ثقب الأنف من الممارسات التي اتبعتها العديد من الثقافات عبر العصور كطريقة للتزين والتعبير عن الجمال، ومع تطور الأزمنة وتنوع العادات والتقاليد، أصبح السؤال عن حكم ثقب الأنف عند المرأة للزينة محط اهتمام للكثيرين من الناحية الشرعية. 

في هذا السياق، قام الدكتور محمد علي، الداعية الإسلامي، بتوضيح الرأي الشرعي حول هذه المسألة، مؤكدًا على جواز الفعل بشرط ألا يتسبب في أي ضرر، مستندًا في ذلك إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار"، ولكن هل يختلف الحكم إذا كان الفعل له دلالات ثقافية أو دينية معينة؟ في هذا الموضوع، نستعرض كافة جوانب الموضوع.

حكم ثقب الأنف في الإسلام: الأصل الجواز بشرط

أوضح الدكتور محمد علي أن الأصل في الإسلام هو جواز ثقب الأنف للزينة، مثلما هو الحال في ثقب الأذن، الذي كان معمولًا به في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ينه عنه. فقد كان من العادات المتبعة في ذلك الوقت أن تضع النساء الحلي في آذانهن، مما يتطلب وجود ثقب في الأذن.

 وهذا يدل على أن الزينة في الإسلام لا تعتبر محرمًا طالما أنها لا تسبب ضررًا أو تتعارض مع القيم الدينية.

ويُعد مذهب الشافعية من المذاهب التي تجيز هذا الفعل، مستندين إلى أن المرأة قد تزين نفسها لأغراض مشروعة، مثل التزين لزوجها، وهي حاجة فطرية تعكس طبيعة المرأة التي تحب التجميل والتزيين. وفي هذا السياق، لا يوجد ما يمنع من ممارسة هذا الفعل إذا كان يتم من أجل هذا الهدف.

الشرط الأساسي: عدم الضرر والتشبه بالثقافات الأخرى

واستدرك الدكتور محمد علي على مسألة مهمة وهي أنه إذا كان ثقب الأنف يترتب عليه ضرر، أو كان الهدف منه التشبه بتقاليد أو ثقافات دينية معينة مخالفة للإسلام، فيصبح الفعل محرمًا. على سبيل المثال، إذا كان الثقب يرتبط بممارسات ثقافية أو دينية هندوسية أو وثنية أخرى، فإن ذلك لا يجوز شرعًا، بل قد يصل إلى درجة الشرك إذا كان الهدف منه التشبه بهذه المعتقدات الباطلة.

وقال: "إذا كان الثقب يتم بغرض التشبه بالفاسقات أو المشاركة في طقوس دينية معينة، فهذا يُعد محرمًا، بل قد يرقى إلى الشرك في حالة القصد إلى التشبه بهذه الطقوس". 

وهذا ينبه إلى أهمية أن يكون الدافع وراء أي عمل أو فعل شرعي هو مراعاة القيم الدينية الإسلامية وألا يكون هناك ما يتعارض مع العقيدة الإسلامية.

الزينة بين الفطرة والإسلام: الحاجة الفطرية للتزين

من المعروف أن التزين من سمات الفطرة البشرية، وقد خص الإسلام المرأة بمكانة خاصة في هذا الصدد. فالتزين في الإسلام ليس محرمًا إذا كان في حدود ما يسمح به الشرع ولا يتعدى الحدود المقررة. فكان للنبي صلى الله عليه وسلم العديد من الأحاديث التي تشجع المرأة على الاهتمام بمظهرها، ولكن بشرط أن يكون هذا الاهتمام في الإطار الذي يحفظ لها كرامتها ويعزز من علاقتها بزوجها.

وأوضح الدكتور محمد علي أن الهدف الأساسي من الزينة في الإسلام هو إرضاء الزوج وتعزيز العلاقة الزوجية. وأشار إلى أن الألم الناتج عن ثقب الأنف أو الأذن يعتبر بسيطًا جدًا ولا يشكل ضررًا كبيرًا على المرأة. ولهذا، فإن فعل ثقب الأنف بهدف الزينة يعد جائزًا إذا كان في إطار هذه المبادئ.

