إثيوبيا تحت وطأة الزلازل| هل يزيد سد النهضة من خطر الهزات الأرضية؟
تاريخ النشر: 28th, December 2024 GMT
تشهد إثيوبيا تزايدًا ملحوظًا في عدد الهزات الأرضية التي سجلتها خلال العامين الماضيين، مقارنة بالفترة التي سبقت ملء خزان سد النهضة، حيث كانت إثيوبيا تسجل قرابة 5 هزات أرضية سنويًا كمتوسط لعدد الزلازل التي تحدث بها طيلة 12 شهرًا، لكن العدد قفز إلى ما يزيد على 30 هزة سنويًا خلال العامين الأخيرين مع ملء خزان السد الذي وصل إلى 60 مليار متر مكعب من المياه، وهي السعة التخزينية القصوى للخزان.
وكشف الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، عن زيادة عدد الزلازل التي شهدتها إثيوبيا في 2024 مقارنة بالأعوام السابقة.
وقال شراقي، إن إثيوبيا شهدت في السنوات الأخيرة، خاصة خلال هذا العام، ارتفاعًا ملحوظًا في عدد الزلازل، حتى نهاية هذا العام، إذ تم تسجيل 41 زلزالًا متوسط الشدة في إثيوبيا، مقارنة بـ 5 إلى 6 زلازل سنويًا قبل بناء سد النهضة.
وأوضح أن المنطقة الإثيوبية تعد واحدة من أكثر المناطق نشاطًا للزلازل في القارة الأفريقية، نتيجة وجود الأخدود الأفريقي العظيم، الأخدود الأفريقي العظيم يُعد أكبر فالق على اليابسة في الكرة الأرضية، إذ يقسم إثيوبيا إلى نصفين، ونتج عنه براكين ساهمت في تكوين الجبال الإثيوبية، ما يجعل وقوع الزلازل في هذه الطبيعة الجيولوجية النشطة أمرًا معتادًا.
وبين أن المتغير الأبرز في المنطقة هو سد النهضة، الذي يمتلك بحيرة تمتد على طول 120 كيلومترًا وتخزن نحو 60 مليار متر مكعب من المياه، نظرًا لوجود الأخدود الأفريقي، تحتوي الكتلة الأرضية الإثيوبية على العديد من التشققات والفوالق، ما يؤدي إلى تسرب جزء من مياه بحيرة السد إلى باطن الأرض، والذي يُساهم في انزلاق الطبقات الأرضية، والوزن الهائل للمياه المخزنة، والذي يُقدر بـ60 مليار طن، يُشكل ضغطًا كبيرًا على القشرة الأرضية المتشققة.
وأضاف أنه في المستقبل، قد يُصبح سد النهضة نفسه بؤرة زلازل، وعلى الرغم من أن الزلازل الحالية تُعد ضعيفة إلى متوسطة (بقوة 4.5 أو 5 درجات)، إلا أن خطر وقوع زلزال مدمر (بقوة 7 درجات أو أكثر) لا يمكن استبعاده، لافتا أنه في الماضي، كانت الزلازل التي بلغت شدتها 6 درجات في إثيوبيا تُسبب أضرارًا محدودة، لعدم وجود منشآت ضخمة، لكن الوضع الآن مختلف تمامًا، سد النهضة يُعد منشأة ضخمة، وأي زلزال قوي قد يُسبب أضرارًا كارثية للسد والمناطق المحيطة به، متابعًا: “هيبقى في فناء، لأنه هيكون طوفان”.
وعلى الرغم من أن الهزات الأرضية التي وقعت مؤخرًا في إثيوبيا قوية، لكن كان مركزها بعيدا عن المنطقة التي يقع فيها سد نهضة، إلا أن هذا لم يُبعد شبهة أن يكون الضغط على القشرة الأرضية بـ 60 مليار متر مُكعب من المياه سببًا في الزيادة الملحوظة لعدد الهزات الأرضية في العامين الأخيرين داخل إثيوبيا.
من جانبه، أوضح الدكتور هشام العسكري، أستاذ الاستشعار عن بعد في جامعة تشابمان الأمريكية، تأثير الزلازل على بنية سد النهضة، خاصة في ظل تعرض إثيوبيا لزلزال جديد هو التاسع خلال 30 يومًا.
وأشار العسكري، إلى أن الزلازل يمكن أن يكون لها تأثيرات كبيرة على السد، خصوصًا إذا وقع الزلزال بالقرب من المنطقة، على الرغم من أن الزلزال الأخير وقع على مسافة 500 كيلومتر من السد، إلا أن هذا لا يعني أن السد بعيد عن المخاطر، خاصة أن منطقة الفالق الإفريقي تشهد تزايدًا في النشاط الزلزالي.
