لا يبدو فلول نظام بشار الأسد قادرين على إحداث البلبلة التي يحاولون إثارتها نظرا إلى طبيعتهم المافياوية وغياب كل من الدعم الخارجي والإعلامي والحاضنة الشعبية، حسب ما يقوله خبراء.

فبعد 20 يوما فقط من سقوط النظام، قتلت مجموعة من فلول الأسد 14 من عناصر الأمن في الإدارة الجديدة، وأصابت آخرين في اشتباك جرى على خلفية مزاعم بحرق ضريح أحد رموز الطائفة العلوية.

ولم تسارع السلطة الجديدة لاستخدام القوة ضد هذه المجموعات، لكنها طالبتهم بتسليم أنفسهم وإلقاء سلاحهم وأمهلتهم في هذا الأمر 4 أيام، وهو موقف تبناه شيوخ الطائفة الذين دعوا في بيان رسمي للحفاظ على السلم الأهلي.

لكن هؤلاء المسلحين رفضوا الانصياع لمطلب تسليم أنفسهم، مما دفع الحكومة للتحرك ضدهم بشكل عملي وأكثر قوة ومؤسساتية لتوقيفهم، منعا لمزيد من الفوضى.

مطلب شعبي

وتمثل الحملة الأمنية مطلبا شعبيا وقد اتخذت منحنى أكثر جدية بعد انتهاء مهلة تسليم النفس وإلقاء السلاح، برأي الكاتب والباحث السوري مؤيد قبلاوي، الذي يرى أن المواجهة صارت فرضا.

وخلال مشاركته في برنامج "مسار الأحداث"، قال قبلاوي إن السلطة الجديدة أصبحت مطالبة الآن بمواجهة هذه المجموعات من الفلول، لأن التسامح وتعزيز السلم المجتمعي "لا يعنيان عدم محاسبة المجرمين من رجال الأسد".

إعلان

وكانت الإدارة الجديدة -يضيف قبلاوي- راغبة في تأسيس العدالة الانتقالية التي تضمن عدم اللجوء إلى الانتقام الفردي، لكن هؤلاء الذين يجري تعقبهم "ليسوا عناصر جيش وطني، وإنما هم مجموعات مرتزقة وفارضو إتاوات وتجار كبتاغون"، حسب وصفه.

ولا يعتقد قبلاوي أن هذه الجماعات قادرة على إدارة ثورة مضادة في سوريا، لأنها بحاجة لدعم دولي وإعلامي وحاضنة شعبية، وهي أمور ليست متوفرة في الوقت الراهن على الأقل.

وحتى دول الجوار، مثل العراق ولبنان، لن تغامر -كما يقول قبلاوي- بدعم هذه الجماعات، "لأنها بحاجة إلى مساعدة الإدارة الجديدة لضبط الحدود ومنع تسلل أي جماعات إرهابية إليها".

كما أن هذه الجماعات لا تستند -برأي المتحدث نفسه- إلى جيش نظامي قومي يمكنه تحريك وإدارة ثورة مضادة كما حدث في دول عربية أخرى، وإنما هي "مليشيات لا تجد قبولا حتى في حواضن العلويين أنفسهم".

الرأي نفسه ذهب إليه الباحث السياسي عمر كوش الذي يرى أن الحملة التي تشنها السلطات الجديدة تستهدف العدالة، ويقول "إنها تتم بكثير من الحكمة".

وعلى عكس النظام السابق الذي كان يقصف القرى والمدن بالبراميل المتفجرة والسلاح الكيميائي، فإن السلطة الجديدة تقوم بعمليات تمشيط دقيقة دون ترويع أو إفراط في القوة وبالتعاون مع وجهاء المناطق خاصة في العاصمة دمشق وطرطوس واللاذقية وحمص.

وكان شيوخ العلويين قد دعوا الجميع لوضع السلاح بيد الدولة والابتعاد عن كل ما يثير الاحتراب الطائفي، وهو موقف يعتبره كوش دليلا على الفشل المتوقع لفلول الأسد في بلوغ مآربهم، "خصوصا أنهم لا يتعدون كونهم مجموعة من الشبيحة وبقايا الحرس الوطني".

ومن بين الأمور التي ستدفع بهذه الفلول نحو الفشل -كما يقول كوش- هو أن سوريا بكل مكوناتها تقف إلى جانب التغيير، وبالمثل تبدو مواقف دول الجوار حتى الآن على الأقل، بدليل قيام لبنان بتسليم مجموعة كبيرة من عناصر النظام إلى دمشق.

