رحلة بلاك بيري إلى غياهب النسيان
تاريخ النشر: 29th, December 2024 GMT
اليوم، أصبح من المعتاد أن يستخدم الجميع منصات الرسائل النصية الفورية عبر شبكات الإنترنت من مثل "واتساب" أو "تليغرام" وغيرهما الكثير، ولكن منذ ما يقرب من 15 عاما، كانت هذه التقنية ثورية وغير مألوفة، والأهم أنها كانت حكرا على شركة واحدة.
"بلاك بيري" هي الشركة التي احتكرت هذه التقنية لصالحها، وعبر هذه التقنية بمفردها، استطاعت الشركة تحقيق أرباح وصلت ذروتها إلى 19 مليار دولار، وهذا جعلها تصل إلى قمة الشركات التقنية لتواجه العملاق الفنلندي "نوكيا" في عصر ما قبل "آيفون" و"أندرويد".
لم يقتصر نجاح "بلاك بيري" على تحقيق مبيعات مهولة فقط، بل امتد إلى نجاح اجتماعي واسع، إذ كانت هواتف "بلاك بيري" في وقتها الصيحة الأحدث التي كان الجميع يسعى لامتلاكها، واليوم، لم يعد للشركة وجود يُذكر، إذ اختفت ومعها اختفت جميع أجهزتها وأفكارها الثورية في وقتها، فماذا حدث لشركة "بلاك بيري" لتسقط في غياهب النسيان؟
في عام 1984، تأسست شركة "بلاك بيري" في كندا على يد مايك لازاريديس ودوغ فريجين، وكان الهدف الرئيسي من تأسيس الشركة تقديم الخدمات الاستشارية في قطاع البرمجيات والاتصالات اللاسلكية، وبعد ذلك انتقلت الشركة لتطوير نظام نقل لاسلكي للبيانات من أجل الاستخدام مع الأجهزة المحمولة.
وفي عام 1999 أطلقت الشركة أول جهاز "بيجر" قادر على إرسال البريد الإلكتروني تحت اسم "آر أي إم إنتراكتيف بيجر 900" (RIM Inter@ctive Pager 900)، وكان مزودا بلوحة مفاتيح "كويرتي" (QWERTY) كاملة، وفي عام 2002 أطلقت الشركة أول نماذج الهواتف الذكية عبر إضافة مجموعة من التحسينات على البيجر الخاص بها.
بدأت رحلة نجاح "بلاك بيري" بعد طرح هاتفها الذكي "بلاك بيري 957" الذي كان ثوريا في وقتها، وذلك لأن الشركة تمكنت من تصميم هاتف يضم لوحة مفاتيح كاملة ذات أزرار صغيرة يمكن كتابة أي حرف عند الضغط على الزر مرة واحدة فقط، وذلك بدلا من لوحة المفاتيح المرتبطة بالأرقام من 1 إلى 9 (T9)، كما كانت تعرف سابقا، فضلا عن تقديم مجموعة من التقنيات اللاسلكية الأخرى التي ساهمت في تعزيز نجاح الشركة ومنتجاتها.
إعلانوفي سنوات قليلة، أصبحت "بلاك بيري" الخيار الأول للكثير من المستخدمين حول العالم، وتحديدا رجال الأعمال ومشاهير العالم والرؤساء، فضلا عن كل من يحاول التشبه بهم، لتشهد الشركة فترة ذهبية بدأت منذ عام 2002 وحتى عام 2016، حين توقفت الشركة تماما عن إنتاج الهواتف الذكية.
هذا الانتشار الواسع انعكس على مبيعات الشركة، إذ تمكنت الشركة في عام 2004 من تحقيق أرباح وصلت إلى 595 مليون دولار، وفي عام 2011، وصلت مبيعات الشركة إلى أكثر من 19 مليار دولار، محققة نموا مطردا بشكل غير معهود أثناء فترات تقلب اقتصادي عالمي واسعة للغاية.
