صحيفة التغيير السودانية:
2025-01-01@01:30:05 GMT

سوريا والصراع على الإسلام

تاريخ النشر: 29th, December 2024 GMT

سوريا والصراع على الإسلام

 

سوريا والصراع على الإسلام

عبدالله بن بجاد العتيبي

الواقع السوري الجديد هو حديث الساعة دولياً وإقليمياً، وكما هو نتيجة تراكمات الماضي المعقدة فهو في الوقت نفسه ينسج خيوط المستقبل المتشابكة، ولئن كان نظام الأسد قد نجح في شيء فقد نجح في ضمان أن يبقى مستقبل سوريا من دونه مفتوحاً على خياراتٍ ليست بالضرورة جيدةً.

ما يجري في سوريا اليوم يعبّر عن منطق التاريخ بسقوط نظام «البعث» الطائفي البائد، ولكنه لا يتجاوز ذلك إلى الحاضر فضلاً عن المستقبل، فهذا شأن الشعب السوري الذي لم يزل مغلوباً على أمره، فالمسلحون حين ينتصرون لا يفكرون كثيراً في المدنيين، وهذا حكم «العسكر»، فإذا كانت الآيديولوجيا قائدهم ورائدهم، فهذا حكم «الأصولية»، والحكم «العسكري الأصولي» له نموذج صارخٌ جرى في السودان على مدى ثلاثة عقودٍ، ومن يتابع شأن السودان اليوم يمكنه التنبؤ بمستقبل سوريا إذا تمكن منها الحكم «العسكري الأصولي».

ما الذي يمكن أن يمنع من هذا الحكم «العسكري الأصولي»؟ في الواقع اليوم هو الدولة الإقليمية غير العربية «تركيا» الراعية لهؤلاء العسكر الأصوليين منذ سنواتٍ، وهذا «استعمار» جديدٌ لا يختلف عن الاستعمار البريطاني والفرنسي قديماً، ولا عن تغوّل «الميليشيات الإيرانية» قبل سقوط نظام الأسد، وعرض الحقائق الجيوسياسية كما هي أفضل بما لا يقارن من الصمت والانتظار فضلاً عن التفكير الرغبوي البحت الذي يرسم صوراً ورديةً لسجف الليل القاتم.

السياسيون والدبلوماسيون، والكتَّاب والباحثون، المهتمون بالشأن السوري سياسياً أو اجتماعياً أو اقتصادياً، لن يستطيعوا فهم ما يجري فهماً عميقاً دون اطلاعٍ واضحٍ على «الخطاب الأصولي» المعاصر، آيديولوجيا ومفاهيم، طرائق تفكير وأساليب عمل، جماعاتٍ وتنظيماتٍ، لأنهم دون هذا سيخبطون خبط عشواء في التعامل مع الحدث الضخم.

ليست المشكلة في «الجولاني» أو «أحمد الشرع» الذي أظهر براغماتية عاليةً لا تتناسب مع تاريخه وخطابه، وإنما المشكلة هي في الخطاب السائد لدى أتباعه وشركائه وحلفائه، فهم يردون على «الخرافة» فرادى، ويصدرون عنها شتى، ولهم فيها مشارب متعددة.أحد فروع الخرافات الأصولية هو «أحاديث الفتن والملاحم» أو «أحاديث آخر الزمان»، وهي مزلة أقدامٍ وتيه عقولٍ وضلالة مستحكمة، وفي التاريخ الإسلامي أسقطت دولاً وأقامت أخرى، ونشرت فتناً عمياء وشروراً لا تحصى، ويكفي قراءة تاريخ من ادعوا أنهم «المهدي المنتظر» في شرق العالم الإسلامي وغربه لمعرفة قوة الخرافة حين تستحكم.

