الجزيرة:
2025-01-31@02:59:04 GMT

شيء كبير قريب.. لم ارتفعت أعداد الزلازل مع الزمن؟

تاريخ النشر: 29th, December 2024 GMT

شيء كبير قريب.. لم ارتفعت أعداد الزلازل مع الزمن؟

من حين لآخر تنتشر الأخبار عن الزلازل الكبرى، فقبل عدة أسابيع فقط ضرب زلزال بقوة 7 على المقياس قرابة سواحل ولاية كاليفورنيا الأميركية، بينما عانت جمهورية فانواتو، وهي دولة جزيرة تقع في جنوب المحيط الهادي، قبل أسبوع واحد فقط من زلزال بمقياس 7.3، ومن حين لآخر تعلن دولة هنا أو هناك عن زلزال جديد.

يعطي ذلك انطباعا بأن نشاط الزلازل الكبرى على مستوى العالم آخذ في الازدياد، خاصة وأن الناس باتوا يسمعون عن زلزال يضرب بلادهم كل عدة أسابيع إن لم تكن أيامًا في بعض الأحيان.

فهل حقًا أصبح العالم مكانًا خطيرا إلى هذا الحد بحيث أصبحت الزلازل فيه تتكرر بمعدلات أكبر؟

يثير هذا انتباه مروجي الخرافات العلمية ونظريات المؤامرة، فيتحدثون عن شيء كبير قريب، ربما كان نهاية العالم واقتراب كوكب نيبرو وأن هناك حكومة عالمية سرية شيطانية تعرف أن العالم أوشك على الانتهاء لكنها لا تفصح عن السر.

الصفائح التكتونية (شترستوك) ما الزلازل؟

لكن الأمر ليس كذلك على الإطلاق، ولفهم الفكرة دعنا نبدأ مما يعنيه الزلزال، لو تخيلنا أن كوكب الأرض هو ثمرة تفاح، فإن طبقة القشرة الصخرية للأرض هي ببساطة قشرة التفاحة الرقيقة، لكن هذه القشرة على الأرض تبلغ من السماكة من 30 إلى 70 كيلومترًا في القارات ومن 4 إلى 12 كيلومترًا في المحيطات، وهي تختلف في شيء آخر عن قشرة التفاحة وهو أنها ليست قطعة واحدة تغطي الأرض بل تتكون من عدد من القطع التي تسمى بالصفائح التكتونية، والتي تتداخل، بعضها مع بعض بشكل يشبه الأحجيات الورقية، تلك الصفائح تتحرك ببطء، أو قل إنها تسبح لمسافة عدة سنتيمترات كل عام على طبقة أخرى للأرض تقع أسفلها وتسمى الوشاح.

تبتعد تلك الصفائح التكتونية بعضها عن بعض في أماكن وتقترب في أخرى، ومع اقتراب جانبي صفيحتين تكتونيتين بعضهما من بعض في أحد الأماكن فإنهما تحتكان لصنع ما يسميه العلماء بالفالق. في الحالة العادية، تنزلق أطراف الصفائح ببطء وسلاسة، لكن في بعض الأحيان لا يكون الأمر هكذا، حيث تتداخل الصفائح بعنف فتحدث الزلازل.

يحدث هذا طوال الوقت، في الواقع قد لا تصدق حينما تعرف أن هناك حوالي نصف مليون زلزال يضرب الأرض سنويًا، حوالي 100 ألف من هذه الزلازل يمكن الشعور بها بشكل أو بآخر، و100 فقط يمكن أن تكون ذات أثر ضار، كما حدث في حالة زلزال تركيا الأخير.

إعلان

وتظهر إحصاءات الزلازل على مدار الـ20 عامًا الماضية حول العالم أنه في المتوسط، فإن معدل الزلازل السنوي لم يرتفع أو ينخفض، بل يظل ثابتًا قدر الإمكان، وهذا بالتأكيد من حسن حظ البشرية.