النصائح الشرعية: تجنب الفتن والحفاظ على خصوصية التزين

رغم جواز ثقب الأنف للزينة، إلا أن الدكتور محمد علي أضاف تنبيهًا مهمًا وهو ضرورة عدم إظهار هذا الثقب لغير الزوج أو المحارم. 

فقد يؤدي ذلك إلى إثارة الفتن أو جذب انتباه غير مناسب من الرجال، مما يتسبب في مفاسد قد لا تكون محمودة. لذلك، شدد على أهمية أن تبقى هذه الزينة في دائرة الضوابط الشرعية وأن تكون مقتصرة على من يحق لهم رؤيتها فقط.

حكم ثقب الأنف بين الجواز والحرمة

بناءً على ما تم استعراضه، فإن حكم ثقب الأنف عند المرأة للزينة في الإسلام هو الجواز بشرط عدم التسبب في ضرر أو تشبه بالمعتقدات المخالفة للشريعة.

 ويجب أن يكون الهدف من الفعل هو الزينة المشروعة للزوج وأن يُحترم السياق الشرعي في عدم إظهار هذا التزين أمام الآخرين. 

وبهذا فإن الإسلام يوفر للمرأة المساحة للاهتمام بمظهرها، مع الحفاظ على قيمها ومبادئها الدينية، وفي الختام، إن الإسلام يولي أهمية كبيرة لقيم الزينة والتجميل في إطار مبادئه، لكنه يضع لها ضوابط واضحة، تعكس توازنًا بين الفطرة البشرية وأحكام الشريعة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: ثقب الأنف الدکتور محمد علی فی الإسلام إذا کان محرم ا فی هذا

إقرأ أيضاً:

كيف قادت الكراهية سياسيا هولنديا من اليمين المتطرف إلى الإسلام؟

وفي حوار مع برنامج "المقابلة"، كشف كلافيرين عن تفاصيل رحلته من التشدد اليميني إلى البحث الروحي، مُرجعا تحوّله إلى "إجابات منطقية" وجدها في الإسلام وسط صراع مع العلمانية الأوروبية.

وُلد كلافيرين عام 1979 في أمستردام لعائلة بروتستانتية متشددة، حيث كان والده مساعدا في الكنيسة، وتلقى تربية دينية صارمة تشمل الصلاة قبل وبعد الوجبات، وقراءة الكتاب المقدس يوميا.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4كلما حرقوا مصحفا وزعنا ألفا.. هكذا يدافع يميني هولندي سابق عن الإسلامlist 2 of 4اليمين المتطرف بأوروبا بين دعم أجندة ترامب وتحفظ حذر من سياساتهlist 3 of 4زعيم هولندي متطرف يدافع عن الإبادة الجماعية في غزةlist 4 of 4اليميني الهولندي خيرت فيلدرز يتعهد بدعم إسرائيلend of list

وفي هذا السياق، يقول كلافيرين "كنا نذهب إلى الكنيسة كل أحد، وكان جدي يُشدد على أهمية الحفاظ على التقاليد المسيحية في مواجهة التهديدات الخارجية".

درس الفلسفة والعلوم الاجتماعية، وتأثر بأحداث 11 سبتمبر 2001، التي عززت لديه صورة الإسلام كـ"إيديولوجيا عنيفة".

وفي عام 2004، تفاقمت كراهيته بعد اغتيال المخرج الهولندي ثيو فان غوخ على يد متطرف إسلامي، مما دفعه للانخراط في السياسة كـ"دفاع عن المسيحية".

ذراع فيلدرز اليمنى

وانضم كلافيرين إلى حزب "الحرية" اليميني المتطرف عام 2010، ليصبح نائبا في البرلمان والذراع الأيمن لزعيم الحزب خيرت فيلدرز، وخلال تلك الفترة، قاد حملات عنيفة ضد المسلمين، داعيا إلى حظر المدارس الإسلامية، وإغلاق المساجد، وفرض ضرائب على الحجاب، كما وصف القرآن بأنه "كتاب سموم".