تحدث أسامة بن لادن عن «الفسطاطين»، وروّج «تنظيم القاعدة» لأن «الرايات السود» هي حركة «طالبان»، ومن قبل ادعى «جهيمان» أن من معه كان «المهدي المنتظر»، والشواهد كثيرةٌ، واليوم يدور جدلٌ بين الأصوليين حول «الجولاني»، وهل هو «السفياني» الذي سيخرج في آخر الزمان، أو هو «الهاشمي» الذي سيقاتله، و«السفياني» سيخرج في دمشق، و«القحطاني» سيسوق الناس بعصاه، و«المهدي» سيملأ الدنيا، وتأثير الخرافة الملتبسة بالدين شديد الخطورة.

الأصوليون يحتشدون في دمشق، و«الإخوان المسلمون» يبشرون بالعودة بعد عقودٍ من الهروب، والقاعديون ينثرون آيديولوجيتهم من فوق منبر الجامع الأموي، والسلفيون الجهاديون ينازعون الجميع، وغلالة التسامح التي يلبسون رقيقةٌ تشفّ عما تحتها من كل ما يناقض التسامح.

مثل الخوارج قديماً سيتنازع الأصوليون، وستخرج الصقور الأصولية لتفترس الحمائم، ولن يستطيع المحور الإقليمي المنتصر في سوريا ضبط إيقاع الأصوليين مع سيمفونية الزمن، وسيكتفي بضمان ترسيخ مصالحه في الشمال السوري، ويترك الأصوليين يتقاتلون بعيداً عن حدوده.

أما «المناضلون من منازلهم» و«مجاهدو الكيبورد» فقد أخذوا يتوافدون على دمشق زرافاتٍ ووحداناً، ومثل «ميدان التحرير» في مصر قبل عقدٍ ونصف العقد الذي حبب لبعض الصحافيين الصحويين اعتباره محجاً نضالياً يحرمون له بالكوفية الفلسطينية على الأكتاف أصبح «الجامع الأموي» وساحات الشام محجاً لكل ساخطٍ على الدول العربية.

المحلل السياسي يمكنه فهم «الصفقة الكبرى» التي جرت في سوريا، ويمكنه تحليلها بأدواته وتفسير كيف سقط النظام سريعاً في بضعة أيامٍ، ولكن المسلحين الذين صنعوا الحدث وأنصارهم حول العالم لهم رأي آخر يتحدث عن «السفياني» الذي كل «من شاهد رايته انهزم»، وهذان تفسيران لحدثٍ معاصرٍ واحدٍ، فأيهما سيكون الأكثر تأثيراً في قابل الأيام؟

الاحتشاد الأصولي في سوريا مؤشرٌ ذو دلالتين: الأولى، أن الأصوليين مجتمعون لحظة النصر، ولكنهم سيفترقون بعدها، فما الذي يجمع «الإخوان» بـ«السلفيين»، وما الذي يؤلف بين «حزب التحرير» و«تنظيم القاعدة»، والثانية، أن هذا الاجتماع مؤذنٌ بصراعٍ جديدٍ على الإسلام، تمثيلاً وتأويلاً، والإسلام هو «السُّنَّة»، فالصراع سيحتدم على من يمثل «السُّنَّة».

أخيراً، فالبسطاء لا يعرفون قوة الأفكار الهائلة؛ ولذا لا يعنيهم مثل هذا الجدل، ولكن قَدَر الأمم أن تقودها النخب التي تعي هذه القوة، وتحسن التعامل معها.

*نقلا عن الشرق الأوسط

 

الوسومالاخوان المسلمين الجولاني القاعدة سوريا

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الاخوان المسلمين الجولاني القاعدة سوريا

إقرأ أيضاً:

شروط صحة الوضوء.. ما هى؟

الوضوء في الإسلام له شروط أساسية لا يصح إلا بها. ومن المعروف أن الوضوء يتضمن العديد من السنن التي يُثاب المسلم عليها إذا قام بها، بينما لا يُعاقب تاركها،  تبدأ هذه السنن باستخدام السواك وتختتم بالذكر والدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم،  لكن، إلى جانب هذه السنن، هناك شروط أساسية يجب توفرها لصحّة الوضوء، وهي:

الإسلام:
لأن الوضوء عبادة، فإن الإسلام يُعد شرطاً أساسياً لصحة الوضوء. فلا يصح الوضوء من غير المسلم.