إعلان

لحظة ضرورية

أما الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات الدكتور لقاء مكي، فيصف اللحظة الحالية بالضرورية، ويرى أن فلول النظام وفروا غطاء مهما للسلطة الجديدة كي تبسط سيطرتها وتظهر هيبتها.

ويعتقد مكي أن الإدارة الجديدة كانت مترددة في التعامل بقوة مع بقايا النظام القديم خشية انهيار السلم الأهلي، لكنها بعد مقتل عدد كبير من عناصر الأمن التي أصبحت رسمية "باتت مطالبة بإظهار قدرتها على حماية نفسها وحماية البلاد حتى لا تتقوض شرعيتها".

وتوقع مكي فشل محاولات فلول نظام الأسد، وقال إنهم لن يتمكنوا من إحداث ثورة مضادة حتى لو تلقوا دعما خارجيا، بالنظر إلى أنهم يتحركون كعصابات غير منظمة، وليس كجيش وطني.

ومع اعتقاد مكي أن دولا بالمنطقة ستحاول إفشال هذا التحول المهم في سوريا، الذي يرى أنه حدث في لحظة فارقة، إلا أنه لا يتوقع وصول الأمور إلى ثورة مضادة، "لأن هذا الأمر يتطلب ترتيبات يصعب ترتيبها سريعا".

وحتى لو حاولت بعض الدول إفشال الإدارة الجديدة سياسيا وليس أمنيا، فإنهم سيجدون صعوبة كبيرة في حال نجحت السلطة السورية في احتواء الأقليات وتأمينهم ومنحهم وضعا اجتماعيا وسياسيا جيدا، حسب مكي.

وحاليا، تواصل إدارة العمليات العسكرية وجهاز الأمن العام التابعة لوزارة الداخلية السورية شن حملة أمنية وعمليات تمشيط واسعة النطاق في ريفي اللاذقية وطرطوس ومناطق أخرى في عموم البلاد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الإدارة الجدیدة

إقرأ أيضاً:

محللون سياسيون: إسرائيل تستغل الدروز لتنفيذ مشروع توسعي بالمنطقة

أجمع محللون وخبراء سياسيون على أن تدخلات إسرائيل في سوريا ولبنان تعكس إستراتيجية توسعية تسعى من خلالها لإعادة تشكيل المنطقة وفق مصالحها، في ظل غياب أي رادع دولي أو إقليمي. واعتبروا أن ذريعة حماية الدروز ما هي إلا واجهة لتحقيق أهداف أكثر عمقاً.

وحسب حديث الكاتب والباحث السياسي محمود علوش لبرنامج "مسار الأحداث" فإن ما تقوم به إسرائيل في سوريا ضمن مشروع يفرض تصوراتها لسوريا الجديدة كدولة ضعيفة ودولة فدرالية مقسمة.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4أردوغان يتهم إسرائيل بنقل نيرانها لسوريا وجنبلاط يوجه نداء للدروزlist 2 of 4سوريا ترفض "التدخل الخارجي" بشؤونها بعد أحداث صحناياlist 3 of 4إسرائيل التي تحترف إشعال الحرائق عاجزة عن إطفاء حرائقهاlist 4 of 4وزير الإعلام السوري: اعتداءات إسرائيل خطر على الشعب وتطلعاتهend of list

وأعلنت إسرائيل -أمس الأربعاء- أنها شنت هجوما تحذيريا على مجموعة وصفتها بـ"المتطرفة" كانت تستعد لمهاجمة الأقلية الدرزية بمنطقة أشرفية صحنايا في ريف دمشق، في حين أكدت الداخلية السورية تعرض المدينة لهجمات إسرائيلية.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس -في بيان مشترك- إن إسرائيل وجهت رسالة إلى النظام السوري بأنها تتوقع منه التحرك لمنع إلحاق الأذى بالدروز.

وأضاف علوش أن موضوع الاستثمار في الحالة الدرزية مدخل قوي لإسرائيل من أجل محاولة فرض هذه التصورات، مؤكدا أن خطورة هذا التدخل الإسرائيلي أصبح يشكل تهديدا على الدروز قبل أن يشكل تهديدا على سوريا، إذ يضع هذه الطائفة في عداء كبير مع الدولة ومكونات سورية كثيرة.

إعلان

وفي السياق ذاته، أشار الخبير بالشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى إلى أن الزعيم الروحي للطائفة الدرزية بإسرائيل موفق طريف يمثل "ترسا صغيرا" في الإستراتيجية الإسرائيلية تجاه دمشق، وأن إسرائيل تستغله بشكل كبير من أجل تنفيذ استراتيجيتها داخل سوريا.

