شخصيتان مغمورتان أحبهما النبي عليه وافر الصلوات وأزكى التسليم حُبًا شديدًا هُما :«جُليبيب» الفقير المسكين دميم الخِلقة الذي رفض الناس تزويجه بسبب دمامته وعوَزه وهامشيته، فخطب له النبي صلى الله عليه وسلم أجمل بنات الأنصار وقال عنه : «هو مني وأنا منه».. الذي عندما استشهد في إحدى المعارك بكاه عليه الصلاة والسلام وقال إن الحُور العِين تشاجرن عليه.
الشخصية الثانية، شخصية البدوي الدميم أيضًا «زاهر بن حُزام»، الذي كان يأتي من البادية فيقصد بيت النبي فيُهدي النبي مما جلب فيهديه عليه الصلاة والسلام.. ذات يوم سأل زاهر عن النبي بأحد بيوتاته فلم يجده، فذهب رسول الله يبحث عنه بنفسه فوجده في السوق، فاحتضنه فرِحًا وقال وهو يلفه بذراعيه : «زاهرًا باديتنا ونحن حاضروه».
عندما نقرأ في السيرة النبوية الشريفة ونأتي على مواقف بالغة الإنسانية كهذه نعرف لماذا يخاطب الله عز وجلّ نبيه محمد عليه الصلاة والسلام مادحًا: «وإنك لعلى خُلقِ عظيم» ولماذا لم يُثنِ بصورة مباشرة على كثرة صلواته وصيامه وطاعاته رغم كثرتها ورغم أن رِجليه تفطرتا بسبب قيامه الليل حد إشفاق أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها عليه.
إن الثناء على رِفعة خُلق النبي وجميل معشره وهو سيد الخَلق وأكرمهم وأشرفهم مع من حوله يُحيلنا إلى وضع مقارنة مع ما كان يصنعه عليه الصلاة والسلام وأصحابه وحال الكثير من أُناس اليوم ممن يعتقدون أن الاستقامة تعني الالتزام بالشعائر وحدها والتي ـ لا خِلاف على أهميتهاـ وإهمال سمات مُكمِلة للدين كالرحمة والشفقة والتواضع وجميل التعاطي مع العباد.
سأذكر مثالين على ذلك، يتمثل الأول في مُصلِ مشهود له بالصلاة يُسابق إلى صف الجماعة الأول ليحظى بمنزلة المُبكِرين، لكنه يعق والديه ويقسو عليهما .. أما الثاني، فملتزم يسارع كذلك إلى الصف الأول ويذهب لأداء العمرة مرات عديدة في العام، يتصدق، غير أنه دنيوي الهوى متعالٍ بحسبه ونسبه يستصغر الخلق يعتقد بالأفضلية والوراثة في الاستقامة والعلم وإتيان الخير.
إن العبرة من التطرق إلى مواقف إنسانية صِرفة صدرت عن النبي عليه الصلاة والسلام هي التأكيد على أن رسالة الإنسان الذي وُجد في الأرض ليعبد الله ويوحده لا يجب أن تقف عند الإتيان بالشعائر وحدها بل أن تقترن بالسلوك الرفيع والإحسان إلى الغير والتواضع، فأول معصية اُرتكبت في حق الله كانت معصية «الكِبر».
عليه أن يعرف أن الدين «المعاملة» ولم يكن في يوم من الأيام أداء شعائره كالصلاة أو الزكاة أو الصوم أو الحج، وأن الله سبحانه وتعالى لا ينتفع من عباداتنا وطاعاتنا إن أكثرنا أو أقللنا ولا يضره تقصيرنا وكفرنا، لكنه يحب أن نكون رحماء بالناس .. يأنس مُجالِسُنا .. نُقرِب الفقير ونعينه على أحوال دنياه .. نتواضع كوننا ضعفاء قليلي الحيلة لا نملك لأنفسنا نفعًا ولا ضرًا وإن علا شأننا أو كثُر مالنا.
الدين المعاملة لأنه دين إنساني يأمر بلين الجانب وينهى أتباعه عن الجِبر والصلف والإساءة للخلق وتحقيرهم عند الاقتدار.. يحذر من الانخداع بكثرة العبادات، لأن قبولها من عدمه هو من أمور الغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى.
