«التنمر الإلكتروني» .. الوجه الأسود لمواقع التواصل الاجتماعي
تاريخ النشر: 28th, December 2024 GMT
مع الاستخدام الواسع لتطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، انتشرت ظاهرة التنمر الإلكتروني بشكل متزايد، حيث يلجأ البعض إلى هذه المنصات لإلحاق الأذى النفسي أو الاجتماعي بالآخرين.. هذه الظاهرة المعروفة باسم «التنمر الإلكتروني»، تشكل تهديدًا حقيقيًا لسلامة الأفراد والمجتمع، خاصة مع تأثيراتها السلبية على الصحة النفسية وحقوق الأفراد.
ولتسليط الضوء على ظاهرة التنمر الإلكتروني، أشكاله، وآثاره القانونية، أجرينا حوارًا مع الدكتور أحمد محمد العمر، أستاذ القانون الجزائي المساعد بكلية القانون في جامعة صحار، الذي نشر دراسة علمية حول هذا الموضوع في مجلة جامعة السلطان قابوس للدراسات القانونية.
يقول الدكتور أحمد العمر: إنه على الرغم من أن القانون العُماني لا يحتوي على تعريف صريح للتنمر الإلكتروني، يمكن تعريفه بأنه «سلوك متكرر ومتعمد يُرتكب عبر وسائل الاتصال الإلكترونية والشبكة المعلوماتية بهدف إلحاق الأذى النفسي أو المعنوي بالضحية».
أما بالنسبة للحالات التي تندرج ضمن هذا النوع من التنمر، فهي تتعدد وفقًا للغرض الذي يسعى المتنمر لتحقيقه، فمن هذه الحالات: التنمر الاجتماعي، التنمر المهني أو الوظيفي، التنمر السياسي، التنمر الاقتصادي، التنمر الإعلامي.
وتشمل الوسائل التي يتم من خلالها التنمر الإلكتروني المكالمات الهاتفية، البريد الإلكتروني، الرسائل النصية، غرف الدردشة، إضافة إلى استخدام مقاطع الفيديو والصور.
وفيما يتعلق بسلوكيات المتنمر، يمكن أن يتخذ التنمر الإلكتروني صورًا متعددة مثل المضايقة، الملاحقة، التشهير، تشويه السمعة، اختراق الحسابات، إرسال الشائعات، انتحال الشخصية، الاستبعاد والإقصاء، التنكر والخداع، وأخيرًا التهديد بفضح الأسرار.
وبيّن الدكتور العمر أنه رغم غياب نصوص قانونية صريحة تجرّم التنمر الإلكتروني، فإن هناك العديد من النصوص في القوانين العمانية التي تجرم سلوكيات مشابهة للتنمر الإلكتروني. فعلى سبيل المثال، يتضمن قانون الجزاء العماني (المرسوم السلطاني رقم 7/ 2018) في مواده (326-327) جرائم القذف والسب، بينما يتناول قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات (المرسوم السلطاني رقم 12/ 2011) في المادة (16) الجرائم المرتبطة باستخدام وسائل تقنية المعلومات في السب والقذف.
كما تجرم المواد (330 و332) من قانون الجزاء الاعتداء على الحياة الخاصة، في حين تشمل مواد أخرى مثل المادة (324) من القانون نفسه جريمة التهديد، وتجرم المواد (3 و11) من قانون تقنية المعلومات التعدي على البيانات والمعلومات الإلكترونية.
وتتفاوت العقوبات وفقًا لشدة الجريمة، حيث تبدأ العقوبات من السجن مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد عن ثلاث سنوات، بالإضافة إلى غرامات مالية قد تصل إلى ثلاثة آلاف ريال عُماني. إذا كان التنمر عبر التهديد أو الابتزاز باستخدام الشبكة المعلوماتية أو وسائل تقنية المعلومات، وتصل العقوبة إلى السجن لمدة قد تتجاوز عشر سنوات في حالات التحريض على الكراهية أو الفرقة.
ويشير الدكتور العمر إلى أنه رغم غياب نصوص قانونية مباشرة تجرم التنمر الإلكتروني كجريمة جزائية، إلا أن الأفعال المرتكبة باستخدام الشبكة المعلوماتية أو وسائل تقنية المعلومات يمكن أن تُعاقب ضمن قوانين الجرائم الإلكترونية.
