بوابة الوفد:
2025-03-03@10:42:14 GMT

نبع الحنان.. كم أفتقدكِ!!

تاريخ النشر: 28th, December 2024 GMT

 

كثيراً ما يمر بخيالى طيفٌ من الذكريات، فيحتل وجهها عقلى وتسيطر عليه قَسماته الحنون، فتجتاحنى مشاعر متباينة هى مزيج من الحنين والاشتياق لرؤيتها مجدداً، رغم يقينى أن ذلك محض أوهام وحينما لا أتمكن من ذلك تسيطر على غُصة مقبضة للقلب، فتتناوبنى صور أشبه بمشاهد «الفلاش باك» السينمائية من حياتى؛ طفولتى، صباى، أتصبر بها،  فأتذكر من خلالها وجهها الغائب عنى منذ أن وافتها المنية؛ ذلك الوجه البشوش الذى دائماً ما يبعث فى قلبى الطمأنينة والحنان والأمان، أتذكر المزيد والمزيد من المواقف؛ فها هى فى أحدها تصيح بى عندما وجدتنى عائداً ذات مرة من إحدى مشاجرات المدرسة مع أحد زملائى وقد تمزقت ملابسى وهى تنهرنى: «لو ما خدتش حقك من اللى ضربك لا أنت ابنى ولا أعرفك»!! ثم لا تلبث أن تعانقنى وهى تبكى ولا تهدأ إلا بعد أن ترافقنى بعدها إلى المدرسة كى تطمئن علىّ، وهكذا كان دأبها فى أى مشكلة أتعرض لها فكانت بمثابة الملاذ والدرع الواقية التى أحتمى بها ولا أبالى شيئاً فى الحياة مهما تعاظم ما دامت بجانبى.

وها هو صوتها فى موقف آخر يتسلل إلى عقلى عندما كنت مريضاً وهى تضع يدها على وجههى وصوتها ينضح بالحنان قائلة لى «مالك شكلك تعبان يا حبيبى، أعملك حاجة سخنة، أو أقولك تعال معايا للدكتور أحسن»، وها أنا أتذكر رجائى لها فى مشهد آخر قبل كل امتحان «والنبى يا أمى ادعيلى علشان الامتحان يعدّى».

وتتعدد المشاهد والصور والذكريات فأرى نفسى وقد تزوجت وتأخذنى مشاغل الحياة فلا أراها ردحاً من الزمان، فأجد صوتها الحنون عبر التليفون دائم الاتصال بى للاطمئنان علىَّ قائلة: «عامل إيه يا حبيبى إنت كويس، ربنا يسلملك طريقك»، فتمنحنى طاقة قدر ما فى الكون تعيننى على إرهاق العمل ومسئولية الأسرة ناهيك عن حبها الجارف لأولادى والذين كانوا يهيمون عشقاً بها لفرط حنانها وحبها لهم.

فقدتها فأحسست بأن جداراً داخل قلبى قد تهاوى فأصبحت مزعزعاً لا أكاد أقوى على صلب عودى، شريداً دون نور هادٍ، فمجرد صوتها كان يقوينى ويشد من أزرى فأواجه ما يقابلنى من مشكلات الحياة التى لا تنتهى دون وجل، كانت السند والعضد، وبرحيلها أصبحت أشبه بالعارى فى ليالى الشتاء القارسة، مفتقداً حنانها الذى كان يبث فى جسدى الدفء والطمأنينة والأمان.

حقاً لا يعرف المرء قيمة الشىء إلا عندما يفقده، فأمك تظل بجوارك كالنهر الرقراق تنهل منه قدر كفايتك وتعطيك من حنانها ما تعطيك دون انتظار لأى مقابل سوى أن تراك فى أحسن حال، قد تقسو عليك أحياناً كى تقوِّم من سلوكك، فهى الوحيدة التى تحبك من شغاف قلبها حباً نقياً لا تشوبه شائبة، لذا فالجنة تحت أقدامهن والبر بالأم هو طريق رضا الله تعالى فهى أحق الناس بصحابتك وبرك وحنانك.

كم تعبتِ من أجلى يا أمى، كم حزنتِ من أجلى، كم خفتِ علىّ من أقل الأشياء، كم سعدت ودمعت عيناك عند نجاحى، كم أتشوق إليك كى أسمع صوتك الدافئ من جديد، كم أتمنى أن تعودى ولو «لحيظات» كى أتبادل معكى أطراف الحديث أحدثك وتحدثيننى، أمازحك فتغضبى قليلاً ثم لا تلبث أن تعاود وجهك تلك الابتسامة التى أعشقها فتملأ قلبى السعادة.

