◄ حمى الضنك والإنفلونزا والبروسيلا.. أمراض وبائية أكثر شيوعًا في عُمان

◄ تطوير استراتيجيات استباقية للوقاية من الأوبئة والحد من تأثيرها

◄ نعتمد على آليات فعّالة للترَصُّد الوبائي تشمل إجراءات استجابة فورية

◄ رسم خرائط تفاعلية للمناطق الأكثر عرضة للأمراض لدعم التدخل السريع

◄ عُمان تُكمل تطبيق "نظام الترَصُّد" لكشف الأحداث الصحية غير المُعتادة

◄ جهود متواصلة لتطوير مهارات الكفاءات الصحية في مواجهة الأوبئة

◄ تخريج 4 أفواج في برنامج "الوبائيات الحقلية"

◄ منظمة الصحة العالمية تقدم دعمًا تقنيًا وتدريبيًا لبناء قدرات الكوادر الصحية

◄ تنظيم تدريبات عملية تعتمد على محاكاة سيناريوهات واقعية

◄ تعزيز المعرفة العلمية عبر إجراء بحوث متقدمة بالتعاون مع المؤسسات

◄ توظيف البيانات الوبائية في تطوير استراتيجيات صحية فعّالة

 

 

 

 

الرؤية- ريم الحامدية

 

كشف الدكتور عادل بن سعيد الوهيبي مدير دائرة الترَصُّد الوبائي بمركز مراقبة الأمراض والوقاية منها بوزارة الصحة أن الوزارة تستعد لإطلاق "نظام راصد"، الذي يُوفِّر إمكانيات مُوسَّعة لجمع بيانات الأوبئة من الميدان؛ اعتمادًا على المواقع الجغرافية، موضحًا أنه جرى إدخال تحليلات وبائية مُعقَّدة لتحليل البيانات الكبيرة بشكل أكثر دَقَّة واستباقيَّة، ما يُساعد على اكتشاف الأنماط وتوقع تفشِّي الأوبئة قبل حدوثها.

وقال الوهيبي- في تصريحات خاصة لـ"الرؤية"- إنَّ دائرة الترَصُّد الوبائي في سلطنة عُمان تؤدي دورًا حيويًا في صون صحة المجتمع وحمايته من تهديدات الأمراض الوبائية. وأضاف أنَّ هذا الدور يتمثل في مراقبة ورصد انتشار الأمراض، مع التركيز على الحد من تفشيها من خلال جمع البيانات الوبائية من مختلف المنشآت الصحية بشكل يومي وتحليلها بدقة؛ حيث تعتمد الدائرة على آليات فعّالة تشمل التقييم المستمر للمعلومات، واتخاذ إجراءات استجابة فورية للحالات المُشتبه بها، والتنسيق الوثيق مع الجهات الصحية المحلية والدولية لضمان الامتثال للمعايير الصحية العالمية، ويُعد هذا النهج أساسيًا في دعم الجهود الوطنية لمكافحة الأمراض وتعزيز الصحة العامة.

 

نظام الترَصُّد

وأضاف مدير دائرة الترَصُّد الوبائي بمركز مراقبة الامراض والوقاية منها بوزارة الصحة أن السلطنة أكملت مؤخرًا تطبيق "نظام الترَصُّد" القائم على الحدث، الذي يمثل نقلة نوعية في رصد الأمراض؛ إذ يُوَفِّر هذا النظام القدرة على كشف الأحداث الصحية غير المعتادة بشكل أسرع من خلال جمع المعلومات من مصادر متعددة، مثل القطاع الصحي والحيواني والبيئي والبلدي، إضافة إلى القنوات التقليدية. وبيَّن الوهيبي أن فوائد هذا النظام تشمل: تحسين سرعة اكتشاف التفشِّيات وتقليل الوقت اللازم للاستجابة؛ مما يُعزز من فعالية التدخلات الصحية، كما يسهم في توسيع نطاق الرصد ليشمل مصادر غير تقليدية؛ الأمر الذي يدعم اتخاذ قرارات مُستنيرة قائمة على بيانات دقيقة، علاوة على أن تطبيق هذا النظام يعكس التزام سلطنة عُمان بتعزيز بنيتها الأساسية الصحية وفقًا لأحدث الممارسات العالمية.