ويؤكد العمر أنه من الضروري تعديل القوانين لتتضمن نصوصًا صريحة تجرّم التنمر الإلكتروني بجميع أشكاله، مما يسهم في تسريع معالجة هذه الظاهرة.
كيف يتعامل القانون؟
يوضح الدكتور العمر أن القانون العماني لا يميز بين نوع المنصة أو الوسيلة المستخدمة في التنمر الإلكتروني، سواء كانت عبر تطبيقات مثل واتساب أو فيسبوك أو انستجرام أو أي منصة أخرى. فالقانون يعامل جميع الوسائل بالقدر نفسه من الجدية، حيث يُعتبر التنمر عبر هذه المنصات جريمة يعاقب عليها وفقًا للقوانين ذات الصلة.
ويستحق ضحايا التنمر الإلكتروني العدالة والتعويض عن الأضرار النفسية والاجتماعية التي تعرضوا لها، ومن حقوق الضحية تقديم بلاغ للجهات المختصة مثل الشرطة أو الادعاء العام لتحريك الدعوى العمومية ضد المتنمر.
كما يحق للضحية تقديم دعوى مدنية للحصول على تعويض مالي عن الأضرار التي لحقت به جراء هذه الأفعال، وتعمل الدولة أيضًا على توفير الدعم النفسي للضحايا، سواء عبر الرعاية الصحية أو النفسية المتخصصة.
حماية الأطفال
يشير الدكتور العمر إلى أنه من المهم أن يقوم الأهالي بتثقيف أطفالهم حول التنمر الإلكتروني وتوعيتهم بمخاطر استخدام الإنترنت، يُنصح بتعليم الأطفال كيفية التعامل الآمن مع منصات التواصل الاجتماعي، مع تجنب إضافة الغرباء وعدم نشر المعلومات الشخصية بشكل عشوائي. كما يُشجع الأطفال على التحدث مع ذويهم عن أي مواقف قد يتعرضون فيها للتنمر الإلكتروني.
وفي حالة تورط القاصرين في التنمر الإلكتروني، يتم تطبيق قوانين خاصة تتعلق بالمساءلة القانونية للأحداث، حيث يتم تحديد العقوبات بناءً على سن الحدث وجسامة الجريمة.
وبناءً على قانون مساءلة الأحداث فإن القاصر الذي لم يبلغ 16 سنة يُعاقب بتدابير رعاية وإصلاح، بينما إذا كان قد بلغ 16 سنة، فقد يتعرض لعقوبات بالسجن لفترات تتراوح بين ثلاث وعشر سنوات، وفقًا لشدة الجريمة.
ونظرًا لأن التنمر الإلكتروني يمكن أن يتخطى الحدود الجغرافية، فقد أبرمت سلطنة عُمان اتفاقيات تعاون مع العديد من الدول لمكافحة الجرائم الإلكترونية، تشمل هذه الاتفاقيات التعاون في مجالات مثل تسليم المجرمين، جمع الأدلة الإلكترونية، ومكافحة جرائم تقنية المعلومات، مثل الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات.
إثبات التنمر الإلكتروني أمام القضاء
يقول الدكتور العمر: إن إثبات جريمة التنمر الإلكتروني يعتمد في المقام الأول على الأدلة الرقمية. تُعد الأدلة الإلكترونية، مثل لقطات الشاشة، الرسائل الإلكترونية، سجلات المحادثات، وغيرها من الأدلة الرقمية، هي الأساس في إثبات هذه الجرائم أمام المحكمة.
ويشمل التنمر اللفظي السخرية، التهديد، والسب، بينما التنمر الذي يتضمن استخدام الصور أو المواد الخاصة يُعتبر انتهاكًا لحرمة الحياة الخاصة ويصنف كاعتداء قانوني وفقًا للقوانين العُمانية. ويمكن أن تشمل العقوبات في مثل هذه الحالات الحبس لفترات طويلة.