حقاً مَن لديه أم فقد حاز الدنيا بما فيها؛ فنظرتها كنز لا يفنى ولمستها لآلئ وحنانها فيض ومِنَّة من الخالق، رحمك الله يا أمى وأكرم مأواك، فأنتِ نبع الحنان الفياض الذى لا ينضب مهما مرت سنوات العمر.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: نبع الحنان

إقرأ أيضاً:

لماذا نعيد مشاهدة أعمالنا التلفزيونية المفضلة في المواسم والمناسبات؟

وسط مئات الأعمال الرمضانية الجديدة كل عام، يجد كثيرون أن مشاهدة برنامج أو مسلسل جديد أمر مسلٍ وحماسي ينقله إلى عالم مختلف مع مجموعة جديدة من الشخصيات والقصص.

في المقابل، يستمتع البعض أيضا بمشاهدة نفس البرامج والمسلسلات المألوفة مرارا وتكرارا، خاصة في المواسم والمناسبات المعروفة، مثل شهر رمضان أو عيد الفطر أو حتى أعياد رأس العام الجديد، ويجدون في ذلك طقسا من طقوس الاحتفال بهذه المناسبة.

فلماذا يعمد البعض إلى تكرار مشاهدة الأعمال الفنية القديمة؟

1- الإحساس بالألفة والإيجابية

في حين أن الأعمال الترفيهية الجديدة قد تكون مثيرة، فإنها قد تسبب الإرهاق لمشاعرنا، خاصة لأولئك الذين يعانون من التوتر والضغط العصبي.

وتقدم الأبحاث باستمرار دعما لنظرية "تأثير التعرض المجرد"، والتي تفترض أنه كلما زاد عدد المرات التي تعرضنا وشاهدنا فيها شيئا ما، زاد ميلنا إلى الإعجاب به لاحقا.

يحدث هذا لأن تجربة شيء معروف لنا، يزيد عندنا من "الطلاقة الإدراكية"، أو السهولة التي يمكننا بها من معالجة المعلومات. وبالتالي عندما يكون شيء ما سهل المعالجة، فإنه يميل إلى جعلنا نشعر بمشاعر إيجابية توقعنا في حب الشيء أكثر.

وبالتالي عندما نشاهد البرامج والمسلسلات المألوفة لدينا مرة أخرى، فإننا نتلقى القصص والعواطف التي نتوقعها. نحن نعرف كيف ستنتهي الحلقات، والأهم من ذلك كيف سنشعر بعد الانتهاء من المشاهدة. وهذا أحد الأسباب التي تجعلنا أكثر ميلا إلى اختيار الكوميديا للمشاهدة المتكررة بدلا من الدراما.

2- تعزيز الشعور بالسيطرة

ما الممتع الذي قد تتوقعه عندما تشاهد مشهدا معينا للبطل وهو يستيقظ في سريره، ثم يفرّش أسنانه، ثم يغير ثيابه ويتوجه إلى العمل؟ في الواقع، الأمر غاية في المتعة بالنسبة للبعض. إذ قد يميل محبو مشاهدة الأعمال المفضلة مرارا وتكرارا لفعل هذا لتوفير الاستقرار والراحة اللازمين للإحساس بالهدوء في يومهم.

ووفقا لبحث أجراه متخصصون في الصحة النفسية والعقلية عام 2012 وتم نشره بمجلة أبحاث المستهلك، فإن التكرار يعزز لدى البالغين الشعور بالاطمئنان والسيطرة.

ويتضح أن معرفة ما سيحدث بالتفاصيل يمنح المشاهد إحساسا بالنظام والأمان والتحكُّم، خاصة خلال الأوقات التي نشعر فيها بأن حياتنا تخرج عن السيطرة ولا يمكننا تغيير ما نرغب فيه.

إعادة مشاهدة مسلسلات قديمة قد تساهم في شحن الطاقة وتعزيز النشاط (شترستوك) 3- تخفيف عبء اتخاذ القرارات

إن إعادة مشاهدة البرامج التلفزيونية والأفلام يمكن أن يخفف من إجهاد اتخاذ القرار. وذلك لأن البحث عن المألوف -في هذه الحالة، برنامج تلفزيوني أو فيلم محبوب أو مسلسل مألوف- هو وسيلة لتهدئة أنفسنا بعد يوم طويل قضيناه في اتخاذ القرارات.

بالطبع هناك بعض الخيارات الأكثر أهمية من غيرها، ولكن حتى المواقف التي تبدو غير مهمة -مثل التخطيط لما ستتناوله على العشاء- يمكن أن تؤدي إلى إصابتك بما يُعرف بـ"إجهاد اتخاذ القرار".

ومع أن اختيار برنامج تلفزيوني لمشاهدته هو من بين القرارات الأقل ضغطا التي ستواجهها طوال يومك، ولكن لا يزال من الممكن أن يساهم في إحساسك بالإرهاق. وهنا يمكن لرؤية القصص والوجوه المألوفة أن يمنح الدماغ قسطا من الراحة من التعامل مع المجهول والحاجة إلى اتخاذ القرارات.

4- كأنك تقابل صديقا قديما

إن إعادة مشاهدة الأفلام والمسلسلات المفضلة قد تجعلك تشعر كأنك تلتقي بأصدقائك، ويرجع ذلك إلى أن معرفتنا بالشخصيات في هذه العروض تلعب دورا في مشاعرنا الإيجابية، لأننا نطور شعورا بالارتباط بهذه الشخصيات.