وأبرز الوهيبي مدى إسهام التقنيات الحديثة في دعم جهود الترَصُّد الوبائي في سلطنة عُمان، وقال إن التقنيات الحديثة تمثل الركيزة الأساسية في تعزيز جهود الترَصُّد الوبائي في سلطنة عُمان؛ حيث تؤدي دورًا محوريًا في تحليل البيانات واتخاذ القرارات الدقيقة، ويُعد "نظام ترَصُّد بلس" من أبرز الأنظمة المتطورة التي ساهمت في تحسين كفاءة جمع البيانات الوبائية من جميع محافظات السلطنة؛ مما يتيح متابعة دقيقة للحالات والتنبؤ باتجاهات الأوبئة المحتملة.

خرائط تفاعلية

وبيّن أن نظام المعلومات الجغرافية يُستخدم لتحديد المناطق الأكثر عُرضة للأمراض ورسم خرائط تفاعلية تدعم عمليات التدخل السريع، كما إنه وتعزيزًا لمشاركة المجتمع يتم استخدام تطبيقات هاتفية مُبتكرة تُتيح الإبلاغ الفوري عن الحالات ونشر التوعية، مما يُعد خطوة جوهرية نحو تحسين سرعة وكفاءة الاستجابة الوبائية.

وأشار الوهيبي إلى التحديات الرئيسية التي تواجه دائرة الترَصُّد الوبائي في ظل انتشار الأوبئة عالميًا، مُبرزًا آلية تعامل الوزارة معها؛ حيث قال إنه مع تزايد انتشار الأوبئة على الصعيد العالمي، تواجه دائرة الترَصُّد الوبائي في سلطنة عُمان تحديات كبيرة تتضمن: ظهور أمراض وبائية مُستجدَّة، إضافة الى محدودية الموارد البشرية، والتحديات اللوجستية. وأضاف أنه لمواجهة هذه الصعوبات، تبنَّت السلطنة نهجًا شاملًا يعتمد على تعزيز التعاون مع المنظمات الدولية، مثل منظمة الصحة العالمية، والمركز الأمريكي للسيطرة على الامراض؛ لضمان تبادل الخبرات وتنسيق الجهود.

وتابع أن السلطنة تولي اهتمامًا كبيرًا بتطوير مهارات الكوادر الصحية من خلال برامج تدريبية مكثفة، مثل برنامج الوبائيات الحقلية، والذي شهد تخريج 4 أفواج، إضافة إلى التحديث المُستمر للأنظمة التقنية، وتوسيع عمليات المراقبة لتلبية المُتطلِّبات المُتغيِّرة وضمان الاستعداد الكامل لأي طارئ وبائي.

تنسيق وسرعة تنفيذ

وفيما يتعلق بالتنسيق بين دائرة الترَصُّد الوبائي والمستشفيات والمراكز الصحية لضمان سرعة التعامل مع الحالات الوبائية، أوضح مدير دائرة الترَصُّد الوبائي بمركز مراقبة الأمراض والوقاية منها بوزارة الصحة أن الدائرة تُعد نموذجًا للتنسيق الفعّال مع المستشفيات والمراكز الصحية من خلال برنامج "ترَصُّد"؛ حيث يُتيح الإبلاغ الفوري عن الحالات المُشتبه بها عبر هذا النظام الإلكتروني المتطور، وهذا التنسيق الفوري يُمكِّن فرق التدخل المُختَصة- التي تتمتع بخبراتٍ عالية- من الاستجابة السريعة والفعّالة للحالات الوبائية. وتابع الوهيبي أن اجتماعات مرئية للصحة العامة تُعقد بشكل مُنتظم لتقييم الإجراءات المتخذة ومراجعة استراتيجيات العمل؛ مما يساهم في تعزيز كفاءة التدخلات الصحية وتحسين جودة الاستجابة بشكل مستمر.