حدود الصفائح التكتونية (الجزيرة + وكالات) لم ازداد عددها؟

في تلك النقطة ربما تسأل: لم إذن أصبحت أسمع عن الزلازل في دولتي أكثر من أي وقت مضى، بل وبالفعل أصبحت أشعر بعدد أكبر من الزلازل في منزلي ذاته؟

في الواقع، هناك عدد من الإجابات المعقولة لهذه الأسئلة، والتي لا تتضمن أي شيء يتعلق بنهاية العالم. أحد تلك الإجابات يتعلق بمحطات قياس الزلازل، فقد ازداد عددها وارتفعت دقة أدوات العلماء في قياس الزلازل، ويعني ذلك رصد عدد أكبر من الزلازل، ولأن تلك المحطات عادة ما تنشر بيانات إعلامية فإنك بالتبعية ستسمع عن حدوث عدد أكبر من الزلازل مقارنة -قل مثلا- بعقدين مضيا من الزمان، هنا ستتصور أن عدد الزلازل قد ارتفع، ولكنها فقط دقة أجهزتنا.

إلى جانب ذلك، فقد أصبح العالم حرفيًا قرية صغيرة متواصلة بحيث يمكن لك أن تسمع عن أخبار الزلازل قادمة من كل مكان تقريبًا، وكذلك امتلكت محطات الزلازل في دولتك صفحات على وسائل التواصل الاجتماعي تعلن خلالها عن كل زلزال قامت برصده وتذكر مركزه بدقة وقوته.

الناس في المنازل عادة ما يشعرون بالزلازل المتوسطة لكنهم يتجاهلون هذا الشعور، إلا أنه مع انتشار إعلانات الزلازل في كل مكان بات الجميع أكثر خبرة لأنه تعلم أن تلك الهزة التي شعر بها قبل عدة ساعات كانت زلزالا ولم تكن مجرد دوار أو شعور من نسج خياله، وبالتالي بتنا نشعر بالزلازل المتوسطة بشكل أفضل مقارنة بما سبق، ولأننا نتشارك الأخبار عبر تغريدات أو منشورات قصيرة سريعا فإننا نؤكد لبعضنا ما شعرنا به، ومن هنا تبدأ موجة من أخبار الزلازل في الانتشار بين ملايين  إلى مليارات الأفراد.

إعلان

أضف لذلك نقطة أخرى مهمة تتعلق بعدد الزلازل السنوي، فمثلا شهد العالم في عام 2020 حوالي 1400 زلزال بمقياس أكبر من 5 درجات، لكن في 2021 شهد 2200 زلزال من نفس المقياس، هذا يعني بالتبعية أن تشعر بعدد أكبر من الزلازل، لكنه لا يعني أن عدد الزلازل قد ارتفع لأن حساب معدلات الزلازل لا يكون بالعام أو العامين، بل يقيسه العلماء على مدى فترة زمنية طويلة (عقود مثلًا)، وهنا تحديدًا سيتضح أنه على الرغم من أن بعض السنوات قد تكون ذات نشاط زلزالي أكبر، إلا أن المتوسط حول العالم ثابت إلى حد كبير.

هذا النوع من الظن الخطأ المتعلق بارتفاع عدد الزلازل من حقبة لأخرى مهم بالنسبة للعلماء كذلك، فمن المعروف مثلا أن الزلازل الكبيرة التي تزيد قوتها عن 8.0 درجات قد ضربت الأرض بمعدل مرتفع منذ عام 2004، لكن العلماء من فريق دولي مشترك -في دراسة نشرت في دورية "بي إن إيه إس"- قد حللوا السجل التاريخي للزلازل ووجدوا أن هذه الزيادة في النشاط الزلزالي الثقيل كانت على الأرجح بسبب الصدفة، لكن لماذا يقولون إنه صدفة؟

فحص هذا الفريق التردد العالمي للزلازل الكبيرة من عام 1900 إلى عام 2011، واكتشفوا أنه في حين أن تواتر الزلازل التي بلغت قوتها 8.0 درجات كان مرتفعا منذ عام 2004 (بمعدل حوالي 1.2 إلى 1.4 زلزال في السنة) لم يكن هذا المعدل المتزايد مختلفًا إحصائيًا عن الطبيعي على هذا المقياس الزمني الأكبر.

