حكم ثقب الأنف عند المرأة للزينة: بين الجواز والحرمة
تاريخ النشر: 28th, December 2024 GMT
ثقب الأنف من الممارسات التي اتبعتها العديد من الثقافات عبر العصور كطريقة للتزين والتعبير عن الجمال، ومع تطور الأزمنة وتنوع العادات والتقاليد، أصبح السؤال عن حكم ثقب الأنف عند المرأة للزينة محط اهتمام للكثيرين من الناحية الشرعية.
في هذا السياق، قام الدكتور محمد علي، الداعية الإسلامي، بتوضيح الرأي الشرعي حول هذه المسألة، مؤكدًا على جواز الفعل بشرط ألا يتسبب في أي ضرر، مستندًا في ذلك إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار"، ولكن هل يختلف الحكم إذا كان الفعل له دلالات ثقافية أو دينية معينة؟ في هذا الموضوع، نستعرض كافة جوانب الموضوع.
أوضح الدكتور محمد علي أن الأصل في الإسلام هو جواز ثقب الأنف للزينة، مثلما هو الحال في ثقب الأذن، الذي كان معمولًا به في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ينه عنه. فقد كان من العادات المتبعة في ذلك الوقت أن تضع النساء الحلي في آذانهن، مما يتطلب وجود ثقب في الأذن.
وهذا يدل على أن الزينة في الإسلام لا تعتبر محرمًا طالما أنها لا تسبب ضررًا أو تتعارض مع القيم الدينية.
ويُعد مذهب الشافعية من المذاهب التي تجيز هذا الفعل، مستندين إلى أن المرأة قد تزين نفسها لأغراض مشروعة، مثل التزين لزوجها، وهي حاجة فطرية تعكس طبيعة المرأة التي تحب التجميل والتزيين. وفي هذا السياق، لا يوجد ما يمنع من ممارسة هذا الفعل إذا كان يتم من أجل هذا الهدف.
الشرط الأساسي: عدم الضرر والتشبه بالثقافات الأخرىواستدرك الدكتور محمد علي على مسألة مهمة وهي أنه إذا كان ثقب الأنف يترتب عليه ضرر، أو كان الهدف منه التشبه بتقاليد أو ثقافات دينية معينة مخالفة للإسلام، فيصبح الفعل محرمًا. على سبيل المثال، إذا كان الثقب يرتبط بممارسات ثقافية أو دينية هندوسية أو وثنية أخرى، فإن ذلك لا يجوز شرعًا، بل قد يصل إلى درجة الشرك إذا كان الهدف منه التشبه بهذه المعتقدات الباطلة.
وقال: "إذا كان الثقب يتم بغرض التشبه بالفاسقات أو المشاركة في طقوس دينية معينة، فهذا يُعد محرمًا، بل قد يرقى إلى الشرك في حالة القصد إلى التشبه بهذه الطقوس".
وهذا ينبه إلى أهمية أن يكون الدافع وراء أي عمل أو فعل شرعي هو مراعاة القيم الدينية الإسلامية وألا يكون هناك ما يتعارض مع العقيدة الإسلامية.
الزينة بين الفطرة والإسلام: الحاجة الفطرية للتزينمن المعروف أن التزين من سمات الفطرة البشرية، وقد خص الإسلام المرأة بمكانة خاصة في هذا الصدد. فالتزين في الإسلام ليس محرمًا إذا كان في حدود ما يسمح به الشرع ولا يتعدى الحدود المقررة. فكان للنبي صلى الله عليه وسلم العديد من الأحاديث التي تشجع المرأة على الاهتمام بمظهرها، ولكن بشرط أن يكون هذا الاهتمام في الإطار الذي يحفظ لها كرامتها ويعزز من علاقتها بزوجها.
وأوضح الدكتور محمد علي أن الهدف الأساسي من الزينة في الإسلام هو إرضاء الزوج وتعزيز العلاقة الزوجية. وأشار إلى أن الألم الناتج عن ثقب الأنف أو الأذن يعتبر بسيطًا جدًا ولا يشكل ضررًا كبيرًا على المرأة. ولهذا، فإن فعل ثقب الأنف بهدف الزينة يعد جائزًا إذا كان في إطار هذه المبادئ.