وحول الإجراءات التي تتخذها وزارة الصحة للوقاية من انتشار الأوبئة والسيطرة عليها، ذكر الوهيبي في حديثه مع "الرؤية" أن وزارة الصحة تتبنى نهجًا شاملًا لمكافحة انتشار الأوبئة من خلال تنفيذ مجموعة من الإجراءات الوقائية الفعّالة، وتتضمن هذه الجهود التوعية المجتمعية والتثقيف الصحي، وتنظيم حملات تطعيم واسعة النطاق لضمان الحماية المجتمعية، والتعاون مع الجهات الأخرى في برامج مكافحة النواقل مثل البعوض؛ للحد من انتشار الأمراض المنقولة. ومضى قائلًا إنه يجري تطبيق إجراءات الحجر الصحي عند الضرورة لاحتواء الحالات المُشتبه بها أو المؤكدة. وزاد بالقول إن الوزارة تولي اهتمامًا كبيرًا بالتوعية المجتمعية عبر وسائل الإعلام المختلفة وبرامج تثقيفية تهدف إلى تعزيز الوعي الصحي بين أفراد المجتمع، وهذه الاستراتيجيات تعمل بشكل متكامل على بناء بيئة صحية آمنة ومُستدامة.

وأضاف الوهيبي أن سلطنة عُمان تسعى إلى تعزيز قدراتها في مجال الترَصُّد الوبائي من خلال شراكات استراتيجية مع منظمات دولية مثل المركز الأمريكي لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) ومنظمة الصحة العالمية، خاصة وأن هذه الجهات تؤدي أدوارًا رائدة في تدريب الكوادر الصحية العُمانية على أحدث أساليب الترَصُّد الوبائي الميداني؛ بما في ذلك برامج متخصصة في الوبائيات الحقلية المعتمدة من المركز الأمريكي. وتابع أن منظمة الصحة العالمية تقدم دعمًا تقنيًا وتدريبيًا يُسهم في بناء قدرات الكوادر الصحية لمواجهة التحديات الوبائية بشكل استباقي. يعزز هذا التعاون تطوير المهارات الوطنية، ويدعم الجاهزية للاستجابة الفعّالة للأوبئة، علاوة على أن الشراكات الإقليمية- ضمن مجلس التعاون الخليجي- تُكمل هذا الجهد، من خلال التنسيق وتبادل الخبرات للتعامل مع التحديات المشتركة.

وأكد مدير دائرة الترَصُّد الوبائي بمركز مراقبة الامراض والوقاية منها بوزارة الصحة أن عُمان تحرص على تعزيز جاهزية كوادرها الصحية لمواجهة الأوبئة من خلال برامج تدريبية متكاملة وورش عمل متخصصة، ويتم التركيز على تطوير مهارات الاستجابة السريعة للتفشِّيات، عبر تنظيم تدريبات عملية تعتمد على محاكاة سيناريوهات واقعية؛ مما يتيح للفرق الطبية اكتساب خبرة ميدانية فعّال.

أمراض وبائية شائعة

وتحدث الوهيبي عن الأمراض الوبائية الأكثر شيوعًا في عُمان، وكيف تعمل الدائرة على مراقبتها والحد من انتشارها، وقال إنها تشمل: "حمى الضنك"، و"الإنفلونزا الموسمية" والأمراض التنفسية الأخرى، و"البروسيلا"، و"التسمُّمات الغذائية"، لافتًا إلى أن دائرة الترَصُّد الوبائي تولي اهتمامًا بالغًا بمراقبة هذه الأمراض وغيرها، من خلال أنظمة إبلاغ مُتطوِّرة تُتيح رصد الحالات بدقة وتحديد أنماط انتشارها. وأضاف أن الدائرة تعمل على الحد من انتشار هذه الأمراض عبر التعاون مع الجهات بتكثيف برامج مكافحة النواقل مثل البعوض، وتوفير اللقاحات الوقائية اللازمة، وتعزيز التدخلات الصحية مثل تحسين سلامة الغذاء للوقاية من التسممات الغذائية، كما تُنفَّذ حملات توعية مجتمعية واسعة تهدف إلى تثقيف الجمهور بطرق الوقاية وتعزيز الممارسات الصحية؛ مما يسهم في تقليل معدلات الإصابة وضمان صحة وسلامة المجتمع.

وتابع القول إن التوعية المجتمعية تسهم بدور أساسي في دعم جهود الترَصُّد الوبائي؛ إذ تساعد في نشر الوعي حول أهمية الوقاية والنظافة الشخصية؛ مما يعزز من قدرة المجتمع على مواجهة الأمراض الوبائية، كما تعمل وزارة الصحة على تنفيذ برامج توعية شاملة تستهدف مختلف الفئات العمرية، مع توظيف وسائل الإعلام والمنصات الرقمية الحديثة في نشر الرسائل الصحية، إضافة إلى توزيع مواد تثقيفية مثل الكُتيِّبات والمطوِيَّات التي تُقدِّم إرشادات عملية للوقاية من الأمراض، فضلًا عن تنظيم ورش عمل وحملات ميدانية تسعى إلى إشراك المجتمع بشكل فعّال، مما يعزز من ثقافة الصحة العامة ويسهم في بناء مجتمع أكثر وعيًا واستعدادًا لمواجهة التحديات الصحية.