ويمكن للمواطنين والمقيمين في سلطنة عُمان تقديم بلاغات عن التنمر الإلكتروني من خلال العديد من القنوات، مثل الاتصال بالرقم 992، تقديم شكوى عبر موقع وزارة الداخلية العُمانية، أو استخدام تطبيق «أمان» للإبلاغ عن الجرائم الإلكترونية.
التنمر وحرية الرأي
وقال الدكتور أحمد أن التنمر الإلكتروني يعد اعتداءً على حرية التعبير، حيث يعرقل الشخص المتنمر تفكير الآخر ويؤثر سلبًا على صحته النفسية، لذلك، من المهم إيجاد توازن بين حرية التعبير وحماية الأفراد من التنمر، مما يستدعي تدخل المشرّع لحماية الحقوق الإنسانية وعدم السماح بتقويض حرية الرأي بأي شكل من الأشكال.
وقد أصبح من الممكن تحديد الأشخاص الذين يستخدمون حسابات وهمية للتنمر بفضل التطور التكنولوجي للأجهزة الأمنية المختصة.
لذا، على الضحايا تقديم البلاغات للأجهزة الأمنية التي تتعاون مع المنصات الاجتماعية للكشف عن هوية المتنمرين.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: التنمر الإلکترونی تقنیة المعلومات الدکتور العمر یمکن أن
إقرأ أيضاً:
رغم توفر الدفع الإلكتروني.. تربية كربلاء تصر على الروتين الورقي
1 مارس، 2025
بغداد/المسلة: قال النائب محمد الخفاجي إن مئات المراجعين يتكدسون يوميًا أمام مديرية التربية في كربلاء لدفع مبلغ 30 ألف دينار كرسوم للامتحان الخارجي، في مشهد يعكس استمرار الروتين الإداري رغم التوجهات الرسمية نحو الرقمنة وتبسيط الإجراءات.
وذكر أن وزارة التربية لم توافق حتى الآن على الاكتفاء بالوصولات الإلكترونية، ما يجبر المراجعين على طباعة إيصالات ورقية، وتدبيسها بالمعاملات، وإعادة تقديمها يدويًا، مما يؤدي إلى ازدحام غير مبرر في دوائر الدولة، يتناقض مع أهداف التحول الرقمي الذي تتبناه الحكومة.
و أوضح أن هذا المشهد لا يرتبط فقط بكربلاء، بل يتكرر في محافظات أخرى، حيث يواجه المواطنون معاناة مستمرة في إنجاز المعاملات البسيطة التي يمكن حلها بإجراءات إلكترونية سهلة، توفر الجهد والوقت وتقلل من فرص الفساد الإداري.
و أشار إلى أن الدفع الإلكتروني بات معتمدًا في معظم القطاعات، بما فيها المصارف والأسواق التجارية، لكن الوزارات ما زالت تتأخر في تبني هذه الأنظمة بشكل كامل، مما يثير تساؤلات حول جدية الإصلاح الإداري في العراق.
ولفت إلى أن الأجهزة الخاصة بالدفع الإلكتروني (POS) موجودة ومتاحة، ويمكن استخدامها لإصدار وصولات رسمية معتمدة دون الحاجة إلى الطباعة الورقية، إلا أن الوزارة تصر على اتباع الأساليب التقليدية رغم توفر البنية التحتية اللازمة للتحول الرقمي.
والإصرار على طباعة الإيصالات الورقية هو إهدار للوقت والموارد، ويسهم في تفاقم ظاهرة الازدحام التي تشكل عبئًا على المراجعين والموظفين على حد سواء .
العراق سجل تقدمًا محدودًا في مجال التحول الرقمي، حيث أظهرت إحصائيات البنك المركزي أن عدد المعاملات الإلكترونية ارتفع بنسبة 35% خلال العام الماضي، لكن الوزارات الخدمية لا تزال متأخرة في هذا المجال مقارنة بالقطاع الخاص.
وعدم اعتماد الحلول الرقمية في المؤسسات الحكومية يعيق مساعي تقليل الفساد الإداري، حيث يتيح النظام الورقي مجالًا واسعًا للتلاعب والتزوير، بينما يوفر الدفع الإلكتروني شفافية أكبر، ويوثق جميع العمليات بشكل تلقائي.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts