دفاع عن السنة المشرفة: رد شبهة حول علاقة الرجال بالنساء في الإسلام
تاريخ النشر: 28th, December 2024 GMT
تكثر الشبهات التي يروجها البعض حول تعاليم الإسلام، وتستهدف التشكيك في مكانة المرأة في الدين، خاصة ما يتعلق بعلاقة الرجل بالمرأة.
قال الدكتور مختار مرزوق عميد كلية أصول الدين السابق في جامعة الأزهر أن أحد الأحاديث التي تم تداولها بشكل خاطئ هو الحديث القائل: "شاوروهنَّ وخالفوهنَّ - يعني النساء"، الذي يُزعم أنه من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم، لكن هذا الحديث لا أصل له في السنة النبوية، ولهذا نقدم في هذا الموضوع ردًا علميًا مدعومًا بالأدلة على هذه الشبهة.
أولًا، يجب التأكيد على أنه لا يوجد دليل من كتب الحديث المعتمدة على صحة هذا الحديث. في كتاب "الفوائد المجموعة"، جاء النص الذي يذكر هذا الحديث تحت عنوان "لا أصل له" (رقم ٧٦)، ما يعني أن هذا القول لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم. كما جاء في كتاب "المصنوع في الحديث الموضوع" أنه لا يثبت بهذا اللفظ. وهذا يؤكد أن الحديث غير صحيح وأنه لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
2. التحليل العلمي للحديثأيضًا، في "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة" (رقم 430)، ورد أنه لا أصل لهذا الحديث مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، مشيرًا إلى أن معناه ليس صحيحًا. وأوضح العلماء أنه لا يُعقل أن يصدر من النبي صلى الله عليه وسلم كلام يخالف ما ثبت من تصرفاته في المواقف الحقيقية مع نسائه. ومن أبرز هذه المواقف مشورة النبي صلى الله عليه وسلم لزوجته أم سلمة رضي الله عنها في صلح الحديبية، حيث أشارت عليه بأن ينحر أمام أصحابه ليشجعهم على متابعة تنفيذ أمره، فاستجاب لها وأظهر احترامًا كبيرًا لمشورتها. في هذه الحادثة، نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخالف زوجته، بل كان يقدر رأيها ويسعى للتفاعل معه بحكمة.
3. التأثير السلبي للشبهات على صورة الإسلاممن المهم أن نلفت الانتباه إلى أن هذه الروايات التي لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم يتم استخدامها من قبل أعداء الإسلام للتشويه والتضليل، وخاصة لخلق صورة مغلوطة عن الدين في ما يتعلق بعلاقة الرجل بالمرأة. فالإسلام، في جوهره، يعترف بالمرأة ويُعلي من شأنها، ويعزز من دورها في المجتمع، وهذا ما يظهر في العديد من المواقف التي أثبتت من خلال السنة النبوية.
4. التنبيه على بعض الدعاةللأسف، نجد أن بعض الدعاة أو المتحدثين يرددون مثل هذه الأحاديث دون التحقق من صحتها، وهو ما يشوّه الفهم الصحيح للدين.
وقد لفتنا نظر أحدهم إلى هذا الخطأ بعد سماعه هذا الحديث، ونحن اليوم نعيد التنبيه على ضرورة التحقق من الأحاديث والرجوع إلى المصادر العلمية الموثوقة التي تدرس الأحاديث الثابتة والمتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
5. الرجوع إلى المصادر الموثوقةإننا ندعو كل من يرغب في فهم أعمق لهذه المواضيع، ومعرفة ما يتعلق بالأحاديث المتعلقة بالمرأة في الإسلام، إلى الرجوع إلى المصادر المعتمدة، مثل صفحتنا العامة أو المواقع التي تنشر معلومات علمية مستندة إلى الفهم الصحيح للقرآن الكريم والسنة النبوية. سنواصل نشر المزيد من التوضيحات حول هذه الشبهات بإذن الله تعالى.
في النهاية، من المهم أن نؤكد أن الإسلام يعلي من شأن المرأة ويمنحها حقوقها كاملة وفق ما تقتضيه الشريعة الإسلامية. وعلى المسلم أن يتحرى الدقة في نقل الأحاديث وتفسيرها بما يتوافق مع النصوص الثابتة والموثوقة من القرآن والسنة. نسأل الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال وأن يهدينا إلى الصراط المستقيم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: السنة النبوية الحديث النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام المراة النبی صلى الله علیه وسلم هذا الحدیث لا أصل أنه لا
إقرأ أيضاً:
الإعجاز القرآني فى قوله سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ.. تعرف عليه
أكد الدكتور هاني تمام، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، أن هناك نقطة عجيبة في بداية سورة الإسراء، وهي أن الله سبحانه وتعالى بدأ السورة بالتسبيح فقال: "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ".
وقال الدكتور هاني تمام، خلال تصريحاته، "ما كان ينبغي أن نغفل عن هذا التبديع من الله في الحديث عن هذه الرحلة العظيمة التي تمت في جزء من الليل، وهي رحلة الإسراء والمعراج للنبي صلى الله عليه وسلم، رحلة تخرق نواميس الكون، حيث طوى الله سبحانه وتعالى الزمان والمكان لسيدنا النبي صلى الله عليه وسلم".
وأضاف "ربنا بدأ السورة بالتسبيح بدلًا من الحمد لسبب عجيب، العرب كانوا يستخدمون التسبيح للتعبير عن التعجب، وهو ما نجده حتى الآن في قولنا 'سبحان الله' عندما نُصاب بدهشة أو استغراب من أمر ما، فالله سبحانه وتعالى بدأ بهذه الطريقة ليثبت للناس أن هذه الرحلة هي منحة إلهية محضة، وليس للنبي صلى الله عليه وسلم أي تدخل فيها، هو فقط عبد لله سبحانه وتعالى، ولذلك بدأ سبحانه وتعالى بالتسبيح الذي يعني التنزيه، أي تنزيه الله عن أي نقص أو عيب".
وتابع: "هذه الرحلة المباركة تدل على قدرة الله المطلقة، وأنه لا يعجزه شيء، فالله سبحانه وتعالى يخرق نواميس الكون متى شاء، ولذلك ما من شيء يستحيل على الله، في الوقت الذي كان العرب فيه يسافرون المسافة بين مكة والقدس في شهر كامل، جاء الله سبحانه وتعالى ليُسري بالنبي صلى الله عليه وسلم في جزء من الليل. وهذا درس آخر نتعلمه من هذه الرحلة: أن حسابات البشر لا تُقاس بحسابات الله".
وأضاف: "ما يُستغرب أو يُستحيل بالنسبة للبشر هو ممكن على الله سبحانه وتعالى، فلا يجب أن نتوقع أي شيء عجز أو مستحيل من قدرة الله."
أكد الدكتور هاني تمام أن هذه الرحلة هي حدث فاق عقول البشر، ومع ذلك كان القرآن الكريم ثابتًا في إثباتها كحدث حقيقي حدث للنبي صلى الله عليه وسلم، بما لا يدع مجالًا للشك.