تعزيز المعرفة العلمية

وأوضح الوهيبي أن دائرة الترَصُّد الوبائي تقوم بدور حيوي في تعزيز المعرفة العلمية حول الأمراض، من خلال إجراء أبحاث متقدمة بالتعاون مع المؤسسات الأكاديمية والمراكز البحثية، مشيرًا إلى أن هذه الأبحاث تُركِّز على دراسة السُلالات الجديدة من الفيروسات، وتحليل فعّالية التدخلات الصحية، بهدف تطوير استراتيجيات استباقية للوقاية من الأوبئة والحد من تأثيرها على الصحة العامة. وضرب الوهيبي مثالًا على ذلك التعاون العلمي، ومنها الأبحاث التي أُجريت خلال فترة جائحة "كوفيد-19"؛ حيث ركَّزت على تحليل ديناميكيات انتشار الفيروس وتقييم فعّالية التدخلات الوقائية والعلاجية. وشدد على أن هذه الأبحاث أسهمت بشكل كبير في تحسين استجابة النظام الصحي في السلطنة، وأثبتت أهمية البحث العلمي في اتخاذ قرارات مُستنيرة لمواجهة التحديات الصحية.

وفي إطار استخدام البيانات الوبائية في تطوير استراتيجيات صحية فعّالة، قال الوهيبي: "تؤدي البيانات الوبائية دورًا محوريًا في صياغة سياسات صحية فعّالة وموجهة؛ حيث يجري تحليل هذه البيانات لتحديد المناطق والفئات الأكثر عرضة للأوبئة؛ مما يتيح تخصيص الموارد بشكل أكثر كفاءة وتحقيق استجابة صحية متوازنة". وأضاف أن هذه البيانات تُستخدم أيضًا في تقييم فعّالية البرامج الصحية القائمة، وتطوير استراتيجيات جديدة تركز على الوقاية والعلاج لضمان صحة وسلامة المجتمع. وتابع أن من الأمثلة المهمة على دور البيانات في السياسات الصحية، بيانات المسح الوطني لنواقل الأمراض، التي توفر رؤى دقيقة حول توزيع النواقل وأماكن تكاثرها؛ مما يدعم برامج المكافحة الموجهة ويعزز التدخلات الوقائية، كما تُسهم بيانات دراسة الاحتياجات للقطاعات المختلفة، التي تم إعدادها ضمن سياسة اللجنة الوطنية لنواقل الأمراض، في تحديد الأولويات الصحية ودعم اتخاذ القرارات الاستراتيجية لتعزيز الجهود الوطنية في مكافحة الأمراض المنقولة وضمان التكامل بين القطاعات المختلفة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: تطویر استراتیجیات التدخلات الصحیة الکوادر الصحیة الصحة العالمیة انتشار الأوبئة هذا النظام التعاون مع للوقایة من من انتشار وأضاف أن وتعزیز ا وبائیة م من خلال ع مان ت التی ت أن هذه

إقرأ أيضاً:

غدا.. تدشين السياسة الصحية الوطنية في سلطنة عمان

تدشن وزارة الصحة غدا السياسة الصحية الوطنية لسلطنة عمان برعاية معالي السيد سلطان بن يعرب البوسعيدي المستشار بالمكتب الخاص، وبحضور معالي الدكتور هلال بن علي السبتي وزير الصحة، وعدد من المسؤولين.

تأتي هذه الخطوة بهدف تأمين حياة صحية متكاملة للسكان في سلطنة عمان من خلال حشد كافة الطاقات والجهود والموارد ذات الصلة بالصحة والعمل بروح الفريق الواحد.

وأكد معالي الدكتور هلال السبتي وزير الصحة أن إصدار السياسة الصحية الوطنية يعد خطوة مهمة في تعزيز النظام الصحي، مشيرا إلى أن هذه السياسة تأتي كإطار استراتيجي شامل يهدف إلى رفع كفاءة الخدمات الصحية وتحقيق مبدأ "الصحة للجميع وبالجميع"، من خلال تبني سياسات وطنية مبتكرة ومستدامة مثل "سياسة الصحة الواحدة".

وأضاف معاليه إن السياسة الصحية هي ثمرة جهود وطنية مكثفة وتعاون وثيق بين مختلف القطاعات الصحية والجهات المعنية، حيث تم إعدادها وفق نهج تشاركي لضمان تكاملها مع الأولويات الوطنية والاستراتيجيات التنموية، كما أنها تعكس التزام سلطنة عمان بتعزيز دورها الفاعل في الصحة الإقليمية والعالمية، والاستفادة من الخبرات والتجارب الدولية لتعزيز قدرة النظام الصحي على تقديم رعاية صحية عالية الجودة والكفاءة.

وأوضح معالي الوزير أن السياسة الصحية الوطنية تمثل خريطة طريق واضحة نحو مستقبل أكثر صحة واستدامة، ومرجعا أساسيا لصناع القرار لضمان تحقيق نظام صحي متكامل وعادل، قادر على تلبية احتياجات جميع السكان.

وأشار معالي الدكتور السبتي إلى أن الصحة تعد من أعلى أولويات "رؤية عُمان 2040"، حيث تمثل ركيزة أساسية للتنمية المستدامة ورفاه المجتمع. وأكد أن القطاع الصحي في سلطنة عمان قد شهد تطورا ملحوظا في العقود الماضية، مما ساهم في تحسين المؤشرات الصحية وتعزيز جودة الحياة، ومع ذلك، فإن المستجدات الصحية العالمية، بما في ذلك التحولات الديموغرافية والوبائية، وتغير أنماط الأمراض، والتطورات التكنولوجية السريعة، تفرض علينا تبني سياسات وطنية مرنة ومتجددة، تعتمد على الأدلة العلمية وأفضل الممارسات لضمان استدامة النظام الصحي وكفاءته في مواجهة التحديات المستقبلية.

مرتكزات أساسية

وتؤكد السياسة الصحية الوطنية لسلطنة عمان أن سكان السلطنة هم المحور الأساسي في تقديم الرعاية الصحية الشاملة والمتكاملة، وتهدف السياسة إلى إشراك المجتمع في العملية الصحية لتعزيز المسؤولية الجماعية تجاه صحة الفرد والمجتمع، ويشمل النظام الصحي في السلطنة جميع أطياف المجتمع، حيث يتعاون القطاع الحكومي والخاص ومنظمات المجتمع المدني والأسر والأفراد لتوفير أفضل رعاية صحية شاملة وآمنة وعادلة، مع ضمان حمايتهم من المخاطر الصحية.

ومن أبرز المرتكزات الأساسية التي تبنتها السياسة الصحية الوطنية، الصحة العامة، حيث تُعد الصحة العامة المظلة التي من خلالها يتم تعزيز الجهود المجتمعية لتحسين الصحة، وتسعى السياسة إلى توفير بيئة ملائمة تمكن الأفراد من الحفاظ على صحتهم ومنع تدهورها، من خلال الوقاية من الأمراض ومكافحتها، كما تهتم بكافة جوانب الصحة والرفاهية.

كما تُعد الرعاية الصحية الأولية الركيزة الأساسية للنظام الصحي في سلطنة عمان، يتم بناء باقي مستويات الرعاية الصحية على أساسها، مع ضمان التكاملية والشمولية، وتوفير خدمات صحية عالية الجودة وآمنة وعادلة، وملائمة مع احتياجات المجتمع، حيث إن جميع البرامج الصحية والخدمات المقدمة يجب أن تكون نابعة من احتياجات السكان وتتناسب مع المبادئ الأساسية للدولة، بالإضافة إلى التوافق مع الضوابط الشرعية والأعراف المجتمعية، ويجب أن تسهم هذه البرامج في تحسين صحة الأفراد وجودة حياتهم، وأن تستند إلى الأدلة العلمية وأفضل الممارسات.

وتُعد القيادة والحوكمة من العناصر الأساسية لتمكين النظام الصحي وتحسين أدائه، وتسعى السياسة إلى خلق بيئة عمل جاذبة وتحفيز الكوادر البشرية في مختلف المجالات الصحية.

كما تعمل السياسة على تأمين الموارد البشرية في مختلف التخصصات الصحية، وتنمية وتطوير الكوادر العاملة، مع تحسين بيئة العمل وتحفيز الموظفين، كما يتم وضوح التدرج الوظيفي لضمان استدامة الكوادر الصحية.

