندى أَنامِلُهُ كَالبَدرِ يَجلو وَلا يَخفى عَلى الساري
رَدّادُ عارِيَةٍ فَكّاكُ عانِيَةٍ كَضَيغَمٍ باسِلٍ لِلقَرنِ هَصّارِ
أما ليلى الأخيليّة، التي اشتهرت في العصر الاموي ببأسها وشهامتها ورصانة شِعرها وبلاغة لغتها، حتى أصبحت المتحدثة باسم قومها. فيصفها فايدنير في كتابه بالدبلوماسية، في حين كان هذا الدور في العادة مقصوراً في زمنها على الرجال. يشير فايدنير إلى أن الكثير من الشعراء القدامى أشادوا بليلى الأخيلية ورأوا فيها شاعرة فاقت أكثر شعراء عصرها، وشهدوا لها بالفصاحة والإبداع. ويجد القارئ أن من الذين أعجبوا بشعرها الفرزدق، وأبو نواس، وأبو تمام، وأبو العلاء المعري.
لقد اتسم شعرها بالهدوء والايمان بالقدر والعمق الفلسفي والتأمل في الوجود. ويتبين من شعرها تأثير البيئة الأموية التي عادت فيها العصبيات القبلية إلى الظهور، وتفاخر الشعراء بقبائلهم كقولها في إحدى القصائد التي نقلها فايدنير إلى الألمانية:
طَرِبْتُ وما هذا بسَاعَةِ مَطْرَبٍ إلى الحي حَلّوا بَيْنَ عاذٍ فجُبْجُبِ
قَدِيماً فأَمْسَتْ دارُهُمْ قَدْ تَلَعَّبَتْ بِها خَرَقاتُ الريحِ من كُلِّ مَلْعَبِ
وكَمْ قَدْ رَأَى رائِيهِمُ وَرَأَيْتُهُ بِها ليَ مِنْ عمٍّ كَرِيمٍ ومِنْ أَبِ
فَوارِسُ مِنْ آلِ النَّفاضَةِ سادَةٌ ومِنْ آلِ كَعْبٍ سُؤْدَدٌ غَيْرُ مُعْقَبِ
وحيٍّ حرِيدٍ قد صَبَحْنا بِغارَةٍ فَلَمْ يُمْسِ بَيْتٌ مِنْهُمُ تَحْتَ كَوْكَبِ
يتميز عمل فايدنير في أنه نقل الشعر العربي القديم بلغة ألمانية حديثة سهلة على المتلقي الألماني، وليست مقصورة على فئة نخبوية من المهتمين بالأدب العربي والمتمكنين من اللغة العربية، مما أضاف لهذا العمل أهمية خاصة. كما قدم شرحاً سلساً لطبيعة القصيدة العربية شكلاً ومضموناً في ذلك العصر، مما يسهل على القارئ فهم السياق الذي أتت به تلك القصيدة.
ولد شتيفان فايدنير، عام 1967، ودرس الدراسات الإسلامية والفلسفة في جامعة غوتنغن وجامعة بون في ألمانيا، ودرس العربية في دمشق. يعمل مؤلفاً ومترجماً وناقداً أدبياً. حصل على جائزة كليمنس برينتانو وجائزة يوهان هاينريش فوس وجائزة الشيخ حمد للترجمة. يعيش فايدنر في مدينة كولونيا وبرلين.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات اللغة الألمانیة الشعر العربی فی الثقافة من الشعر
إقرأ أيضاً:
عشية القمة العربية…. رسالة من “العمل الإسلامي” للقادة العرب
#سواليف
دعا لموقف عربي موحد لرفض مساعي الاحتلال للانقلاب على الاتفاق الذي تم برعاية مصرية قطرية أمريكية وتنصل #العدو_الصهيوني من التزاماته دعا لبناء استراتيجية عربية لدعم #صمود_الشعب_الفلسطيني على أرضه بما يمثل الورقة الأقوى لمواجهة الاحتلال ومخططات التهجير طالب بالتصدي لمحاولات مقايضة ملف الإعمار بسلاح #المقاومة الذي يشكل قوة للشعب الفلسطيني في مواجهة #مخططات_الاحتلالـ أكد ضرورة دعم جهود توافق فلسطيني داخلي لإدارة المرحلة القادمة في غزة على قاعدة أن اليوم التالي للحرب ينبغي أن يكون فلسطينياً
ـ أكد أن #المشروع_الصهيوني الذي يواصل عدوانه في فلسطين ولبنان وسوريا لن يتوانى عن استهداف مختلف الدول العربية لتمرير مخططه التوسعي
رسالة من المكتب التنفيذي لحزب #جبهة_العمل_الإسلامي الى #القادة_العرب عشية #مؤتمر_القمة_العربية
مقالات ذات صلة محلل عسكري: ترامب يقود تحالفا للبلطجية وإسرائيل قد تتعرض للخيانة 2025/03/03بعد أكثر من 500 يوم من حرب الإبادة الجماعية وجرائم الحرب غير المسبوقة التي قام بها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بدعم أمريكي مطلق، أثبت فيها الشعب الفلسطيني تمسكه بخيار الصمود على أرضه وبالمقاومة التي كانت سداً منيعاً أمام تحقيق أهداف العدوان الصهيوني وفي مقدمتها تفريغ قطاع غزة من سكانه وفرض السيطرة العسكرية التامة على القطاع، يسعى الاحتلال مدعوماً بضغوط أمريكية لأن يحقق من خلال المفاوضات والضغوط ما عجز عن تحقيقه بآلة الحرب التي دمرت مقومات الحياة في غزة وأدت لاستشهاد أكثر من 65 ألف شهيد وإصابة 120 ألفاً آخرين وتدمير 80٪ من المنازل والمباني في القطاع.