شهد العالم في عام 2020 حوالي 1400 زلزال بمقياس أكبر من 5 درجات (الفرنسية) حزام النار

من جانب آخر، فإن عددا من المناطق حول العالم تكون نشطة زلزاليًا أكثر من مناطق أخرى، وهنا تحديدًا تظهر دول مثل تركيا، فقد سمعنا اسمها في الأخبار أكثر من مرة خلال السنوات الفائتة، مثلا في أكتوبر 2020 ضربت البلاد بزلزال كان مقياسه 7.0 درجات وتسبب في وفاة حوالي 100 شخص، وفي 2011 ضربت البلاد بزلزال أقوى (7.2 درجات) تسبب في وفاة أكثر من 600 شخص، وبالطبع لا ننسى الزلزال الكارثي في 2022 والذي راح ضحيته قرابة 50 ألف شخص من تركيا وسوريا.

لذلك أيضًا سبب علميّ، فقد قلنا قبل قليل إن التقاء الصفائح التكتونية يرتبط بالزلازل، وهنا يمكن أن نستنتج أن الأماكن التي تقع على مقربة من لقاء الصفائح التكتونية يمكن أن تختبر زلازل قوية، لأن تأثير الزلزال يكون أقوى ما يكون في المنطقة التي تقع أعلى مكان التقاء الصفائح.

إعلان

في تلك النقطة دعنا نتأمل ما يسميه العلماء بـ"حلقة النار" أو "حزام ما حول المحيط الهادي" وهي ليست حلقة بالمعنى المفهوم، وإنما شريط جغرافي طوله نحو 40 ألف كيلومتر يشبه شكل حدوة الحصان شهد 81% من زلازل العالم الكبرى، ويمتد حول المحيط الهادي، بداية من جنوب قارة أميركا الجنوبية عبر خندق بيرو-تشيلي، وصولا إلى خندق أميركا الوسطى، وينطلق بعد ذلك صعودا في أميركا الشمالية بمحاذاة جبال روكي إلى ألاسكا، ثم عبر مضيق بيرنغ إلى اليابان نزولا إلى الفلبين وإندونيسيا، ثم في النهاية نيوزيلندا.

إلى جانب حزام حلقة النار، يوجد حزام آخر يجري على اليابسة يسمى "الحزام الألبي"، وهو حزام زلزالي وجبلي يمتد لأكثر من 15 ألف كيلومتر على طول الهامش الجنوبي من قارتي آسيا وأوروبا، فيبدأ من جاوة وسومطرة، ثم عبر شبه جزيرة الهند الصينية، ومن ثم جبال الهيمالايا وما وراءها، ثم جبال إيران والقوقاز والأناضول وصولا إلى البحر الأبيض المتوسط، وحتى المحيط الأطلسي، هذا الحزام مسؤول عن 17% من الزلازل الكبرى في العالم.

أثر هذا الحزام يمتد ليصل إلى تركيا وهو ما يضعها في منطقة زلزالية نشطة بسبب الحركات المعقدة بين 3 صفائح تكتونية شاءت الأقدار أن تقع تركيا بينها، وبشكل عام فإن تلك الأحزمة هي السبب أننا نسمع عن تكرار الزلازل في مناطق بعينها، فيظن البعض أن معدلات الزلازل قد ارتفعت.