صحيح أنه إذا نمت العلاقات الاجتماعية غير المألوفة لديك إلى الحد الذي يسيطر على أفكارك أو يغير من أدائك اليومي وعلاقاتك بالناس الحقيقيين، فقد يكون هذا سببا للقلق وربما تدخل الخبراء.

لكن يقول خبراء علم النفس إن الديناميكية غير الرسمية -مثل الإعجاب بالمشاهير- من شأنها أن توفر احتياجات شخصية معينة، مثل ملء الفراغ الاجتماعي أو الرومانسي في حياتك، أو اكتساب شعور بالدعم أو الإلهام من ذلك الشخص، أو الشعور بمشاعر الإعجاب القوية تجاهه.

5- الحماية من مشاعر الرفض والوحدة

وجدت الأبحاث العلمية أن الشخص كائن اجتماعي بالفطرة، ويمتلك مشاعر قوية بالرغبة في الانتماء. لذلك قد يلجأ البعض إلى البرامج التلفزيونية المفضلة كمصدر محتمل للتواصل عندما يشعرون بالوحدة أو الرفض.

وفي مجموعة من الدراسات المنشورة عام 2009 في مجلة علم النفس الاجتماعي التجريبي، أظهرت البيانات أنه عندما يفكر الناس في وقت شجارهم مع أحد أحبتهم، يشعرون بزيادة في مشاعر الرفض والمزاج السلبي، مما أدى إلى انخفاض احترامهم لذاتهم، ولكن عندما تبعوا ذلك بالتفكير في برنامجهم التلفزيوني المفضل، فإن كل تلك التأثيرات النموذجية للرفض تختفي تدريجيا لديهم.

بالطبع إعادة مشاهدة أي عرض لا تكفي، بل يجب أن يكون مسليا وخاليا من الدراما والمآسي. ومع ذلك، حتى إن كان نوعك المفضل مشحونا بالمشاعر الحزينة، يظل هناك تأثير إيجابي عند إعادة المشاهدة لأنه من غير المرجح أن تشعر بخيبة الأمل أو الخوف أو الحزن عندما تكون على علم بشكل مسبق بالأحداث.

تخفيف عبء اتخاذ القرارات قد يدفع البعض إلى إعادة مشاهدة أعمال فنية قديمة (شترستوك) 6- شحن الطاقة وتعزيز النشاط

في علم النفس، ضبط النفس هو "القدرة على التحكم في سلوك المرء، سواء السلوك الظاهر أو الخفي أو العاطفي أو الجسدي، وكبح جماحه أو تثبيط اندفاعاته".

وإذا كنت تشعر بالوحدة أو الانزعاج أو التوتر، فإن الأمر يتطلب ضبط النفس لتغيير مشاعرك أو تنظيمها. كما يتطلب الأمر ضبط النفس لقمعها، أو لقمع رد فعلك تجاه شخص ما عندما تكون في مزاج سيئ.

ولأننا لدينا احتياطيا محدودا من ضبط النفس الذي يتطلب جهدا كبيرا، فسيكون من الصعب متابعة شيء آخر يتطلب جهدا.

وفي دراسة علمية لاستكشاف الطرق التي تساعد بها العوالم الخيالية المألوفة الأشخاص على تنظيم ضبط النفس. وجد الباحثون أنه عندما قام الأشخاص بشيء يتطلب جهدا كبيرا في يومهم، وكانوا يعانون من انخفاض في ضبط النفس، أصبحوا أكثر ميلا لإعادة مشاهدة برامجهم التلفزيونية المفضلة. وبعد مشاهدة برامجهم التلفزيونية المفضلة، أفادوا بأنهم أصبحوا أكثر نشاطا.

لذا، إذا مررت بيوم شاق، فإن إعادة مشاهدة برنامجك التلفزيوني المفضل قد تساعد بالفعل على التخلص من التوتر والضغط النفسي، وتعزز مشاعرك الإيجابية.

مقالات مشابهة

  • "أخلاق".. رمضان
  • رمضان كريم
  • عندما يُختزلُ المعتقلُ في جسده!
  • لماذا نعيد مشاهدة أعمالنا التلفزيونية المفضلة في المواسم والمناسبات؟
  • نيمار :رونالدو كان يطمئن علي دائما عندما كنت في المملكة
  • ريو دي جانيرو من مستعمرة إلى مدينة عالمية | كيف تغيرت عبر العصور؟
  • مسلسل إش إش الحلقة ١ .. مي عمر تقع في طريق الشرنوبي وخطيبته
  • «سأرتدي بدلة عندما تنتهي الحرب»!
  • عندما تُملي السياسة على التكنولوجيا.. كيف غيّر ترامب مسار غوغل؟
  • "أبشر".. عندما ينطق بها السيِّد ذي يزن