إعلان

لكن شراكته مع فيلدرز انهارت عام 2014، بعد رفض الأخير تعديل خطاب الحزب ليفصل بين معاداة الإسلام ومعاداة المهاجرين، وفي ذلك يقول كلافيرين: "طلبت منهم التركيز على الإسلام كدين، لا على المغاربة أو الأتراك، لكنهم رفضوا.. غادرت الحزب لأنني أدركت أن كراهيتهم شمولية".

وبدأت نقطة تحول كلافيرين عام 2014، عندما شرع في تأليف كتاب ضد الإسلام، لكن بحثه قاده إلى مفاجآت غير متوقعة، ويقول في ذلك: "قرأت سيرة النبي محمد (عليه السلام) من مصادر إسلامية، مثل كتاب حياة محمد لمارتن لينجز، واكتشفت إنسانا غفر لقاتل عمه حمزة، وحافظ على أخلاقه حتى في الحرب".

وأثناء كتابته، عادت إليه أسئلته الطفولية عن الثالوث المسيحي، التي لم يجد إجابات مقنعة لها من رجال الدين، فيقول: "سألت كهنة بروتستانت وكاثوليك عن كيفية الجمع بين الأب والابن والروح القدس، فكانت إجاباتهم غامضة.. بينما وجدت في التوحيد الإسلامي بساطة منطقية".

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2019، أعلن كلافيرين إسلامه خلال عشاء مع ناشري كتابه الجديد "من المسيحية إلى الإسلام"، حيث نطق الشهادتين أمام جمع من الأئمة والصحفيين.

وخلال تذكره لهذه اللحظة الحاسمة، يحكي كلافيرين "بينما كنت أرتب كتبي، سقط القرآن مفتوحا على آية: "فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ"، وشعرت حينها أن المشكلة كانت في قلبي، لا في عقلي".

ردود فعل عنيفة

وكانت ردود الفعل عنيفة، حيث تلقى أكثر من ألفي تهديد بالقتل، ووصفه فيلدرز بسخرية بـ"النباتي الذي يعمل في مسلخ"، وحتى زوجته المسيحية تفاجأت، لكنها تقبلت الأمر بشرط ألا يؤثر على تربية أطفالهما، الذين بدؤوا يسألون عن الإسلام مؤخرا.

ويرى كلافيرين أن تحوله يعكس أزمة الهوية في أوروبا، حيث تدفع العلمانية المتطرفة الشباب إلى البحث عن إجابات روحية.

إعلان

وفي كتابه، يشير إلى أن الإسلام قد يصبح "الدين الرئيسي" في القارة خلال عقود، رغم كونه أقلية الآن، قائلا: "العلمانية تريد محو الله، لكن الفراغ الروحي سيدفع الناس نحو الإسلام، فهو الوحيد الذي يقدم إجابات واضحة".

وينشط كلافيرين مؤخرا في الدعوة عبر منظمة "تجربة الإسلام"، التي تستخدم الواقع الافتراضي لتعريف الأوروبيين بالدين، مستهدفين 20 ألف مشارك.

ويقول السياسي الهولندي السابق "كنت أزرع الكراهية، والآن أسعى لإصلاح ما دمّرته. الإسلام وحّد قلبي وعقلي، وهذا مصدر سعادتي".

9/3/2025

مقالات مشابهة

  • كيف قادت الكراهية سياسيا هولنديا من اليمين المتطرف إلى الإسلام؟
  • أحمد علي سليمان: المرأة المسلمة كانت دائمًا ركيزة أساسية في نهضة الأمة
  • المفتي: فلسفة الإسلام في الميراث قائمة على العدل وليس التمييز بين الرجل والمرأة
  • مفتي الجمهورية: فلسفة الإسلام في توزيع الميراث عادلة جدًا
  • من الأنف إلى الركبة: اختراق مذهل في الغضروف قد يعزز علاج المفاصل
  • صفقة القضاء على الإسلام الراديكالي
  • كل عام وأنت زهرة جميلة لا تذبل رغم الصعاب
  • سؤال في الدولة والمجتمع
  • بسمة بوسيل: مش هرجع لتامر ولا أفكر في الجواز
  • أثر الإسلام على الهوية الوطنية العمانية