لماذا اختارت موريتانيا الحياد تجاه الانقلاب العسكري في النيجر؟
تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرًا تحدثت فيه عن الأسباب التي تقف وراء اختيار موريتانيا التزام الحياد بشأن أزمة النيجر من خلال رفض دعم الانقلابيين أو تأييد تدخل المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس).
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن موريتانيا في البداية شجبت الانقلاب الذي قاده الجنرال عبد الرحمن تياني، الرئيس السابق للحرس الرئاسي.
وأشارت الصحيفة إلى أن موقف نواكشوط فاجأ المجتمع الدولي، نظرًا لأنها هذه المرة الأولى التي تدين فيها صراحةً انقلابًا، بينما لم تتخذ موقفًا رسميًا بشأن الانقلاب الذي أطاح بالرئيس المالي إبراهيم بوبكر كيتا في سنة 2020، أو الغيني ألفا كوندي في سنة 2021، أو رئيس بوركينا فاسو مارك كريستيان كابوري في سنة 2022.
وحسب آلان أنتيل، المسؤول عن برنامج أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، "لطالما حافظت موريتانيا على موقفٍ متحفّظ ومدروس للغاية يجعلها لا تظهر أبدًا في الخطوط الأمامية مفضلةً المسار الدبلوماسي". وأضاف أن موريتانيا "هذه المرة أدانت الانقلاب من حيث المبدأ لأنها ربما تمتلك الرقم القياسي في عدد الانقلابات في هذه المنطقة الفرعية، وقد شارك الرئيس الموريتاني نفسه في الانقلابين الأخيرين في بلاده، سنتي 2005 و2008 قبل انتخابه ديمقراطيًا سنة 2019".
دولة في منأى عن الجهاديين
والسؤال المطروح، هل أن البيان الأخير لموريتانيا الداعي إلى العودة إلى النظام الدستوري في النيجر سببه الخوف من عدوى إقليمية من الانقلابات؟ يعتبر محمد ولد الغزواني الرئيس الأخير المنتخب ديمقراطياً ضمن مجموعة دول الساحل الخمس، التي تضم التشاد والنيجر وبوركينا فاسو (ومالي سابقا). وتشير عدة مصادر إلى أنه وقع تشديد الأمن حول رئيس الدولة الموريتاني منذ 26 تموز/ يوليو.
ونقلت الصحيفة عن آلان أنتيل أن "الرئيس الغزواني، بصفته ضابط مخابرات سابق ثم رئيسًا للأركان، لديه معرفة جيدة بأسرار الدفاع الوطني. وقد ركّز على الجيش، إذ تم مؤخرا الترفيع في الرواتب وتمكين الضباط من تلقي التدريب خارج البلاد. وفي الواقع، يمكن القول إن موريتانيا باتت دولة آمنة. ففي حين تتعرض النيجر - حيث قُتل ما لا يقل عن 17 جنديًا في كمين إرهابي يوم الثلاثاء - ومالي وبوركينا فاسو بانتظام لهجمات جهادية، لم تشهد موريتانيا أي هجوم منذ سنة 2011".
وذكرت الصحيفة أن موريتانيا انسحبت من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) منذ سنة 1998. وفي أبوجا، حيث كان حاضرًا في اجتماع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في 9 آب/ أغسطس بصفته الرئيس الحالي لمجموعة دول الساحل الخمس، "تلقى محمد ولد الغزواني طلبًا قويًا من ماكي سال -رئيس السنغال الذي يدعم التدخل العسكري في النيجر- للتأثير بكل ثقله في هذه الأزمة ، وذلك حسب أحد المقربين من الرئاسة الموريتانية.
فضلًا عن ذلك، استقبل ولد الغزواني أحد الزعماء النافذين من الطوارق الموريتانيين في منطقة الساحل، وهو مستشار للرئيس بازوم، الذي حاول إقناعه بالتمسك بفكرة التدخل العسكري. لكن الغزواني تشبث بموقف بأن نواكشوط لن تدعم النظام المخلوع بأكثر من مجرد بيان على الرغم من أنه صديق محمد بازوم.