ويعد القطاع الخاص شريكًا فعالًا في التنمية الصحية، يتاح له فرصة المشاركة في النشاطات الصحية والاستثمار ضمن إطار الشراكة الإيجابية بين القطاعين العام والخاص، بما يعزز دور القطاع الخاص في تحسين النظام الصحي في سلطنة عمان.

ويُعد التعامل مع الطوارئ والكوارث أولوية قصوى، حيث يتم حشد الموارد البشرية والمادية اللازمة لمواجهة الكوارث الطبيعية والطوارئ الصحية، وتقديم الدعم المطلوب بأسرع وقت ممكن لضمان احتوائها.

ومن خلال هذه المرتكزات، تسعى سلطنة عمان إلى تحقيق نظام صحي متكامل ومستدام يلبي احتياجات جميع المواطنين والمقيمين في السلطنة ويعزز رفاه المجتمع.

إجراءات تنفيذية

وحددت السياسة الصحية الوطنية 21 إجراءً استراتيجيًا لتنفيذ أهدافها، حيث يتولى كل شريك من الشركاء، وفقًا لاختصاصه ودوره، اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية وتعزيز الصحة، ومن أبرز هذه الإجراءات وضع وإصدار التشريعات والقوانين واللوائح التي تضمن تحقيق أهداف السياسة الصحية الوطنية، واعتماد المعايير الوطنية والدولية التي تحافظ على صحة السكان عند اتخاذ القرارات ذات الصلة.

كما تشمل الإجراءات تشكيل المجالس الصحية واللجان الوطنية وتنظيم أشكال العمل الجماعي المشترك من أجل الصحة، مما يعزز العمل بروح الفريق الواحد ويقوي دور الشركاء ويضمن مساهمتهم الفعالة في التنمية الصحية، علاوة على ذلك، يتم ترجمة السياسة الصحية الوطنية إلى برامج استراتيجية ومشاريع ولوائح على مختلف المستويات من قبل جميع الشركاء، مع التأكد من قيام كل طرف بإعداد البرامج وصياغة السياسات الصحية التفصيلية في المجالات المتعلقة باختصاصاته، وإعداد الخطط اللازمة لتنفيذها.

إضافة إلى ذلك، يتم تأمين الموارد اللازمة لتحقيق أهداف السياسة الصحية من خلال أساليب تمويل متنوعة ومستدامة، ويشمل ذلك تنظيم مشاركة القطاع الخاص في الاستثمار الصحي والوقف الصحي بما يحقق العوائد الإيجابية على صحة السكان بكفاءة وفاعلية، كما يتم إعداد استراتيجية وطنية للتمويل المستدام للقطاع الصحي.

كما تم التركيز أيضًا على وضع استراتيجية وطنية للتعليم الصحي بهدف تنمية الكوادر البشرية في جميع التخصصات الصحية، مع رفع قدراتهم ومهاراتهم، والسعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي في مختلف المهن الصحية، كما تم العمل على توفير بيئة عمل محفزة وداعمة ومستقطبة للكفاءات.

وتشمل الإجراءات الأخرى وضع استراتيجية شاملة للصحة السلوكية تتضمن تعزيز آلية رصد وتقييم وقياس الصحة السلوكية لجميع فئات المجتمع، كما تم التركيز على الوقاية من الأمراض ورصدها ومكافحة مسبباتها ومعالجة آثارها، مع تحديد وتقييم الأخطار الناجمة عنها، ووضع الضوابط وإدخال التقنيات التي تسهم في تقليل المخاطر إلى أدنى مستوى مع العمل المستمر لتحديث هذه الإجراءات.

كما ركزت السياسة على الجاهزية التامة لحالات الطوارئ الصحية الناجمة عن الأمراض أو الأوبئة أو الكوارث الطبيعية، مع ضمان الاستجابة الفعالة والفورية، وتم أيضًا استخدام أحدث التقنيات العلمية والتطورات التكنولوجية في جميع المجالات الصحية بعد التقييم اللازم لها، مع مراعاة قيم المجتمع العماني واحتياجاته، بما يضمن الأمان ويحقق التحسن المستدام.