كما شدد على ضرورة اتخاذ إجراءات وقائية لمواجهة أي تطورات قد تحدث في المستقبل، مؤكداً أهمية إجراء دراسات جيولوجية دقيقة للمنطقة المحيطة بالسد، وتقييم حالته الإنشائية بانتظام لضمان سلامته.
هذه التطورات تأتي في سياق الجدل المستمر حول تأثير سد النهضة على موارد المياه في السودان ومصر، حيث يتابع الخبراء والمواطنون على حد سواء هذه التحولات التي تلقي بظلالها على الوضع المائي في المنطقة.
من جانبها، أكدت الدولة المصرية أنه لا مجال للتنازل أو التفريط عن قطرة مياه واحدة من حصة مصر من مياه النيل، مشيرة إلى أهمية التوصل مع إثيوبيا إلى اتفاق قانوني مُلزِم لتشغيل وإدارة سد النهضة على نهر النيل وعدم التنازل عن قطرة مياه واحدة من حصة مصر المائية.
وقال السفير الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة، إن مصر دولة قادرة على الدفاع عن مصالحها وأمنها المائي في قضية سد النهضة الإثيوبي.
ووصف المياه بأنها قضية وجودية وقضية حياة أو موت بالنسبة لمصر، منوها إلى أن مصر الدولة الوحيدة التي تعتمد بشكل كامل على مصدر وحيد للمياه وهو نهر النيل الخالد.
ولفت إلى أن جميع مسارات التفاوض مع إثيوبيا توقفت منذ 2023 نتيجة المراوغة والتفاوض بسوء نية، مشيرا إلى إلى أن هذه المفاوضات التي استغرقت 13 عامًا دون الوصول إلى شيء وكان هناك استغلال للمفاوضات لفرض الأمر الواقع عن طريق بناء السد.
ودعا إلى اتفاق قانوني ملزم حول تشغيل سد النهضة الإثيوبي مشددا على أن الاتفاق يجب أن يتضمن مبادئ قانونية لا يمكن التنازل عنها وأهمها مبدأ عدم إلحاق أي ضرر بمصالح دول المصب فضلًا عن أهمية الإخطار المسبق لأي مشروعات تتم على نهر النيل.
ويذكر أن المفاوضات تجمدت بين مصر وإثيوبيا والسودان وقدمت مصر شكوى لمجلس الأمن الدولي، في سبتمبر الماضي، حيث أكدت مصر إن أديس أبابا ترغب فقط في استمرار وجود غطاء تفاوضي لأمد غير منظور بغرض تكريس الأمر الواقع، وأعلنت مصر مرارا رفضها القاطع لما سمته خارجيتها بالسياسات الأحادية الإثيوبية المخالفة لقواعد ومبادئ القانون الدولي، والتي تشكل خرقا صريحا لاتفاق إعلان المبادئ الموقع بين مصر والسودان وإثيوبيا في عام 2015.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الزلازل زلزال إثيوبيا إثيوبيا زلازل إثيوبيا المزيد الهزات الأرضیة سد النهضة إلى أن
إقرأ أيضاً:
«مدبولي»: مصر اتخذت إجراءات استباقية لتجنب آثار ملء السد الإثيوبي
قال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إن التصرف الأحادي من جانب إثيوبيا في بناء السد الإثيوبي دون التوافق مع دول المصب، وهي مصر والسودان، ضد الأعراف والقوانين الدولية، مشيرا إلى أن «مصر كانت حريصة كل الحرص على أخذ الإجراءات السياسية والدبلوماسية للتفاوض مع الأشقاء في إثيوبيا على مدار 13 عاما».
وأضاف رئيس مجلس الوزراء، خلال مؤتمر صحفي عقب اجتماع الحكومة الأسبوعي، أن مصر ليست ضد التنمية في أي دولة، ولكن هذه التنمية لابد وأن تراعي الحقوق التاريخية والمقرة لكل الدولة وخصوصا دول المصب، «لسنا ضد إنشاء إثيوبيا لمشروعات، ولكن يجب مراعاة المصالح والحقوق الخاصة بالدول الأخرى».
وأضاف « مصر اتخذت عددا من الإجراءات، مثل مشروعات إعادة معالجة الصرف الزراعي والتحلية ورفع كفاءة الترع والقنوات لتقليل الفاقد من مياه النيل، وبالتالي لم تتأثر مناسيب السد العالي مصر مع انتهاء أثيوبيا من الملء».
وقال «لكن الخطورة تبقى فيما يطلق عليه بالجفاف الممتد، فعدم التوافق بعملية التشغيل وتصريف المياه بين هذه الدول يمثل خطورة على الأمن المائي لمصر، وجاري التحرك في هذا الأمر من أجل توضيح هذه الصورة، ولن نسمح بالدخول لمستوى التهديد، ونحتفظ بكل الإجراءات التي من شأنها حفظ حقوقها وهي ثوابت معلنة، والدولة تتابع تماما بكل ما يجري في دول حوض النيل».