بوابة الوفد:
2025-04-02@21:57:13 GMT

«فلسفة الدين».. التحليل العقلي للمعتقدات الدينية

تاريخ النشر: 28th, December 2024 GMT

 

 

فلسفة الدين هي الدراسة العقلية للمعاني والمحاكمات التي تطرحها الأسس الدينية وتفسيراتها للظواهر الطبيعية وما وراء الطبيعة مثل الخلق والموت ووجود الخالق. أي أن فلسفة الدين هي ذلك الفرع من الفلسفة المعني بدراسة وتحليل طبيعة المعرفة الدينية وما تنطوي عليه المعتقدات الدينية ونوع الأدلة والبراهين التي تستند إليها تلك المعرفة، وتحاول تحليل التجارب الإيمانية والبحث في منابعها وتجليتها وأحوالها.

ولهذا نجد، خلال التاريخ أن الدين والفلسفة كثيرًا ما كانا شريكين أو خصمين سواء في عصر اليونان أو زمن الرومان، كما أن تعارضهما سمة مهمة جدًا في تاريخ الفلسفة، فمجرد زعم أو ادعاء أن الفلسفة كانت تزدري (تستخف) الدين، إذ الواقع أن الفلسفة لم تهمل الدين إلا في الظاهر فحسب. ففي التاريخ لم يحدث أبدًا أن ترك الواحد منهما الآخر دون أن يمسه.

عزيزي القارئ، أننا في الفلسفة نجد أن الأعلى (الله) يسمي المطلق، الفكرة العادية، ومن نافلة القول إننا نرتد أكثر هنا إلى الوراء ونقول إن هذا الأعلى كان يسمي في فلسفة فولف – فيلسوف ألماني – (الشيء)، ذلك أنه يعلن نفسه في التو على أنه تجريد وهو يتطابق تطابقاً غير دقيق بالمرة مع فكرتنا عن الله. والمطلق في الفلسفة الأكثر حداثة ليس تجريداً كاملاً على هذا النحو، ومع هذا ليست فيه الدلالة نفسها المتضمنة في مصطلح الله. ولكي نجعل حتى الفرق واضحاً يجب في المقام الأول أن ننظر فيما تدل عليه كلمة تدل.

إلا أنه ظهر في نهاية القرن الثامن عشر، مصطلح "فلسفة الدين"، وهي نوع من الفلسفة تعتمد العقلَ في بحث وتحليل المقدسات، والمعتقدات، والظواهر الدينية، وتفسيرها. ففلسفة الدين هي التكشف وهي الاستيعاب لله، موجودة وعن طريقها فحسب تكون معرفتنا الفلسفية بطبيعة الله قد تم التوصل إليها. إن الله هو هذه الفكرة المعروفة تماماً والمألوفة – إنه فكرة هي – على أي حال – لم تتطور بعد علمياً ولم تُعرف بعد علمياً.

ولعل القارئ لهذا الفرع من الفلسفة – فلسفة الدين – يُدرك أتم الادراك أن العلاقة بين الفلسفة والدين اتخذت أشكالاً متعددة، في المراحل التاريخية المختلفة، حسب رؤية علماء الدين للفلسفة وحسب رؤية الفلاسفة للدين، وقدم الفلاسفة في هذه الإطار تصورات فلسفية متنوعة للعلاقة بين الدين والفلسفة.

وكانت فلسفة الدين في العصور القديمة جزءًا لا يتجزأ من الميتافيزيقا. فقد تجلت فلسفة الدين عند أفلاطون في نظرياته الفلسفية وخاصة في نظريته حول "المثل" التي جعل على رأسها مثالاً للمثل هو "مثال الخير" الذي هو صورة الإله الأسمى عند أفلاطون، وقد كان لأفلاطون نظريته المستقلة عن الخلق، وتحدث فيها عن دور الإله الصانع في خلق هذا العالم الذي أعتبره أفلاطون حادثاً، وإن لم يكن صنعه قد تم إلا من خلال وجود مادة قديمة هي العناصر الأربعة، ومثال قديم هو ما يشكل من خلاله الإله الصانع أي شيء أو أي كائن من الكائنات. 

أما أرسطو في كتابه الشهير "الميتافيزيقا" قد اعتبر أن البحث عن العلة الأولى للوجود، علة الحركة غير المتحركة من صميم البحث الميتافيزيقي، وتم تسميته "الإله". وتبعاً لأرسطو فإن البحث حول الإله هو موضوع دراسة اللاهوت الطبيعي. وتبنى الفلاسفة منذ ذلك التاريخ حتى اليوم مصطلح فلسفة الدين لهذا النوع من الدراسة كمجال مستقل من التخصص. وذلك على الرغم من أنه مازال هنالك بعض الفلاسفة وخاصة الفلاسفة الكاثوليك يعتبرونه جزءًا من الميتافيزيقا.

وإذا ألقينا النظر على العصر الوسيط – بشقيه المسيحي والإسلامي – يمكننا القول إن الفكرة التي سادت العصر الوسيط المسيحي هي تلك التي نادت بعجز العقل البشري وحده عن الإحاطة بكثير من مسائل ما بعد الطبيعة. ومن هنا خضعت الفلسفة للدين (أو العقل للنقل) خضوعاً تامًا في القرن الثالث عشر الميلادي، وانتشرت العبارة المشهورة التي تقول: "إن الفلسفة إن هي إلا خادمة لعلم اللاهوت أو تابعة له".