النصائح الشرعية: تجنب الفتن والحفاظ على خصوصية التزينرغم جواز ثقب الأنف للزينة، إلا أن الدكتور محمد علي أضاف تنبيهًا مهمًا وهو ضرورة عدم إظهار هذا الثقب لغير الزوج أو المحارم.
فقد يؤدي ذلك إلى إثارة الفتن أو جذب انتباه غير مناسب من الرجال، مما يتسبب في مفاسد قد لا تكون محمودة. لذلك، شدد على أهمية أن تبقى هذه الزينة في دائرة الضوابط الشرعية وأن تكون مقتصرة على من يحق لهم رؤيتها فقط.
حكم ثقب الأنف بين الجواز والحرمةبناءً على ما تم استعراضه، فإن حكم ثقب الأنف عند المرأة للزينة في الإسلام هو الجواز بشرط عدم التسبب في ضرر أو تشبه بالمعتقدات المخالفة للشريعة.
ويجب أن يكون الهدف من الفعل هو الزينة المشروعة للزوج وأن يُحترم السياق الشرعي في عدم إظهار هذا التزين أمام الآخرين.
وبهذا فإن الإسلام يوفر للمرأة المساحة للاهتمام بمظهرها، مع الحفاظ على قيمها ومبادئها الدينية، وفي الختام، إن الإسلام يولي أهمية كبيرة لقيم الزينة والتجميل في إطار مبادئه، لكنه يضع لها ضوابط واضحة، تعكس توازنًا بين الفطرة البشرية وأحكام الشريعة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ثقب الأنف الدکتور محمد علی فی الإسلام إذا کان محرم ا فی هذا
إقرأ أيضاً:
كاتب تركي: هل تستطيع أنقرة قيادة نظام عالمي جديد مبني على قيم الإسلام؟
يرى الكاتب إحسان أكتاش أن تركيا، بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان يمكنها أن تقود نظاما عالميا جديدا قائما على مفهوم العدالة الإسلامية، في ظل تآكل النظام العالمي الحالي الذي تأسس في جوهره على قيم غربية مادية استبدادية، فشلت في طرح حلول للأزمات التي تعصف بالعالم اليوم.
وفي مقال نشرته صحيفة "يني شفق" التركية، يقول الكاتب: إن أزمة الإنسانية الكبرى ظلّت محل نقاش منذ بداية الحقبة الاستعمارية، وهي في جوهرها أزمة حضارية، إذ تحدّى النموذجُ الحداثيّ هيمنة المسيحية في العصور الوسطى، وأسّس لعالم منزوع المرجعية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الصحفيون الفرنسيون: نعلن تضامننا مع زملائنا بغزةlist 2 of 2لاكروا: التنديد بالإسلاموفوبيا يعرض لتهمة التشدد الإسلامي أو الانتماء للإخوانend of list نظام غربي ظالموحسب الكاتب، فإن هذا العالم الجديد قام على تصوّر يجعل من الإنسان إلها، إنسان لا يقدر على كبح جماح طمعه ولا يشبع من الغزو والاستعمار، فنتج عن ذلك تقسيم جوهري لشعوب الأرض إلى فئتين: مستعمِرون غربيون متوحشون، ومستَعمَرون يقبعون تحت نير الاستغلال.
وأضاف الكاتب، أن هذا التقسيم الطبقي الذي نشأ بين "الغرب وبقية شعوب العالم" أدى إلى زعزعة عميقة لمبدأ العدالة على وجه الأرض، فقد استحوذت طبقة تمثل 5% فقط من سكان العالم على ثروات الكوكب، بينما استُعبد بقية البشر كعبيد لهذه الثروات.
ويتابع إن قوى اليسار والاشتراكية حاولت في فترة ما مقاومة هذا الاختلال الفادح في الموازين، إلا أن الغرب استطاع التغطية على إرثه الاستعماري من ستينيات القرن الماضي وحتى هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.
إعلانوأوضح أن الغرب غطى على إرثه الاستعماري بشعارات مثل الديمقراطية، وحقوق الإنسان، وحقوق الأفراد، وحقوق المرأة، وحماية البيئة، إلا أن نهاية الحرب الباردة -وفقا للكاتب- كشفت عجز المنظومة اليسارية، التي كانت جزءا من النظام الغربي، عن تقديم حل حقيقي لأزمة الإنسانية الكبرى.
