إيران والعرب: صراع مستمر بين الهيمنة والمقاومة
تاريخ النشر: 29th, December 2024 GMT
#سواليف
#إيران و #العرب: #صراع_مستمر بين #الهيمنة و #المقاومة
بقلم : ا د محمد تركي بني سلامة
منذ فجر الإسلام، وبالتحديد مع معركة القادسية الأولى، حملت العلاقة بين العرب والفرس طابعاً مشحوناً بالتوتر والعداء. تلك المعركة التي جسدت صراعاً حضارياً وانتصاراً عربياً حاسماً على الإمبراطورية الفارسية، لم تكن مجرد حدث عسكري بل شكلت بداية لمواجهة تاريخية.
وفي العصر الحديث، كرّست إيران نفسها، في عهد الشاه، كشرطي المنطقة، مهددةً أمن دولها واستقرارها. كانت تسعى إلى فرض سطوتها الإقليمية، مستغلة الدعم الغربي ودورها كحليف استراتيجي للولايات المتحدة في مواجهة النفوذ السوفيتي. ومع سقوط الشاه وصعود الخميني إلى الحكم، لم تتراجع هذه السياسات التوسعية؛ بل أخذت منحى أكثر عدائية تحت شعار “تصدير الثورة الإسلامية”. كانت هذه الثورة في حقيقتها محاولة لإحياء طموحات الهيمنة الفارسية القديمة، مستخدمةً أدوات جديدة وأيديولوجيا طائفية لتبرير تدخلاتها في شؤون الدول العربية.
خلال الحرب العراقية-الإيرانية، كان العراق، بقيادة صدام حسين، يمثل البوابة الشرقية للأمة العربية، حائط الصد الأول أمام الطموحات الإيرانية. ولهذا، وقفت غالبية الدول العربية والغربية إلى جانب العراق، مدركةً أن سقوطه كان سيعني فتح الطريق أمام إيران للتغلغل في المنطقة. إلا أن طهران لم تتوقف عند هزيمتها في تلك الحرب؛ بل استمرت في سعيها للهيمنة، مستغلةً الانقسامات الداخلية في الدول العربية والأزمات التي عصفت بها.
إيران اليوم لا تزال تحتل الجزر الإماراتية الثلاث، وتمارس سياسات عدائية تجاه دول الخليج العربي، بدءاً من البحرين وصولاً إلى حقل الدرة النفطي. لم تتوانَ عن التدخل في اليمن، حيث دعمت الميليشيات الحوثية لتحويله إلى قاعدة تهدد أمن الجزيرة العربية. وفي العراق وسوريا ولبنان، وظفت إيران وكلاءها الطائفيين لتثبيت نفوذها، متسببةً في تدمير النسيج الاجتماعي لهذه الدول وإشعال الحروب الداخلية التي أضعفتها وأرهقت شعوبها.
لكن هذا النفوذ الإيراني بدأ بالتراجع مع بداية انحسار الحقبة الإيرانية في المنطقة. إن سقوط نظام بشار الأسد في سوريا يمثل نقطة تحول محورية. هذا السقوط سيعيد تشكيل الخارطة السياسية، لأنه سيؤدي إلى قطع الحبل السري الذي يربط إيران بوكلائها في لبنان، ممثلاً بحزب الله، ويضعف قبضتها على العراق، ويمهد الطريق لإعادة اليمن إلى محيطه العربي. من هنا، يصبح دعم الدول العربية، وخاصة دول الخليج، للقيادة السورية الجديدة ضرورة استراتيجية. هذا الدعم سيعزز استقلال سوريا عن النفوذ الإيراني، ويفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الأمن والاستقرار في المنطقة.
إن أمام دول الخليج فرصة تاريخية يجب ألا تضيعها. دعم الثورة السورية اليوم لا يعني فقط تحرير سوريا من الهيمنة الإيرانية، بل إنه مفتاح لتحجيم النفوذ الإيراني في لبنان والعراق واليمن. الكلفة السياسية والاقتصادية لإعادة إعمار سوريا، ومساندة القيادة الجديدة، أقل بكثير من الثمن الذي تدفعه الدول العربية بسبب استمرار الهيمنة الإيرانية على المنطقة.
آن الأوان لأن تستعيد الدول العربية زمام المبادرة، لتوحيد جهودها وتكثيف دعمها للثورات الشعبية التي تسعى للتحرر من الهيمنة الأجنبية. إنه واجب قومي تجاه الشعوب العربية التي أنهكتها الحروب والصراعات. فالتاريخ يُكتب اليوم، وأمام العرب فرصة ذهبية لتأسيس نظام إقليمي جديد قائم على التعاون العربي المشترك، خالٍ من التدخلات الأجنبية.
النهاية الطبيعية لهذا الصراع تكمن في عودة الدول العربية، كلٌ إلى حاضنتها الطبيعية، بعيداً عن النفوذ الإيراني الذي لم يجلب سوى الحروب والدمار. إن الحلم بأمة عربية موحدة ومستقرة قد يبدو بعيد المنال، لكنه يبدأ بخطوة واحدة: قطع خيوط الهيمنة الإيرانية، دولةً بعد أخرى، ليعم الأمن والاستقرار في المنطقة، ولتصبح أحلام الشعوب واقعاً ملموساً.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف العرب صراع مستمر الهيمنة المقاومة النفوذ الإیرانی الدول العربیة فی المنطقة
إقرأ أيضاً:
وزيرا خارجية مصر: منظمة التعاون الإسلامي تتبنى الخطة العربية بشأن غزة
القاهرة - أكّد وزيرا خارجية مصر والسودان السبت 8مارس2025، أنّ منظمة التعاون الإسلامي تبنّت، في اجتماع طارئ لوزراء الخارجية في جدّة، الخطة العربية لإعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين، لمواجهة مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي لوكالة فرانس برس بعد الاجتماع "بالتأكيد إنه أمر شديد الإيجابية أن يتبنّى الاجتماع الوزاري الطارئ لمنظمة التعاون الإسلامي الخطة المصرية... التي أصبحت الآن خطة عربية إسلامية".