من جانب آخر، تم التأكيد على أهمية نشر الوعي الصحي في المجتمع وتشجيع الأفراد على المشاركة الفاعلة في تعزيز صحتهم، كما تم التأكيد على غرس مفاهيم "الصحة للجميع وبالجميع" واتباع نهج الصحة الواحدة في وقاية الثروات الزراعية والحيوانية من الآفات والأمراض، وحماية الموارد المرتبطة بها، وضمان جودة وسلامة المياه والغذاء.

وتشمل الإجراءات أيضًا إجراء الدراسات والبحوث والمسوحات المتعلقة بالصحة، ووضع قواعد للبيانات الصحية لكل قطاع بهدف دعم تنفيذ السياسة الصحية الوطنية وضمان الأمن الدوائي وسلامة ووفرة الأدوية. بالإضافة إلى ذلك، تشجيع ودعم الصناعات الدوائية الوطنية والعمل نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في هذا المجال.

الممكنات الاستراتيجية

ووضعت السياسة الصحية الوطنية 14 ممكنًا استراتيجيًا لتطبيق العمل، تهدف إلى تعزيز وحماية صحة الفرد والمجتمع عبر مؤسساته المختلفة، ومن أبرز هذه الممكنات تحفيز وتشجيع المبادرات التي تشجع على تبني أنماط حياة صحية وسلوكيات سليمة، إضافة إلى التصدي للعوامل التي تؤثر سلبًا على الصحة، ويتم التركيز أيضًا على تقوية سبل الوقاية من الأمراض وطرق مكافحتها.

وإحدى الممكنات الرئيسية هي تمكين الإعلام الصحي لرفع وعي المجتمع وثقافته الصحية، بما يسهم في تعزيز أنماط الحياة الصحية، كما تم التأكيد على تعزيز مبدأ التعاون والشفافية بين كافة الشركاء في القطاع الصحي في سلطنة عمان، وتقوية الشراكة فيما بينهم، والدفع نحو تحقيق التكامل بين جميع الأطراف المعنية.

كما تسعى السياسة إلى تطوير منظومة متكاملة ومستدامة لقيادة وحوكمة إدارة النظام الصحي، بما يضمن تنمية القيادات على مختلف المستويات، ويوفر أكبر قدر من اللامركزية في إدارة وتوزيع الخدمات الصحية. وتشمل الممكنات أيضًا وضع القوانين واللوائح التي تحدد المسؤولية الطبية وتنظم آليات الممارسة والمحاسبة، مع اتخاذ الإجراءات اللازمة للتقليل من الأخطاء الطبية والآثار الناجمة عنها وتنظيم أخلاقيات المهنة.

وتمت الإشارة إلى أهمية توسيع نطاق التغطية بالرعاية الصحية ذات الجودة العالية على جميع مستوياتها لتلبية حاجة السكان، مع ضمان الوصول إليها بيسر وعدالة وأمان واستدامة، كما تعمل السياسة على التطوير المستمر للمنظومة البحثية والمعلوماتية لدعم صناعة القرار المبني على الأدلة، وتحفيز الإبداع والابتكار، وتشمل الممكنات أيضًا مواكبة أحدث التطورات العلمية والتكنولوجية، وتقوية وتطوير المساهمة في الصحة الدولية على الصعيدين الإقليمي والعالمي، من خلال تعزيز العلاقات مع المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بالصحة.

مقالات مشابهة

  • وزارة الصحة تفعّل الجهوية الصحية عبر مؤسسات جديدة
  • تفاصيل خطة للاكتشاف المبكر للأوبئة وسرعة التعامل معها
  • محافظ كفر الشيخ يبحث الإعداد لتنفيذ مشروع التدريب العملي لمجابهة الأزمات
  • زراعة درعا تنفذ حملة تحصين مجانية للأبقار ضد الحمى القلاعية
  • «النزهة» المدينة الـ 18 على شبكة المدن الصحية الإقليمية
  • صحة المنوفية تكثف من جهودها للحد من انتشار البعوض
  • كامل الوزير: مصر أول دولة في إفريقيا تحصل على شهادة النضج الدوائي من منظمة الصحة العالمية
  • غدا.. تدشين السياسة الصحية الوطنية في سلطنة عمان
  • في يوم الصحة العالمي .. غزة بلا دواء والمنظومة الصحية على شفا الانهيار
  • «الإمارات الصحية»: جهود للارتقاء بصحة الفرد والمجتمع