النقطة الأخيرة ..
يقول أبو الدرداء رضي الله عنه إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حُسن الخُلق، وإن الله يبغضُ الفاحش البذيء». (رواه الترمذي)
عُمر العبري كاتب عُماني
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: علیه الصلاة والسلام
إقرأ أيضاً:
دعاء هلال رمضان 2025.. كلمات كان يرددها النبي في هذا الوقت
تستطلع دار الإفتاء المصرية، مساء اليوم الجمعة، رؤية هلال شهر رمضان 2025، من خلال لجانها الشرعية والعلمية المنتشرة في أرجاء الجمهورية، لتعلن وتحدد موعد أول رمضان.
دعاء رؤية هلال رمضانويستحب عند رؤية الهلال، أن نقول دعاء رؤية الهلال، فكان النبي صلى الله عليه وسلم إِذا رأى الهِلالَ، قال: «اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالْأَمْنِ وَالْإِيمَانِ، وَالسَّلَامَةِ وَالْإِسْلَامِ، وَالتَّوْفِيقِ لِمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، رَبُّنَا وَرَبُّكَ اللَّهُ» (سنن الدرامي؛ برقم: [1697]).
-"اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالْأَمْنِ وَالْإِيمَانِ، وَالسَّلَامَةِ وَالْإِسْلَامِ، وَالتَّوْفِيقِ لِمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، رَبُّنَا وَرَبُّكَ اللَّه".
-"هِلَالُ خَيْرٍ وَرُشْدٍ، هِلَالُ خَيْرٍ وَرُشْدٍ، آمَنْتُ بِالَّذِي خَلَقَكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي ذَهَبَ بِشَهْرِ كَذَا، وَجَاءَ بِشَهْرِ كَذَا".
.قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: اللَّهُمَّ أَنْتَ المَلِكُ لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بذَنْبِي، فَاغْفِرْ لي ذُنُوبِي جَمِيعاً، إنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لأَحْسَنِ الأخْلَاقِ لا يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ في يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ ليسَ إلَيْكَ، أَنَا بكَ وإلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ.
سبحان الذي لا يضرّ مع اسمه شيء في الأرض ولا في السّماء وهو السميع العليم.
- اللهم إنى أسألك باسمك الأعظم الذي إذا دُعيت به أجبت، وإذا سئلت به أعطيت، أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت، الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، أن تغفر لى ذنوبي إنك أنت الغفور الرحيم.
- اللهم إني أستغفرك لكل ذنب يمحق الحسنات ويضاعف السيئات ويحل النقمات ويغضبك يارب الأرض والسموات اللهم إني أستغفرك لكل ذنب يعقب الحسرة.. ويورث الندامة ويحبس الرزق ويرد الدعاء.
اللهمّ أنت ربّي لا إله إلّا أنت، خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شرّ ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليّ، وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنّه لا يغفر الذنوب إلّا أنت، أستغفر الله أستغفر الله أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلاهو الحي القيوم وأتوب إليه من جميع ما يكرهه قولآ وفعلآ سرآ وعلانية حاضرآ أو غائبا
كيفية استطلاع الهلالوقالت دار الإفتاء إن الحساب الفلكي القطعي لا يمكن أن يعارض الرؤية الصحيحة، فلكل منهما مجاله حيث يهتم الحساب الفلكي بولادة الهلال ومكثه في الأفق بعد غروب الشمس، وكذلك الرؤية تستأنس بالحساب الفلكي في الرد على الشاهد الذي يزعم رؤيته وهو لم يولد أصلًا؛ بمعنى أن الحساب ينفي ولا يثبت.
وأضافت دار الإفتاء، أن الرؤية تكون عن طريق اللجان الشرعية العلمية التي تضم شرعيين وتضم مختصين بالفلك والمساحة، وعددها ست لجان، مبثوثة في أنحاء جمهورية مصر العربية في طولها وعرضها، في أماكن مختارة من هيئة المساحة المصريَّة ومن معهد الأرصاد بخبرائه وعلمائه، وبتعاون كامل من السادة المحافظين لهذه الأماكن التي تتوفر فيها شروط تيسر رصد الهلال.