وأكد أيضاً فلاسفة الإسلام علي أنه "لا يوجد أي تعارض بين الدين والفلسفة فالحق لا يضاد الحق"، وأن الحجة العقلية الفلسفية داعمة للإيمان والاعتقاد الديني ومؤكدة له، فالدين والفلسفة يلتقيان في معالجة موضوعات معينة مثل أصل العالم، طبيعة الإنسان، وطبيعة الوجود. أما في العصور الحديثة فقد استقلت الفلسفة عن اللاهوت، وعادت إلى الاعتزاز بالعقل، وهذا ما رأيناه مع رينيه ديكارت، وديفيد هيوم، وإيمانويل كانط.

إذًا فالعلاقة بين الدين والفلسفة علاقة جدلية من قديم، والتلاقي بينهما قليلًا، والتصادم كثيرًا، هو الذي يحكم طبيعة التعامل بينهما، أو بالأحرى التعامل بين من ينتمي إلى كل منهما. ومثل هذه العلاقة من الشد والجذب تعكس تداخل موضوعاتها والقضايا المتعلقة بهما. فالدين يمثل القلب والعقل معًا، وهو رحلة العلاقة الروحية من الإنسان تجاه خالقه، وهو ضمان للسعادة في الدينا والآخرة. أما الفلسفة فهي جهد الإنسان لبلوغ الحقيقة.

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: فلسفة الدين

إقرأ أيضاً:

مصر تحذر من أي محاولات للمساس بالمقدسات الدينية في القدس

عرضت قناة “القاهرة الإخبارية” خبرا عاجلا يفيد بأن مصر تحذر من أي محاولات للمساس بالمقدسات الدينية في القدس المحتلة، وتدين اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن جفير للمسجد الأقصى المبارك.

أول تعليق من حماس على اقتحام بن غفير المسجد الاقصيحماس: اقتحام بن جفير المسجد الأقصى تصعيد خطير يستوجب اتخاذ خطوات عاجلةالأردن : اقتحام بن غفير المسجد الأقصي تصعيد خطير واستفزاز مرفوضوزير الأمن القومي الإسرائيلي يقتحم باحات المسجد الأقصى


وقالت الخارجية المصرية، إن الإجراءات الإسرائيلية مصدر رئيسي لحالة عدم الاستقرار بالمنطقة.

وأكدت وزارة الخارجية وشئون المغتربين الأردنية على إدانتها، وبأشدّ العبارات، اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، اليوم، المسجد الأقصى المبارك "الحرم القدسي" الشريف، بحماية شرطة الاحتلال.

وأشارت الوزارة الأردنية، في بيان لها، إلى أن ذلك يعد تصعيدًا خطيرًا واستفزازًا مرفوضًا وانتهاكًا لحرمة المسجد الأقصى، وللوضع التاريخي والقانوني القائم فيه.

من جانبه؛ شدد الناطق الرسمي باسم الوزارة الأردنية  السفير الدكتور سفيان القضاة على رفض المملكة المطلق واستنكارها الشديدين قيام وزير إسرائيلي متطرف باقتحام المسجد الأقصى المبارك / الحرم القدسي الشريف.

وبين القضاة أن هذا الاقتحام يعد خرقا فاضحا للقانون الدولي، ولالتزامات إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال في القدس المحتلة، ومحاولة لفرض التقسيم الزماني والمكاني، مشدّدًا على أن لا سيادة لإسرائيل على مدينة القدس المحتلة ومقدساتها الإسلامية والمسيحية.

ونوه إلى أن الحكومة الإسرائيلية تواصل سياستها التصعيدية اللاشرعية من خلال انتهاكاتها المتواصلة للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس وللوضع التاريخي والقانوني القائم فيها، وتصعيدها الخطير في الضفة الغربية، وتوسيع عدوانها المستمر على قطاع غزة، ومنعها إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع في ظل الكارثة الإنسانية التي يعاني منها، محذّرًا من مغبة تفجّر الأوضاع في المنطقة.

ودعا السفير القضاة المجتمع الدولي لاتخاذ موقف دولي صارم يُلزِم إسرائيل بصفتها القوة القائمة بالاحتلال وقف انتهاكاتها المستمرة تجاه المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس واحترام حرمتها.

وجدّد التأكيد على أن المسجد الأقصى المبارك بكامل مساحته البالغة 144 دونمًا هو مكان عبادة خالص للمسلمين، وأن إدارة أوقاف القدس وشئون المسجد الأقصى التابعة لوزارة الأوقاف والشئون والمقدسات الإسلامية الأردنية هي الجهة القانونية صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة شئون الحرم القدسي الشريف وتنظيم الدخول إليه.


 

مقالات مشابهة

  • اتحاد الغرف التجارية: مصر تواصل جهودها الدبلوماسية والسياسية لحماية المقدسات الدينية في القدس
  • مصر تُحَذّر من أي محاولات للمساس بالمقدسات الدينية في القدس
  • غرفة سوهاج: حماية المقدسات الدينية بالقدس مسؤولية دولية
  • بالمنطق.. صلاح الدين عووضه..تخيل بس!!…
  • مصر: نحذر من أي محاولات للمساس بالمقدسات الدينية في القدس
  • مصر تحذر من أي محاولات للمساس بالمقدسات الدينية في القدس المحتلة
  • عاجل.. مصر تُحذر من أي محاولات للمساس بالمقدسات الدينية في القدس
  • مصر تحذر من أي محاولات للمساس بالمقدسات الدينية في القدس
  • مي عز الدين تنعي إيناس النجار: الله يرحمك ويغفرلك
  • رئيس هيئة الأركان: المرحلة القادمة ستشهد تحولات كبرى والأمم التي يتمسك أبناؤها بالقرآن الكريم هي أمم لا تُقهر