الخلاصة إذن أن معدلات الزلازل لم ترتفع إلى مستوى يهدد بنهاية العالم، لكن مروجي الخرافات كالعادة حريصون على استخدام كل ظاهرة تثير انتباه الناس وخوفهم لمنشورات يمكن أن تحصّل مئات الآلاف من الإعجابات والمتابعات، لكن الأمر لا يقف عند هذا الحد بل يمتد لما هو أعمق، حيث تدمج هذه الخرافات في نظريات المؤامرة الكبرى، فيكون هذا الزلزال أو ذاك من صنيعة قوى الشر.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الصفائح التکتونیة عدد الزلازل الزلازل فی یمکن أن أکثر من

إقرأ أيضاً:

عاجل - رصدتها الأقمار صناعية.. الصين تبني أكبر مركز في العالم لأبحاث الاندماج النووي

قالت وكالة "رويترز" نقلًا عن خبراء، إن الصين تبني فيما يبدو مركزًا كبيرًا لأبحاث الاندماج النووي المشتعل بالليزر في مدينة ميانيانج جنوب غرب البلاد، وهو مركز قد يساعد في تصميم الأسلحة النووية والعمل على استكشاف توليد الطاقة.

وتظهر صور الأقمار الصناعية نحو 4 أذرع خارجية ستضم حجرات الليزر، وحجرة تجربة مركزية ستحتوي على غرفة هدف تحتوي على نظائر الهيدروجين التي سوف تندمج مع أشعة الليزر القوية لإنتاج الطاقة، وفقًا لديكر إيفليث، الباحث في منظمة الأبحاث المستقلة CNA Corp ومقرها الولايات المتحدة.

يشبه منشأة أمريكية

التصميم الصيني مشابه إلى حد كبير لمنشأة الإشعال الوطنية الأمريكية المعروفة بـ«نيف- NIF» التي تبلغ تكلفتها 3.5 مليار دولار شمال كاليفورنيا، والتي أنتجت في عام 2022 المزيد من الطاقة من تفاعل الاندماج مقارنة بالليزر.

ويقدر الخبراء أن حجرة التجارب في المنشأة الصينية أكبر بنحو 50% من تلك الموجودة في منشأة نيف، وهي الأكبر في العالم حاليًا.

تزيد ثقة الدولة المالكة لها

هذه المنشأة أيضًا وفقًا للخبراء، من شأنها أن تزيد ثقة الدولة المالكة لها في تحسين تصميمات الأسلحة لديها، وتسهيل حصولها على القنابل المستقبلية دون اختبار.

وفي شهر نوفمبر عام 2020، نشر المبعوث الأمريكي لمراقبة الأسلحة مارشال بيلينجسلي، صورًا التقطتها الأقمار الصناعية، قال إنها تظهر بناء الصين لمرافق دعم الأسلحة النووية، وتضمنت الصور قطعة أرض تم تطهيرها ووصفها بأنها «مناطق بحث أو إنتاج جديدة منذ عام 2010».

وتقع هذه الأرض على موقع مركز أبحاث الاندماج النووي، الذي يطلق عليه مختبر الأجهزة الرئيسية للاندماج النووي بالليزر، وذلك وفقًا لوثائق البناء التي أطلعت عليها "رويترز".

مقالات مشابهة

  • فيديو. تواصل أشغال تهيئة مشروع أكبر ملعب في العالم ضواحي الدارالبيضاء
  • أستاذ تمويل: العلاقات المصرية العراقية تتطور بشكل كبير ولافت للنظر
  • للعام الخامس على التوالي.. تويوتا أكبر شركة سيارات مبيعاً في العالم
  • لغز وجهي المريخ المتناقضين.. هل كشف العلماء السبب؟
  • كارثة محتملة.. هل يصطدم أكبر جبل جليدي في العالم بجزيرة جورجيا
  • جوهرة سانت بطرسبورغ.. متحف الأرميتاج أحد أكبر متاحف العالم
  • عاجل - رصدتها الأقمار صناعية.. الصين تبني أكبر مركز في العالم لأبحاث الاندماج النووي
  • رصدتها الأقمار صناعية.. الصين تبني أكبر مركز في العالم لأبحاث الاندماج النووي
  • عن زلازل وشيكة في الشرق الأوسط... إليكم ما أوضحه خبير لبنانيّ
  • كارثة محتملة.. تحرك أكبر جبل جليدي في العالم نحو هذه الجزيرة| ما القصة؟