حكم الدعاء في رأس السنة: هل يجوز تخصيص دعاء لهذا اليوم؟

التمييز:
يشترط أن يكون المتوضئ مميزاً، أي أن يكون قد بلغ السن الذي يميز فيه بين ما ينفعه وما يضره. وبالتالي، لا يصح الوضوء من المجنون أو الصبي غير المميز.

العلم بفرضية الوضوء:
يجب أن يكون المسلم على علم بأن الوضوء فرض في حالة الحدث الأصغر، بحيث لا يصح الوضوء إذا كان الشخص في شك حول فرضيته أو إذا اعتقد أن أحد فروضه هو سنة.

الطهارة من الحيض والنفاس:
يشترط أن يكون الشخص طاهراً من الحيض والنفاس، لأن هذين الحالتين ينافيان الطهارة ويمنعان صحة الوضوء.

استخدام الماء الطهور:
يجب أن يكون الماء المستخدم في الوضوء طاهراً في ذاته، فلا يصح الوضوء باستخدام ماء ملوث أو نجس.

عدم وجود مانع من وصول الماء إلى البشرة:
إذا كان هناك شيء يعوق وصول الماء إلى البشرة، مثل طبقة سميكة من الطين أو دهن، أو أوساخ تحت الأظافر، فإن الوضوء يكون غير صحيح. لكن الحناء، على الرغم من كونها طبقة على الجلد، لا تمنع الماء من الوصول إلى البشرة.

جريان الماء على العضو:
يشترط أن يصل الماء إلى العضو المطلوب غسله كاملاً، دون وجود ما يمنع ذلك.

النية:
النية شرط أساسي عند بعض المذاهب، مثل المذهب الحنبلي، حيث يشترط أن ينوي المسلم الوضوء لرفع الحدث.

دعاء قدوم العام الجديد 2025: اللهم اجعله عام صلاح وفلاح

دخول الوقت:
يشترط أن يكون الوضوء قد تم بعد دخول وقت الصلاة، خاصة بالنسبة لمن هو دائم الحدث (سواء كان الحدث أصغر أو أكبر). فمثلاً، لا يصح الوضوء قبل دخول وقت الصلاة.

الموالاة:
يقصد بالموالاة التتابع بين أعمال الوضوء أو بين الوضوء والصلاة، خاصة في حالة الشخص دائم الحدث الأصغر أو الأكبر.

خلاصة:
لصحة الوضوء، لا بد من توفر هذه الشروط، التي تشمل الإسلام، التمييز، العلم بفرضية الوضوء، الطهارة من الحيض والنفاس، استخدام الماء الطهور، وعدم وجود ما يمنع وصول الماء إلى البشرة، إضافة إلى جريان الماء على العضو، والنية، ودخول وقت الصلاة، والموالاة في الأعمال.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية لـ نظيره السوري: نأمل انتقال العملية السياسية في سوريا عبر ملكية وطنية خالصة
  • منظمة الهجرة الدولية: الوضع في السودان لا يزال حرجا والصراع والنزوح يشكلان أكبر التحديات
  • الزلزال السوري والهوس بالإسلامية
  • سوريا.. والشرع من البنلادنية إلى الأردوغانية
  • محامية: الأطفال يدفعون ثمن المكايدة والصراع بين والديهم المطلقين
  • خمسون قائداً عسكريًا سوريا ينالون أول ترقيات عسكرية في الجيش السوري شملت وزير الدفاع.. مأرب برس يعيد نشر أسماء ورتب القيادات العسكرية
  • صفقة مشبوهة.. من هو الأردني الذي عيّنه الشرع عميداً في الجيش السوري؟
  • المرصد السوري: اتساع الاشتباكات شمال شرق سوريا نحو تل تمر
  • شروط صحة الوضوء.. ما هى؟