من جديد ووسط ما يحدث فى سوريا اليوم تردد اسم «فاروق الشرع»، وهو الذى شغل منصب نائب الرئيس السورى السابق ووزير خارجية سوريا لسنوات طويلة. اليوم تردد اسمه من جديد بعد سقوط «بشار» باعتباره شخصية ذات ثقل فى مسألة الحوار الوطنى. ولقد التقى مؤخرًا بالقائد العام للإدارة السورية الجديدة ليتم بحث موضوع مؤتمر الحوار الوطنى ودور «فاروق الشرع» فيه.
مؤشرات ظهور «فاروق الشرع» من جديد تؤكد أن دوره المحتمل فى سوريا الجديدة يتجه نحو الحوار الوطنى وهو النهج الذى طالما تبناه، ويؤكد مقربون منه أنه كان قيد الإقامة الجبرية منذ عام 2013 بعد دعوة أطلقها للحوار مع قوى المعارضة. الجدير بالذكر أنه علق على سقوط نظام بشار قائلًا: (إنه يرحب بالتغيير فى سوريا من شمالها إلى جنوبها بعد معاناة الشعب السورى الطويلة). وحذر من الفوضى التى خلقها تخلى «بشار» المفاجئ عن السلطة دون أية محاولة لنقلها رسميًا.
«فاروق الشرع» دبلوماسى وسياسى بارز ولا تنسى له مواقفه عندما كان يتولى منصب نائب رئيس الجمهورية فى سوريا فى الفترة من 2006 وحتى 2014، وقبل ذلك لا ينسى له نشاطه وعمله الدءوب عندما كان يشغل حقيبة وزارة الخارجية من الفترة بين 1984 وحتى 2006. وفى عام 2013 تم استبعاده من القيادة القطرية لحزب البعث. التقيته أكثر من مرة وأجريت معه العديد من اللقاءات لهيئة الإذاعة البريطانية. وأذكر له مواقفه الجريئة، ففى العام ذاته حدثنى حول الأزمة فى سوريا قائلًا: (إن الحسم العسكرى وهم، وأن الحل يكون بتسوية تاريخية). واليوم ربما تتجه الحكومة المؤقتة فى سوريا إلى تبنى نفس النهج الذى طالما تبناه «فاروق الشرع» ودعا إليه ألا وهو الحوار الوطنى الشامل، وهو النهج الذى تتبناه الإدارة الجديدة فى سوريا اليوم، ولهذا أكملت التحضيرات من أجل عقد اجتماع موسع فى دمشق لإطلاق حوار وطنى شامل، والذى ينتظر أن يعقد خلال الأيام المقبلة. والمزمع أن تحضره كل الهيئات وممثلون عن الشعب السورى ومكوناته. كما ستتم دعوة ممثلى التجمعات السياسية والمجتمع المدنى والكفاءات العلمية والمستقلين.
ولقد قيل بأن ممثلين عن الفصائل العسكرية للثورة سيشاركون فى الاجتماع المذكور والذى ينتظر أن يضع الأسس التى يبنى عليها النقاش بشأن المرحلة الانتقالية وآلية إدارة شئون الدولة فى الفترة المقبلة. يحمد لفاروق الشرع مواقفه الجريئة وتبنيه المنطق فى الحكم على الأمور، فهو السياسى البارز الذى لم يكن يخشى فى الحق لومة لائم. ولأنه بادر وانتقد سياسات الرئيس «بشار الأسد» علانية دفع الثمن بأن تم إقصاؤه عن المشهد واختفى تمامًا، وأبعد عن المشهد السياسى فى الأعوام الأخيرة من حكم «بشار».
فى إطار المستجدات التى جرت مؤخرًا بادر «أحمد الشرع» القائد العام للإدارة الجديدة فى سوريا فقام بزيارة "فاروق الشرع" فى مكان إقامته فى إحدى ضواحى دمشق ووجه له دعوة لحضور مؤتمر حوار وطنى من المقرر أن يعقد قريبًا فى العاصمة دمشق، وهو الحوار الذى طالما دعا إليه «فاروق الشرع» بوصفه الطريق القويم للإصلاح. حمى الله «فاروق الشرع» السياسى البارع الذى دفع فى يوم من الأيام ثمن صراحته وشجاعته وتشبثه بالحق وحده.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: فاروق الشرع سناء السعيد الرئيس السوري السابق وزير خارجية سوريا الحوار الوطنى فاروق الشرع فى سوریا
إقرأ أيضاً:
رويترز: روسيا ستحتفظ بقواعدها في سوريا.. هل تسلّم الأسد إلى دمشق؟
قالت وكالة "رويترز" نقلا عن مصادر، إن روسيا قررت الاحتفاظ بقواعدها في سوريا، وأبرزهما قاعدتي حميميم وطروطس البحرية.
وحول تسليم رئيس النظام المخلوع بشار الأسد، ذكرت "رويترز" أن الجانب الروسي قال إن هذه المسألة لن تقبل بها روسيا، علاوة على أنها لم تتلق طلبا لتسليم الأسد من قبل الإدارة السورية الجديدة.
