تكثر الشبهات التي يروجها البعض حول تعاليم الإسلام، وتستهدف التشكيك في مكانة المرأة في الدين، خاصة ما يتعلق بعلاقة الرجل بالمرأة.

قال الدكتور مختار مرزوق عميد كلية أصول الدين السابق في جامعة الأزهر أن أحد الأحاديث التي تم تداولها بشكل خاطئ هو الحديث القائل: "شاوروهنَّ وخالفوهنَّ - يعني النساء"، الذي يُزعم أنه من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم، لكن هذا الحديث لا أصل له في السنة النبوية، ولهذا نقدم في هذا الموضوع ردًا علميًا مدعومًا بالأدلة على هذه الشبهة.

1. لا أصل لهذا الحديث في كتب الحديث

أولًا، يجب التأكيد على أنه لا يوجد دليل من كتب الحديث المعتمدة على صحة هذا الحديث. في كتاب "الفوائد المجموعة"، جاء النص الذي يذكر هذا الحديث تحت عنوان "لا أصل له" (رقم ٧٦)، ما يعني أن هذا القول لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم. كما جاء في كتاب "المصنوع في الحديث الموضوع" أنه لا يثبت بهذا اللفظ. وهذا يؤكد أن الحديث غير صحيح وأنه لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

2. التحليل العلمي للحديث

أيضًا، في "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة" (رقم 430)، ورد أنه لا أصل لهذا الحديث مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، مشيرًا إلى أن معناه ليس صحيحًا. وأوضح العلماء أنه لا يُعقل أن يصدر من النبي صلى الله عليه وسلم كلام يخالف ما ثبت من تصرفاته في المواقف الحقيقية مع نسائه. ومن أبرز هذه المواقف مشورة النبي صلى الله عليه وسلم لزوجته أم سلمة رضي الله عنها في صلح الحديبية، حيث أشارت عليه بأن ينحر أمام أصحابه ليشجعهم على متابعة تنفيذ أمره، فاستجاب لها وأظهر احترامًا كبيرًا لمشورتها. في هذه الحادثة، نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخالف زوجته، بل كان يقدر رأيها ويسعى للتفاعل معه بحكمة.

3. التأثير السلبي للشبهات على صورة الإسلام

من المهم أن نلفت الانتباه إلى أن هذه الروايات التي لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم يتم استخدامها من قبل أعداء الإسلام للتشويه والتضليل، وخاصة لخلق صورة مغلوطة عن الدين في ما يتعلق بعلاقة الرجل بالمرأة. فالإسلام، في جوهره، يعترف بالمرأة ويُعلي من شأنها، ويعزز من دورها في المجتمع، وهذا ما يظهر في العديد من المواقف التي أثبتت من خلال السنة النبوية.

4. التنبيه على بعض الدعاة

للأسف، نجد أن بعض الدعاة أو المتحدثين يرددون مثل هذه الأحاديث دون التحقق من صحتها، وهو ما يشوّه الفهم الصحيح للدين. 

وقد لفتنا نظر أحدهم إلى هذا الخطأ بعد سماعه هذا الحديث، ونحن اليوم نعيد التنبيه على ضرورة التحقق من الأحاديث والرجوع إلى المصادر العلمية الموثوقة التي تدرس الأحاديث الثابتة والمتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

5. الرجوع إلى المصادر الموثوقة

إننا ندعو كل من يرغب في فهم أعمق لهذه المواضيع، ومعرفة ما يتعلق بالأحاديث المتعلقة بالمرأة في الإسلام، إلى الرجوع إلى المصادر المعتمدة، مثل صفحتنا العامة أو المواقع التي تنشر معلومات علمية مستندة إلى الفهم الصحيح للقرآن الكريم والسنة النبوية. سنواصل نشر المزيد من التوضيحات حول هذه الشبهات بإذن الله تعالى.

 

في النهاية، من المهم أن نؤكد أن الإسلام يعلي من شأن المرأة ويمنحها حقوقها كاملة وفق ما تقتضيه الشريعة الإسلامية. وعلى المسلم أن يتحرى الدقة في نقل الأحاديث وتفسيرها بما يتوافق مع النصوص الثابتة والموثوقة من القرآن والسنة. نسأل الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال وأن يهدينا إلى الصراط المستقيم.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: السنة النبوية الحديث النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام المراة النبی صلى الله علیه وسلم هذا الحدیث لا أصل أنه لا

إقرأ أيضاً:

السديس في خطبة العيد: التهنئة تزيد المودة وأظهروا التفاؤل والفرح اتباعًا لهدي النبي ﷺ

قال إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، إن العيد شرعه الله لنا بعد عبادة الصوم لنفرح به بعد تمام الصيام وطول القيام، وقد أديتم زكاة الفِطْرِ طَيِّبة بها نفوسكم، وهي طُهرةٌ للصائم من اللغو والرفث، وطُعمة للمساكين، قال تعالى: ﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾.

وأشار " السديس"، أثناء إلقائه خطبة عيد الفطر، إلى أنه كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم لبس أنه أفضل الثياب، وكان يخرج في العيدين رافعًا صوته بالتهليل والتكبير ، وهذه شريعتنا الغراء، شريعة السماحة والرحمة، والوسطية والاعتدال ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾، إنها النور المتلألئ المشرق.

وأوضح أن التهنئة بالعيد تَزِيدُ المودة، وتُوَثِّق المحبة، ويُشرع التهنئة في العيد بقول: تقبل الله مِنَّا ومنكم ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنَ الأَسْقَعِ قَالَ: لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ ( يَوْمَ عِيدٍ فَقُلْتُ : تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكَ، فَقَالَ : "نَعَمْ تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكَ"، مبينًا أن الإسلام دين السَّعَةِ والسَّمَاحة واليُّسْرِ والسهولة، والتسامح والتعايش والحوار والإنسانية، لذا سَطَعَ بُرْهَانُه، ونَجَمَ في العالمين سُلْطَانُه، لأنه حوى غاية السماحة والتيسير ، والبُعد عن التَّعَنُّتِ والتعسير، فأظهروا ذلك بالأقوال والأعمال، كونوا دُعاة صدق بحسن الكلام، وجميل الفِعال، ونشر الأمل والتفاؤل، اقتداءً بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الذي كان ( يعجبه الفأل الحسن، فعن أنس ( قال: قال رسول الله( : " ويعجبني الفأل"، قالوا: وما الفأل يا رسول الله، قال: "الكلمة الطيبة".

مقالات مشابهة

  • حكم من أكل أو شرب ناسيا في صيام الست من شوال
  • إعتقالات في دولة أوروبيّة... ما علاقة الموقوفين بـحزب الله؟
  • متتابعة أم متفرقة.. كيف كان النبي والصحابة يصومون الست من شوال؟
  • صلاة عيد الفطر اليوم.. أحكامها لتصليها مثل النبي وترقب 7 عجائب
  • دعاء وداع شهر رمضان.. النبي أوصى بـ3 أدعية تعوضك كل ما حرمت
  • حكم جوار الرجال إلى النساء في صلاة العيد .. الأزهر يحسم الجدل
  • هل يجوز اختلاط الرجال بالنساء في صلاة العيد؟.. دار الإفتاء تحسم الأمر
  • حكم صلاة الرجال إلى جوار النساء في صلاة العيد.. مركز الأزهر يجيب
  • السديس في خطبة العيد: التهنئة تزيد المودة وأظهروا التفاؤل والفرح اتباعًا لهدي النبي ﷺ
  • كيف احتفل النبي ﷺ بالعيد.. مظاهر البهجة والسرور في السُّنة النبوية