بوابة الوفد:
2025-03-04@07:45:11 GMT

حبس الطبيب فريضة

تاريخ النشر: 28th, December 2024 GMT

فبدلًا من أن نحبس الطبيب لطلب العلم أو نحبسه لأداء عمله بهدوء أو نحبس عنه المتطفلون أو المعتدون ويُحال بينهم وبينه حتى يؤدى مهنته السامية، نجد الناس تحبسه وتسجنه وترهبه، ومنها أيضًا إخافته والتهديد بتشويه سمعته التى لا يملك غيرها، وهى الرصيد الوحيد عند الطبيب فى اكتساب رزقه بإذن الله، وكل طبيب على وجه الأرض، وليس فى مصر فقط يخاف على سمعته أشد الخوف أن يقال عنها شىء وقد يدفع بالمال أو يتغاضى عن المال حتى لا تُمس سمعته أو يُذكر اسمه بسوء، والأهم من ذلك أن هذا الأمر ليس بعجيب على الشعوب العربية، فقد كانت دار الحكمة بالقاهرة قبل سنوات طويلة ومنذ إنشائها قد قامت بحبس الأطباء لطلب العلم وتفرغهم لأداء مهنتهم السامية، بل قامت بتحمّل نفقات الأطباء وعلاج غير القادرين من المواطنين حتى ينالوا العلاج ولا تتأثر مهنة الطب بعدم أخذ المريض العلاج.


وفى اللغة العربية لا نقول المصدر حبس إلا لعظائم الأمور، فإذا أردت تصريفه فمنه المضارع المبنى للمعلوم والمبنى للمجهول (يَحبسُ وأُحبسُ) والماضى المبنى للمعلوم والمبنى للمجهول (حبسَ وحُبسَ) والفعل منه الماضى والمضارع والأمر (حبس–يحبس–اِحبس) والمضارع منه مرفوع ومنصوب (أحبسُ وأحبسَ) وبالجزم بالسكون أيضًا والاسم منه فاعل مفعول فهو (حابس ومحبوس) ويُشتق منه الاحتباس هذا مما سمعناه فى الإذاعة المصرية من أعوام طويلة حتى الآن.
والجزء الثانى من عنوان المقال وهو الطبيب فهو فى بلاد ما وراء النهر مفعولٌ به دائمًا ولا نجده فاعلًا أبدًا إلا عندما ينفذُ الأحكام التى تصدر ضده أو عندما يركب سيارة الترحيلات فهو يصعدُ فهو الفاعلُ أو عنده ينادى عليه من وراء القضبان فيجيب الفاعلُ «أنا موجود» أو عندما يموت كمدًا وقهرًا فيقال «مات الطبيبُ» واختلف النحويون فى هذا الفعل بالذات لأنه فاعل مشترك مع ملك الموت الذى شاركه هذا الفعل.
أما الفريضةُ وهى آخر ما تبقى من عنوان المقال فلا تتحدث عنها لأنها كلمة عالية وغالية لا يستطيع أى أحدٌ أن يطاولها، فالفرائض ما ارتضاها ربُ العباد للعباد يفرضها من عنده ولكنها دائمًا تكون عادلة وفى مصلحة الناس وإن وجدوا فيها بعض المشقة وإن كان «طلب العلم فريضة» وفيه مشقة أيضًا فكيف نفرض نحن على أنفسنا فريضةً جديدةً على المجتمع لا نعرفها ولم يعرفها الناس من قبل.
والعجبُ العجاب أن نُحاسب الطبيب على همته ونشاطه وخبرته وعلمه وإخلاصه فى العمل ولا نقول إنَه قصّر فى عمله بل نحاسبه عندما يخلص فى عمله ولا أعرف حلًا لهؤلاء الفئة من الناس إلا الاحترام فهم يعيشون وسط الجروح والنزيف والهبوط الحاد وتوقف عضلة القلب، فضلًا عن رائحة غرف العمليات التى أزكمت أنوفنا أعمارًا طويلة والخيوط الجراحية و«بدلة العمليات» التى نلبسها «صيفي» فى الشتاء والصيف و«السابو» ولا يعرف الكثير ما هو السابو.
فماذا يريد الناس من الأطباء؟ وفى مصر تحديدًا ممكن أن يزج بالطبيب إلى السجن دون أى جريمة لعملية قام بها حدثت فيها مضاعفات تحدث فى كل دول العالم أجمع، فلا يعاقب الطبيب عندهم إلا أمام نقابته، ولكن فى مصر يرمى به وسط المساجين دون أى سبب حتى يُقضى فى أمره.
أخيرًا نقول إن الحاء والباء والسين فى حبس لا يستحقها الطبيب ولا يستحق أن تُقال عنه أو فيه، أما مبدأ الابتلاء فهو فرض نؤمن به وهو قدر عشنا وسنعيش فيه فى بلدنا الحبيب وسنصبر عليه حتى يعاد للطبيب احترامه ويُخلى بينه وبين مرضاه فى عمله وهذا لا يعنى أن يفعل الطبيب ما يحلو له وكلنا نعرف ذلك، ولكن عندما تقع مضاعفات نسأل أولًا عما حدث، وهل ذلك يحدث عالميًا.. أم لا؟ ولا عيب أن نسأل ثم كيف تكون الإجراءات القانونية عند الخطأ فى بلاد الكون، ونفعل مثل ما يفعلون فى بلاد العالم، ويكون التعويض بإشراف النقابة التى تحمى الطبيب وتقف معه.
ويقول العارفون بالطب إنّه مطب وموقعة وضرب وهب ودب فليس فيها حب والمهنة رضاء من الرب لمن أحب.

استشارى القلب–معهد القلب
[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: استشارى القلب معهد القلب د طارق الخولي

إقرأ أيضاً:

"أبشر".. عندما ينطق بها السيِّد ذي يزن

 

 

 

أحمد السلماني

 

وصلتني دعوة كريمة لحضور ملتقى "معًا نتقدم"، للمُشاركة في لقاءٍ يهدف إلى تعزيز الحوار في قطاع الثقافة والرياضة والشباب، بحضور أمير الشباب، صاحب السُّمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب، وبمعيته وكلاء الوزارة، سعادة السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي وكيل الوزارة للثقافة، وسعادة باسل بن أحمد الرواس وكيل الوزارة للرياضة والشباب.

عُقد هذا الملتقى في إطار الحرص السامي لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- على تعزيز جسور التواصل بين الحكومة والمجتمع، والاستماع إلى آراء المواطنين ومقترحاتهم وتطلعاتهم في مختلف المجالات. وقد تبنّت الأمانة العامة لمجلس الوزراء تنظيم هذا الملتقى بشكلٍ سنوي، ليكون منصةً تفاعليةً تُسهم في تحقيق مبدأ الشفافية والمشاركة بين الحكومة والمجتمع، وترسّخ الثقة المتبادلة من خلال فتح المجال أمام مختلف الشرائح للتعبير عن آرائها ومشاركة اهتماماتها.

وقد شهد الملتقى حضورًا غفيرًا، غالبيته من الشباب، الذين كانوا على موعد مع حوارٍ مفتوحٍ مع الوزير، بأسلوبٍ عفويٍّ وبسيط. استعرض سُّموه، بإيجازٍ، ما أنجزته الوزارة خلال الفترة الماضية، وبشّر بالمزيد في المستقبل القريب، مؤكّدًا أن العمل مستمرٌّ لتحقيق طموحات الشباب.

تميز اللقاء بأسلوب إدارته، حيث كان سُّموه حاضر الذهن، رحب الصدر، متفاعلًا مع الجميع دون حواجز أو حدود، معتمدًا على لغةٍ قريبةٍ من القلب، لا تخلو من الطرفة والدعابة، وممزوجة باللهجة العمانية، الأمر الذي جعل التفاعل بينه وبين الحضور عميقًا وصادقًا.

كان هناك قاسمٌ مشتركٌ في ردود سموه على مداخلات الشباب، فقد جاءت الإجابة على كل استفسارٍ أو مطلبٍ بعبارةٍ واحدة: "أبشر". لم يكن ذلك مجرد تعبيرٍ بروتوكولي؛ بل وعدًا يعكس التزامًا جادًا بتحقيق ما يمكن تحقيقه من تطلعات الشباب.

المثير للإعجاب أنَّ الجلسة تجاوزت وقتها المحدد، إلا أن سُّموه وجّه بمواصلتها، نظرًا لكثافة التفاعل وروح الحوار الإيجابية التي غلبت عليها. كلمات الوزير لم تكن مجرد عباراتٍ عابرة، بل حفرت مكانًا عميقًا في قلوب الشباب، حيث تحدث من القلب إلى القلب، فأصغى له الجميع بشغفٍ، وشعروا بصدق التزامه بقضاياهم.

ومن منطلق هذا التفاعل الكبير، وجّه سموه طلبًا إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء بجعل هذا الملتقى نصف سنويٍّ بدلا من سنويّ، حتى تكون هناك فرصةٌ أكبر لمتابعة المستجدات والاستجابة لتطلعات الشباب بصورةٍ أسرع وأكثر فاعلية.