آفاق مستقبلية

وأكد الخبير بالشؤون الإسرائيلية أن إسرائيل وضعت الآن السقف لوجودها في سوريا، وسياستها هي الحفاظ على المنطقة العازلة، مشيرا إلى أن إسرائيل لن تنسحب من هذه المنطقة الجنوبية.

ووفق مصطفى، فإن إسرائيل تنسحب تاريخيا في 3 حالات: القوة، أو اتفاق مع النظام، أو ضغط دولي، لافتا إلى أن هذه الحالات غير موجودة في هذه المرحلة.

وفي السياق الإسرائيلي، كشف الصحفي في صحيفة هآرتس غدعون ليفي أن إسرائيل ترى أمامها فرصة سانحة بدعم غير متوقع من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في كل ضعف كامل للأسرة الدولية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.

وأضاف ليفي أن إسرائيل ترى ذلك فرصة لتوسيع حدودها و"لكي تقتل كل الأعداء وتصبح أقوى" مشككا في نجاح هذه الإستراتيجية بقوله "هذا أمر مشكوك به لأن إسرائيل لن تخرج أقوى نتيجة لكل هذه الهجمات".

استهداف حزب الله

وبشأن الجبهة اللبنانية، أكد الباحث السياسي أن إسرائيل تنظر إلى الحرب الحالية على أنها فرصة لإنهاء حالة حزب الله، مشيرا إلى أن هذا التحرك الإسرائيلي ينبع من نزعة توسعية في المنطقة برزت بعد حرب 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وأشار علوش إلى أن هذه النزعة التوسعية لا تشكل تهديدا فقط للبنان وسوريا، بل أيضا لجميع دول المنطقة.

أما موقف الرأي العام الإسرائيلي، فأوضح مصطفى أنه لا يبدي حتى هذه اللحظة موقفا واضحا أو سلبيا فيما يتعلق بالجبهات في لبنان وسوريا وحتى في الضفة الغربية، لأنه لا يدفع أثماناً الآن.

وأضاف أن المجتمع الإسرائيلي حالياً يركز فقط في جبهة غزة من أجل قضية الأسرى، وهناك تخوف من أن العمليات العسكرية وتوسيعها سيؤدي إلى مقتل المزيد منهم.

إعلان

وأكد الخبير بالشؤون الإسرائيلية أن النقاش والجدال في إسرائيل حول هذا الموضوع سيبدأ في حالة وجود أثمان تدفعها إسرائيل مثل تعرضها لعقوبات دولية.

مسارات تفاوضية

ويرى علوش أن تركيا دولة لا يمكن تجاهل مصالحها في سوريا، لافتاً إلى أنه حتى ترامب كان واضحا في اللقاء الأخير بينه وبين نتنياهو في البيت الأبيض، إذ أبلغه بوضوح أن محاولة إسرائيل الحصول على مصالح في سوريا تبدأ عبر تركيا.

وأشار إلى أنه منذ 2 أبريل/نيسان الماضي، لم يكن هناك أي نشاط جوي إسرائيلي في سوريا، بعدما وضع ترامب خطوطاً حمراء لنتنياهو في سوريا، إضافة إلى وجود مسار تفاوضي إسرائيلي تركي بدأ حول سوريا، فضلا عن مسار تفاوضي سوري أميركي.

وأوضح أن الدولة اللبنانية في وضع صعب لأنها لا تستطيع أن تقدم تصوراً يمكن أن يكون مقبولاً وطنياً، ومقنعاً لحزب الله بأن نزع السلاح يمكن أن يؤدي إلى معالجة التهديد الإسرائيلي وانسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها.

مقالات مشابهة

  • الرعاية الصحية: الموافقة على مشروع لائحة الموارد البشرية ومنظومة الأجور الجديدة للعاملين
  • هل إسرائيل في مأزق إستراتيجي؟ محللون يجيبون
  • سلوى محمد علي: سعيدة بالجيل الجديد لأنهم محبون للسينما l خاص
  • هل يوجد مكونات في الجعة مضادة للسرطان؟.. طبيبة تشرح
  • محللون سياسيون: إسرائيل تستغل الدروز لتنفيذ مشروع توسعي بالمنطقة
  • د. حسن محمد صالح يكتب: مجزرة صالحة (ما بضولا نار)
  • فوائد واضرار غير متوقعة.. اكتشف ماذا يحدث للجسم عند تناول الثوم الأسود
  • محللون: إسرائيل قد تستخدم المساعدات لتحقيق أهدافها والعالم لا يفعل شيئا
  • نبش قبر الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد بعد شهور على إحراقه (شاهد)
  • ورشة عمل حول الهيكلية الإدارية الجديدة لوزارة الإدارة المحلية