وأضاف أنّ الخطوة المقبلة تتمثّل في أن "تكون الخطة خطة دوليّة، من خلال تبنّي الاتحاد الأوروبي والأطراف الدولية كاليابان وروسيا والصين وغيرهم للخطة... هذا ما سنسعى إليه، ونحن لدينا تواصل مع كل الأطراف بما في ذلك الطرف الأميركي".
بدوره، أكد نظيره السوداني علي يوسف الشريف أنّ "هناك اتفاقا تاما بين كل الدول المشاركة على تبني الخطة العربية".
وتابع "كان هناك بعض المواقف التي تطالب بتشدّد أكثر تجاه إسرائيل، وهذا ليس اختلاف ولكنه طلب بمواقف أقوى".
وأثار ترامب صدمة وغضبا عندما اقترح الشهر الماضي سيطرة الولايات المتحدة على قطاع غزة وإعادة بناء المناطق المدمّرة وتحويلها إلى "ريفييرا الشرق الأوسط" بعد ترحيل السكان البالغ عددهم 2,4 مليون إلى مكان آخر، خصوصا مصر والأردن، من دون خطة لإعادتهم.
تبنّى القادة العرب خلال قمة طارئة في القاهرة الثلاثاء خطة طرحتها مصر لإعادة إعمار غزة تلحظ عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع. لكنّ وزارة الخارجية الأميركية قالت الخميس إن الخطة المصرية بشأن غزة "لا تلبّي تطلّعات" ترامب.
وكان عبد العاطي قال في وقت سابق إن بلاده، وهي وسيط رئيسي في محادثات وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، ستسعى للحصول على دعم الدول الإسلامية لخطتها لإعادة إعمار غزة في قمة جدة "حتى تكون خطة عربية وخطة إسلامية".
وفي جدة على ساحل البحر الأحمر، أكّد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه في كلمته الافتتاحية "دعم الخطة العربية".
وأعلن طه "دعم خطة إعادة الإعمار لقطاع غزة التي اعتمدتها القمة العربية، مع التمسك بحق الشعب الفلسطيني بالبقاء في أرضه، لما تشكله من رؤية مشتركة وواقعية تستوجب من الجميع حشد الدعم المالي والسياسي اللازمين لتنفيذها، في إطار مسار سياسي واقتصادي متكامل لتحقيق رؤية حل الدولتين"، بحسب بيان صحافي لمكتبه.
وحذر طه من "خطورة الإجراءات والمحاولات الإسرائيلية المرفوضة لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين".
من جهته، دعا رئيس وزراء ووزير خارجية فلسطين محمد مصطفى "الأشقاء لتكثيف الجهود لحشد الدعم الدولي والضغط الدبلوماسي والسياسي والقانوني والاقتصادي على دولة الاحتلال".
ولم يصدر بيان نهائي عن الاجتماع بعد.
- "فترة حاسمة" -
وكان محللون أفادوا فرانس برس بأن منظمة التعاون الإسلامي مستعدة لدعم الخطة العربية على نطاق واسع كبديل من اقتراح ترامب القاضي بالسيطرة على غزة.
وقالت دبلوماسية باكستانية لفرنس برس في مقر الاجتماع إنّ "الهدف الرئيسي للاجتماع هو تبني الخطة العربية".
وتابعت "إنها فترة حاسمة، والعالم الإسلامي بحاجة إلى أن يظهر متّحدا قدر الإمكان بمواجهة الخطة الأميركية".
ويُتوقّع أن تعطي القمة التي تجمع الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، البالغ عددها 57 دولة، زخما للخطة العربية التي "تحتاج مصر إلى دعم واسع النطاق لها"، بحسب الخبيرة في مركز "الأهرام" للدراسات السياسية والاستراتيجية في القاهرة رابحة سيف علام.
وقالت إنّ القمة تهدف "لمحاولة بناء تحالف موسع يرفض التهجير"، مضيفة أن الدعم الواسع أمر بالغ الأهمية للترويج لمثل هذا الحل أمام "الأميركيين والمجتمع الدولي".
وَحَّدت خطة ترامب الدول العربية في شكل نادر، إذ استضافت السعودية أيضا زعماء عربا قبل أسبوعين لمناقشة البدائل.
وأشار عمر كريم، الخبير في السياسة الخارجية السعودية في جامعة برمنغهام البريطانية، إلى أنّ اجتماع منظمة التعاون الإسلامي في جدة سيؤكد "الدور السعودي... ويعبّر بشكل أكبر عن الوحدة داخل العالم الإسلامي".
وأضاف "ستكون الدول الإسلامية الأكبر مثل إندونيسيا وتركيا وإيران حاضرة هناك، وتأييدها سيضيف مزيدا من الزخم إلى الخطة العربية".
كذلك، أعلن القادة العرب في القاهرة إنشاء صندوق ائتماني لتمويل إعادة إعمار قطاع غزة المدمر، وحضوا المجتمع الدولي على المشاركة فيه لتسريع هذه العملية.
والجمعة أيضا، أعادت منظمة التعاون الإسلامي عضوية سوريا التي تم تعليقها عام 2012 في وقت مبكر من الحرب الأهلية إبّان حكم بشار الأسد.
وقالت وزارة الخارجية السورية في بيان "يمثّل هذا القرار خطوة هامة نحو عودة سوريا إلى المجتمعين الإقليمي والدولي كدولة حرة وعادلة".
Your browser does not support the video tag.