ويرى الحزب أن هذه المرحلة الحساسة والحرجة في مسار القضية الفلسطينية والعالم العربي أجمع تتطلب من قادة الدول العربية موقفاً حاسماً بعيداً عن الضغوط الأمريكية في التصدي لمخطط التهجير الأمريكي والصهيوني الذي يشكل تصفية للقضية الفلسطينية وتهديداً خطيراً للأردن ومصر وعموم العالم العربي، فالمشروع الصهيوني الذي يواصل عدوانه في فلسطين ولبنان وسوريا لن يتوانى عن استهداف مختلف الدول العربية لتمرير مخططه التوسعي العدواني.
لذا فإننا وفي عشية مؤتمر القمة العربية المقرر غداً نتوجه برسالة لقادة العالم العربي الذي تشكل وحدة موقفهم قوة قادرة على التصدي للضغوط الأمريكية والتهديدات الصهيونية ، ونؤكد على ما يلي :
.١) حق الشعب الفلسطيني باستعادة حقوقه بكل أشكال المقاومة بما فيها المقاومة المسلحة في مواجهة عدوان الكيان الصهيوني الذي لا يعرف سوى لغة القوة ولا يحترم أي معاهدات ويضرب بالقانون الدولي عرض الحائط.
٢) بناء موقف عربي موحد لرفض مساعي الاحتلال للانقلاب على الاتفاق الذي تم برعاية مصرية قطرية أمريكية وتنصل العدو الصهيوني من التزاماته وتهديده المستمر باستئناف الحرب، وقيامه بقطع المساعدات الإنسانية بما يشكل جريمة حرب غير مسبوقة بحق أكثر من مليوني فلسطيني، مع تفعيل قرارات القمة العربية الماضية بكسر الحصار الجائر على قطاع غزة، مع ضرورة وقف كافة أشكال التطبيع التي يرى فيها الاحتلال ضوءً أخضر لممارسة جرائمه وعدوانه.
٣) ضرورة بناء استراتيجية عربية لدعم صمود الشعب الفلسطيني على أرضه بما يمثل الورقة الأقوى لمواجهة الاحتلال ومخططات التهجير مما يتطلب أن تقود الدول العربية عملية إعمار قطاع غزة وتكثيف جهود الإغاثة ومنع استخدام ملف الإعمار والإغاثة كأداة للابتزاز السياسي من قبل الاحتلال، مع مطالبة الاحتلال بالتعويض عما قام به من عمليات التدمير والقصف الهمجي.
٤) التصدي لمحاولات مقايضة ملف الإعمار بسلاح المقاومة الذي يشكل قوة للشعب الفلسطيني في مواجهة مخططات تصفية القضية الفلسطينية وتنفيذ مشاريع التهجير التي في حال نجاحها في غزة لا سمح الله سيتم تنفيذها بحق الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وصولاً إلى فلسطينيي الداخل ، مع ضرورة النظر إلى المقاومة كعنصر قوة فلسطيني وعربي، وأن ثبات وصمود الشعب الفلسطيني هو السبيل الأفعل للجم الاحتلال عن مشاريعه التوسعية نحو المنطقة العربية ومحاولة تمدده فيها وجعل نفسه شرطي المنطقة.
٥) ضرورة دعم جهود توافق فلسطيني داخلي لإدارة المرحلة القادمة في غزة على قاعدة أن اليوم التالي للحرب ينبغي أن يكون يوماً فلسطينياً والبناء على المواقف الإيجابية التي أعلنتها فصائل المقاومة عن استعدادها للتعاطي مع أي خيار يتم الاتفاق عليه فلسطينياً، سواء بتشكيل حكومة توافق وطني من التكنوقراط الخبراء وشخصيات مهنية فلسطينية، أو تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي، التي اقترحتها مصر لإدارة شؤون قطاع غزة.
وستبقى قضية فلسطين هي قضية الأمة المركزية وضمن مسؤولية الدول العربية والإسلامية حتى إزالة الاحتلال الصهيوني الجاثم على صدر الأمة وتطلعاتها للنهوض إلى دورها الريادي بين الأمم
المكتب التنفيذي لحزب جبهة العمل الإسلامي
عمان 3-3-2025