وأشارت الصحيفة إلى أنه من غير الوارد مشاركة جنود موريتانيين في تدخل عسكري محتمل إلى جانب الإيكواس في النيجر، بينما يجتمع رؤساء أركان جيوش غرب إفريقيا في غانا يومي الخميس والجمعة 16 و17 آب/ أغسطس لمناقشة هذه الإجراءات.
وأضافت الصحيفة أن نواكشوط تتبنى نفس الموقف بشأن العقوبات الاقتصادية والمالية المفروضة على نيامي من قبل المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا. وعندما فُرض الحصار على مالي، رفضت موريتانيا إغلاق حدودها وظل ميناؤها أحد طرق التجارة الرئيسية لباماكو. ويبدو أن محمد ولد الغزواني قلق من عدم الرضا عن المجلس العسكري في مالي، بينما لا يريد المخاطرة بتشويه علاقة بلاده مع النيجر.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة موريتانيا النيجر الانقلابيين بازوم أفريقيا انقلاب النيجر أفريقيا موريتانيا بازوم صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المجموعة الاقتصادیة لدول غرب غرب إفریقیا فی النیجر رئیس ا
إقرأ أيضاً:
“تقدم” – العمياء التي لا ترى ما حولها.!!
الحراك المدني والسياسي في بلادنا لم يتعافى من أمراض الماضي، ظل يكرر التجارب السابقة بكل عيوبها، هذا إذا لم يزد في وتيرة العيب التراكمي، فحين انقلب الاخوان على الحكومة الشرعية برئاسة الصادق المهدي، لم ينتفض رئيس الوزراء الشرعي (الصادق)، الانتفاضة التي تليق به كصاحب حق أصيل منحه الشعب عبر صناديق الاقتراع، فخان الأمانة التي تستوجب مواصلة المشوار النضالي المعارض )بصدق(، فهادن النظام الذي سيطر على مقاليد أموره صهره زعيم الاخوان، وعمل على تهدئة الأنصار الغاضبين، باستحداث تنظير جديد أفرز نوع غريب من المعارضة أسماه (الجهاد المدني)، الذي كان بمثابة تعطيل لصمود بعض الشرائح الحزبية الساعية لمواجهة الانقلابيين عسكرياً، ومن غرائب ومدهشات هذا (الصادق المهدي)، أنه لم يكتف بإقناع اتباعه بضرورة سلوك الجهاد المدني (النضال الاستسلامي)، بل عمل سرّاً مع الانقلابيين لتعضيد بقائهم في السلطة، التي نزعوها منه نزعاً، وذلك باختراقه للتجمع الوطني – التحالف السياسي والعسكري العريض، الذي تأسس من أجل إزالة الحكومة الاخوانية المنقلبة على شرعية (رئيس الوزراء الصادق المهدي)، الذي خرج من الخرطوم على مرأى ومسمع أجهزة الحكومة الاخوانية، في رحلة سفر بريّة عبر الحدود السودانية الارترية، والتحق بالتجمع الوطني الديمقراطي في أسمرا، ثم عاد بعد مضي أشهر قليلة، أعقبها تفكك التحالف الهادف لاستعادة الشرعية، وحصل من النظام على المكافأة، هذا الحدث التاريخي المهم يجب على السياسيين (الشرفاء)، أن يلقنونه للأجيال الحاضرة، وأن لا يخدعوهم بتسويق الرجال الديمقراطيين المزيفين الرافضين لحكم العسكر نفاقاً، فمثل هذا التآمر المدني مع الانقلابيين العسكريين الاخوانيين، هو واحد من أسباب معاناة شعبنا من بطش العصابة الاخوانية، لذلك يجب الربط بين الخذلان الذي مارسه زعيم حزب الأمة، والأسباب الجوهرية التي مهدت لوصول الاخوان (الجبهة الإسلامية) للسلطة عبر الانقلاب.
عاشت قيادات أحزاب الأمة والاتحادي والبعث والشيوعي وغيرها، في توائم وانسجام مع منظومة دولة الانقلاب، التي رأسها البشير لثلاثين سنة، فسجدوا جميعهم داخل قبة برلمان (التوالي السياسي)، الذي وضع لبنة تأسيسه حسن الترابي شيخ الجماعة الاخوانية، هذا التماهي مع الانقلاب خلق طبقة سياسية حزبية داجنة ومذعنة لما يقرره العسكر الانقلابيون، لذلك جاءت ردة فعل القوى السياسية المشاركة في حكومة حمدوك مهادنة بعد انقلاب العسكر عليها، ولم تساند رئيس وزراء الثورة المساندة القوية والمطلوبة، ليصمد أمام الأمواج العاتية القادمة من بحر الانقلابيين الهائج المائج، فقدم حمدوك استقالته وغادر البلاد، وفشل طاقم الحكومة الشرعية في اختيار رئيس وزراء جديد ولو من منازلهم، ليقود الحراك الثوري المشروع، وكذلك أخفق أعضاء المجلس السيادي الشرعيين، في اختيار رئيس لمجلسهم للاستمرار في تمثيل السيادة التي اختطفها الانقلابيون، فارتكبوا ذات خطأ رئيس الوزراء الأسبق الذي انقلب عليه الاخوانيون، فاستسلم وانهزم وقدم لهم خدماته الجليلة، الخطأ الثاني هو عودة حمدوك لقيادة طاقم حكومته الشرعية تحت مسمى تحالف سياسي جديد مناهض للحرب أسموه "تقدم"، في خلق ازدواج للجسم السياسي الحاضن للشرعية "قحت"، كان يجب أن تستمر "قحت" في لعب دورها الداعم لثورة الشباب وحكومة الانتقال الحقيقية، وأن تترك رئيس الوزراء المستقيل ليكوّن التحالف المدني (غير السياسي)، المنوط به إيقاف الحرب، فاستقالة حمدوك ابّان ذروة الصلف الانقلابي هزمت الثوار وطاقم حكومته، فما كان له أن يعود للتعاطي السياسي بعد أن غادر السلطة طواعيةً، ومن الأفضل أن يكون أيقونة مدنية ورمز وطني يسعى بين السودانيين بالحسنى بقيادة آلية مدنية توقف الحرب.
الضعف السياسي والمدني المتوارث عبر الأجيال، فتح الباب واسعاً أمام فلول النظام البائد، لأن يصولوا ويجولوا بين بورتسودان وعطبرة مختطفين سيادة البلاد وحكومتها، فالمؤتمر الذي أقيم في كينيا بغرض تشكيل حكومة يعتبر خطيئة كبرى من "قحت" المتحورة إلى "تقدم"، كان الأجدى أن يمارس وزراء حمدوك دورهم الشرعي الذي لا يجب أن يهدده الانقلاب غير الشرعي، وأن يختاروا من بينهم رئيساً للوزراء بديلاً للمستقيل، ليصدر قرارات بإعفاء جميع رموز الحكومة التنفيذية المنخرطين في الانقلاب من وزراء وولاة وحكام أقاليم، ويستعيض عنهم بكوادر دستورية بديلة ممن يذخر بهم السودان، وأن يقوم أعضاء مجلس السيادة أصحاب الشرعية الدستورية بالدور نفسه، وأن يستمر دولاب العمل في المناطق المحررة بوتيرة طبيعية، تهيء الأجواء لقيام الدستوريين بدورهم الوطني، إنّ ما فعلته القوى السياسية والمدنية من تخبط وخلط لأوراق اللعبة السياسية بالمدنية والعسكرية، هو ما قاد لهذا الوضع الضبابي الذي يشي بحدوث انشقاقات أميبية، سوف تعصف بوحدة تحالف "تقدم"، بحسب ما يرى المراقبون، بل وتفتح الباب لاتساع الفراغ السياسي المتسع يوماً بعد يوم منذ أن اندلاع الحرب، لقد لعبت "تقدم" دور الأعمى الذي لا يرى ما يعوزه من أشياء هي في الأساس موجودة حوله، وعلى مرمى حجر من عكازه الذي يتوكأ عليه، فتقدم في حقيقتها هي "قحت" الحاضن لأجهزة الانتقال – حكومة تنفيذية ومجلس سيادي وجهاز تشريعي لم يؤسس، فلماذا تبحث عن شرعية تمتلكها؟، وكيف سمحت لأن يقودها العميان لإضفاء شرعية على حكومة بورتسودان الانقلابية المشعلة للحرب؟.
إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com