وتاليا تقرير "رويترز" كاملا، والذي يتضمن نقاط حول الديون على النظام المخلوع، وسعي الرئيس السوري أحمد الشرع لعدم الالتزام بها، كون من كبّل سوريا بها هو النظام المخلوع:
على مدى سنوات كان جنود من قاعدة حميميم الجوية الروسية في سوريا يتجولون بحرية في المدن الساحلية. وكانت الطائرات الحربية تنطلق من المجمع لقصف المتمردين الإسلاميين الذين يقاتلون نظام بشار الأسد القمعي.
ولكن مع رحيل الأسد، تتولى مجموعات صغيرة من المتمردين السابقين حراسة مداخل قاعدة حميميم وقاعدة طرطوس البحرية الروسية التي تعود إلى الحقبة السوفييتية على بعد 60 كيلومترا إلى الجنوب، حيث تسيطر قوة إسلامية تعرف باسم هيئة تحرير الشام على البلاد الآن.
وقال حراس يرتدون الزي الكاكي لمراسلي رويترز الذين زاروا المنطقة الأسبوع الماضي إن هؤلاء الحراس يرافقون أي قوافل روسية تغادر المنطقة.
وقال أحد الحراس، رافضاً التحدث علناً: "يتعين عليهم إخطارنا قبل مغادرتهم".
ويبقى مستقبل القواعد، التي تشكل جزءا لا يتجزأ من الوجود العسكري الروسي في الشرق الأوسط وأفريقيا، في أيدي الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع.
يريد بوتين إعادة التفاوض على عقد الإيجار السخي لمدة 49 عاما في عهد الأسد لمدينة طرطوس وعقد الإيجار غير المحدد لحميميم من أجل تأمين شروط أفضل، لكنه لا يبدو أنه يريد استبعاد موسكو تماما.
ولكن يبدو أن القواعد قد تبقى في سوريا مقابل الدعم الدبلوماسي والتعويض المالي من روسيا، التي شاركت بشكل عميق في الاقتصاد والدفاع في سوريا لمدة سبعة عقود قبل أن تنضم إلى الحرب الأهلية في عام 2015 وتسببت في دمار ساعد في إبقاء الأسد في السلطة لسنوات.
لقد سقط الأسد في ديسمبر/كانون الأول، ففر إلى روسيا عبر قاعدة حميميم . والآن تنخرط القيادة الإسلامية السورية ــ التي كانت ذات يوم هدفاً لغارات جوية روسية متواصلة ــ في مفاوضات مع موسكو.
وفي هذه القصة، تحدثت رويترز إلى ثمانية مصادر سورية وروسية ودبلوماسية قدمت تفاصيل لم تنشر من قبل من الاجتماع الأول رفيع المستوى بين الشرع ومبعوث أرسله الرئيس فلاديمير بوتين، بما في ذلك مطالب تتعلق بديون بمليارات الدولارات، ومستقبل الأسد، وإعادة الأموال السورية المزعومة الموجودة في روسيا.
وعلى غرار آخرين في القصة، طلبت المصادر عدم الكشف عن هويتها للحديث عن أمور حساسة.
إن وضع العداوة جانباً يعود بالنفع على الطرفين. فعلى الرغم من تخفيف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لبعض العقوبات المفروضة على سوريا، فإن القيود المتبقية تجعل من الصعب ممارسة الأعمال التجارية مع الدولة التي مزقتها الحرب وأفقرت 23 مليون نسمة.
إن استعادة الإمدادات الروسية التقليدية من الأسلحة والوقود والقمح قد تكون بمثابة شريان حياة. وعلى هذا فإن زعماء البلاد على استعداد "لإحلال السلام، حتى مع أعدائهم السابقين"، كما قال دبلوماسي مقيم في دمشق لرويترز.
وتقول آنا بورشفسكايا من معهد واشنطن: "لا يزال لدى موسكو ما تقدمه لسوريا"، وهي قوية للغاية وراسخة للغاية بحيث لا يمكن تجاهلها.
وقالت "إن روسيا تحتاج ببساطة إلى حكومة في دمشق تضمن مصالحها، وستكون مستعدة لإبرام صفقة مع هذه الحكومة". وقال أحد مصادر المساعدات التابعة للأمم المتحدة إن روسيا لم تصدر حبوبا إلى سوريا في ظل الإدارة الجديدة.
ولم يتحدث الرئيس الأميركي دونالد ترمب كثيراً عن سوريا منذ توليه منصبه، لكنه سعى إلى إصلاح العلاقات الأميركية مع موسكو. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن رحيل الأسد يتيح الفرصة لسوريا "لكي تتوقف عن الخضوع لهيمنة النفوذ الإيراني أو الروسي وزعزعة استقرارها".
لكن إسرائيل حليفة الولايات المتحدة تريد أن تبقى روسيا بمثابة حصن ضد النفوذ التركي، وفق ما ذكرت وكالة رويترز للأنباء يوم الجمعة.
وقال مصدران لرويترز إن الشرع سعى خلال الاجتماع الذي عقد في 29 يناير/كانون الثاني في دمشق إلى إلغاء القروض المبرمة مع روسيا في عهد الأسد. وقال وزير المالية محمد أبازيد الشهر الماضي إن سوريا التي كانت خالية إلى حد كبير من الديون الخارجية قبل الحرب لديها حاليا التزامات خارجية تتراوح بين 20 و23 مليار دولار دون تحديد حجم الديون المستحقة لروسيا.
وقال أحد المصادر إن المسؤولين السوريين أثاروا خلال اللقاء الذي استمر ثلاث ساعات مع نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف قضية رئيسية أخرى، وهي عودة الأسد إلى سوريا، ولكن بشكل عام فقط، مشيرين إلى أنها ليست عقبة كبيرة أمام إعادة بناء العلاقات. وقال مصدر روسي رفيع المستوى إن روسيا لن توافق على تسليم الأسد، ولم يُطلب منها ذلك.
ودعا الشرع أيضا إلى إعادة الأموال السورية التي تعتقد حكومته أن الأسد أودعها في موسكو، لكن الوفد الروسي بقيادة نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف نفى وجود مثل هذه الأموال، وفقا لدبلوماسي مقيم في سوريا مطلع على المحادثات.
ولم يستجب مكتب الشرع ومجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض لطلبات التعليق.
وفي بيان صدر بعد الاجتماع، قالت الحكومة السورية إن الشرع أكد على ضرورة معالجة الأخطاء السابقة في العلاقات الجديدة، وطالب بتعويضات عن الدمار الذي أحدثته روسيا. وقالت جميع المصادر إن الاجتماع سار بسلاسة نسبية. ووصف الكرملين المكالمة الهاتفية التي جرت بين الشرع والرئيس الروسي فلاديمير بوتن قبل أسبوعين بأنها كانت بناءة .
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف ردا على سؤال من رويترز يوم الثلاثاء عما إذا كانت المحادثات بين موسكو ودمشق بشأن مصير القواعد العسكرية الروسية تتقدم: "نحن نواصل اتصالاتنا مع السلطات السورية".
وأضاف "حسنًا، دعونا نقول فقط إن عملية العمل جارية".
ولم ترد وزارة الخارجية الروسية على طلب التعليق.
وقال سيرجي ماركوف، المستشار السابق للكرملين، هذا الشهر إن الأمور تبدو جيدة بالنسبة لموسكو.
وكتب على تليغرام: "السلطات السورية الجديدة لا ترى في روسيا دولة معادية. لكن سيتعين على روسيا أن تفعل شيئًا مفيدًا للحكومة السورية مقابل هذه القواعد".
معضلة سوريا
وفي مقابلة مع قناة العربية الإخبارية السعودية في أواخر كانون الأول/ديسمبر، أقر الشرع بـ "المصالح الاستراتيجية" لسوريا مع روسيا، التي زودت الجيش المنحل في البلاد لأجيال، ومولت محطات الطاقة والسدود إلى جانب البنية التحتية الرئيسية الأخرى.
في المقابل، مع وجود القوات الأميركية في شمال شرق سوريا، والقوات التركية في الشمال والقوات الإسرائيلية الجديدة في جنوب سوريا، فإن روسيا مصممة على الحفاظ على قاعدتها البحرية الوحيدة في البحر الأبيض المتوسط.
ومن شأن هذا أن يساعد موسكو على الاحتفاظ بالنفوذ السياسي في خضم الصراع الدبلوماسي على النفوذ على دمشق بعد سقوط الأسد.
أجرى وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ونظيره التركي محادثات في أنقرة يوم الاثنين. وقال مصدر تركي إن المحادثات شملت سوريا. ولم ترد وزارة الخارجية التركية على طلب التعليق.
وتطالب دمشق بتعويضات عن الدمار الذي خلفته الحرب. ومن المتوقع أن تبلغ تكاليف إعادة الإعمار 400 مليار دولار، وفقاً للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا).
وقال مصدر مطلع على وجهة نظر روسيا في هذا الشأن إن من غير المرجح أن تقبل موسكو المسؤولية، لكنها قد تعرض بدلا من ذلك المساعدات الإنسانية.
وفي كانون الأول/ديسمبر، عرض بوتن استخدام القواعد كمراكز لتوصيل المساعدات الإنسانية إلى الشعب السوري، وقال سفير روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا إن تحالف روسيا مع سوريا "ليس مرتبطا بأي نظام". وقال مصدر مساعدات الأمم المتحدة إنهم لا علم لهم بنقل أي مساعدات عبر القواعد.
مصير الأسد
إن مصير الأسد ورفاقه الذين فروا إلى موسكو مسألة حساسة. وتقول المصادر الروسية والدبلوماسية إن روسيا لا تزال تعارض تسليم الأسد، وتصر على الاستمرارية في تحالفاتها.
وقال المصدر الروسي الكبير "إن روسيا لا تتخلى عن أشخاص لمجرد أن الرياح تغير اتجاهها".