ويرى الكاتب أن عالم اليوم، تكفي فيه كلمة واحدة من رئيس الولايات المتحدة لتغيير مصير ملايين البشر، في حين أن القوى المناهضة مثل الصين وغيرها لا تملك ما تقدمه للبشرية سوى مظاهر التقدّم المادي، دون طرح بديل حضاري حقيقي.
بين الإسلام والغربويستمر أكتاش: إن العناية الإلهية تبعث، كلما واجهت البشرية أزمة كبرى، عبر التاريخ، نبيا يُعيد صياغة العقيدة المفككة والمفاهيم المنحرفة، ويصلح الفساد الذي بلغ مداه.
وعندما جاء الإسلام، بدأ أولا بإعادة تشكيل العقيدة بالتوحيد، ثم جسّد النبي محمد ﷺ هذا التغيير على أرض الواقع في حياته الشخصية، واضعا نموذجا متكاملا لحياة إنسانية فاضلة شملت الأخلاق الفردية، والعدل، وتأسيس نظام دولة يضمن للناس العيش بطمأنينة من الألف إلى الياء.
ويضيف الكاتب أن دولة الإسلام، بعد أن توسعت إلى ما وراء النهر وبغداد خلال القرن الهجري الأول، ازدادت قوة وأصبحت حضارة عظيمة. وعلى امتداد القرون اللاحقة، أصبحت إمبراطوريات المسلمين، القوة المهيمنة في العالم.
ويتابع الكاتب: إن الحضارة الإسلامية امتدت عبر إمبراطوريات وشعوب متنوعة، ووصلت إلى حدود فرنسا من جهة الغرب، وشملت ألمانيا، وصقلية، والقوقاز، وماليزيا، وإندونيسيا، والهند، وإيران، وشمال أفريقيا من اليمن إلى المغرب، ولم يبقَ خارج هذا الامتداد الإسلامي سوى بعض بلدان الغرب، والولايات المتحدة، وأميركا اللاتينية.
لكن المسيحيين -حسب الكاتب- لم يروا في الإسلام يوما دينا سماويا، بل اعتبروه شكلا من أشكال الوثنية، وهو ما دفعهم إلى شن الحملات الصليبية، ولاحقا محاربة الدولة العثمانية، وقد تحقق هذا الهدف في الحرب العالمية الأولى، ولم يبقَ أمام الإمبريالية الاستعمارية الغربية دين منافس أو نموذج حضاري بديل.
إعلان بارقة أمل للإنسانيةيعتقد الكاتب أنه لا توجد أي فكرة جديدة قادرة على وقف الانحدار الذي تعيشه البشرية في الوضع الراهن، فالنخب الثرية التي تقود الإمبريالية العالمية لم تعد تؤمن بالمسيحية، بل باتت تمجّد الشر وتخدمه، وتعمل على تدمير الإنسان والإنسانية.
ويرى أن ما يجري في غزة هو انعكاس واضح لفساد النظام الغربي الصهيوني القائم على الظلم والاستعمار، والذي يعارضه الملايين في العالم، سواء في الشرق أم الغرب، دون أن يملكوا أي قدرة على تغييره، ما يُظهر الحاجة الملحة إلى نظام عالمي جديد أكثر عدلا.
تركيا ستلعب دورا محورياويؤكد الكاتب أن تركيا بقيادة أردوغان، كانت خلال العقد الأخير من أبرز الأصوات التي واجهت الظلم العالمي، وانتقدت انعدام العدالة في النظام الدولي من خلال شعار "العالم أكبر من خمسة"، لذلك فإنها قادرة على أن تقدم حلا للأزمة التي تعيشها البشرية اليوم بتطبيق قيم الإسلام.
ويتم ذلك، حسب رأيه، بتطبيق مفهوم العدالة الاجتماعية بمعناه الواسع الذي يشمل الاقتصاد والأخلاق والقانون والسياسة، ومواجهة أزمات العصر بمؤسسات إسلامية مثل صندوق الزكاة والأوقاف وغيرها.
ويعتقد الكاتب أن تجربة تركيا التاريخية والحضارية تؤهلها للعب الدور المحوري في تعزيز هذه المبادئ وتحويلها إلى نموذج إسلامي معاصر يؤسس لعدالة حقيقية بين شعوب العالم ويحرر المستضعفين من الهيمنة الثقافية التي فرضها الاستعمار ويكون بارقة أمل للمظلومين وللإنسانية جمعاء.