ما لفت انتباهي خلال الملتقى هو الإلمام العميق لسموه بأدق تفاصيل وزارته، رغم مسؤولياته الأخرى. لم يكن يكتفي بالاستماع، بل قدّم حلولًا وتوجيهاتٍ فورية، حتى للقضايا التي لم تكن ضمن اختصاص وزارته، ووعد بالسعي لحلّها أو تسهيل الأمور المتعلقة بها، كما كان يُعطي أركانه المساحة الكاملة للرد كونهما قريبين جدا من القطاعات وما تحتاجه.

النقطة الجوهرية التي ظهرت في النقاش أن الوزارة لا تزال بانتظار إقرار التحديثات المقترحة في استراتيجية تطوير قطاعات الثقافة والرياضة والشباب، وخاصةً الرياضية منها؛ فبمجرد اعتمادها، ستبدأ مرحلة التنفيذ بالتعاون مع مختلف المؤسسات الرياضية، من اتحاداتٍ ولجانٍ وأنديةٍ، مما سيمنح القطاع الرياضي دفعًا قويًا نحو آفاقٍ جديدة.

الملفت في الحوار أن كثيرًا من المشاريع والمبادرات التي طرحها الشباب كانت قد أُنجزت بالفعل أو في مراحلها الأخيرة، لكن ضعف التغطية الإعلامية حال دون وصولها إلى الجمهور. وهنا يظهر بعض القصور في إعلام الوزارة والإعلام الرياضي بشكلٍ عام، الذي لا يزال يعتمد على نمطية النشر التقليدية.

رغم الأجواء الإيجابية، فإنَّ التحديات المالية لا تزال تُلقي بظلالها على الأندية، التي تواجه صعوباتٍ كبيرةً في تأمين مواردها؛ فالتكلفة تضاعفت، وما كان يُنجز بالأمس بريال، يحتاج اليوم إلى عشرة، بينما الدعم المقدم للأندية لا يعكس هذه المتغيرات، مما يجعل كثيرًا منها يئن ويتداعى تحت وطأة الأعباء المالية.

الأندية باتت في معظمها فرق كرة قدم فقط، بينما جُمدت العديد من الرياضات الأخرى، وحتى بعض فرق كرة القدم اختفت تمامًا، مما يطرح تساؤلًا حول سبب منح جميع الأندية دعمًا سنويًا موحّدًا، في حين أن بعض الأندية تفعل 11 رياضةً مختلفة، إضافةً إلى الأنشطة الثقافية والفنية والاجتماعية، بينما أندية أخرى لا تقدم سوى الحد الأدنى من الأنشطة.

الحوكمة كانت كذلك ضمن النقاشات، حيث تُعدّ خطوةً إيجابيةً في ضبط المسار الإداري، لكنها تصبح بلا جدوى ما لم تتوافر للأندية الموارد المالية الكافية التي تساعدها على تنفيذ خططها وتحقيق أهدافها، خاصةً في ظل الدعم الحالي الذي لا يغطي سوى جزءٍ بسيطٍ مما تحتاجه الأندية سنويًا.

ما خرجتُ به من هذا الملتقى أن هناك إرادةً حقيقيةً لإحداث تغييرٍ إيجابي؛ سواء من خلال الحوار المفتوح، أو القرارات التي بدأ العمل بها، أو الاستعداد لمواجهة التحديات. سمو السيد ذي يزن لم يكن مجرد مُستمع، بل كان حاضرًا بكل وعيه، متفاعلًا مع كل صغيرةٍ وكبيرة، مما أعطى انطباعًا قويًا بأننا قد نكون بالفعل على أعتاب مرحلةٍ جديدة في قطاع الثقافة والرياضة والشباب، مرحلةٍ يُبنى فيها القرار على الحوار والتفاعل المباشر، لا على التقارير والاجتماعات المغلقة.

إن كان لكل لقاءٍ عنوانٌ، فإن عنوان هذا اللقاء كان بلا شك: "أبشر"، ونحن نقول "الله يبشرك بالسعد في الدنيا والآخرة".

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • القارئ الطبيب صلاح الجمل لـ«الأسبوع»: أنا العربي الوحيد الذي سُمح له أن يسجل القرآن في الحرمين النبوي والمكي
  • لماذا يصعق الناس من الشيخ عندما يضل الطريق؟!
  • الحلقة الثانية من مسلسل "سيد الناس".. عمرو سعد يبحث عن حقيقة والدته
  • ما حكم صيام المريض رغم تحذير الطبيب؟.. مجلس الإفتاء يجيب
  • الطبيب حسام موافي يحذر بعض مرضى السكري من الصيام
  • رمضان كريم
  • المرجع السيد السيستاني بستقبل الطبيب العراقي محمد الموسوي
  • المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
  • نيمار :رونالدو كان يطمئن علي دائما عندما كنت في المملكة
  • "أبشر".. عندما ينطق بها السيِّد ذي يزن