رغم أن أجهزة "بلاك بيري" انتشرت بين مختلف فئات المستخدمين، فإن الشركة كانت تضع فئة واحدة نصب أعينها عند تطوير أجهزتها، وهي رجال الأعمال، وكانت تعمل على تلبية متطلباتهم أولا وقبل أي فئة أو فصيل آخر من المستخدمين.
برز تركيز الشركة على هذه الفئة تحديدا في أنظمة الاتصال اللاسلكية التي امتلكتها هواتف الشركة، وبفضل خلفية مؤسسي الشركة والتأسيس الأولي للشركة في قطاع الاتصالات اللاسلكية، تمكنت "آر إي إم" و"بلاك بيري" من ابتكار مجموعة من المزايا التي تعزز اتصال رجال الأعمال بشركائهم والوصول إلى النجاح الذي يبحثون عنه.
وفي عام 2001، وتزامنا مع هجمات الحادي عشر من سبتمبر، كانت أجهزة "بلاك بيري" هي الوحيدة التي تعمل في منطقة الولايات المتحدة وقادرة على إرسال واستقبال الرسائل والإشارات رغم انقطاع جميع أنواع الاتصالات في بقية الأجهزة الذكية المنافسة، وهو الأمر الذي عزز مكانة "بلاك بيري" كخيار احترافي لمن يرغب في البقاء متصلا طوال الوقت.
كما طورت الشركة سابقا واجهة استخدام البريد الإلكتروني الخاصة بها، وكانت قادرة على الاتصال بخدمات البريد الإلكتروني الخارجية مثل "ياهوو" و"إم إس إن" التي كانت رائجة في ذلك الوقت، فضلا عن تطوير منصة تواصل عبر الرسائل الفورية تدعى "بلاك بيري ماسنجر" (BlackBerry Messenger) واختصارا "بي بي إم" (BBM)، ويمكن النظر إلى هذه المنصة على أنها نسخة بدائية ومخصصة لأجهزة "بلاك بيري" من منصة "واتساب".
ابتكرت "بلاك بيري" تطبيق المراسلة الخاص بها في البدء لتلبية احتياجات رجال الأعمال الذين يرغبون في الوصول إلى شركائهم بشكل فوري، ودون الحاجة لاستخدام الرسائل النصية لشبكات الهواتف المحمولة، وعلى غير المتوقع، لاقت خدمة "بي بي إم" رواجا واسعا بين الشباب، لتصبح الخيار الأول للتواصل بينهم، وقد وصل عدد مستخدمي الخدمة إلى 85 مليون مستخدم في مارس/آذار 2014، وذلك قرب نهاية عصر "بلاك بيري".
إعلاناستطاع تطبيق "بي بي إم" تعزيز مكانة الشركة بشكل كبير في مختلف القطاعات، وتحديدا بين الشباب، وأصبح امتلاك حساب في هذا التطبيق وسيلة للولوج إلى مجتمعات خاصة به، كما أنه كان تصريحا واضحا عن الحالة الاجتماعية ورقي المستخدم، وكونه متابعا لأحدث صيحات الموضة.
نجاح التطبيق لم يكن وليد الصدفة، إذ بدأ استخدام الإنترنت في الانتشار حول العالم مع وجود خيارات عديدة للوصول إلى شبكة الإنترنت عبر الهاتف، فضلا عن الحاجة إلى منصة تواصل سريعة وفورية أكثر أمنا وخصوصية من الرسائل النصية المعتادة، ومن حُسن حظ الشركة أن التطبيق كان يوفر كل هذه الاحتياجات، ويذكر أن عدد مستخدمي "بي بي إم" جاوز 200 مليون مستخدم في أوج ذروته، وهي الفترة التي كانت الشركة تتحكم في 37% من إجمالي قطاع الهواتف المحمولة بالولايات المتحدة، أي في عام 2010.
صراع شرس مع "آبل" و"أندرويد"في عام 2008، كانت قيمة أسهم "بلاك بيري" قد وصلت إلى ذروتها، إذ كانت قيمة السهم الواحد تصل إلى 147 دولارا، وذلك بالتزامن مع كشف ستيف جوبز عن الجيل الأول من هواتف "آيفون" الذي كان أول هاتف يعمل بشاشة لمس في وقتها.
أهملت "بلاك بيري" المنافسة، وظنت أن شريحة رجال الأعمال الذين تستهدفهم بعيدة كل البعد عن الابتكارات غير العملية والتي كانت تمثلها شاشة "آيفون" القابلة للمس في ذلك الوقت، ولكن تلك اللحظة كانت بداية النهاية للشركة الكندية، ولاحقا حاولت اللحاق بالركب وتقديم هاتف بشاشة لمس، لكنها فشلت في ذلك بشكل ذريع، فعادت إلى تطوير الهواتف ذات لوحات المفاتيح من أجل الأعمال، ولفترة من الزمن، كان هذا الأمر ناجحا، إذ انتشر استخدام هواتف "بلاك بيري" كهاتف للأعمال إلى جانب هاتف آخر شخصي.
وفي عام 2012، انخفضت حصة "بلاك بيري" في سوق الهواتف الذكية بأميركا إلى 7.3% تزامنا مع صعود "أندرويد" و"آيفون"، حيث أصبحا يتحكمان في 35% و53% من إجمالي السوق تباعا، وتدريجيا، وانخفضت مبيعات وقيمة الشركة لتصل إلى 12.66 دولار للسهم الواحد في 2018، وذلك رغم العديد من المحاولات للمنافسة والعودة إلى المقدمة.
بعد انخفاض قيمة أسهم الشركة، حاولت "بلاك بيري" كثيرا طرح هواتف وابتكارات جديدة تساهم في إعادتها لمكانتها السابقة، بدءا من طرح حاسوب لوحي ونظام جديد، فضلا عن هاتف يجمع بين لوحة المفاتيح والشاشة باللمس، ولكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل.
إعلانوفي خطوة أخيرة، قامت الشركة بإتاحة منصتها للتواصل السريع "بي بي إم" على أجهزة "أندرويد" و"آيفون"، ولكن ذلك كان بعد أن خسرت عددا كبيرا من مستخدميها، وبدأت المنصات المنافسة بالظهور، ليبدأ الانحسار الأخير واختفاء "بلاك بيري".
انتهاء حقبة هواتف "بلاك بيري"لا تزال "بلاك بيري" موجودة كشركة حتى يومنا هذا، لكنها الآن تخلت تماما عن جهودها لتطوير هواتف محمولة قادرة على المنافسة وحتى عن منصتها "بي بي إم"، والآن، أصبحت مجرد شركة برمجيات تعمل في قطاعات عديدة من ضمنها قطاع الأمن السيبراني والبرمجيات المدمجة.
ويمكن القول إنه لولا "بلاك بيري" لما امتلكنا اليوم "واتساب" و"تليغرام" وغيرهما من تطبيقات التواصل الفوري، وربما ما كان البريد الإلكتروني ليحقق النجاح والأهمية التي يملكها اليوم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات البرید الإلکترونی رجال الأعمال التی کان فی وقتها بی بی إم فضلا عن وفی عام فی عام
إقرأ أيضاً:
مراجعة دقيقة.. عضو مجلس إدارة بلبن يكشف تفاصيل عودة فروع الشركة للعمل
كتبت- داليا الظنيني:
كشف عبدالرحمن عشماوي، عضو مجلس إدارة شركة "بلبن" وسلاسلها التجارية المتعددة، عن عودة 25 فرعًا للعمل ابتداءً من اليوم، تشمل فروع "بلبن" بالإضافة إلى علامات تجارية أخرى تابعة للشركة مثل "كرم الشام"، و"وهمي"، و"عم شلتت"، وذلك بعد الانتهاء من مراجعة كافة الملاحظات وتصحيح الأوضاع المطلوبة.
خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية لميس الحديدي في برنامج "كلمة أخيرة" على قناة ON، أوضح عشماوي أن الشركة بدأت منذ نحو أسبوع في التنسيق المكثف مع رئيس هيئة سلامة الغذاء ووزارة الصحة لتنفيذ الإجراءات التصحيحية اللازمة، وشملت هذه الإجراءات نزول فرق متخصصة إلى المصانع لإجراء معاينات شاملة، وتم بناءً عليها طلب تنفيذ مجموعة من الاشتراطات الضرورية لضمان سلامة المنتجات المقدمة للمواطنين.
كما بين عشماوي أن الخطوة الثانية تضمنت مراجعة دقيقة لجميع الفروع وإبداء الملاحظات التفصيلية، وتم إبلاغ ملاك الشركة بالاشتراطات المطلوبة، والتي تم تنفيذها بالكامل ثم إعادة معاينتها من قبل الجهات المختصة للتأكد من استيفائها.
وعن طبيعة هذه الاشتراطات، أوضح عضو مجلس إدارة "بلبن" أنها شملت احتياطات إنشائية مثل تركيب الأحواض وستائر الهواء ومصائد الذباب، بالإضافة إلى إصلاح كافة الشقوق الموجودة في الحوائط والأرضيات، وإصلاح جوانات الثلاجات لضمان الحفاظ على الأغذية في درجة التبريد المناسبة.
وتابع: "كما تضمنت الاشتراطات جوانب صحية مثل تركيب ثيرموستات لقياس نسب الرطوبة في المخازن والفروع، وتغيير بعض الطاولات، وتقديم ملف كامل باعتمادات الموردين لضمان سلامة المواد الخام المستخدمة في التصنيع".
وفي رده على سؤال لميس الحديدي حول الملاحظات الأولية التي تم ذكرها وقت الإغلاق، مثل وجود بكتيريا وعدم وجود شهادات صحية للعاملين، أوضح عشماوي أن حجم تعاملات الشركة كبير للغاية، وأن المخالفات التي تم رصدها كانت موزعة على جميع العلامات التجارية التابعة لهم وليس "بلبن" فقط.
وفيما يتعلق بالشهادات الصحية، أكد أن عدم وجود شهادة صحية لفرد أو اثنين من العاملين يعتبر مخالفة وفقًا للاشتراطات.
وعن عدد العاملين في الشركة، أوضح أن العمالة الفعلية داخل الفروع والمصانع تتراوح بين 10 إلى 15 ألف عامل، بالإضافة إلى عمالة غير مباشرة تشمل الموردين والمصانع المرتبطة بدورة الإنتاج.
وأشار إلى أن الرقم 25 ألف عامل الذي تم ذكره سابقًا كان يشمل فروع الشركة في الخارج أيضًا.
وفيما يتعلق بملف التراخيص، أكد عشماوي أن 70% من فروع الشركة مرخصة، موضحًا أن هناك فرقًا قانونيًا بين التقدم بطلبات للحصول على التراخيص والعمل على استيفاء الاشتراطات أثناء التشغيل، وهو أمر مسموح به قانونًا، وبين العمل بدون أي تراخيص على الإطلاق كشركة كاملة.
وأوضح عشماوي أن مبلغ الـ 140 مليون جنيه المذكور يتعلق بالتقديرات الضريبية التي لا تزال قيد النقاش مع الجهات المختصة، مؤكدًا أن الشركة قامت بسداد الضرائب المستحقة حتى عام 2023، وأن قيمة الغرامات المتعلقة بالمخالفات ليست كبيرة.
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
محلات بلبن كرم الشام بلبن عبدالرحمن عشماوي فروع بلبنتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الأخبار المتعلقةإعلان
إعلان
مراجعة دقيقة.. عضو مجلس إدارة "بلبن" يكشف تفاصيل عودة فروع الشركة للعمل
روابط سريعة
أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلامياتعن مصراوي
اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصيةمواقعنا الأخرى
©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا
القاهرة - مصر
27 14 الرطوبة: 17% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك